Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أبرز كتب أكتوبر: سيرة كاثي بيرك الجريئة ورواية بنجامين مايرز المدهشة

نستعرض في زاويتنا الأدبية أبرز الكتب الصادرة في بريطانيا هذا الشهر

هناك عدد من الكتب التي تثير الحماسة للقراءة هذا الشهر (اندبندنت)

ملخص

يتناول هذا العدد من المراجعات الأدبية ثلاثة كتب متنوعة: مجموعة أنطوني بوردين التي تكشف عن آخر نصوصه الجريئة قبل وفاته، وسيرة كاثي بيرك الصريحة عن حياتها وهويتها وتجربتها في عالم التمثيل، ورواية "كينسكي اليسوع" التي تمزج بين الجنون الفني والنقد الثقافي، إضافة إلى كتاب آن إنرايت الذي يجمع مقالاتها العميقة عن الأدب والحياة والفن.

يتضمن كتاب "القارئ أنطوني بوردين" The Anthony Bourdain Reader الصادر عن "دار بلومزبري" نصاً بعنوان "جثة بديعة" An Exquisite Corpse، وهو آخر عمل لاذع وغير منشور سابقاً كتبه نجم التلفزيون والمؤلف الأكثر مبيعاً والطاهي الشهير أنتوني بوردين قبل أن ينهي حياته عام 2018 عن عمر ناهز 61 سنة. ضمت هذه المجموعة أعماله القصصية والمقالات والنصوص المصورة وكتابات السفر، وليس مفاجئاً أن يحتوي الكتاب على مغامرات جامحة كثيرة من رجل قال إنه قضى 28 عاماً "يقدم الحيوانات الميتة ويسخر من النباتيين".

سيجد معجبوه متعة كبيرة في هذه المختارات، على رغم أن السرد الممتد على نحو 500 صفحة قد يبدو متكرراً في بعض الأحيان، مع عودته المستمرة لماضيه المليء بالمخدرات.

ما وجدته لافتاً أكثر هو مقارباته الأصيلة لحياة مطابخ المطاعم، مثل مقالته القصيرة والطريفة "غاية خبزة الهامبرغر" The Purpose of the Hamburger Bun، إذ يهاجم فيها خبز البريوش باعتباره يحظى بتقدير مبالغ فيه، ويؤكد أن الكاتشب العادي ألذ من الصلصات الفاخرة.

يكشف كتاب مارك فورسايث "القافية والعقل: تاريخ موجز للشعر والناس" Rhyme & Reason: A Short History of Poetry and People  (للناس الذين لا يقرؤون الشعر عادة)، عن أن سطوة النظام الذكورية لا تزال تمتد إلى مجالات كثيرة.

فشعراء الحرب العالمية الأولى من الجنود، مثل ويلفريد أوين وسيفريد ساسون وروبرت بروك، نالوا التكريم على مدى أكثر من قرن. غير أنني فوجئت، كما يذكر فورسايث في كتابه الصادر عن دار "ألن آند أنوين"، بأنه من بين نحو ألفي شاعر نشر لهم في بريطانيا بين عامي 1914 و1918، كان عدد الشاعرات النساء يفوق عدد الشعراء الجنود، وأن الجنود أنفسهم كانوا يقرأون شعر هؤلاء النساء في الخنادق. وكما يلاحظ فورسايث، "لقد جرى حذفهن جميعاً تقريباً من التاريخ".

أما أول عمل أرشحه كهدية مناسبة لعيد الميلاد هذا العام فهو الرواية الأولى المبهرة للصحافي الساخر مايكل هوغان "وكالة محققي مشائي الكلاب" The Dogwalkers’ Detective Agency، الصادر عن دار بنغوين. هوغان صحافي يتمتع بروح فكاهية، وحكايته الدافئة والماكرة عن مجموعة من مالكي الكلاب الذين يحلون جرائم قتل في البلدة الساحلية الهادئة "فرامستون" مثالية لعشاق الكتب الذين يحبون الكلاب أيضاً.

تتناول المراجعات التالية بالتفصيل اختيارات هذا الشهر في فئات السيرة الذاتية والرواية والكتب غير الروائية.

السيرة الذاتية للشهر: "عقل يخصني" A Mind of My Own by Kathy Burke لـ كاثي بيرك ★★★★☆


على رغم أن شخصياتها التلفزيونية الشهيرة مثل "واينيتا سلوب" والمراهق المشاكس "بيري" ستظل محفورة في الذاكرة، إلا أن كاثي بيرك تتجاوز بكثير تلك الأدوار المتكررة في برامج "هاري إنفيلد وتشامز" Harry Enfield and Chums و"فرينش وسوندرز" French and Saunders التي أوصلتها إلى الشهرة. فالمكانة الجماهيرية لا تعني لها الكثير، إذ تصف الشهرة بأنها أمر "محرج".

وأنا أقرأ النسخة الورقية من مذكراتها "عقل يخصني" A Mind of My Own، كان يسهل تخيل المتعة التي تنتظر من سيستمع إلى النسخة الصوتية بصوتها هي نفسها، بخاصة حين تنطق بعبارات بسيطة مثل: "مشي، قرقشة، مشي، قرقشة. رائع"، وهي الطريقة الموحية التي وصفت بها سعادتها عندما كانت طفلة بإنفاق أجرة الحافلة على كيس مقرمشات تتلذذ به في طريق عودتها من المدرسة. بيرك من أبناء جيلي في لندن، فقد ولدت في يونيو (حزيران) عام 1964 في منطقة إزلنغتون، على بعد ميل واحد تقريباً من المكان الذي ولدت فيه في الصيف نفسه. وتبدو حكاياتها عن أماكن، مثل "كورامز فيلدز" و"تشابل ماركت" و"مستشفى إيستمان المرهوب لطب الأسنان في شارع غرايز إن"، دقيقة ومرحة على حد سواء.

توفيت والدة بيرك، بريدجت، بسرطان المعدة وهي في الـ38 فقط، عندما كانت الطفلة التي ستصبح ممثلة في المستقبل في عامها الثاني. نشأت بيرك على يد أب عرف "بنوبات غضب أثناء السكر" متكررة، مما يجعل من غير المستغرب أن بيرك كانت مشاغبة في المدرسة. تضم المذكرات قصصاً مؤثرة عن مسارها نحو النجاح في التمثيل، الذي بدأ بحصولها على مكان في مسرح "آنا شير" الشهير، ووصل إلى ذروة مجده عند فوزها بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي عام 1997 عن دورها في فيلم "لا شيء عن طريق الفم" Nil by Mouth للمخرج غاري أولدمان. كما أن قصة تسلمها الجائزة السينمائية المرموقة مشوقة، وتنتهي بلحظة مثيرة حين تقول بيرك إنها كانت "تستلم كوكتيل بيليني من هارفي واينستين اللعين".

تتحدث بيرك بصراحة أيضاً عن بعض الشخصيات التي التقت بها في حياتها، فهي تتذكر الممثل كيري فوكس بوصفه "وغد عديم الجاذبية"، ومعلمة قاسية بوصفها "عجوزاً لعينة فاسدة"، لكن هذه الحدة تتوازن مع دفء وحب تجاه كثير من الأرواح الطيبة التي صادفتها، مثل ريك مايول ودونالد بليزنس وميني درايفر وغاري أولدمان.

تروي المذكرات قصة عن طبقتها الاجتماعية وهويتها الجنسية في زمن مضى، بأسلوب صريح كما هو متوقع من بيرك التي لم تخش يوماً قول ما في قلبها. في إحدى المرات، وأثناء عرض كانت تؤديه في ثكنات الجيش في منطقة تشيلسي بلندن، أثارت ضجة بين الجنود عندما قالت في الميكروفون: "أعيدوا أيرلندا للأيرلنديين".

كذلك تضم المذكرات حكايات صادقة عن حياتها في عالم "التمثيل الجاد"، بما في ذلك عملها ككاتبة مسرحية ومخرجة، كما تتناول بيرك قضايا صحتها النفسية وإدمانها. تذكر أنه حين اعترفت لممثلين زملاء لها بمشكلاتها النفسية، حذرتها إحدى الصديقات قائلة: "احذري يا كاث، هذا المجال لا يحب المرضى". أما المجال الذي تبدو فيه الكاتبة أكثر تحفظاً فهو حياتها الخاصة، فهي تتعامل مع آثار العلاقات السيئة بأسلوب مازح، قائلة: "كانت المغامرة العابرة الواحدة كافية أكثر من اللازم".

بدأت قراءة الكتاب متوقعاً أنني سأعجب بـ بيرك، وانتهيت منه وأنا أحمل قدراً كبيراً من المودة لهذه الشخصية السخية والمتواضعة والحاذقة. وما أعجبني أكثر في "عقل يخصني" هو روحها المتأججة التي تتجلى في كل فصل، بما في ذلك فصل تروي فيه تفاعلاتها مع المغني الرئيس لفرقة "ذا بوغز" The Pogues، شين ماكغوان، الذي كان يحييها دائماً بعبارة: "هل أنت بخير، أيتها الحمقاء"، لكن السؤال لم يثنها عن الإجابة بشجاعة: "نعم، شكراً لسؤالك، أيها الغبي". هذه إجابة صادرة عن عقل وفم يخصانها وحدها.

تصدر مذكرات "عقل يخصني" لـ كاثي بيرك عن دار غاليري في الـ23 من أكتوبر (تشرين الأول)، وتباع النسخة الواحدة بسعر 22 جنيهاً استرلينياً.

رواية الشهر: "كينسكي اليسوع" Jesus Christ Kinski لـ بنجامين مايرز ★★★★☆

 

يتتبع الكاتب المنزوي والمغرم بالممثل الألماني الراحل كلاوس كينسكي في روايته الجديدة المبتكرة "كينسكي اليسوع" شخصية الفنان بوصفه "غولاً أشقر غريباً"، وهو وصف يطابق الحقيقة بصورة صارخة إذا تأمل القارئ نحو 50 صورة تقريباً لـ كينسكي ضمن صفحات الرواية. ومن المؤكد أن الممثلة الشهيرة ناستاسيا، ابنة كينسكي، ورثت جمالها من والدتها.

تركز الرواية على عرض فردي قدمه كينسكي في برلين في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1971 حول شخصية يسوع ("أكثر قصة مثيرة للبشرية")، عرض انتهى بالفوضى ووضع نهاية مسيرته المسرحية. ينجح مايرز في تصوير الطاقة المظلمة والعنيفة التي كان يمتلكها كينسكي الذي توفي عام 1991، وعقله العدواني والشرس بصورة مذهلة. إعادة التصوير الروائية لعرضه في قاعة "دويتشلاند هول" في برلين تمنح المؤلف فرصة لتخيل ما كان يدور في ذهن كينسكي أثناء إلقاء المونولوج الخاص به.

ويقدم مايرز نوعاً من الاستراحة من ذهن كينسكي المتعفن في قسمين عن "المؤلف"، تدور أحداثهما في غرب يوركشر خلال فترة الإغلاق المرافق لوباء كورونا. الكاتب الذي تحمل شخصيته صدى مرحاً لحياة مايرز الخاصة، كان في عمر كينسكي نفسه عام 1971. ويتأمل الراوي الذي يحكي قصة كينسكي أخلاقيات الكتابة من منظور شخص "من شبه المؤكد تقريباً أنه أساء للنساء والأطفال" (بما في ذلك، كما زعم، ابنته الألمانية بولا).

من ناحية أخرى، تمنح البنية الجريئة والمبتكرة التي يتبعها مايرز هنا الكاتب مساحة للتأمل في مواضيع الأداء الفني والرقابة والصحة النفسية والوحدة وثقافة الإلغاء، وكيف نتعامل مع الأعمال العظيمة التي صنعها أشخاص سيئون، بخاصة في القرن الـ21، حيث يميل الناس بسهولة إلى الاستياء.

يقدم مايرز تصويراً مذهلاً لاندفاع كينسكي المجنون، وعلى رغم أن الرواية قاتمة أحياناً (بسبب شخصيته القبيحة)، فإنها تحمل جانباً فكاهياً واضحاً، إذ يصف كينسكي جماهيره المسرحية بأنهم حمقى يطلقون الريح ويسعلون وتفوح منهم رائحة كريهة "وحقراء يسيرون في نومهم". وفي أحد مونولوجاته الداخلية تظهر عقدة يسوع لديه بصورة واضحة حين يتأمل أنه "معلق على الصليب من أجل هؤلاء الأوغاد". يقدم الجمهور في الرواية ككيان يحيي التجربة بالوكالة، يستمد متعته من رؤية كينسكي يبكي، ومن مشهد انكساره.

ويعكس كل من كينسكي و"كاتب سيرته الذاتية"، المحبوس في منزله بسبب عواصف ثلجية شتوية، صفات الإنسان الإنجليزي. بينما يصف المؤلف الذي يكتب في عام 2021 إنجلترا بأنها "مكان مضطرب وقاس أحياناً"، ينتقد كينسكي في عام 1971 شعباً أتقن طرقاً لإخفاء قسوته.

يقول كينسكي في الرواية: "يختبئ الإنجليز وراء واجهة زائفة من العدل والاحترام، إنهم منافقون سيطعنونك من الخلف عند أول فرصة متاحة".

كما يسخر مايرز من عملية الكتابة نفسها، قائلاً: "ليست سوى أناس وحيدين يكتبون، تتخلل عملهم فترات يتناولون فيها البسكويت"، كما يتهكم على قرار شخصية المؤلف في الرواية باختيار موضوع "متخصص" إلى هذا الحد لكتابته.

تنجح الرواية لأن كينسكي شخصية مثيرة للاهتمام بصرف النظر عن صعوبة تصديق ادعاءاته بالعبقرية، وعلى رغم المواضيع الثقيلة في "كينسكي اليسوع"، إلا أن الرواية أكثر متعة مما قد تتوقعون. وإليكم نصيحة أخيرة: احرصوا على قراءة "قائمة المساهمين" الغريبة حتى نهايتها.

تصدر رواية "كينسكي اليسوع" لـ بنجامين مايرز عن دار بلومزبري سيركس في الـ23 من أكتوبر، وتباع النسخة الواحدة بسعر 18.99 جنيه استرليني.

الكتاب غير الروائي للشهر: "انتباه: كتابة عن الحياة والفن والعالم" Attention: Writing on Life, Art and the World لـ آن إنرايت ★★★★★

 

تعد الإيرلندية آن إنرايت، المولودة في دبلن، كاتبة مقالات ثاقبة الرؤية وروائية بارعة - خذوا مثلاً أعمالها "الشارع الأخضر" The Green Road، أو "التجمع" The Gathering الحائزة على جائزة بوكر، أو "ممثلة" Actress. للمرة الأولى، يجمع كتابها "انتباه: كتابة عن الحياة والفن والعالم" بين مقالاتها النقدية الثقافية ونثرها الأدبي والسرد ذي الطابع الشخصي.

تتضمن المجموعة قسماً بعنوان "أصوات" Voices، تقدم فيه إنرايت تقييماتها لعمالقة الأدب مثل جيمس جويس وأنجيلا كارتر وتوني موريسون وإدنا أوبراين، إذ تمنح القارئ منظوراً أصلياً ومختلفاً لتقدير أعمالهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما القسم المعنون بـ"أجساد" Bodies، فيتناول قضايا معاصرة مثل حركة "مي تو" #MeToo والإجهاض، وتتميز مقالاته بالفكاهة الحادة والبساطة الساحرة. ففي مقالتها "وقت التغيير" Time for a Change الصادرة عام 2018 حول استفتاء إيرلندا لإصلاح قوانين الإجهاض، تشير إلى أن عدد الولادات الحية في ذلك العام كان 63897، مستعرضة هذا الرقم في سياق دراسة أميركية قيمة، تفيد بأن ربع حالات الحمل تقريباً ينتهي بالإجهاض الطبيعي. وتعلق قائلة: "أي أن نحو 20 ألف حالة حمل قد فشلت في إيرلندا العام الماضي لأسباب طبيعية. إذا كانت كل حياة مقدسة، فليس كل شيء حي قد علم بذلك".

أما القسم الأقوى فهو "وقت" Time، إذ تستعرض إنرايت طفولتها في دبلن وزواجها وفترات مختلفة من حياتها ككاتبة محترفة. وتبرز في هذا القسم مقالة "إفراغ المنزل" House Clearance، وهي نص مؤثر وحكيم عن موت العائلة والحنين إلى الماضي. أي شخص اضطر إلى تفريغ منزل عائلي من ممتلكات والديه المتوفين سيدرك الحقيقة والألم في سردها: "في كل يوم نفرغ الأغراض، يخيم علينا الضباب نفسه".

أنا معجب بكتابات إنرايت الروائية، ويؤكد هذا الكتاب مقدار الذكاء والتعاطف والفكاهة الموجود خلف الروايات.

يصدر كتاب "انتباه: كتابة عن الحياة والفن والعالم" لـ آن إنرايت عن دار ڤينتج في الـ30 من أكتوبر، وتباع النسخة الواحدة بسعر 20 جنيهاً استرلينياً.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من كتب