Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يقول المحللون عن رفع حصة الأجانب في الأسهم السعودية؟

وسط تأكيدات على أهمية وضع سقوف ملكية للقطاعات الحساسة وضمان صوت المستثمر المحلي

بلغت ملكية المستثمرين الدوليين بنهاية الربع الثاني من العام الحالي أكثر من 140.8 مليار دولار (اندبندنت عربية)

ملخص

حالياً، يمتلك الأجانب حصصاً متفاوتة في 366 شركة من أصل 368 مدرجة في السوقين الرئيسة والموازية (نمو)، بينها 33 شركة تتجاوز فيها ملكيات الأجانب 10 في المئة من رأس المال، و12 شركة تضم مستثمرين أجانب استراتيجيين.

أفاد محللون ماليون لـ"اندبندنت عربية" بأن توجه السوق المالية السعودية لفتح الاستثمار المباشر أمام جميع فئات المستثمرين الأجانب من دون قيود، يمثل تحولاً جذرياً يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية لتعميق السيولة وجذب التدفقات النقدية اللازمة لدعم "رؤية 2030".

وأضاف المحللون أن هذا الانفتاح، على رغم فوائده يثير حزمة من التساؤلات الاستراتيجية والاقتصادية الجوهرية التي تتطلب إدارة حذرة، أبرزها أخطار فقدان السيطرة المحلية على القرارات الاستراتيجية في الشركات القيادية، بخاصة في القطاعات الحساسة كالمصارف والطاقة.

ولفت المحللون إلى أن القلق يتزايد حول تأثير "الأموال الساخنة" التي قد تزيد من حدة التذبذب وعدم استقرار السوق، مع ارتفاع المخاوف بشأن تقليص دور المستثمر المحلي في الجمعيات العمومية، مضيفين أن تعميق الترابط مع الأسواق العالمية يعني أن الأزمات والسياسات النقدية العالمية ستنعكس على السوق السعودية بشكل مباشر وأسرع، وهو ثمن طبيعي للانفتاح المالي.

مع ذلك أكدوا أن الخسارة المحتملة من تحويل جزء من الأرباح الموزعة إلى الخارج ستكون محدودة، مقابل ما يجلبه المستثمر الأجنبي من سيولة ويسهم به في خفض كلفة رأس المال للشركات.

وخلص المحللون إلى أن التوجه يفرض ضرورة إيجاد توازن دقيق عبر وضع آليات حماية استباقية، مثل سقوف الملكية للقطاعات الاستراتيجية، وتمكين آليات تصويت متقدمة، لضمان استمرار السيطرة المحلية والحفاظ على الهوية الاقتصادية الوطنية.

استطلاع رسمي

شهد الأسبوع الماضي طرح هيئة السوق المالية مشروع فتح السوق الرئيسة لجميع فئات المستثمرين الأجانب غير المقيمين وتمكينهم من الاستثمار المباشر فيها، أمام عموم المهتمين والمعنيين والمشاركين في السوق المالية لإبداء مرئياتهم حياله.

ويتماشى المشروع المقترح مع نهج الهيئة التدريجي لفتح السوق، عبر إجراءات سابقة، ومراحل مكملة ستتبعها لتعزيز تحرير السوق المالية، وجعلها سوقاً دولية تستقطب مزيداً من رؤوس الأموال الأجنبية، وفق البيان الذي نوه أيضاً بأن المشروع يهدف إلى توسيع وتنويع قاعدة المستثمرين الذين يجوز لهم الاستثمار في السوق الرئيسة، وجذب مزيد من الاستثمارات وزيادة حجم السيولة.

بلغت ملكية المستثمرين الدوليين بنهاية الربع الثاني من العام الحالي أكثر من 528 مليار ريال (140.8 مليار دولار)، في حين سجلت الاستثمارات الأجنبية في السوق الرئيسة نحو 412 مليار ريال (110 مليارات دولار) خلال الفترة نفسها، محققة نمواً بنسبة 471 في المئة مقارنة بـ72 مليار ريال (19.2 مليار دولار) في نهاية عام 2015.

واعتمدت هيئة السوق المالية السعودية، في يوليو (تموز) الماضي تسهيل إجراءات فتح الحسابات الاستثمارية وتشغيلها لعدد من فئات المستثمرين، التي شملت المستثمرين الأجانب الطبيعيين المقيمين في إحدى دول الخليج، أو من سبق له الإقامة في السعودية أو في إحدى دول مجلس التعاون، بهدف زيادة مستوى ثقة المشاركين في السوق الرئيسة ويعزز من دعم الاقتصاد المحلي، بحسب بيان الهيئة.

أين ترتكز ملكية الأجانب؟

حالياً، يمتلك الأجانب حصصاً متفاوتة في 366 شركة من أصل 368 مدرجة في السوقين الرئيسة والموازية (نمو)، بينها 33 شركة تتجاوز فيها ملكيات الأجانب 10 في المئة من رأس المال، و12 شركة تضم مستثمرين أجانب استراتيجيين، مثل "بوبا العربية"، و"بترو رابغ"، و"سابك للمغذيات الزراعية".

وفي الأسبوع قبل الماضي كانت الأنباء عن توجه الجهات التنظيمية للسماح للأجانب بزيادة ملكيتهم في الشركات المحلية دور أساس في دفع سوق الأسهم السعودية نحو تسجيل أفضل مكاسب أسبوعية منذ منتصف عام 2022 وبأعلى وتيرة صعود يومية خلال خمسة أعوام، وارتفع حينها المؤشر العام بنسبة خمسة في المئة.

ومنذ أن أثيرت تلك الأنباء حتى نهاية تعاملات الأسبوع، ارتفع مؤشر السوق الرئيس "تاسي" بنسبة 0.6 في المئة مقارنة بإغلاق الأربعاء

قبل الماضي عند مستوى 11426 نقطة، وكانت تلك المرة الأولى خلال أربعة أشهر يصل لهذه المستويات.

يعد التوجه الجديد تحولاً جذرياً عن السياسات التنظيمية المعمول بهيئة السوق المالية السعودية منذ أعوام، وكشف عضو مجلس إدارة هيئة السوق المالية عبدالعزيز عبدالمحسن بن حسن، في مقابلة مع "بلومبيرغ" أخيراً، أن الهيئة تقترب من إقرار تعديل رئيس يرفع سقف ملكية الأجانب في الشركات المدرجة، الذي يبلغ حالياً 49 في المئة، متوقعاً دخول القرار حيز التنفيذ قبل نهاية العام.

ممارسات عالمية

بدوره قال المستشار المالي الرئيس التنفيذي لشركة "تيم ون للاستشارات" عبدالله باعشن، إن التوجه الذي تعتزمه السعودية بزيادة ملكية الأجانب غير المقيمين، والمتمثل بطلب إبداء الرأي حول آلية تداول المستثمر الأجنبي، هو خطوة نحو فتح السوق مباشرة أمامهم أسوة بالمواطنين السعوديين والمقيمين.

وأشار باعشن إلى أن هذا التوجه يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، بخاصة في الأسواق الأميركية والأوروبية، إذ تتيح التكنولوجيا الاستثمار المباشر والتملك في الأسهم من دون الاعتماد على القنوات المقننة سابقاً مثل "اتفاقات المبادلة"  (Swaps).

وأوضح باعشن أن المنظور وراء هذا التحول هو اقتصادي بالدرجة الأولى، وليس محاولة لمنافسة الأجنبي للمواطن أو الإضرار بصغار المستثمرين، وهي أفكار وصفها بأنها "بالية" في ظل توجه الدول نحو التحول الاقتصادي والتجارة الحرة.

وأضاف باعشن، أن تلك الخطوة ستؤدي إلى تدفقات نقدية يحتاج إليها السوق السعودية حالياً، بخاصة أن الاقتصاد يتجه نحو نمو البنية التحتية والتغير الاقتصادي الشامل وفقاً لـ"رؤية 2030".

وشدد باعشن على أن أي عملية مالية أو اقتصادية تحمل بعض الأخطار، أبرزها التنقل السريع للأموال، أو ما يعرف بـ"الأموال الساخنة".

ومع ذلك أكد باعشن أن الوقت الراهن مختلف، إذ أصبحت التعاملات مقننة ومحمية عبر قنوات عدلية وإجرائية واضحة للتقاضي وفصل النزاعات. وأشار إلى أهمية أن تقوي الدول الجانب العدلي لحماية السوق، وليس حماية الأفراد من قراراتهم، منوهاً بجهود السعودية كأول دولة في الشرق الأوسط في تعويض المتضررين من العمليات غير المشروعة.

وقال، إن الاقتصاد السعودي يشهد تحولاً جذرياً من الاعتماد على النفط (الذي كان يمثل 98 في المئة من الإيرادات) إلى التنوع ونمو قطاعات ناشئة مثل السياحة.

وأوضح أن الاقتصاد العالمي أصبح سوقاً موحدة، وأي أزمة اقتصادية أو سياسية عالمية تنعكس مباشرة على السوق السعودية وغيرها من الأسواق، وهو أمر طبيعي في ظل حركة رؤوس الأموال والاستثمارات العالمية.

تضخم أسعار

من جانبه أكد عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد "تشارترد" للأوراق المالية والاستثمار بالإمارات وضاح الطه، إن التراجعات في السوق المالية السعودية، الأكبر إقليمياً، تعود أساساً إلى تضخم الأسعار.

وأوضح الطه، أن هذا التضخم ينعكس مباشرة في ارتفاع مؤشر مكرر الربحية، الذي يسبب ضغطاً نزولياً، إذ يتجنب المستثمرون الدخول عند المستويات السعرية المرتفعة.

وأضاف الطه، أن الهدف من الانخفاض التدريجي هو إعادة مكرر الربحية إلى مستوى جاذب، مما يمهد الطريق لعمليات استهداف انتقائي للأسهم الجيدة وبدء دورة ارتداد جديدة، مؤكداً أن تضخم الأسعار هو السبب الجوهري للضغط، نافياً وجود عوامل سلبية داخلية أو ارتباط مباشر بين تراجع السوق وضعف الدولار.

وأشار الطه، إلى أن إعلان الرغبة في فتح السوق للأجانب وإنهاء مفهوم "المستثمر الأجنبي المؤهل" أثار ارتدادة قوية شملت معظم الأسهم، مما يعكس توقعات بدخول أسهل لرؤوس الأموال الأجنبية، لافتاً إلى أن تفعيل أداة إعادة شراء أسهم الخزانة ضروري، إذ تزيد من قيمة السهم وترسل رسالة ثقة إيجابية قوية للمستثمرين.

وشدد الطه، على أن التحرير الكامل لتملك الأجانب (100 في المئة) يجب أن يقيد، بأن يربط رفع النسبة باقتراب التملك الحالي من الحد الأقصى المتاح، ويترك القرار لـ"تصويت الجمعية العامة" للشركة المدرجة.

وأفاد الطه بأن القطاع المصرفي السعودي يعد "خطاً أحمر"، يجب أن يبقى تحت السيطرة المحلية، كونه يمثل الذراع الاقتصادية للدولة.

وأكد قوة العوامل الداخلية، مشيراً إلى أن إسهام الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي وصل إلى نحو 56 في المئة، مما يبرهن على نجاح الالتزام بـ"رؤية 2030"، بينما تظل أسعار النفط هي العامل الخارجي الأبرز.

مخاوف أجنبية

من جانبه أكد المتخصص في أسواق الأسهم السعودية بسام العبيد، أن قرار فتح الملكية الكاملة للأجانب في الشركات المدرجة ينطوي على إيجابيات وسلبيات يجب مراعاتها.

قال العبيد، إن تعاظم ملكية الأجانب في الشركات القيادية قد يؤدي إلى فقدان السيطرة المحلية على القرارات الاستراتيجية، موضحاً أن هذه سلبية ذات أبعاد غير محصورة، وتزداد خطورتها في الشركات ذات الارتباط المباشر بالاقتصاد الوطني، مثل "أرامكو" والمصارف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أن تأثير تحويل الأرباح الموزعة إلى الخارج سيكون محدوداً في الغالب، متوقعاً إعادة ضخ الغالبية في السوق، لافتاً إلى أن دخول "الأموال الساخنة" يمثل تأثيراً سلبياً، خصوصاً على الأسواق الناشئة ذات السيولة المحدودة.

وأضاف العبيد أنه كلما زاد الاستثمار الأجنبي، زاد ارتباط السوق السعودية بحركة الأسواق العالمية، مما يعني انتقال تأثير الأزمات والسياسات العالمية مباشرة. وأوضح أن أخطار تقليص دور المستثمر المحلي في صنع القرار بالجمعيات العمومية ترتفع تحديداً في الشركات الحيوية للاقتصاد.

وفي ما يخص الهوية الاقتصادية للسعودية، قال العبيد إنها متجذرة، مؤكداً أنه لا يمكن لمستثمر خارجي أن يؤثر عليها، لأن هدفه يظل منصباً على العائد المادي وليس التأثير في الجوانب الأخرى.

تعزيز سيولة

قال عضو الاتحاد السعودي والدولي للمحللين الفنيين عبدالله الجبلي، إن الهدف الأساس من اقتراح هيئة السوق المالية السعودية بفتح التملك المباشر للأجانب هو جذب مزيد من المستثمرين الأجانب وتسهيل عملية استقطاب رؤوس الأموال الراغبة في توسيع استثماراتها بسوق الأسهم السعودية.

وأوضح الجبلي أن هذا القرار يهدف كذلك إلى نقل السوق السعودية إلى مستوى متقدم والمساعدة في طرح مزيد من الاكتتابات الأولية. وأشار إلى أن العام الماضي شهد وفرة في الطروحات، مما خلق حالاً من التذمر والتريث لدى كثير من الشركات التي تخوفت من عدم التغطية أو انخفاض سعر السهم من دون سعر الاكتتاب.

ولفت إلى وجود تخوف طبيعي من أن تؤدي زيادة رؤوس الأموال الأجنبية إلى سيطرة على قرارات الشركات، خصوصاً تلك التي تعاني تحديات استراتيجية أو الشركات الصغيرة.

وبين أن هذا التخوف يقل كثيراً في الشركات الكبيرة والقطاعات القيادية، إذ إن غالبية أسهمها مملوكة بالفعل لصناديق ومحافظ كبرى تعتبر استثمارها استراتيجياً طويل المدى، مضيفاً أن من المحاسن الأخرى لهذا القرار هو أنه يخلق نوعاً من المنافسة الجدية بين المستثمر المحلي والأجنبي.

وأكد أن هذا التحرير سيزيد من ارتباط السوق السعودية بالأسواق العالمية نتيجة الدور الكبير الذي سيلعبه رأس المال الأجنبي، متوقعاً أن تجذب السوق السعودية، في ظل التحديات التي تواجه القنوات الاستثمارية الأخرى كالعقارات، مزيداً من السيولة محلياً ودولياً خلال الأشهر المقبلة.

انفتاح متوازن

أكد رئيس أبحاث السوق في شركة "OW Markets" عاصم منصور، أن قرار فتح الملكية الكاملة للأجانب في السوق السعودية يحمل فرصاً هائلة لتعميق السيولة وخفض كلفة التمويل، لكنه يتطلب إدارة ذكية وتوازناً دقيقاً.

قال منصور، إن المخاوف في شأن فقدان السيطرة المحلية على القرارات الاستراتيجية في الشركات القيادية أمر طبيعي، لكنه لا يعني فقدان السيطرة التام، خصوصاً مع الدور المرجح الذي تلعبه الصناديق السيادية والتقاعد المحلية.

وأشار إلى أن تحويل الأرباح للخارج أمر متوقع ولكنه ليس خسارة صافية، بل يجب التفكير في حوافز لتشجيع إعادة استثمارها محلياً.

ولفت إلى أن دخول "الأموال الساخنة" يزيد من حدة التذبذب، ويمكن الحد من ذلك عبر تفعيل أدوات مثل صناع السوق وتشجيع المستثمر المؤسسي طويل الأجل. وأوضح أن السوق أصبحت أكثر ترابطاً بالسياسات النقدية العالمية، وهو ما يتطلب إدارة عبر سياسات احترازية قوية وشفافية عالية.

وأفاد بأن تحقيق تكافؤ الفرص لصغار المستثمرين لا يمضي بتقييد الأجانب، بل عبر توفير بنية معلوماتية متكافئة، وخفض كلفة التداول، وتعزيز التعليم المالي. وبين أن تزايد حصة الأجانب يتطلب تمكين التصويت الإلكتروني والتراكمي لحماية التوازن في الجمعيات العمومية.

وأخيراً، أوضح أن حماية القطاعات الحساسة من تركز الملكية الأجنبية ممكنة عبر وضع سقوف ملكية خاصة وتفعيل آليات "السهم الذهبي"، إضافة إلى اشتراط نسب توطين وتقنية، لضمان الاستفادة من الخبرات الأجنبية مع الحفاظ على الهوية الاقتصادية الوطنية.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة