Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مديرة "النقد الدولي" تحذر... اللايقين أصبح قاعدة جديدة في الاقتصاد العالمي

غورغيفا تسلط الضوء على الأخطار المتزايدة المهددة للاستقرار المالي قبل الاجتماعات السنوية للصندوق الأسبوع المقبل

 كشفت غورغيفا أن حيازات الذهب النقدي تتجاوز الآن خُمس الاحتياطات الرسمية العالمية (أ ف ب)

ملخص

أشارت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي إلى أن تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي"، المزمع صدوره الأسبوع المقبل، يظهر أن النمو العالمي سيتباطأ بصورة طفيفة هذا العام والعام المقبل.

أطلقت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا تحذيراً شديد اللهجة في شأن تصاعد الأخطار التي تواجه الاقتصاد العالمي، قائلة "استعدوا جيداً، فعدم اليقين أصبح هو القاعدة الجديدة".

ويأتي تحذيرها بينما يستعد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية للاجتماع في واشنطن في الفترة ما بين الـ13 والـ18 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، للمشاركة في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي.

وقالت غورغيفا إن "الاقتصاد العالمي أظهر قدراً مفاجئاً من الصمود في مواجهة حرب الرسوم الجمركية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترمب"، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة يتوقع أن تتجنب الركود على رغم فرض رسوم تاريخية على كثير من شركائها التجاريين، مضيفة أن الاقتصاد العالمي مرشح للتباطؤ "بصورة طفيفة وحسب هذا العام والعام المقبل".

لكن غورغيفا أشارت إلى تزايد المؤشرات على الضغوط في النظام المالي العالمي، من بينها الارتفاع القياسي في أسعار الذهب التي تجاوزت 4 آلاف دولار للأونصة أول من أمس الأربعاء، في إشارة إلى تصاعد القلق بين المستثمرين، وقالت إن الطلب العالمي على الذهب يشهد ارتفاعاً متسارعاً.

ويدفع هذا الطلب، جزئياً، تأثير تقييمات الأسعار وعمليات الشراء الصافية، إضافة إلى عوامل جيوسياسية، مما يجعل حيازات الذهب النقدي تتجاوز الآن خُمس الاحتياطات الرسمية العالمية، إلى جانب التقييمات المرتفعة بصورة استثنائية لأسهم الشركات الأميركية.

وقالت في كلمة ألقتها أمام معهد "ميلكن" في واشنطن، "قبل أن يتنفس أحد الصعداء، أود أن أقول بوضوح إن الصمود العالمي لم يختبر بعد بالكامل، وهناك مؤشرات مقلقة على أن الاختبار مقبل"، مضيفة أن "الأثر الاقتصادي الكامل للرسوم الأميركية لم يظهر بعد، وكثير من الشركات سارعت إلى تصدير منتجاتها في وقت مبكر من هذا العام لتفادي تلك الرسوم"، محذرة "استعدوا جيداً، فعدم اليقين هو القاعدة الجديدة، وهو باق معنا".

وفي آخر تحديث لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي في يوليو (تموز) الماضي، توقع الصندوق أن يبلغ النمو العالمي ثلاثة في المئة هذا العام، وهو تباطؤ طفيف عن نسبة 3.3 في المئة عام 2024.

وأوضحت غورغيفا أن الأسواق المالية حافظت إلى حد كبير على هدوئها رغم الاضطرابات السياسية، لكنها نبهت إلى أن هذا الهدوء "يخفي ولا يوقف الاتجاهات الضعيفة"، محذرة "التاريخ يخبرنا أن هذا الشعور بالاطمئنان يمكن أن يتبدل فجأة".

وقد ارتفعت أسعار الأسهم الأميركية إلى مستويات قياسية جديدة في الأسابيع الأخيرة، مدفوعة بقفزات في تقييمات "السبع الكبار" من شركات التكنولوجيا، ومن بينها شركة الرقائق "إن فيديا" وشركة السيارات الكهربائية "تيسلا" المملوكة لإيلون ماسك.

كما أن التفاؤل في شأن مكاسب الإنتاجية المستقبلية من الذكاء الاصطناعي التوليدي لا يزال يدعم الثقة في "وول ستريت"، على رغم مؤشرات التباطؤ في قطاعات أخرى، بما في ذلك سوق العمل الأميركية.

وبمقارنة الوضع الحالي بما حدث أثناء فقاعة الإنترنت في مطلع الألفية الجديدة، قالت غورغيفا إن "التقييمات الحالية تقترب من المستويات التي شهدناها خلال موجة التفاؤل المحيطة بالإنترنت قبل 25 عاماً".

وأضافت، "إذا حدث تصحيح حاد في الأسواق، فقد تؤدي الأوضاع المالية الأكثر تشدداً إلى تباطؤ النمو العالمي، مما يكشف نقاط الضعف في النظام المالي، وجعل الحياة أكثر صعوبة للدول النامية على وجه الخصوص".

4 أسباب وراء صمود الاقتصاد العالمي

وأشارت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي إلى أن تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي"، المزمع صدوره الأسبوع المقبل، يظهر أن النمو العالمي سيتباطأ بصورة طفيفة هذا العام والعام المقبل.

وأضافت، "كل المؤشرات تشير إلى أن الاقتصاد العالمي نجح عموماً في الصمود أمام الضغوط الشديدة الناتجة من سلسلة من الصدمات المتتالية."

وتساءلت غورغيفا "كيف نفسر هذه المرونة؟" قبل أن توضح أن هناك أربعة أسباب رئيسة وراء ذلك، وهم قوة أساسات السياسات الاقتصادية، وقدرة القطاع الخاص على التكيف، وأثر الرسوم الجمركية الأقل حدة من المتوقع، ووجود ظروف مالية داعمة، طالما استمرت كذلك.

ووفقاً لغورغيفا يكمن السبب الأول في تحسن أساسات السياسات والتنسيق العالمي، إذ قالت إن "الجهود المستمرة حول العالم أدت إلى اعتماد سياسات نقدية أكثر صدقية، وتطوير أسواق السندات بالعملات المحلية، ووضع قواعد مالية جديدة، إلى جانب تحرك مالي سريع ومنسق خلال جائحة كورونا للحد من الأضرار القصيرة والطويلة المدى".

وأضافت أن "الاقتصادات الناشئة على وجه الخصوص طورت أطرها ومؤسساتها الاقتصادية بصورة ملحوظة"، مشيرة إلى تقرير حديث للصندوق يظهر تحسن قدرتها على مواجهة الصدمات مقارنة بفترة ما قبل الأزمة المالية العالمية، مؤكدة "السياسات الجيدة تصنع الفارق".

وحول السبب الثاني، أوضحت غورغيفا أنه يتعلق في مرونة القطاع الخاص، مضيفة "الشركات أظهرت قدرة لافتة على التكيف، إذ سبقت الزيادات الجمركية بتكثيف طلبيات الاستيراد، وأعادت تنظيم سلاسل الإمداد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشارت إلى قوة موازنات الشركات بعد أعوام من الأرباح المتينة، وتحسن قدرتها على الاستجابة السريعة للصدمات نتيجة تجارب متكررة، مؤكدة أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءاً أساساً من أعمالها، وأن التغيير ينظر إليه اليوم كفرصة وليس كتهديد.

ويكمن السبب الثالث وفقاً لغورغيفا في الرسوم الجمركية الأقل حدة من المتوقع، إذ لفتت إلى أن متوسط التعرفة الجمركية المرجح بالتجارة في الولايات المتحدة انخفض من 23 في المئة في أبريل (نيسان) الماضي إلى نحو 17.5 في المئة حالياً، وعلى رغم أنه لا يزال أعلى من المستويات السابقة، "فالعالم لم يشهد موجات انتقام تجاري كبيرة، إذ حافظت بقية الاقتصادات على معدلات مستقرة نسبياً هذا العام".

والسبب الرابع هو الظروف المالية الداعمة، إذ أوضحت غورغيفا أن "التفاؤل في شأن إمكانات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الإنتاجية أشعل موجة صعود قوية في أسعار الأسهم العالمية"، مضيفة أن "هذا التفاؤل، إلى جانب تراجع هوامش الأخطار في الأسواق المالية، أسهم في إبقاء قنوات التمويل مفتوحة على نطاق واسع".

وأشارت إلى أن تراجع قيمة الدولار الأميركي في وقت سابق من هذا العام قد وفر قدراً ثميناً من الراحة للمقترضين خارج الولايات المتحدة الذين لديهم ديون مقومة بالدولار.

وقالت غورغيفا إن العالم تجنب حتى الآن الدخول في دوامة انتقامية تؤدي إلى حرب تجارية شاملة، لكن مستوى الانفتاح التجاري العالمي تلقى ضربة قوية على رغم ذلك، مضيفة أن "القصة لم تنته بعد، إذ لا تزال معدلات الرسوم الجمركية الأميركية تشهد تغيرات مستمرة، والاتفاقات التجارية التي أبرمتها الولايات المتحدة مع كل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، وقريباً مع كوريا الجنوبية، أسهمت في خفض بعض الرسوم، بينما دفعت النزاعات التجارية مع البرازيل والهند إلى رفع رسوم أخرى".

ورجحت أن تتحرك معدلات الرسوم في دول أخرى أيضاً، في إشارة إلى استمرار حالة عدم اليقين في النظام التجاري العالمي.

الدين العام سيتجاوز 100 في المئة من الناتج المحلي في 2029

تطرقت غورغيفا في كلمتها للحديث عن الشؤون المالية، بدءاً بما سمته بالحقيقة المقلقة وهي أن الدين العام العالمي من المتوقع أن يتجاوز 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2029، بقيادة الاقتصادات المتقدمة وأسواق المال الناشئة.

وحذرت من أن ارتفاع مستويات الدين يزيد من أعباء مدفوعات الفوائد، ويمارس ضغطاً تصاعدياً على كلف الاقتراض، ويحد من الإنفاق في مجالات أخرى، ويقلل من قدرة الحكومات على مواجهة الصدمات.

وأضافت إحدى الضحايا في هذا السياق، هي المساعدات التنموية التي تقدمها الاقتصادات المتقدمة لأشد دول العالم فقراً، والتي تستمر في تسجيل انخفاض مؤسف.

3 تريليونات دولار تضاف للدين العام الأميركي

أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، حيث كل من الاستهلاك الخاص والعجز المالي مرتفعان، والعجز في الحساب الجاري عند مستويات لم تسجل منذ أوائل الألفية، فقد قالت غورغيفا إنها ستحث الحكومة الأميركية على اتخاذ إجراءات على محورين رئيسين، أولاً اتخاذ خطوات لمعالجة عجز الحكومة الفيدرالية، مع الإشارة إلى أن نسبة الدين الفيدرالي إلى الناتج المحلي الإجمالي تتجه لتتجاوز أعلى مستوى لها منذ الحرب العالمية الثانية، قائلة إن هناك حاجة إلى إجراءات مستدامة تتجاوز مجرد الإنفاق التقديري، أما المحور الثاني يكون عبر اتخاذ خطوات لتحفيز الادخار الأسري، إذ يمكن النظر، على سبيل المثال، في توسيع الخطط القائمة التي توفر معاملة ضريبية ميسرة لادخار التقاعد، إلى جانب تعديلات محتملة أخرى على السياسات الضريبية.

وأشار تقرير للصندوق إلى أن خفوض الضرائب التي أقرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والموجهة إلى أصحاب الدخل المرتفع، من المتوقع أن تضيف أكثر من 3 تريليونات دولار إلى الدين العام الأميركي خلال العقد المقبل، على رغم أن ترمب وصف عائدات الرسوم الجمركية بأنها وسيلة لتحسين الأوضاع المالية للبلاد.

دعوة للصين إلى تنشيط اقتصادها

أما بالنسبة إلى الصين، حيث الادخار الخاص مرتفع بصورة مزمنة والطلب المحلي محدود بسبب التكيف الطويل في سوق العقارات والضغوط الانكماشية، فقد حثت غورغيفا الصين على التوسع المالي الانتقالي وإعادة هيكلة دائمة للإنفاق العام، قائلة "الصين في حاجة إلى حزمة مالية وهيكلية لتعزيز الاستهلاك الخاص".

وأضافت "يجب أن تشمل الحزمة الصينية مزيداً من الإنفاق على شبكات الأمان الاجتماعي وإصلاح قطاع العقارات، مع تقليل الإنفاق على السياسات الصناعية، إذ تشير دراسة جديدة لصندوق النقد الدولي إلى أن كلف هذه السياسات تصل إلى مستوى مرتفع جداً يقدر بـ4.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً".

دعوة أوروبا إلى إزالة العقبات الحدودية في أسواق العمل

ولم تخف المسؤولة البلغارية ما وصفته بـ"التحذير المحب" الموجه إلى "أوروبا العزيزة"، مطالبة الاتحاد الأوروبي بتعيين "قيصر للسوق الموحدة" لتسريع تكامل الأسواق الأوروبية.

وأضافت، "كفى شعارات رنانة حول كيفية تعزيز التنافسية، أنتم تعرفون ما يجب فعله، وحان وقت التنفيذ"، موضحة "أزيلوا العقبات الحدودية في أسواق العمل وتجارة السلع والخدمات والطاقة والتمويل، وابنوا نظاماً مالياً أوروبياً موحداً، وأسسوا اتحاداً للطاقة، وأكملوا مشروعكم الأوروبي".

اقرأ المزيد