ملخص
لم تنكر غالبية الدول التي اعترفت بإسرائيل من تأسيسها في عام 1948 حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولة مستقلة، وفقاً للقرارات الأممية والدولية ذات الصلة، وربطت بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاعتراف بفلسطين كدولة، بالتوصل إلى اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين في شأن "حل الدولتين"، لكن كلا الطرفين لم يعقدا أي مفاوضات سلام منذ توقفها في عام 2014، وما زاد من تعقيد الأمر خلال السنوات الأخيرة هو إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علناً على "إجهاض أي فكرة تنادي بدولة فلسطينية".
فيما تهيمن نبرة الاستنكار والإدانة على المستوى الرسمي الإسرائيلي في مواجهة موجة الاعتراف الدولي الكبيرة بالدولة الفلسطينية، واصفين الخطوة بأنها "مكافأة لحماس على هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وتهديد للدولة العبرية" مع تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "إجهاض أي محاولة لقيامها"، تبدو الصورة مغايرة بالنسبة إلى حلفاء تل أبيب التقليديين في الغرب ممن أقروا تلك الخطوة، مع تأكيدهم أنها "تصب في النهاية في مصلحة إسرائيل وأمنها".
وفي متن اعترافهم بفلسطين، شددت غالبية الدول الغربية التي كثيراً ما كانت حليفة للدولة العبرية كبريطانيا وفرنسا وأستراليا وكندا، على أن هدف الخطوة "إحياء أمل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، وأن تحركهم "جزء من جهد دولي منسق لبناء زخم جديد لحل الدولتين" مما يصب في النهاية في مصلحة إسرائيل وشعبها، حيث نهاية دوامة العنف المستمرة منذ أكثر من سبعة عقود وتباعاتها على الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط.
وأمام الاستقطاب الواسع الذي أحدثته موجة الاعتراف بفلسطين بين المؤيدين والمنتقدين للدولة العبرية وسياستها، يرى البعض أن اكتمال الخطوة ونجاحها في النهاية بإقرار حقوق الشعب الفلسطيني يحمل في طياته اعترافاً ضمنياً بتل أبيب لا سيما على صعيد المنطقة العربية والإسلامية، حيث تواجه إسرائيل ما يشبه العزلة في محيطها رغم إقرار اتفاقات سلام وتطبيع مع بعضهم، مما صعب خطوات التكامل والاندماج وبصورته الأوسع بالنسبة إلى العالم الإسلامي.
وتعترف بإسرائيل نحو 164 دولة من أصل 192 دولة بالأمم المتحدة، فيما لا يعترف بها 28 دولة غالبيتهم في المنطقة العربية والإسلامية، وهي: 15 دولة عضو في الجامعة العربية "السعودية والجزائر وقطر والعراق والكويت وجزر القمر وجيبوتي ولبنان وليبيا وموريتانيا وعمان والصومال وسوريا وتونس واليمن"، و10 أعضاء غير عرب في منظمة التعاون الإسلامي "أفغانستان وبنغلاديش وبروناي وإندونيسيا وإيران وماليزيا ومالديف ومالي والنيجر وباكستان"، فضلاً عن كوبا وكوريا الشمالية وفنزويلا.
ولم تنكر غالبية الدول التي اعترفت بإسرائيل من تأسيسها في عام 1948 حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولة مستقلة، وفقاً للقرارات الأممية والدولية ذات الصلة، وربطت بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاعتراف بفلسطين كدولة، بالتوصل إلى اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين في شأن "حل الدولتين"، لكن كلا الطرفين لم يعقدا أي مفاوضات سلام منذ توقفها في عام 2014، وما زاد من تعقيد الأمر خلال السنوات الأخيرة هو إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علناً على "إجهاض أي فكرة تنادي بدولة فلسطينية".
تحوله لواقع يخدم إسرائيل
في توصيف كثير من المراقبين، فإن الاعتراف بفلسطين يحمل في طياته ضماناً لأمن واستقرار إسرائيل وإقرار وجودها في محيطها العربي والإسلامي، لا سيما مع تأكيده على ربط تأسيس الدولة الفلسطينية الوليدة بتطبيع كامل للعلاقات بين تل أبيب والدول العربية والإسلامية، التي كثيراً ما عانت عزلة بينها.
ويشرح نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عماد جاد، كيف يخدم الاعتراف الدولي بفلسطين وعمل المجتمع الدولي على حل الدولتين المصالح الإسرائيلية، قائلاً في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "بالنسبة إلى فلسطين فالاعترافات مهمة جداً، لا سيما عندما تعترف دولة مثل بريطانيا صاحبة وعد بلفور (1917) وصاحبة الانتداب على فلسطين ودول أخرى كثيراً ما كانت ولا تزال حليفة تقليدية لإسرائيل"، معتبراً موجة الاعترافات الدولية الراهنة بفلسطين "غير المسبوقة منذ قرار التقسيم عام 1947".
ويوضح جاد، "قد تتمسك إسرائيل في الوقت الراهن بإنكار تبعات الخطوة الإيجابية لا سيما في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة على رأسها، لكن في الوقع، في حال تحول الاعتراف بفلسطين إلى واقع ملموس وحقيقة على الأرض، حيث وجود دولة منزوعة السلاح بعد مفاوضات سلام جادة، واعتراف الدولة العبرية بها، حينها ستستفيد تل أبيب بتطبيع كامل العلاقات مع غالبية الدول التي لم تعترف بها، وتدخل في تعاون حقيقي ينعكس على وضعها وشعبها في آن واحد على المديين المتوسط والطويل".
في عام 2002، ربطت الدول العربية من خلال إطلاقها لمبادرة سلام مع إسرائيل، اعترافها بالدولة العبرية وتطبيع كامل العلاقات معها بإنشاء دولة فلسطينية، باعتباره المسار الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار لجميع دول المنطقة، ويمكن الفلسطينيين والإسرائيليين من العيش في سلام جنباً إلى جنب و"يوفر للأجيال القادمة مستقبلاً آمناً يسوده الرخاء والاستقرار"، وهو ما رفضته تل أبيب.
ورأى جاد أنه "رغم كون الاعترافات المتتالية بالدولة الفلسطينية مهمة، لكن الاعتراف في حد ذاته قد يظل حبراً على ورق في حال عدم المضي قدماً نحو استكماله"، موضحاً "لا بد من أجل أن يجني الجميع ثماره وحتى الإسرائيليون أن يتحول الأمر إلى واقع ملموس، بمعنى أن نبدأ فوراً في مفاوضات حل الدولتين"، مشيراً في الوقت ذاته، إلى أن التحرك الراهن للمرة الأولى في التاريخ يتمسك بخيار حل الدولتين على اعتباره المسار الوحيد لإنهاء حلقة الصراع المفرغة، إذ لم يكن بهذه القوة في جولات مدريد التفاوضية أو اتفاق أوسلو في تسعينيات القرن الماضي، على حد وصفه.
وبحسب جاد يبقى السؤال "هل حسابات نتنياهو ستساعد على المضي قدماً في هذا المسار"، ثم يضيف، "القادرون على كسر مثل هذه الحواجز هم منظمة التحرير الفلسطينية والدول العربية، حيث العمل على تمكين منظمة التحرير من إدارة الأراضي الفلسطينية وتصدر المشهد وانسحاب الفصائل الأخرى مثل حماس وغيرها، مما قد يغير الحسابات في الداخل الإسرائيلي ويطيح في النهاية بحكومة اليمين المتطرفة لتأتي بعدها حكومة معتدلة تقود مسار السلام والتطبيع في المنطقة".
ويتابع جاد "هذا بالنسبة إلى رؤية الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة نتنياهو، كل هذه الخطوات لا تصب في صالحها، لا سيما أمام إصرارها على تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وفرض السيطرة على الضفة الغربية بمنطق القوة، مما يزيد من تعقيد الأمور بالنسبة إلى شكل ومستقبل الصراع".
وعن مدى تقبل المجتمع الإسرائيلي لوجود دولة فلسطينية إلى جانبه لا سيما بعد أحداث السابع من أكتوبر، أوضح جاد، "فكرة أن المجتمع الإسرائيلي مهيأ لمثل هذا الأمر أم لا، علينا أن ننظر في التاريخ، لا سيما حين أعلن الرئيس المصري الراحل أنور السادات زيارة القدس بعد حرب أكتوبر 1973، كانت الترجيحات في الداخل الإسرائيلي حينها أن الطائرة التي تقله تحمل قوات كوماندوس بهدف تنفيذ عمليات في إسرائيل ولم تقتنع القيادة الإسرائيلية وقتها أن السادات سيأتي إليهم، لكن حدث العكس، وسار البلدان في طريق السلام حتى توقيعها عام 1979، وفي أعقابها نشأت حركات سلام في الداخل الإسرائيلي أبرزها حركة السلام الآن التي كانت قوية وفاعلة المجتمع الإسرائيل"، مشيراً إلى أن "المجتمعات متغيرة ومرنة وليست جامدة حين يتعلق الأمر بضمان الأمن والاستقرار على المدى الطويل، وعليه حين تقر دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتنشأ علاقات طبيعية بين تل أبيب والدول العربية ستتغير الأوضاع".
في اتجاه مماثل، يقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، خالد شنيكات، إن "الدول الغربية التي أقدمت على الاعتراف بفلسطين أخيراً تقدم نظرة موضوعية لفهمها الخاص للمصلحة الإسرائيلية، ففي قناعتها التي تولدت في الفترة الأخيرة، ترى أنه من المستحيل تجاهل حقوق ومصير شعب بالملايين في فلسطين التاريخية سواء في الضفة وغزة، وأن إنكار وجوده والقفز للأمام فوق ذلك بالنسبة إلى الإسرائيليين لن ينهي دوامة العنف والصراع في المنطقة، وأن الحل الوحيد يكمن في إقرار حقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة".
ويتابع شنيكات في حديثه معنا، "لو تمعنا في التجربة الإسرائيلية سواء منذ بدايتها الرسمية مع إعلان الدولة في عام 1948 مروراً بحروبها المتعددة المتكررة في المنطقة، نجد أن الدولة العبرية لم تصل إلى تحقيق نصر ساحق يضمن حسم الصراع نهائياً واستقرارها ووجودها اعتماداً على قوتها العسكرية، مما أدخلنا في دوامات عنف وحروب متكررة"، مضيفاً "بالنظر إلى هذا الأمر تكمن المصلحة الإسرائيلية في اندماجها بالمنطقة ومحيطها وألا تبقى معزولة وخائفة، وأن هذا الاندماج الحقيقي لن يتحقق إلا عبر حل القضية الفلسطينية بإقامة دولتين تعيشان في سلام واستقرار جنباً إلى جنب وليس القفز على حقوق الفلسطينيين".
ويذكر شنيكات "رغم اتفاقات السلام التي توصلت إليها سواء مصر أو الأردن مع إسرائيل، واتفاقات التطبيع كذلك أو ما تسمى اتفاقات أبراهام التي وقعتها دول عربية مع الدولة العبرية في عام 2020، إلا أن جميعها لم تغير من واقع الصراع في المنطقة، ومن ثم استمر العنف والقتال وهو ما نشهد أحد فصوله الآن في قطاع غزة". مضيفاً "تولدت قناعة في الداخل الغربي الآن، الذي كثيراً ما كان معاقل تقليدية للرواية الإسرائيلية وداعماً مطلقاً لها، في أن مصلحة إسرائيل الاستراتيجية أن توقف حروبها في المنطقة وتنتظم في عملية سلام دائمة، معتبرين أن سياسة إسرائيل الراهنة لا تشكل خطراً فقط عليها وإنما على اليهود في العالم".
ويتابع شنيكات، "في ضوء العزلة المتزايدة لإسرائيل في العالم وتململ الشعوب من سياساتها، يحاول قادة الغرب توجيهها إلى الطريق الصحيح عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مما من شأنه أن ينهي حلقة الصراع المستمر في المنطقة منذ أكثر من سبعة عقود".
وعن مدى تقبل المجتمع الإسرائيلي لهذا الطرح، يقول شنيكات إنه "بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي واضح باستطلاعات الرأي وكل شيء أنه لا يقبل بدولة فلسطينية سواء يمين أو وسط أو ما تبقى من تيار اليسار، إذ يرى معظمهم أن الدولة الفلسطينية تشكل خطراً على الأمن القومي لبلادهم لذا لا بد من إجهاض هذه الفكرة"، مضيفاً، "لا يوجد في أجندة الساسة الإسرائيليين من يتحدث عن الدولة الفلسطينية، لكن إذا تحول الأمر لإظهار الميزات التي قد تجنيها الدولة العبرية من اتفاقات التطبيع والسلام مع جيرانها بصورة حقيقية حيث إقامة علاقات سياسية واقتصادية وأمنية، قد تتغير الأمور".
يعقد المشهد أكثر مما يحلحله
وأمام تلك الرؤية، يرى آخرون ممن تحدثوا لـ"اندبندنت عربية"، في الخطوات الغربية تأثيرات سلبية ليس فقط على إسرائيل وإنما الفلسطينيون أنفسهم.
ويقول المحلل السياسي لشؤون الشرق الأوسط في صحيفة "نيوزويك" ومجلة "فورين بوليسي" الأميركية جوزيف إبستين، إنه "من غير المرجح أن يجلب قرار الدول الغربية بالاعتراف بدولة فلسطينية أي مزايا للدولة العبرية أو أن يغير الوضع على الأرض بصورة عامة"، موضحاً في حديثه معنا، "إذا كان يعول البعض أن يفتح الاعتراف الغربي بالدولة الفلسطينية مزيداً من التطبيع العربي والإسلامي فإن ذلك لن يحدث على المدى القريب، بل على العكس بات الاعتراف بإسرائيل من قبل الدول التي لم تطبع علاقاتها معها مربوط بأمرين: إما إنشاء دولة فلسطينية أو اتخاذ خطوات حقيقية نحو إنشائها، أو إذا كانت مصالح الدولة المعنية تتوافق مع الاعتراف. وطالما لا توجد قيادة فلسطينية ترغب في السلام وقادرة على الحكم الفعال، فمن غير المرجح أن يحدث الخيار الأول".
ويضيف إبستن، "حالياً، بالنسبة إلى دول كانت تنوي الاعتراف بإسرائيل في السنوات الأخيرة، تتوافق المصالح من الناحية النظرية، لكن رد الفعل العنيف على التطبيع قبل نهاية الحرب في غزة في الأقل أصبح ثمناً باهظاً للغاية بالنسبة إليها". رأى إبستين أن موجة الاعتراف الدولي بفلسطين قد "تزيد من عزل إسرائيل عالمياً ويضر بصورتها من دون أن يحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع، لكن في الوقت ذاته هناك احتمالاً كبيراً أن هذا الاعتراف سيضر الفلسطينيين أكثر مما سيساعدهم، لأنه سيؤدي إلى إطالة أمد الحرب (إذ إنه سيؤدي إلى تشديد موقف حماس كما تفعل دائماً عندما تتعرض إسرائيل لضغوط دولية) ودفع إسرائيل إلى اتخاذ خطوات كرد فعل مثل الإعلان عن مزيد من المستوطنات أو حتى ضم الضفة الغربية".
ويتابع "على رغم ذلك، لن أتفاجأ إذا أصدر نتنياهو، بعد عودته من الجمعية العامة للأمم المتحدة، إعلاناً كبيراً عن الضم أو ما شابه ذلك. لكننا سنرى ما سيحدث. أعتقد أن هناك كثيراً من القوى المتصارعة خلف الأبواب المغلقة، ومن الصعب التنبؤ بمن سيكون الفائز".
ويتفق حديث إبستن مع عدد من الكتابات والتحليلات الغربية، إذ كتبت صحيفة "اندبندنت" البريطانية في افتتاحيتها، إن اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين بالتنسيق مع كندا وأستراليا وسط تصاعد الحرب في غزة وغياب أي تقدم نحو حل الدولتين، بعدما كانت بريطانيا قد لوحت بهذه الخطوة في يوليو (تموز) الماضي، مشترطة وقف إطلاق النار من جانب إسرائيل والعودة إلى مفاوضات السلام "لكن إسرائيل لم تكتف برفض هذه الشروط، بل صعدت من عملياتها العسكرية، بما في ذلك محاولة اغتيال قادة من حركة حماس في قطر".
وتقول "اندبندنت"، إنه وعلى رغم أن الاعتراف جاء بالتنسيق مع دول أخرى، فإن "الولايات المتحدة لم تظهر اهتماماً كبيراً بهذا التحول"، مما يضعف تأثيره الدولي ويجعله أقرب إلى موقف رمزي، مضيفة أن "الاعتراف لا يغير شيئاً على الأرض. فلا توجد حدود واضحة ولا عاصمة ولا حكومة موحدة للفلسطينيين". مشيرة إلى أنه رغم اللغة القوية التي تستخدمها بريطانيا تجاه ما يحدث في غزة، لم تستطع التأثير في سياسة إسرائيل. ويبدو أن الاعتراف بدولة فلسطين، على رغم أهميته الرمزية، لن يسرع من قيام دولة فلسطين أو يغير الواقع السياسي الراهن". واعتبرت أنه "لا توجد دولة فلسطينية يمكن الاعتراف بها، لا من الناحية القانونية ولا من الناحية العملية".
ووصف رومان لوبوف، المتخصص في مجال القانون الدولي في جامعة "إكس مارسيه" جنوب فرنسا، الاعتراف بدولة فلسطين بأنه "إحدى أكثر المسائل تعقيداً" في القانون الدولي. وقال لوكالة "الصحافة الفرنسية"، إن الدول حرة في اختيار توقيت وشكل الاعتراف، مع وجود اختلافات كبيرة صريحة كانت أو ضمنية.
وبحسب لوبوف، لا يوجد مكتب لتسجيل الاعترافات. وأوضح "تدرج السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية كل ما تعده اعترافاً في قائمتها الخاصة، لكن من وجهة نظر ذاتية بحتة. وبالمثل، ستعلن دول أخرى اعترافها أو عدمه من دون الحاجة إلى تبرير قرارها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن هناك نقطة واحدة يكون فيها القانون الدولي واضحاً تماماً في هذا الشأن وهو أن "الاعتراف لا يعني أن الدولة أنشئت، مثلما أن عدم الاعتراف لا يمنع الدولة من أن تكون موجودة".
وعلى رغم أن الاعتراف يحمل ثقلاً رمزياً وسياسياً إلى حد كبير، فإن ثلاثة أرباع الدول تقول "إن فلسطين لديها كل المتطلبات اللازمة لكي تكون دولة".
ومنذ أعلن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات من الجزائر إقامة الدولة الفلسطينية في عام 1988. وحتى الآن، يعترف نحو 80 في المئة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، حيث اعترفت 153 دولة في الأقل من أصل 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة بها.
وإلى جانب موجة الاعترافات الأخيرة من قبل دول غربية مثل بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال وفرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وأندورا وموناكو، وتضم قائمة المعترفين بالدولة الفلسطينية روسيا والدول العربية وكل دول أفريقيا وأميركا اللاتينية تقريباً، والغالبية العظمى من الدول الآسيوية، بما فيها الهند والصين.
لا تعترف بفلسطين 39 دولة في الأقل بما فيها إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاء لهما، وترفض حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فكرة قيام دولة فلسطينية رفضاً قاطعاً، وفي عام 2024 صوت الكنيست الإسرائيلي على قرار ضد قيامها. وأما في آسيا، فإن اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة من بين الدول التي لا تعترف بفلسطين، وكذلك الكاميرون في أفريقيا وبنما في أميركا اللاتينية، ومعظم بلدان أوقيانوسيا.
أما أوروبا فهي القارة الأكثر انقساماً في شأن هذه القضية، بنسبة تقارب 50-50 في شأن إقامة دولة فلسطينية. وحتى منتصف العقد الثاني من القرن الـ21، كانت البلدان التي تعترف فقط بدولة فلسطين، إلى جانب تركيا، هي دول الكتلة السوفياتية السابقة. ولكن الآن، لا تعترف بعض دول الكتلة الشرقية السابقة، مثل المجر والتشيك بدولة فلسطينية على المستوى الثنائي.
وحتى الآن كانت دول غرب أوروبا وشمالها متحدة في عدم الاعتراف، باستثناء السويد التي أعلنت اعترافها عام 2014. لكن الحرب على غزة قلبت الأمور رأساً على عقب، حيث سارت النرويج وإسبانيا وإيرلندا وسلوفينيا على خطى السويد واعترفت بدولة فلسطين عام 2024.