Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فتح سقف الملكية الأجنبية يعيد رسم ملامح سوق الأسهم السعودية

محللون: القرار الاستراتيجي المرتقب يعمق السيولة ويضع البنوك والبتروكيماويات في صدارة المكاسب

رفع سقف الملكية الأجنبية بوابة التدفقات المليارية إلى البورصة السعودية (اندبندنت عربية)

ملخص

مع تدفق الاستثمار الأجنبي سيولة عالمية مرتقبة تعمق السوق السعودية وتغير خريطة الاستثمار

تستعد البورصة السعودية (تداول) لمرحلة مفصلية جديدة مع التوجه نحو رفع سقف ملكية الأجانب، وهو قرار استراتيجي من شأنه أن يغير خريطة الاستثمار المحلية بصورة جذرية.

وقال محللون لـ"اندبندنت عربية"، إن قرار رفع سقف ملكية الأجانب في البورصة السعودية سيفتح الباب أمام تدفقات سيولة مليارية، خصوصاً من الصناديق العالمية التي تتبع مؤشرات مثل "أم أس سي آي" و"فوتسي"، وأوضحوا أن هذه الخطوة تعزز عمق السوق وتزيد من وزنها في المحافظ الدولية، مما يعزز مكانة الرياض كمركز مالي إقليمي.

وبين المحللون أن الأسهم السعودية مرشحة لتكون أكثر جاذبية من العقار وأدوات الدين، بفضل التدفقات الآلية من صناديق المؤشرات، وأشاروا إلى أن التأثير سيتركز على الأسهم ذات السيولة والأوزان الكبيرة، مع ظهور نتائج ملموسة خلال المراجعات الدورية للمؤشرات العالمية المقبلة.

وأضافوا أن القطاع البنكي سيكون المستفيد الأول من هذه التدفقات لامتلاكه وزناً كبيراً وسيولة مرتفعة، مع امتداد التأثير إلى شركات أخرى تتيح مجالاً لزيادة الملكية الأجنبية، مما يعزز حساسية أسعارها تجاه هذه التدفقات

ما أفضل مكاسب منذ 2022؟

كانت سوق الأسهم السعودية سجلت أفضل مكاسب أسبوعية منذ منتصف عام 2022، وزاد المؤشر العام بنسبة خمسة في المئة ليصعد إلى مستوى 11308.11 نقطة.

بعدما بلغت مكاسبه السوقية نحو 128.26 مليار ريال (34.22 مليار دولار) مدفوعاً بصورة أساسية من الأنباء التي جرى تداولها عن توجه الجهات التنظيمية للسماح للأجانب بزيادة ملكيتهم في الشركات المحلية.

كشف عضو مجلس هيئة السوق المالية عبدالعزيز حسن الثلاثاء الماضي أن الهيئة باتت قريبة من تخفيف القواعد التي تحد من ملكية الأجانب في الشركات المدرجة عند سقف 49 في المئة، بما يتيح لهم امتلاك حصص غالبية في هذه الشركات، موضحاً خلال مقابلة مع "بلومبيرغ" أن القرار قد يتخذ قبل نهاية العام، لكن لم يحدد بعد النسبة التي سيسمح للمستثمر الأجنبي بتجاوزها فوق السقف الحالي البالغ 49 في المئة.

ومن المتوقع أن يسهم القرار في تعزيز وزن الأسهم السعودية على مؤشرات "أم أس سي آي" وجذب مزيد من الاستثمارات من قبل مديري الصناديق العالمية، إذ تقلص "أم أس سي أي" عادة أوزان الشركات التي تخضع لقيود على الملكية.

قال الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "سكاي لينكس كابيتال غروب"، دانيال تقي الدين، إن دراسة هيئة السوق المالية السعودية لرفع الحد الأقصى لملكية الأجانب في الشركات المدرجة، والمحدد حالياً عند 49 في المئة، تمثل "إجراء قد يجذب تدفقات أجنبية تزيد على 10 مليارات دولار"، وأوضح أن هذه الخطوة من شأنها أن تدفع مؤشر "أم أس سي آي" إلى رفع معامل الإدراج الأجنبي للأسهم السعودية، مما يعزز جاذبية السوق عالمياً.

بدوره لفت محلل السوق في "أكس تي بي" الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ميلاد عازر، إلى أن النظرة المستقبلية للسوق المالية السعودية لا تزال متفائلة، مدعومة بصورة أساسية بقوة أداء القطاع الخاص غير النفطي، وأشار إلى أن هذا التفاؤل يستمر على رغم تأثير تقلبات أسعار النفط المستمر على معنويات المستثمرين.

قطاع البنوك ومحركات السيولة

من جهته، أوضح المحلل المالي والمحاضر في التمويل والاستثمار، يوسف يوسف، أن قطاع البنوك هو الداعم الأساس لكل الأنشطة الاقتصادية والمحرك الرئيس للنمو، ولا بد من أن ينعكس هذا النشاط على أداء القطاع المصرفي، ولفت إلى أن وجود رؤية واضحة للسعودية متمثلة في "رؤية 2030" يسهم في دفع هذه الأنشطة قدماً.

وأوضح يوسف أن قرار زيادة نسبة ملكية الأجانب في الأسهم المقيدة في البورصة السعودية سيؤدي أولاً إلى رفع وزن السوق المالية السعودية داخل المؤشرات العالمية التي تحاكي الأسواق الناشئة، مثل "أم أس سي أي" و"فوتسي راسل".

وبين أن هذا الرفع سيجعل الصناديق التي تتبع هذه المؤشرات تزيد من استثماراتها لزيادة نسب الأسهم التي تملكها، مما يضخ سيولة كبيرة في السوق.

وأضاف أن هذه السيولة ستكون في جزء كبير منها "سيولة كامنة"، مما يعني أنها ستبقى في السوق فترة طويلة، وستسهم في دفع الحركة.

ولفت إلى أن الأمر لا يقتصر على الصناديق التي تحاكي المؤشر، بل يمتد إلى المستثمرين النشطاء الذين يهتمون بنسبة التوازن، مما يضاعف حجم السيولة المتوقع ضخها.

وأكد يوسف أن سوق الأسهم أصبح أكثر جاذبية من سوق الدين (أدوات الدين) وقطاع العقارات حالياً، وفسر ذلك بأن الانخفاضات الكبيرة التي شهدتها سوق الأسهم منذ بداية العام جعلت الأسهم أكثر جاذبية، إذ أصبح العائد المتوقع للمستثمر – سواء من توزيعات الأرباح أو الأرباح الرأسمالية المتوقعة عند تعافي الأسعار – هو الأعلى مقارنة بالعوائد المتاحة في أدوات الدين.

وأشار إلى أن بدء دورة التيسير النقدي وانخفاض أسعار الفائدة سيجعلان العائد في أدوات الدين أقل، مما يزيد من تفوق الأسهم.

وفي ما يخص العقارات، أوضح أن الأسعار المرتفعة والإجراءات التنظيمية الأخيرة، مثل رسوم الأراضي البيضاء وتثبيت الإيجارات في بعض المدن، ستجعل الزيادة المتوقعة في الأسعار أو الإيجارات محدودة، بالتالي سيكون العائد على العقارات أقل، وقال إن احتمالية ارتفاع العائد في الأسهم بالمقارنة بأدوات الدين والعقارات هو الأعلى.

وبين يوسف أن الاستثمارات الأجنبية التي تتبع المؤشرات العالمية لن تتمركز في قطاع معين، لأن منهجية هذه المؤشرات تقوم على تنويع الاستثمارات.

وأضاف أن الصناديق التي تبحث عن الفرص، أي المستثمرين النشطاء، ستبدأ في زيادة نسب تمركزها في قطاعات معينة، وعلى رأسها قطاعات البنوك والعقارات والبتروكيماويات، ولفت إلى أن هذه القطاعات هي التي من المتوقع أن تشهد زخماً كبيراً في الفترة المقبلة، وسيختلف مدى التمركز فيها بناءً على السياسة الاستثمارية المتبعة.

استطلاع رسمي

دعت "هيئة السوق المالية" السعودية، عموم المهتمين والمعنيين والمشاركين في "السوق المالية" لإبداء أراهم حيال فتح "السوق الرئيسة" لجميع فئات المستثمرين الأجانب غير المقيمين وتمكينهم من الاستثمار المباشر فيها، وذلك لمدة 30 يوماً تقويمياً تنتهي بتاريخ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

وقالت الهيئة في بيان أمس الأربعاء، إن المشروع يهدف إلى توسيع وتنويع قاعدة المستثمرين الذين يجوز لهم الاستثمار في "السوق الرئيسة"، وجذب المزيد من الاستثمارات وزيادة حجم السيولة.

والمشروع المقترح في حال إقراره، سيلغي مفهوم المستثمر الأجنبي المؤهل في "السوق الرئيسة"، بما يتيح لجميع فئات المستثمرين الأجانب الدخول إلى السوق من دون الحاجة إلى استيفاء متطلبات التأهيل، إضافة إلى إلغاء اتفاقات المبادلة التي كانت تستخدم كخيار لتمكين المستثمرين الأجانب غير المقيمين من الحصول على المنافع الاقتصادية فقط للأوراق المالية المدرجة، ليتاح لهم بدلاً من ذلك الاستثمار المباشر في الأسهم المدرجة في "السوق الرئيسة".

هل ننتظر نقلة نوعية؟

على الصعيد ذاته، يرى رئيس إدارة الأصول في شركة "أرباح كابيتال"، محمد الفراج، أن رفع سقف ملكية الأجانب في البورصة السعودية يمثل نقلة نوعية كبرى، لأنه يعمل على توسيع قاعدة المستثمرين وزيادة عمق السوق، وعزا ذلك إلى أن المستثمر الأجنبي المؤسسي يتبنى عادة استراتيجيات طويلة الأمد، مما يعزز الاستقرار ويحد من تقلبات المضاربة.

وشدد الفراج على أن انفتاح السوق سيعمل على رفع وزن الأسهم السعودية في مؤشرات الأسواق الناشئة مما يجذب تدفقات سلبية وإيجابية بمليارات الدولارات، ويعيد من ثم رسم خريطة القطاعات ذات الوزن والسيولة الكبرى في المؤشر العام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح أن الأسهم السعودية ستزداد جاذبيتها نسبياً مقارنة بـالعقار وأدوات الدين، ولفت إلى أن تفوق الأسهم يعود إلى تحسن ربحية الشركات المدرجة وارتفاع توزيعات الأرباح، بخاصة مقارنة بعوائد السندات التي تكون ذات أخطار أقل لكن بعوائد محدودة.

وأضاف إلى أنه في حين أن العقار سيظل جاذباً محلياً لأسباب اجتماعية، فإن المستثمر الأجنبي يفضل الأدوات المالية المدرجة والشفافة التي يسهل تقييمها وتداولها، مما يجعل الأسهم خيارهم الأول، بخاصة إذا ترافقت مع إصلاحات مستمرة في الإفصاح والحوكمة.

يرى الفراج أن القطاع البنكي مرشح بقوة لتبوء الصدارة من ناحية العوائد لأسباب متكاملة عدة، إذ يبرز هذا القطاع بقدرته على المحافظة على هوامش ربحية قوية حتى في ظل انخفاض الفوائد.

وأكد أن دور القطاع المحوري يتعاظم في تمويل المشاريع العملاقة لـ"رؤية 2030"، مما يعزز نمو محفظة القروض لديه، إضافة إلى ما يتمتع به القطاع من قوة في الرسملة والملاءة المالية، إلى جانب تاريخه في تقديم توزيعات نقدية سخية، وهو ما يجعله عنصر جذب أساساً للمستثمرين الأجانب الباحثين عن عوائد تتسم بالاستقرار.

 ولفت الفراج إلى أن دخول المستثمر الأجنبي المؤسسي بقوة سينعكس إيجاباً على سياسات الحوكمة والشفافية في الشركات المدرجة، إذ يفرض معايير أعلى من الإفصاح والحوكمة، ويطالب بمعلومات مالية دقيقة وتقارير تتوافق مع المعايير العالمية، مما يحفز الشركات المحلية على تحسين هيكل مجالس الإدارة ورفع جودة السوق.

أوزان عالية

توقع المحلل المالي محمود عطا أن تكون استثمارات الأجانب في بدايتها مركزة بصورة أساسية على القطاعات الكبرى ذات الوزن العالي في المؤشرات العالمية، مشيراً إلى أن قطاعات مثل البنوك والبتروكيماويات والطاقة ستحظى بالأولوية لكونها تمثل فرصاً واضحة ومضمونة من جهة السيولة والربحية.

لكن لفت المستشار الاقتصادي محمد كرم إلى أن هذا التركيز الأولي سيتطور، فعلى المدى المتوسط ومع تزايد ثقة المستثمر الأجنبي، وتوقع أن يشهد الاستثمار تنويعاً أكبر نحو قطاعات النمو، بما في ذلك التكنولوجيا والرعاية الصحية والاتصالات، بخاصة مع الدعم الحكومي المستمر والواسع لمشاريع التحول الرقمي والطاقة المتجددة.

 ما تسهيل المتطلبات؟

قال المستشار المالي والمتخصص في أسواق المال، محمد الشميمري، إن فتح السوق المالية السعودية (تداول) بصورة كبرى للمستثمرين الأجانب، سواء عبر رفع سقف الملكية أو تسهيل المتطلبات، هو "قرار استراتيجي يتزامن مع رؤية السعودية 2030"، وأوضح أن هذا التحول من شأنه أن يعيد رسم خريطة الاستثمار على مستوى المنطقة بأكملها.

أشار الشميمري إلى أن رفع سقف الملكية سيكون عاملاً محورياً لجذب سيولة نوعية وكبيرة، بخاصة من الصناديق العالمية العملاقة، مما يعمق السوق ويحسن من كفاءة التسعير، وبين أن زيادة نسبة المستثمرين الاستراتيجيين الطويلي الأجل سترفع من جودة تركيبة المستثمرين، مما يقلل من تقلبات السوق ويزيد من ارتباط "تداول" بمؤشرات الأسواق العالمية مثل "أم أس سي أي" و"فوتسي راسل".

وأضاف الشميمري أن الأسهم ستكون أكثر جاذبية مقارنة بالعقار أو أدوات الدين بالنسبة إلى المستثمر الباحث عن النمو والعوائد المرتفعة، بخاصة في ظل النمو الاقتصادي المرتفع الذي يشهده الاقتصاد السعودي. 

ولفت إلى أن القطاع البنكي مرشح قوي ليكون في الصدارة من ناحية العوائد، كونه شريان الاقتصاد ومقياس نموه، ويستفيد مباشرة من تمويل المشاريع العملاق وارتفاع أسعار الفائدة وتوزيعاته النقدية المستقرة.

وأكد أن دخول المستثمر الأجنبي بقوة سينعكس إيجاباً وبصورة كبيرة على الحوكمة والشفافية، إذ سيفرض المستثمرون المؤسسيون ضغوطاً مباشرة لتعزيز الإفصاح وتطبيق معايير الاستثمار المستدام (ESG)، وتوقع أن تتركز الاستثمارات الأجنبية في المرحلة الأولى في القطاعات الكبيرة والسيولة العالية كالبنوك والبتروكيماويات، ثم ينتقل الاستثمار نحو التنوع البراغماتي في المديين المتوسط والطويل، ليشمل قطاعات النمو الجديدة مثل الترفيه والتقنية والرعاية الصحية.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة