ملخص
في مواجهة مشحونة بين أرسنال ومانشستر سيتي، كسر غابرييل مارتينيلي خطة بيب غوارديولا الدفاعية الصارمة، ليمنح فريقه تعادلاً مثيراً. المباراة سلطت الضوء على صراع تكتيكي غير مألوف، إذ ظهر السيتي كفريق دفاعي أمام صلابة أرتيتا، في مشهد يعكس تحولاً لافتاً في هوية غوارديولا.
إذا كانت المحاكاة أصدق أشكال الإطراء، فينبغي لميكيل أرتيتا الشعور بدفء وهج الرجل الذي كثيراً ما جرت مجاملته وتقليده من كثيرين. تظل علاقة بيب غوارديولا بمساعده السابق مثيرة للاهتمام، فقد وصفه هذا الأسبوع بـ"صديقي ميكيل أرتيتا"، وكما يعلم المتمرسون في لغة غوارديولا، فإن أي شخص يوصف بهذه الكلمات لا يكون في العادة صديقاً حقيقياً له.
غوارديولا يواجه أرتيتا بأسلوب غير معتاد
لكن هذا كان غوارديولا، المدرب الذي غير وجه كرة القدم، يهدد بأن يتفوق على أرتيتا بأسلوب أرتيتا نفسه. تلميذ يوهان كرويف الأشهر كاد أن يحاكي ليس معلمه، بل تلميذه، لكنه لم ينجح تماماً. دخل غوارديولا الوقت بدل الضائع على مشارف تنفيذ أعظم خطة دفاعية في مسيرته، غير أن غابرييل مارتينيلي حرم مانشستر سيتي من انتصار بعيد من أسلوب بيب، وأمن لأرسنال تعادلاً غريباً من نوعه.
على امتداد غالبية فترات المباراة التي انتهت بالتعادل (1 - 1)، كان المشهد هجوماً ضد دفاع. وتجرد فريق غوارديولا من هويته المعتادة ليتحول إلى الدفاع، فقد قال هذا الأسبوع إن أرسنال هو الفريق الأكثر صلابة في الدوري. وعلى مدار 91 دقيقة، قدم سيتي ما يثبت أحقيته بهذا اللقب. حتى اللحظة التي ربما تذكروا فيها أنهم معتادون أكثر على الدفاع بخط متقدم لا داخل منطقة جزائهم، فاندفعوا إلى الأمام لمرة واحدة، نجح خلالها مارتينيلي في كسر مصيدة التسلل وواصل تحوله إلى البديل الخارق الجديد لأرسنال.
وتلك هي صعوبة الخطط الدفاعية، إذ لا بد أن تكون بلا أخطاء. وقد كان مانشستر سيتي شبه كذلك، إذ تقدم طوال 84 دقيقة وأضاع فرصة التساوي مع أرسنال في جدول الترتيب.
أرقام قياسية غير مألوفة لمانشستر سيتي
قد ينظر إلى النتيجة على أنها نقطة ثمينة لسيتي، فنادراً ما ذهبوا إلى ملعب "الإمارات" في السنوات الأخيرة بوصفهم الطرف الأضعف. لكنهم لعبوا كذلك، كطرف أضعف. وقال غوارديولا "عندما نضطر إلى الدفاع، فهذا يعني أن الخصم أفضل". وقد دافعوا كثيراً بالفعل، أما أرقام الاستحواذ فجاءت استثنائية، لكن ليس بالمعنى المعتاد. فقد استحوذ سيتي على الكرة بنسبة 32.8 في المئة فقط، وهي الأقل لأي فريق تحت قيادة غوارديولا على الإطلاق. واكتفى الأخير بمزحة قائلاً "لا أستطيع أن أعيش في هذا البلد من دون رقم قياسي جديد، أنا فخور جداً بذلك".
دوناروما والجدار الدفاعي الأزرق أمام أرسنال
كانت الأرقام غير مألوفة، إذ لمس أرسنال الكرة داخل منطقة جزاء الخصم 39 مرة في مقابل ثمان مرات فقط لمانشستر سيتي. في العادة تكون التحديات في مباريات سيتي هي عد التمريرات بين لاعبيه، أما هنا فكانت المهمة هي إحصاء عمليات الإبعاد الدفاعي.
لقد أبعد رودري الكرة 11 مرة، ويوشكو غفارديول تسع مرات، والبديل ماتيوس نونيز خمس مرات، بينما نفذ الفريق بأكمله 60 إبعاداً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لقد كان الوضع أشبه بالاتكاء على الحائط، بل إن وصف الحائط ربما يكون تعريفاً عادلاً لجيانلويجي دوناروما. فقد سبق للحارس الإيطالي أن أحبط أرسنال في دوري أبطال أوروبا، وهدد بتكرار ذلك في الدوري الإنجليزي الممتاز. ثم، وهو على أعتاب ثالث مباراة متتالية بشباك نظيفة بقميص سيتي، جاء مارتينيلي ليصبح أول لاعب يسجل في مرماه.
كان ذلك قاسياً، فسيتي عادة ما يخرج بانتصارات معنوية حين يرهق الخصوم بالتمريرات، وحين لا تعكس النتيجة سيطرته على المباراة. لكن هذه المرة، كان الفريق هو الطرف المسيطر عليه في بعض الجوانب، والمتحدي في جوانب أخرى. إذ إن أرسنال لم يحظ بفرص محققة كثيرة، بل لم يسدد أية كرة خلال أول نصف ساعة، فقط لأن سيتي دافع بإحكام شديد.
هل اقتبس غوارديولا من أفكار مورينيو؟
بدت خطة غوارديولا مستندة إلى بعض من أفكار أرتيتا، فقد أشرك ظهيرين ضخمين لا يلعبان كأظهرة تقليدية، ونجحا في ذلك. وقدم عبدالقادر خوسانوف تدخلاً استعاد فيه الكرة من لياندرو تروسارد بأسلوب يذكر تماماً بكايل ووكر، أما نيكو أوريلي فتفوق على نوني مادويكي.
ربما يكون غوارديولا قد استحضر داخله روح مورينيو، إذ لعب فريقه بلا كرة، وتلقى إنذاراً بسبب إضاعة الوقت، وأثار أعصاب خصومه في بعض المشاحنات غير الضرورية. وربما كان الرجل كثير الإقالات في لشبونة يومئ برأسه موافقاً، إذ استغرق الأمر 17 عاماً لكي يتبنى غوارديولا أخيراً وجهة نظره أن في الدفاع أيضاً جمال.
أو ربما استوحى أسلوبه من بعض المدربين الأدنى مرتبة، فعندما دخل ناثان آكي بديلاً لفيل فودين، لجأ غوارديولا إلى ثلاثة قلوب دفاع، في خطة بدت وكأنها مقتبسة من نونو إسبيريتو سانتو. ثم مع دخول جون ستونز أصبح لدى غوارديولا أربعة قلوب دفاع، وإن كان أحدهم يشغل مركز الظهير الأيسر. وباحتساب مشاركة خوسانوف في الشوط الأول، فقد شارك خمسة مدافعين مركزيين (قلوب دفاع) في المباراة، لقد كان غوارديولا يستنسخ أسلوب توني بوليس تماماً.
وعندما امتلأت منطقة جزاء سيتي، دخل فريق الكرات الثابتة إلى "أرض العمالقة"، وكان أكبرهم دوناروما. فمع رباعي دفاع ضخم، إضافة إلى رودري وإيرلينغ هالاند، ضم التشكيل الأساسي لسيتي سبعة لاعبين بقدرات جسدية هائلة. جرب أن تتفوق عليهم في الكرات الهوائية، يا ويليام ساليبا وغابرييل ماغالهايس. فقد نفذ أرسنال 11 ركنية بلا جدوى، وقال غوارديولا "لقد دافعنا في الركلات الركنية بصورة رائعة".
نهج دفاعي فرضته ظروف المباراة وأسلوب أرسنال
وقد منحه ذلك شعوراً بالفخر، وكذلك الروح ولغة الجسد، التي مثلت جميعها تحسناً واضحاً مقارنة بالموسم الماضي. ومع ذلك، كان هذا النهج مفروضاً عليه من أرسنال، ومن الإرهاق بعد أسبوع شاق. فهذا ليس الأسلوب الذي يرغب غوارديولا في اعتماده كل أسبوع. فهل استمتع بكل ضربة رأس، بكل إبعاد؟ قال، "أنا أعاني، أريد أن تكون الكرة أقرب إلى دافيد رايا منها إلى جيجي دوناروما".
وهذا في الواقع ليس أسلوب مورينيو أو نونو أو بوليس، وربما ليس أسلوب أرتيتا أيضاً، على رغم أن هذه المباراة قدمت انعكاساً لمواجهة الموسم الماضي التي انتهت بالتعادل (2 - 2) في الاتحاد، حين سعى أرسنال إلى التشبث بالنتيجة. وقد علق أرتيتا قائلاً "لعبنا 54 دقيقة بـ10 لاعبين (الموسم الماضي)"، في إشارة منه إلى أن غوارديولا كان أكثر دفاعية هذه المرة، لكن في الحقيقة لم يكن ذلك باختياره.
© The Independent