ملخص
تتميز الغابات الاستوائية الناضجة بقدرتها على احتجاز الكربون، فقد استطاعت امتصاص أكثر من مليار طن من الغازات الحابسة للحرارة من الغلاف الجوي في تسعينيات القرن الماضي وأوائل القرن الـ21، في وقت تشكل الغابات الثانوية الفتية، أي تلك التي تنمو مجدداً بعد إزالتها، نحو 28 في المئة من مساحة الغابات الاستوائية، ويقدر احتجازها المحتمل بنحو 40 في المئة.
تتميز الغابات الاستوائية الناضجة بقدرتها على احتجاز الكربون، فقد استطاعت امتصاص أكثر من مليار طن من الغازات الحابسة للحرارة من الغلاف الجوي في تسعينيات القرن الماضي وأوائل القرن الـ21، في وقت تشكل الغابات الثانوية الفتية، أي تلك التي تنمو مجدداً بعد إزالتها، نحو 28 في المئة من مساحة الغابات الاستوائية، ويقدر احتجازها المحتمل بنحو 40 في المئة، مما يمكن تحقيقه من خلال إنهاء إزالة الغابات ويجعلها حلاً طبيعياً إضافي مهماً للمناخ. وعليه، تقوم أشجار الغابات الاستوائية المطيرة، ككل النباتات الخضراء بامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وإطلاق الأوكسجين أثناء عملية التمثيل الضوئي، كما أنها تجري العملية المعاكسة المعروفة باسم التنفس، ولكن أثناء نمو الغابات تتجاوز عملية التمثيل الضوئي عملية التنفس، ويخزن الكربون الفائض في جذوع الأشجار وجذورها وفي التربة، وهذا ما يسمى "العزل".
التحول لسافانا
من خلال دراسة جديدة نشرت، في الـ25 من سبتمبر (أيلول) في مجلة "نيتشر بلانتس"، أظهرت أن الأشجار، بمختلف أحجامها، في غابات الأمازون المطيرة أصبحت أكثر سمكاً بسبب تغير المناخ، فقد توصل باحثون إلى أن ارتفاع تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أدى إلى خلق بيئة أكثر ثراء بالموارد للنباتات في منطقة الأمازون، مما أدى إلى زيادة متوسط محيط الأشجار عند قاعدتها بنسبة 3.3 في المئة كل عقد منذ سبعينيات القرن الـ20. وهذا ما أشارت إليه دراسات سابقة، إذ ذكرت أن ارتفاع درجات الحرارة ومستويات ثاني أكسيد الكربون يدفع غابات الأمازون المطيرة إلى نقطة تحول يمكن أن تحول النظام البيئي إلى "سافانا" (نوع من المراعي الاستوائية أو شبه الاستوائية التي تتميز بالعشب الكثيف وأشجار متناثرة)، أو إلى مدينة في الأعوام الـ100 المقبلة، ولكن في الوقت نفسه، تستفيد الأشجار إلى أقصى حد من المناخ عن طريق حبس كميات هائلة من الكربون وزيادة حجمها، وفقاً للبحث الجديد.
خطوات الدراسة
ولإجراء هذه الدراسة، جمع الباحثون بيانات من 188 قطعة أرض في غابات الأمازون المطيرة، لقياس ما يعرف بالمساحة القاعدية للأشجار، أو مقدار المساحة التي تشغلها جذوعها على أرضية الغابة، إذ بدأت المراقبة عام 1971 وانتهت عام 2015، ولكن هناك قطع أرض مختلفة رصدت فترات زمنية متفاوتة خلال هذه الفترة، إذ بلغت أطول فترة مراقبة مستمرة 30 عاماً. وصمم الفريق، المكون من نحو 100 عالم متخصص في النباتات الاستوائية، الدراسة مع وضع نتائج محتملة في الاعتبار، وإحدى هذه النتائج المعروفة باسم استجابة "الفائز يحصل على كل شيء"، إذ وصفت سيناريو تستفيد فيه الأشجار الكبيرة فقط من ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون، فوفقاً للدراسة تتمتع الأشجار الكبيرة بوصول أكبر إلى الضوء والمغذيات مقارنة بالأشجار الصغيرة، مما يعني أنها أكثر قدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة.
وفي نتيجة أخرى أطلق عليها اسم "استجابة الاستفادة المحدودة بالكربون"، تصف حالة تستفيد فيها الأشجار الأصغر حجماً بصورة أكبر من ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون، لأن مواردها محدودة للغاية في البداية، بحيث يكون لأية زيادة تأثير أقوى بصورة عامة مقارنة بالأشجار الأكبر حجماً. وقد كتب العلماء في الدراسة أن الجمع بين هذه النتائج، الذي أطلق عليه اسم استجابة "الفوائد المشتركة" كان ممكناً أيضاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الكربون المخزن
ولاحظ الباحثون أنه، بمرور الوقت، قد تصبح الزيادة في المساحة القاعدية أكثر وضوحاً في الأشجار الكبيرة، التي من شأنها أن تهيمن على النظام البيئي على حساب الأشجار الصغيرة. وقد صرحت أدريان إسكيفيل مولبرت المؤلفة الرئيسة المشاركة في الدراسة والأستاذة المشاركة في علم بيئة النباتات الاستوائية بجامعة "كامبريدج"، "أن الأشجار الكبيرة مفيدة للغاية في امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وهذه الدراسة تؤكد ذلك"، وتابعت "على رغم من المخاوف من أن يؤثر تغير المناخ سلباً في أشجار الأمازون ويضعف تأثير امتصاص الكربون، إلا أن تأثير ثاني أكسيد الكربون في تحفيز النمو لا يزال قائماً، وهذا يظهر المرونة الملحوظة لهذه الغابات، في الأقل في الوقت الحالي". بينما قال تيم بيكر وهو مؤلف مشارك في الدراسة وأستاذ علم البيئة الاستوائية والحفاظ عليها في جامعة ليدز بالمملكة المتحدة، "كنا نعلم أن إجمالي كمية الكربون المخزنة في أشجار غابات الأمازون السليمة قد ازدادت، وما تظهره الدراسة الجديدة هو أن كل أحجام الأشجار ازدادت حجماً خلال الفترة نفسها، أي أن الغابة بأكملها قد تغيرت".
أما بياتريس ماريمون، وهي كذلك مؤلفة مشاركة في الدراسة وأستاذة علم البيئة النباتية الاستوائية في جامعة "ماتو غروسو" الحكومية في البرازيل، فقالت "إن هذا التسمين خبر جيد، لأنه يشير إلى أن أشجار الأمازون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي مما كان يعتقد في السابق".
الخبر جيد لكن المخاوف متعددة
وقد حظيت هذه الدراسة بترحيب باعتبارها دليلاً على قدرة الغابات على الصمود في مواجهة تغير المناخ، لكن العلماء حذروا من أن هذه الأشجار الكبيرة تظل عرضة للخطر مع تزايد وتيرة الجفاف والبرق والحرائق، في حين لا يزال إزالة الغابات يشكل تهديداً خطراً، وأكد العلماء أنه في حين أن حماية مناطق الغابات السليمة أمر ضروري لاستقرار المناخ، فإن منطقة الأمازون لا تستطيع بمفردها تعويض الكمية الهائلة من ثاني أكسيد الكربون التي تنتجها السيارات والمصانع ومحطات الطاقة في مختلف أنحاء العالم، وتظل تحت التهديد. لذا قالت ريبيكا بانبري مورغان، الباحثة الرئيسة في الدراسة من جامعة "بريستول"، "إن تسمين الأشجار يعد من نواح عديدة خبر إيجابي، ولكنه يعني أيضاً أن الغابة أصبحت الآن أكثر عرضة لفقدان تلك الأشجار"، وأضافت مورغان "على رغم أننا أظهرنا أن الأشجار في الغابات السليمة لا تزال تتزايد في الحجم، فإن أية فوائد لهذا من حيث امتصاص الكربون يمكن إلغاؤها بسهولة من خلال إزالة الغابات وتأثيرات قطع الأشجار، لذا فإن الحفاظ على هذه الغابات السليمة هو أولوية حقيقية"، وبحسب دراسة منفصلة نشرت العام الماضي في مجلة "نيتشر"، فإن حرائق الغابات وإزالة الغابات والاحتباس الحراري العالمي قد تؤدي إلى تدمير دورة المياه التي تدعم أجزاء من غابات الأمازون المطيرة بصورة دائمة إذا لم يجر اتخاذ أي إجراء في العقود المقبلة، وأشارت الدراسة إلى أن ما بين 10 في المئة إلى 47 في المئة من المناظر الطبيعية معرضة لخطر التحول بعيداً من الغابات المطيرة بحلول عام 2050 إذا لم يجر الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري ومعدلات إزالة الغابات بصورة كبيرة.