Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"النقد الدولي": الأسواق الناشئة باتت أكثر قدرة على تحمل الصدمات

رأى أن الديون المصرية تقع في صدارة التحديات الاقتصادية وأن الضغوط الخارجية لا تزال تفرض تحديات أمام استدامة النمو

(أ ف ب) أكد صندوق النقد الدولي أن تعميق أسواق رأس المال المحلية يظل عاملاً مهماً لتعزيز السيولة والاستقرار المالي

ملخص

 بلغ إجمال الدين العام العالمي 102 تريليون دولار عام 2024، منها نحو 31 تريليون دولار تخص الدول النامية، بحسب تقرير "مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية"، بينما أظهر "صندوق النقد الدولي" أن الدين العالمي لا يزال يتجاوز 235 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

أصدر صندوق النقد الدولي تحذيراً من اعتماد الاقتصادات الناشئة على البنوك المحلية لتمويل الدين الحكومي خلال فترات الضغط المالي، مشيراً إلى أن هذا الاتجاه قد يحد من استقرار الأنظمة المصرفية ويزيد من أخطار التمويل الداخلي ما لم تتخذ إصلاحات هيكلية تعزز الشفافية وتوسع قاعدة المستثمرين.

وفي دراسة ضمن تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي"، أشار الصندوق إلى أن الأسواق الناشئة باتت أكثر قدرة على تحمل الصدمات الاقتصادية العالمية الكبرى بفضل سياسات نقدية ومالية أكثر صلابة، مع استقلالية أكبر للبنوك المركزية وتحسين أنظمة سعر الصرف.

الضغوط الخارجية

 لكنه لفت إلى أن الضغوط الخارجية، مثل ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وتباطؤ الاقتصاد الدولي، لا تزال تفرض تحديات أمام استدامة النمو في هذه الاقتصادات، موضحاً أن التجارب السابقة من الأزمة المالية العالمية عام 2008 وجائحة "كوفيد-19" والغزو الروسي لأوكرانيا، أظهرت أن المرونة الاقتصادية تعتمد بدرجة كبيرة على جودة السياسات الداخلية وليس فقط على العوامل الخارجية، وخلص التحليل إلى أن تحسن السياسات النقدية والمالية أضاف نصف نقطة مئوية من النمو في الأسواق الناشئة، وخفض معدلات التضخم بنحو 0.6 نقطة مئوية مقارنة بالأزمات السابقة خلال التسعينيات.

تعميق أسواق رأس المال المحلية

وفي فصل آخر أكد الصندوق أن تعميق أسواق رأس المال المحلية يظل عاملاً مهماً لتعزيز السيولة والاستقرار المالي، لكنه شدد على أن استمرار الاعتماد المفرط على البنوك المحلية لشراء الديون الحكومية قد يفاقم الأخطار في حال تدهورت الأوضاع، إذ تجبر الحكومات على التوسع في الإصدارات المحلية بأسعار فائدة مرتفعة، بينما تضعف هذه العمليات قدرة البنوك على تمويل القطاع الخاص، داعياً إلى وضع جداول زمنية واضحة للإصدارات وزيادة شفافية بيانات الدين وتنويع مصادر التمويل لتشمل المستثمرين الأجانب والمؤسسات الدولية.

المشهد المصري

وتعد مصر من أبرز الأمثلة التي تعكس ملامح هذه التحذيرات الدولية، إذ تشهد ضغوطاً متزايدة نتيجة تصاعد الدين العام المحلي والخارجي خلال الأعوام الأخيرة، فقد ارتفع الدين الخارجي إلى مستويات قياسية مقارنة بالناتج المحلي، فيما تستحوذ خدمة الدين من فوائد وأقساط على حصة كبيرة من الموازنة العامة، وهو ما يحد من قدرة الحكومة على التوسع في الإنفاق الاستثماري والخدمي.

ووفق بيانات رسمية فقد بلغ الدين الخارجي لمصر نحو 156.7 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2025، مقارنة بـ155.1 مليار دولار نهاية عام 2024، بينما ارتفع الدين المحلي بوتيرة أسرع خلال الفترة نفسها، وتبلغ نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 82.9 في المئة، كما بلغت خدمة الدين الخارجي نحو 32.9 مليار دولار خلال العام المالي 2023 - 2024، في قفزة وصفت بأنها تاريخية، وأدى هذا الوضع إلى ضغوط على الجنيه المصري حتى مع تراجع الدولار الأميركي أمامه أخيراً، وارتفاع معدلات التضخم وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، كما أثر في جاذبية الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ فضل المستثمرون أدوات الدين قصيرة الأجل ذات العائد المرتفع على الاستثمار الإنتاجي، ويرى محللون أن هذه المؤشرات تجعل من التجربة المصرية نموذجاً مصغراً للأزمة التي تواجهها الأسواق الناشئة في ظل دورة التشديد النقدي العالمية.

الأزمة في سياق عالمي

ولا تقتصر أزمة الدين على مصر وحدها، إذ تشهد دول مثل غانا وسريلانكا وزامبيا حالات تعثر في السداد، بينما تواجه الأرجنتين ضغوطاً متجددة على رغم برامج إعادة الهيكلة، ويرجع ذلك لارتفاع أسعار الفائدة العالمية وتزايد كلفة التمويل، مما جعل خدمة الديون الدولارية أكثر صعوبة.

وبحسب تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) فقد بلغ إجمال الدين العام العالمي 102 تريليون دولار عام 2024، منها نحو 31 تريليون دولار تخص الدول النامية، بينما أظهر صندوق النقد الدولي أن الدين العالمي لا يزال يتجاوز 235 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل تتحرك الحكومة المصرية عبر مسارات عدة لتخفيف الأعباء التمويلية، ومن بينها اتفاقات جديدة مع "صندوق النقد الدولي"، مع جذب استثمارات خليجية مباشرة وتسريع برنامج الطروحات الحكومية لتعزيز السيولة الدولارية.

ومع ذلك يرى اقتصاديون أن هذه الحلول تبقى موقتة ما لم تستكمل بإصلاحات هيكلية تعزز الإنتاج المحلي والصادرات والتنافسية الصناعية، وعلى رغم صعوبة المرحلة فإن مصر تمتلك فرصاً واعدة في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر وتنمية إيرادات قناة السويس وقطاع الغاز الطبيعي، وهي قطاعات يمكن أن تسهم في تخفيف أعباء الدين على المدى المتوسط وتعزيز الاستدامة المالية.

إصلاحات لا مفر منها

ويؤكد صندوق النقد الدولي أن تعزيز الشفافية وتنويع مصادر التمويل لم يعد خياراً أمام الاقتصادات الناشئة، بل ضرورة لضمان الاستقرار المالي، وبينما تتجه الأنظار إلى مصر كنموذج بارز خلال هذه المرحلة الدقيقة، فإن قدرتها على تحقيق التوازن بين التمويل المحلي والاستدامة الاقتصادية ستبقى الاختبار الأهم خلال الأعوام المقبلة.

اقرأ المزيد