Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المكتئب السعيد"... عندما يضحك أحدهم كي لا ينهار

يوزع النكات نهاراً ويصارع الحزن ليلاً والعلاج يبدأ بالاعتراف وكسر العزلة

تشابلن خبأ كل تعاسته وراء الابتسامة التي خلقها للعالم (بكسلز)

ملخص

المكتئب السعيد هو ذاك الذي يضحك ليخفي حزنه، يبدو قوياً وناجحاً بينما يصارع داخلياً الاكتئاب والإنهاك والذنب، يخشى الحكم الاجتماعي فيرتدي قناع الفرح ويبالغ في الابتسام بحثاً عن القبول، هذا التمويه قد يحمي صورته لكنه يستهلك طاقته ويضاعف معاناته، مما يجعل الاعتراف وطلب المساعدة خطوة إنقاذية وليست علامة ضعف.

"المكتئب السعيد"، هل سبق أن سمعت بهذا المصطلح؟ وهل تستطيع الربط بين هاتين الكلمتين؟

إنه ذاك الشخص الذي يدخل الغرفة مبتسماً، يضيء المكان بطاقته، ويوزع النكات كأنها حلوى، لكن خلف هذا الوجه المشرق، يقيم شبح أسود ينهش روحه بصمت.

يضحك بصوت أعلى من المتوقع، ويبدو أكثر حضوراً مما يطيق فعلاً، كأنه ممثل في عرض كوميدي لا يملك خيار مغادرة المسرح، وهو الأكثر براعة في إخفاء أوجاعه، يعرف كيف يخبئ الدموع خلف ابتسامة، كأنه يرسم "الإيموجي" على ملامحه ليقنع العالم أنه بخير، وهو بالكاد يقنع نفسه.

الحزن يبتسم بوجهك

قد تظن أحياناً أن الابتسامة دليل رضا، وأن الضحك يطرد الشقاء، وأن من يمازحك صباحاً لا يمكن له أن يسقط في ليله في بئر من الحزن، لكن الطب النفسي يقول إن هناك من يضحكون كي لا ينهاروا، فيبتسمون كي لا تنكشف تعاستهم، ويطلقون على هذه الحال اسم "الاكتئاب المبتسم".

وهو ليس تشخيصاً رسمياً، لكنه وصف لمن يعيش صراعاً داخلياً عميقاً ويرتدي ملامح مطمئنة أن كل شيء على خير ما يرام، ويبدو صاحب الملامح هذه مرتاحاً وطبيعياً ومنتجاً ومحبوباً، في حين داخله يصارع أمواج اليأس والإرهاق وأحياناً الذنب والخواء.

لا يشعر به من حوله ولا يقلقون عليه لأنه أحكم قناعه جيداً، ولكن روحه المرهقة قد تجعله ينام ويأكل بصورة غير متوازنة، وبعدما يطلق طاقة الفرح يعود إلى وحدته، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يخلع القناع ويرتاح ويريح؟

في الواقع لم يختر "المكتئب السعيد" هذه الحال عبثاً، ففي ذاكرته وثقافته والذاكرة الجمعية أن الحزن والشكوى والبكاء لا يحتلون أفضل المقاعد لدى المجتمع، فالبكاء ضعف والحزن لا ينال الإعجاب، لذا يقوم بعض الأشخاص بإخفاء كآبتهم وحزنهم خوفاً من الحكم بالضعف أو من الشفقة، وأن يؤدي ذلك إلى خسارة نقاط الإعجاب، فيبالغون في ابتهاجهم لدرجة مشككة، بحثاً عن مكافأة التقبل والإعجاب والمحبة. فالجميع يريدون مرافقة الفرحين والذين يضفون أجواء مرحة على اللقاء، ويهربون من أصحاب الهم والغم والشكوى.

"تظاهر بذلك حتى تنجح"

كثيراً ما تركت عبارة "كن قوياً" تحت أجنحتها التي تبدو محلقة كسوراً وندوباً، حيث كتمان الألم ومواراته وراء الضحك أمر مبالغ في تقديره، فيقال هذا "جبير" أي قوي على الحزن، ويلقى التقدير والاحترام كونه لا يترك حزنه يتسرب عبر ملامحه.

ويقابل "العض على الجرح" أي مداراة ظهوره بكثير من الثناء، وكأن الجرح الظاهر مدعاة للخجل، وهكذا صار لا بد من أن نقابل الناس بطقس ابتسامة مرسومة، سواء بصورة عفوية أو مبرمجة قام المجتمع بكتابة رموزها، فنبتسم للغرباء والأهل والأقارب والأصدقاء والزملاء والزبائن والمديرين، ولا ننسى بالتأكيد الابتسام للكاميرا.

 

هذا الكم الهائل من الابتسام لا يكون دوماً حقيقياً أو نابعاً من القلب إنما لضرورات اجتماعية بحتة، ومع هذا توجد دعوات دائمة للإكثار من الابتسام، وعلى رغم أن العبارة الشهيرة "fake it till you make it" (تظاهر بذلك حتى تنجح) لم تأت بإطار الابتسام فقط، فإن استحضار الفرح، ولو غصباً، بات شبه لصيق بها، فيبدو كشعار يقصم ظهر الحزن ويحشره في ابتسامة رسمت غصباً.

وتشير البحوث النفسية إلى أن هذا التظاهر يمكن أن يؤثر فعلياً في حالنا الداخلية، وقد لا يبقى مجرد قناع خارجي، فوفقاً لنظرية الإدراك الذاتي (Self-Perception Theory) لعالم النفس داريل بيم، عندما يلاحظ الإنسان سلوكه، مثل أنا أبتسم، يستخلص من هذه الملاحظة مشاعر أو مواقف داخلية توافق ذلك السلوك، فقد يبدأ الشخص فعلياً بالشعور بسعادة إذا بدأ يتصرف كمن هو سعيد، حتى لو لم يكن كذلك في البداية.

ضع القلم وابتسم

عام 1988 قام علماء النفس فريتز ستراك وليونارد مارتن وسابين ستيبر بتجربة شهيرة، ربما سمع كثر عنها لاحقاً، وهي اختبار "القلم بالفم" (pen-in-mouth paradigm) ، حين طلب الباحثون من المشاركين أن يمسكوا قلماً بأفواههم بطريقتين، إما بين الأسنان من دون أن تلمسه الشفاه، بحيث يحفز العضلات المرتبطة بالابتسامة، أو بين الشفاه، مما يثبط حركة العضلات الابتسامية، بعدها عرضوا عليهم رسوماً كاريكاتورية وطلبوا منهم تقييم مدى طرافة هذه الرسوم، فوجدوا أن من يمسك القلم بين الأسنان، أي إنه يتظاهر بالابتسامة، قيم الرسوم بأنها أكثر طرافة من الذين يمسكونه بين الشفاه.

وعلى رغم أن البعض لا يزال يستخدم حتى اليوم هذه الطريقة بتمارين القلم بين الأسنان لتقليل العبوس في الوجه، فإن دراسات أخرى تبلغ نحو 17 دراسة قالت إن هذه التقنية لم تعط النتائج والفاعلية نفسها بحسب مقال نشرته مجلة جمعية العلوم النفسية عام 2016 بعنوان Effect of Facial Expression on Emotional State Not Replicated in Multilab Study. وهذا قد يدل على أن التظاهر بالابتسام ليس بالضرورة ينعكس أيضاً على الداخل، فلا تدخل الابتسامة من الشفاه إلى القلوب، لكنها إذا زارت القلوب ترتسم على الشفاه.

الابتسامة الاجتماعية

لكن لماذا يلجأ الناس للابتسام اجتماعياً إذا لم تنعكس في قلوبهم؟ على الجانب الاجتماعي، لتعبير الفرح، حتى لو كان تظاهرياً، آثار إيجابية في الآخرين، فإظهار السعادة يعطي الانطباع الإيجابي، فيراك الناس أكثر وداً وكفاءة، مما يعطيك هالة إيجابية تدعم تواصلك الاجتماعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كذلك فإن التظاهر بالفرح في التفاعلات الاجتماعية قد يشجع الآخرين على الرد بالعاطفة نفسها، مما يخلق جواً إيجاباً متبادلاً، فالتظاهر بالفرح قد يكون جسراً نحو استحضار الفرح الحقيقي، بخاصة إذا ترافق مع سلوك فعال ومواجهة للمشاعر الصعبة.

ابتسامات الأطفال القسرية

تحت وطأة عدم الإحراج، غالباً ما يطلب من الأطفال الابتسام، ويرغمون عليه حتى لو كانت مشاعرهم مختلفة، وبهذا لا يتعلم الطفل أدبيات المجتمع بقدر ما يتعلم النفاق، وتترسخ لديه رسالة أن مشاعره السلبية غير مرغوبة، ولا بد من أن يخفيها تحت ابتسامة، وهذا يسمى الكبت التعبيري، وهو آلية ضبط انفعالي تقوم على خنق التعبير لا على معالجة الشعور، لذا فإن نتائجه تؤدي إلى تراجع الدفء في العلاقة مع الطفل، وتواصل أقل صدقاً، وميل لاحق لمشكلات داخلية كقلق مكتوم وحزن صامت، هذا التكتيك الذي يتجلى في إجبار الطفل على تزييف تعابير الفرح أو الامتناع عن التعبير عما يشعر به، يحمل آثاراً عميقة وخطرة في نموه النفسي والعاطفي.

وبحسب دراسة بعنوان "الكلف الاجتماعية للقمع العاطفي: دراسة مستقبلية للانتقال إلى الكلية" نشرت على National Library of Medicine عام 2022 فحصت القمع التعبيري الذي ينطوي على تثبيط التعبير العلني عن العاطفة، فإن تدريب الطفل على كتمان حزنه ربما يمنعه من تكوين روابط صادقة لاحقاً.

ووجدت دراسة على الأطفال الصغار نشرت عام 2014 على موقع Science Direct، أن من يستخدمون الإستراتيجية القمعية يعانون استنزاف موارد ضبط النفس، أي إن قلقهم الداخلي يستهلك طاقتهم في كل مرة يمنعون فيها أنفسهم من البكاء أو التعبير، وأن الكبت العاطفي يزيد من الصراع النفسي ويعوق التواصل العاطفي ويؤشر لشعور بالقسوة الداخلية.

وفي دراسات متنوعة تخلص النتائج إلى أن الكبت وتزييف مشاعر الأطفال يؤديان إلى صعوبة في الثقة والصراحة، قد يكبر الطفل وهو يشعر أن مشاعره ممنوعة أو غير ذات قيمة، إضافة إلى اضطراب الهوية العاطفية، كون الطفل درب على عدم الاعتراف بمشاعره. ويشكل الكبت المزمن عاملاً مساعداً للاكتئاب أو اضطراب القلق المستبطن، وسيجد الطفل صعوبة في تنمية العلاقات التي تعتمد على مشاركة المشاعر.

وعلى رغم أن تجربة ابتسامة مفتعلة قد ترفع المزاج قليلاً وموقتاً لدى البالغين في سياقات محددة، فإن تحويلها إلى قاعدة تربوية قسرية شيء آخر، فهي لا تعلم الطفل مهارة مجتمعية، إنما التمثيل السطحي (Surface Acting) وتلتهم طاقته وتزيد احتراقه الانفعالي مع الوقت، حتى لدى الكبار، فالتمثيل السطحي يرتبط بإرهاق ونتائج أسوأ مقارنة بتعبير أعمق صادق، فالابتسام القسري ليس تدخلاً علاجياً فعالاً، هو بالوقع أقرب ما يكون إلى وصفة لاغتراب وجداني عن الذات.

ولحل هذه المعضلة يجب السماح للطفل بالتعبير عن المشاعر من دون عقاب واستجواب، وتدريبه على تسمية الشعور ثم اختيار سلوك مناسب، كإعادة التقييم وطلب المساندة واستراحة حسية، وهذا علاج حقيقي وليس قناعاً، وعلى الأهل أن يكونوا قدوة في التعبير الصادق بعيداً من العنف، والاعتراف بالحزن والتعب بدل ارتداء الابتسامة الصفراء لتحسين جودة التفاعل وإغلاق دائرة التوتر بدل نكرانها.

العلم بعيد من المجاملة

على رغم أن الابتسام يعدي ويخلق جواً من الألفة في المجتمع، فإن التظاهر المفرط به أو البعيد من الواقع، قد ينتج شعوراً بالنفاق من ناحية أو تفاقماً للشعور بعدم الأصالة، وقد يفشل في تحسين المزاج العميق إذا لم ترافقه معالجة للمشاعر الحقيقية النابعة من الداخل.

في دراسة نشرت عام 2024 بمجلة BMC Psychiatryشرح أن الاكتئاب المقنع يظهر غالباً بأعراض جسدية لا نفسية، وقد يشخص بالخطأ كإرهاق أو مشكلات في المعدة أو آلام مزمنة، ولكن السبب الحقيقي هو الحزن الذي وجد من يكبته ولم يجد من يسمعه.

 

وفي تقرير لـ WebMD كتبته كيم بينتر وهي صحافية في مجال الصحة وراجعته الطبيبة جابين بوغام، وصفت "الاكتئاب المبتسم" بأنه أكثر أنواع الاكتئاب خداعاً، وسمته "الاكتئاب العالي الأداء" لأن صاحبه يمتلك ما يكفي من الطاقة ليخفي مرضه، وربما لينهي حياته!

وفي دراسة حديثة نشرت عام 2025 بمجلة Springer Nature تحت عنوان Camouflaging Depression، أي فن تمويه الاكتئاب، أو كيف يتعلم الإنسان عن وعي أو لا وعي أن يبتسم كي لا يسأل، وأن يمزح كي لا يشفق عليه، وأن يبدو قوياً كي لا يقال عنه ضعيف، طور باحثون مقياس التمويه الاكتئابي (CDS) لقياس هذه الظاهرة، وجربوه على 292 شخصاً يعانون درجات مختلفة من الاكتئاب.

وأظهرت النتائج أن التمويه شائع عبر مختلف الفئات، وأن المقياس المكون من 14 بنداً يتمتع بموثوقية عالية وارتباط قوي بمقاييس الاكتئاب والتعب والوصمة الداخلية، ويتيح هذا المقياس الجديد للمتخصصين فهماً أدق لكيفية اختباء الاكتئاب خلف الوجوه الهادئة.

حتى تقنيات الذكاء الاصطناعي بدأت ترصد هذا التناقض، ففي ورقة بحثية نشرت عام 2023 في arXiv التابع لجامعة كورنيل الأميركية بعنوان Catching Elusive Depression Via Facial Micro-Expression Recognition أي التقاط الاكتئاب المراوغ من طريق التعرف إلى التعبير الدقيق للوجه، استخدمت خوارزميات لتحليل التعابير الدقيقة في الوجه micro-expressionsلتحديد من يخفي اكتئابه خلف ملامح ثابتة، وكأن العلم يقول لنا، حتى الكاميرات صارت أصدق من البشر في التقاط ملامح الحزن.

العلاج يبدأ بالاعتراف

قد تبدو كلمة علاج فضفاضة على المكتئب السعيد، إذ لا يعترف كثر بأن انهياراتهم الداخلية المجملة بابتسامة قد تنقلب عليهم وتطفو على السطح، فالقوة ليست بكتمان البركان إنما بكيفية تفجره كما يليق به، والتواضع أمام الهشاشة أمر لا بد منه، وكذلك لا بد من فهم حالنا لمعرفة كيف نصوغ الخطوة التالية.

يبدأ إذاً الموضوع بالاعتراف الضمني أولاً أن ليس كل شيء على ما يرام، فبعد حفلة الضحك لا بد من أن تكون سعيداً، ولكن إن كنت وحيداً وحزيناً، يجب أن تطلب المساعدة، ولا تتلطى وراء الابتسامة. ولقد أثبت العلاج النفسي مثل العلاج السلوكي المعرفي CBT فاعلية كبيرة في هذه الحالات، وكذلك الأدوية بإشراف طبي، لكن الأهم هو كسر العزلة.

وتعتبر الرياضة والنوم الجيد والعلاقات الصادقة أيضاً كلها عناصر بسيطة تعيد الإنسان إلى ذاته، وإن كنت تبتسم اليوم كي لا تنهار، فاعلم أن أحداً في مكان ما يبتسم للأسباب نفسها، والفرق الوحيد هو أن بعضهم قرر أن يتكلم فأنقذ نفسه، وأصبحت ابتسامته انعكاساً لما في داخله.

ابتسامة أنقذت العالم وأهلكت صاحبها

كما في المجتمع كذلك في الفن، فكثر هم الكوميديون الذين يخفون وراء ضحكهم وإضحاكنا أكواماً من الحزن والعزلة والكآبة، ويقال إن بعض الوجوه ولدت لتضحك كي لا تبكي، تشارلي شابلن كان أحدها من دون أدنى شك، هو الذي كان يعرف أكثر من غيره أن الضحك ليس نقيض الحزن، إنما قناعه الأجمل، وأن الكوميديا ليست ضد المأساة، إنما إحدى لغاتها، وهو الرجل الذي جعل البشرية تضحك في أحلك الحروب، كان يحمل في داخله وجعاً يفيض من بين الضحكات، فلقد عاش طفولته في الفقر، بين أم فقدت عقلها وأب غائب، وأعوام من الجوع والعزلة، لكن ما إن ارتدى قبعته المستديرة ورفع عصاه القصيرة، حتى صار رمزاً للفرح العالمي، وما زال.

تجمع بعض مواقع الاقتباسات أن شابلن قال "أحب أن أمشي دائماً تحت المطر كي لا يرى أحد دموعي"، أو "كنت أضحك لأمنع الدموع من الانهمار"، تلك الجملة تلخص ما يسميه علماء النفس اليوم الاكتئاب المبتسم أو "التمويه الاكتئابي"، الذي يتمثل في الأشخاص الذين يخفون اكتئابهم خلف قناع اجتماعي مشرق ويستهلكون طاقاتهم في الحفاظ على الواجهة أكثر مما يستهلكونها في مواجهة الألم نفسه، بحيث تصبح الابتسامة درعاً، لكنها تجرح من الداخل.

وشابلن لم يكن وحده، فالضحك عند كثير من الكوميديين كان آلية دفاع ضد هشاشتهم ربما، فالممثل الأميركي روبن ويليامز الذي جعل العالم يضحك في عدد من أفلامه أنهى حياته منتحراً بعد معركة طويلة مع الاكتئاب، والكوميدي الكندي جيم كاري صرح في أكثر من لقاء بأنه لم يكن بخير أعواماً طويلة، وأن شخصية جيم كاري نفسها كانت قناعاً اخترعه للهرب من ذاته.

في النهاية، لنرحم الناس من ابتساماتهم، وننظر في عيونهم إلى ما هو أبعد، ونتساءل إن كانت الضحكة نابعة من الفرح الحقيقي أو من الحزن العميق، بدل السماح بإتقان فن التماسك خوفاً من الوصمة الاجتماعية، فالاكتئاب المبتسم ليس ظاهرة طبية وحسب، هو مرآة لمجتمعات تتجمل حتى وهي تتصدع، ومن الممكن أن نضحك كثيراً، لكن لا أحد ينجو من حزنه بالضحك وحده، ولعل العالم يحتاج إلى دمعة صادقة أكثر مما يحتاج إلى ضحكة مزيفة.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة