Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جولة في أبرز إصدارات الكتب لشهر أغسطس ببريطانيا

من أزمة كرة القدم وحياة الصم إلى رواية بطلها الريح

أفضل الإصدارات الأدبية لهذا الشهر تتضمن رواية فريدة من نوعها لـ سارة هول، يكون فيها البطل الريح ذاتها (دار هاربر كولينز/ أوريون بوكس/ فيبر)

ملخص

إصدارات كتب أغسطس في بريطانيا تتضمن كتباً متنوعة تكشف هوس الجمع وسِيَر بعض المؤلفين واللاعبين، وتتناول قضايا العنصرية في كرة القدم وتجارب أدبية مبتكرة، وصولاً إلى مذكرات الشاعر ريموند أنتروبس التي تطرح أسئلة مؤثرة حول الصمم والهوية، في مزيج يعكس قسوة الواقع وثراء الإبداع الأدبي.

أي شخص له قريب يهوى الجمع يدرك سريعاً كيف يمكن أن يتحول الشغف إلى هوس طاغٍ. في كتاب "جنون نبيل: الجانب المظلم من الجمع عبر العصور" A Noble Madness: The Dark Side of Collecting from Antiquity Until Now، الصادر عن دار ريفرن، يغوص جيمس ديلبورغو في عالم هذا الجنون المظلم الملازم للـ"جامع المهووس". يقدم الكاتب عملاً ذكياً حافلاً بالطرائف والحكايات، يتنقل فيه عبر العصور مستعرضاً نماذج حقيقية مثيرة للجدل مثل أدولف هتلر في هوسه بالفن، وإيميلدا ماركوس في عشقها للأحذية، إلى جانب شخصيات متخيلة (على غرار نورمان بايتس في فيلم "سايكو" Psycho).

أما السيرة الذاتية التي كتبها آدم سيسمان تحت عنوان "آسا بريغز الذي لا يكل" The Indefatigable Asa Briggs من إصدارات دار ويليام كولينز، فهي قراءة دقيقة لحياة مؤرخ يعد من أبرز وجوه جيله، لكن سيرته كانت أكثر اضطراباً مما قد يظن البعض. بريغز، الذي توفي عام 2016، كان بارعاً أيضاً في جني العوائد؛ ففي عام 1973 حصل على ما يعادل في يومنا هذا 230 ألف جنيه استرليني لقاء كتابة تاريخ مستشفى بيت لحم. غير أنه ماطل الجهات التي كلفته بالمهمة لأكثر من ربع قرن، حتى اضطرت للاستعانة بمؤرخين آخرين لإتمام العمل. ولم ينسب الإنجاز في نسخته النهائية إلى اسم بعينه، وذلك، كما يذكر سيسمان، "لإخفاء حقيقة أن آسا أسهم بالقليل جداً". لا يسع القارئ إلا أن يعترف بجرأته الفائقة في المراوغة.

ويصعب تخيل موقف بريغز وهو من مؤسسين جمعية "التفاهم الأنغلو-صينية" لو عاش ليرى الصين في عشرينيات هذا القرن. فكتاب دان وانغ "اندفاع محموم: سعي الصين لهندسة المستقبل" Breakneck: China’s Quest to Engineer the Future الصادر عن دار آلين لين، يرسم صورة مقلقة للواقع هناك. ومن أمتع فصوله ذلك الذي يتناول الحياة في زمن كورونا؛ إذ لم تكتف السلطات بقمع الأخبار وفرض الرقابة على الإعلام خلال الجائحة، بل لجأت إلى مراقبة تطفلية صارمة: طائرات مسيرة تتعقب من لا يرتدي كمامة، وأضواء مسلطة على شرفات الناس، مع مكبرات صوت تصدح بأوامر مثل: "لا تفتحوا النوافذ للغناء، فقد ينشر ذلك الفيروس". إنه مشهد يذكر مباشرة بالعالم الذي رسمه جورج أورويل في روايته "1984".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي جانب آخر من القراءات غير الروائية، تبرز لوسي إنغليس بكتابها الآسر "مولود: تاريخ الولادة" Born: A History of Childbirth الصادر عن دار بلومزبري كونتنيوم. أما عالم الرواية فيطل بعمل أول للكاتب باتريك راين بعنوان "ابن أوهايو" Buckeye صادر عن دار بلومزبري، يقدم فيه صورة مؤثرة وعميقة عن أميركا في المدن الصغيرة.

كتاب الشهر غير الروائي: "الوقت بدل الضائع: كرة القدم في حالة طوارئ" Injury Time: Football in a State of Emergency لـ ديفيد غولدبلات ★★★★☆

يعد غولدبلات أحد أبرز الكتاب البريطانيين في تاريخ كرة القدم المعقد، فهو صاحب الكتاب المرموق "لعبة حياتنا" The Game of Our Lives الصادر عام 2015. في عمله الجديد، الصادر بالتزامن مع انطلاق الموسم الكروي لهذا العام، يتناول الكاتب الوضع المأزوم والخطير للعبة الحديثة. يقسم غولدبلات كتابه إلى ثلاثة فصول: كرة القدم بعد استفتاء بريكست (2016 - 2019)، ثم فترة جائحة كورونا (2020 - 2022)، وأخيراً ما يسميه "حالة الطوارئ" الراهنة (2022 - 2024) في ظل ما يصفه بـ"الأزمة المتعددة" التي تشمل تدهور الاقتصاد، النزاعات العالمية، تغير المناخ، وغيرها من مظاهر الانحدار العام.

يتيح هذا الامتداد الزمني الواسع للكاتب مساحة لطرح رؤى حادة حول المشكلات المزمنة التي تنخر جسد اللعبة، وفي مقدمتها التحيز. ويصف غولدبلات العنصرية بأنها "السر القذر لكرة القدم"، مشيراً إلى وقائع أعفى فيها اتحاد كرة القدم أشخاصاً من العقاب رغم سوابقهم في إرسال رسائل عنصرية. كما يلفت النظر إلى ما يسميه "العنصرية المشفرة" في التعليق على المباريات الحديثة.

وفي إطار رؤيته التي تعكس "حال الأمة"، يعري المؤلف أوجه فشل اللعبة: من استغلال اللاعبين الناشئين، وتراجع احترام الحكام، وصولاً إلى الفوضى في ملكية الأندية. كما يقدم تحليلاً صادماً لتبعات تفشي المقامرة. والأكثر إزعاجاً هو ما يكشفه عن الهدر البيئي الفادح؛ إذ يشير، نقلاً عن تقرير للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، إلى أن 60 في المئة من الملابس الرياضية التي تشتريها الأندية لا تستعمل إطلاقاً، بل "يتم رميها أو حرقها".

ولا يقتصر الانحدار على ذلك، بل يشمل مناخاً من الجشع المالي، حيث يسعى اللاعبون ذوو الدخل العالي إلى مصادر ربح جانبية عبر الترويج لرموز مشفرة ومنتجات رقمية مشبوهة. يذكر غولدبلات مثلاً حملة نجم مانشستر يونايتد السابق بول بوغبا للترويج لمشروع "كريبتودراغونز" Cryptodragons، ويعلق ساخراً: "نأمل أن يكون أداؤه أفضل من مشروع جون تيري ’نادي إيب كيدز لكرة القدم‘ الذي كان يبيع رسوماً كاريكاتورية بذيئة لصغار القرود ضمن سياق كروي بسعر يناهز 150 جنيهاً للقطعة".

يقدم كتاب "الوقت بدل الضائع" قراءة قوية وغنية بالمعلومات. وإذا كانت كرة القدم مرآة لواقع المجتمع، فإننا حقاً في حال يُرثى لها.

صدر كتاب "الوقت بدل الضائع: كرة القدم في حالة طوارئ" لـ ديفيد غولدبات عن دار مادلارك في 14 أغسطس (آب) وتباع النسخة الواحدة بسعر 22 جنيهاً استرلينياً.

رواية الشهر: "هيلم" Helm لـ سارة هول ★★★★★

تمتلك سارة هول جرأة وموهبة استثنائيتين مكنتاها من كتابة رواية يكون بطلها الريح ذاتها. ففي "هيلم"، ليس البطل إنساناً ولا حيواناً، بل الريح الوحيدة في بريطانيا التي تحمل اسماً: تلك الهبات الشمالية الشرقية العاتية التي تهبط على المنحدر الغربي لجبل "كروس فيل"، أعلى قمم مرتفعات "بينين".

تقول هول إن شياطين الريح اعتُبرت في كتاب الملك جيمس الأول "علم الشياطين" Demonology بمثابة "منحرفين"، وهيلم، الراوي عديم الهوية الجنسية في الرواية، يظهر بروح الأديب الفرنسي رابليه الساخرة والماجنة، وإن لم يكن منحرفاً بالمعنى الصريح. يقال لنا إن "هيلم يعشق النكات البذيئة عن إطلاق ريح البطن"، وإنه يستمتع بمراقبة البشر والتسلية التي يوفرونها له، بدءاً من القبائل التي حاولت استرضاءه في العصر الحجري الحديث، وصولاً إلى مشاهدة "المسرح الرائع" للسلوك الإنساني، حيث "يتعاركون ويعبثون ويشربون".

وفي فصل نابض بالحياة، نقرأ الكثير من "التهكم" عن زوجين يمارسان الحب في منطاد فيكتوري. يجعل ذلك المشهد هيلم يشبه المنطاد بمثانة سماوية وهو يتأرجح فوق واد في جبال بينين. تصف هول بظرافة مضاجعتهما بأنها "أول تجربة في نادي الأميال العالية".

هول، المولودة في كارلايل، سبق أن أبهرت القراء بقدرتها البارعة على استحضار طبيعة موطنها عبر سرد غامر، كما فعلت في روايتها "المعطف المحترق" Burntcoat الصادرة عام 2021، التي أحببتها واخترتها من بين أفضل كتب ذلك العام. وفي "هيلم"، تظل طبيعة كامبريا حاضرة بجمالها الأخاذ، في عمل يتأمل بفرادة العلاقة بين البشر والعالم الطبيعي.

تهب سخرية هول في كل صفحة. مثلاً، نقرأ خطبة الريح ضد "أولئك الأوغاد المقيتين"، في إشارة إلى طائرات تورديندو المقاتلة ذات المحركين التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، والتي تصف الكاتبة اندفاعها السريع بلغة أنيقة آسرة. ومن الفصول المميزة فصل "مقياس قوة هيلم"، الذي يعرض درجات سرعة الريح الاثنتي عشرة. فحتى عند الدرجة الرابعة ("هيلم المعتدل، سرعة الريح 20 - 28 كيلومتراً في الساعة")، لا يستدعي الأمر أكثر من "إنذار مشاتل الفاصولياء التابعة لجمعية السيدات"، كما تسخر هول. أما إذا بلغ الدرجة الثانية عشرة ("إعصار هيلم، حيث تبلغ سرعة الريح 117 - 133 كيلومتراً في الساعة")، يحين وقت الذعر: "يخرج قطار كارلايل سيتل عن السكة" و"تتم إعادة رسم مجرى نهر إيدن".

تختتم هول العمل بالتصدي لمعضلة المناخ المتفاقمة والتهديد الذي يمس وجود "هيلم" ذاته بسبب التلوث. إنها رواية استغرق إنجازها عشرين عاماً، لكنها قادرة فعلاً على أن تعصف بالقارئ وتقتلعه معها بعيداً.

تصدر رواية "هيلم" لـ سارة هول عن دار فيبر في 28 أغسطس، وتباع النسخة الواحدة بسعر 20 جنيهاً استرلينياً.

مذكرات الشهر: "الأذن الهادئة: تحقيق في الصوت المفقود" The Quiet Ear: An Investigation of Missing Sound لـ ريموند أنتروبس ★★★★☆

أكثر من مرة، سمع الشاعر الحائز على جوائز ريموند أنتروبس التعليق التالي "أنت لا تبدو أصم". إنه تعليق قاس جداً، وإحدى اللحظات العديدة في مذكراته "الأذن الهادئة: تحقيق في الصوت المفقود"، التي تجبر القارئ على التوقف والتأمل.

أنتروبس، ابن لأم إنجليزية (واسمه العائلي مأخوذ من قرية في مقاطعة تشيشر) وأب جامايكي، تم تشخيصه بالصمم وهو في سن السادسة. يقدم كتابه دراسة غنية ومستنيرة عن فقدان حاسة السمع، ولماذا جعله يشعر أحياناً بأنه "قبيح وعاجز". تشمل ملاحظاته الطريفة قوله إن "هناك شيئاً ذا طابع إنجليزي في الطريقة التي يمكن للصمت أن يحمل بها أي شعور ثقيل مكتوم".

في جزء منه، الكتاب هو قصة مؤثرة عن الصراعات الشخصية، حيث يستذكر أنه "احتجت لسنوات لأعيد صياغة صممي كميزة لا كخسارة"، فضلاً عن كونه سرداً صادقاً للتعامل مع التحيز سواء على أساس العرق أو "الإعاقة". أمتعني الأسلوب المرح اللطيف الذي اتسم به، كما يظهر في قسم حول قصيدة عن الصمم كتبها الشاعر تيد هيوز، لكنني لن أفسد عليكم متعة استكشاف تفاصيل القصة التي تضمنت نسخة محرّفة من القصيدة.

يحفل "الأذن الهادئة" بالقصص المدهشة، بما في ذلك عن الملاكم الأصم ريس كاترمول وطريقة تصرفه في الحلبة، والمغني الأصم جوني راي وكيف واجه تحديات الأداء على المسرح. وقبل كل شيء، يقدم الكتاب سرداً صادقاً وكاشفاً لمسار أنتروبس نحو الشعر، ولعلاقته بوالده العنيف، وللصعوبات الخفية التي يواجهها الصم. ويكرر الكاتب إحصائية مفادها أن 95 في المئة من المولودين صماً في جامايكا يصبحون بالغين أميين، بينما النسبة في بريطانيا نحو 70 في المئة.

كذلك يضيء كتاب أنتروبس على تعليم الصم في بريطانيا. ومن أكثر اللحظات المؤثرة تلك التي يصف فيها كيف أخبره مدير مدرسة للصم أن بعض الأهالي يشعرون بالحرج من صمم أطفالهم، قائلاً إن "حديثهم كان يشبه حديث آباء ينوحون على مصابهم".

يصدر كتاب "الأذن الهادئة: تحقيق في الصوت المفقود" لـ ريموند أنتروبس عن دار وايدنفيلد آند نيكولسون في 28 أغسطس، وتباع النسخة الواحدة بسعر 16.99 جنيه استرليني.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من كتب