Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية تصحيح لخطأ تاريخي

جاء من دولة مهدت لإقامة إسرائيل بإصدارها "وعد بلفور" قبل أكثر من 100 عام

ملخص

يرى باحثون في الشؤون الإسرائيلية أن اعترافات بريطانيا وكندا وأستراليا تضع رئيس الوزراء الإسرائيلي في ورطة سياسية داخلية، وتكرس عزلته الدولية في ظل خلافه مع واشنطن حول ضم الضفة الغربية لإسرائيل.

جاء طعم اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطين بنكهة خاصة للفلسطينيين مع أنه تزامن مع خطوة مماثلة اتخذتها كل من كندا وأستراليا، ذلك أن الاعتراف البريطاني جاء من دولة مهدت بإصدارها "وعد بلفور" قبل أكثر من 100 عام، وصك انتدابها على فلسطين لإقامة إسرائيل.

وكان لافتاً إشارة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في رسالة الاعتراف التي أرسلها للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى نص في "وعد بلفور" حول "عدم جواز فعل أي شيء من شأنه المساس بالحقوق المدنية والدينية لغير اليهود الموجودين".

ووفق ستارمر فإن قرار بلاده "التاريخي يدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير على دولة مستقلة، والتزام المملكة المتحدة بدولة فلسطينية للشعب الفلسطيني وبالدعم المستمر لحل الدولتين"، وأبلغ رئيس الوزراء البريطاني الرئيس الفلسطيني "تطلعه إلى إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين بلاده وفلسطين، حيث سيتولى وزيرا خارجية البلدين المضي قدماً في عملية إقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة".

إجراءات قانونية ودبلوماسية لرفع مكانة الفلسطينيين

وكشف رئيس البعثة الفلسطينية في المملكة المتحدة حسام زملط لـ "اندبندنت عربية" أن بريطانيا ستتخذ خلال الأيام المقبلة إجراءات قانونية ودبلوماسية لرفع مكانة الفلسطينيين من مستوى بعثة إلى سفارة"، وبحسب زملط فإن "الخطوة البريطانية تشكل "بداية لتصحيح خطأ تاريخي ارتكبته لندن قبل أكثر من 100 عام"، مضيفاً أن "ذلك يعني بدء بريطانيا بالعمل على فرض إقامة دولة فلسطين على الأرض عبر ممارسة الضغوط على إسرائيل القائمة بالاحتلال".

وأوضح زملط أن الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين "له أهمية مضاعفة، لأنه جاء من الدولة التي مهدت لإقامة إسرائيل عام 1948"، مشيراً إلى أن الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين، "يجب أن يتبعه اعترافها بارتكاب إسرائيل الإبادة الجماعية للفلسطينيين في قطاع غزة، والتطهير العرقي للفلسطينيين في الضفة الغربية "، ولذلك فإن وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر أشار إلى أن اعتراف بلاده بدولة فلسطين "يمثل لحظة تاريخية وبداية مسار عمل طويل ومشترك، وهو خطوة أولى وليس النهاية".

شروط أستراليا لإقامة علاقات دبلوماسية

وعلى خلاف إعلان بريطانيا عزمها إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع دولة فلسطين بعد اعترافها بها، فإن أستراليا اشترطت لإقامة تلك العلاقات تنفيذ السلطة الفلسطينية الإصلاحات التي تعهد الرئيس عباس القيام بها، وبحسب رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي فإن بلاده ستنظر "في اتخاذ خطوات إضافية تشمل إقامة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات، مع إحراز السلطة الفلسطينية تقدماً في التزاماتها بالإصلاح"، موضحاً أن الرئيس عباس أكد اعترافه بحق إسرائيل في الوجود ومنع وجود دور لـ "حماس" في الحكم، وإجراء انتخابات ديمقراطية وتنفيذ إصلاحات كبيرة في مجالات التمويل والحكم والتعليم.

نتنياهو يواجه ضغوطاً شديدة من "اليمين المتطرف"

ومع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توعد عقب اعتراف الدول الثلاث بمنع إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن، لكنه ترك تحديد الرد على ذلك لما بعد عودته من زيارته إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويواجه نتنياهو ضغوطاً شديدة من وزراء حكومته من "اليمين المتطرف" المطالبين بضرورة "ضم الضفة الغربية كلها رداً على الاعترافات بالدولة الفلسطينية، وسحق السلطة الفلسطينية"، وفق وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، إلا أن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد هاجم نتنياهو وحمّله مسؤولية تلك الاعترافات، قائلاً إن "حكومة نتنياهو جلبت لنا أسوأ كارثة أمنية في تاريخنا وهي هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول 2023، وستجلب لنا الآن أخطر أزمة سياسية".

رئيس الوزراء الإسرائيلي في ورطة سياسية داخلية

ويرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية أمير مخول أن اعترافات بريطانيا وكندا وأستراليا تضع رئيس الوزراء الإسرائيلي في ورطة سياسية داخلية، وتكرس عزلته الدولية في ظل خلافه مع حول ضم الضفة الغربية لإسرائيل"، وبحسب مخول فإن "حلفاء إسرائيل التقليديين مثل كندا وأستراليا وبريطانيا وفرنسا أصبحوا اليوم يشكلون جبهة ضدها لفرض إقامة دولة فلسطينية، ومنعها من الاستمرار في نهجها المعارض لمنح الفلسطينيين حقوقهم بتقرير مصيرهم".

وأوضح مخول أن تلك الدول "تشكل مع الدول العربية مثل السعودية والإمارات ومصر والأردن وقطر جبهة مشتركة تضغط على إدارة الرئيس الأميركي كي لا يمنح الضوء الأخضر لنتنياهو لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية"، موضحاً أن ترمب "يعتبر الاتفاقات الإبراهيمية خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه في ظل تحذير أبوظبي لتل أبيب من تداعيات الضم على روح تلك الاتفاقات".

وبحسب مخول فإن نتنياهو "قد يقرر اتخاذ قرار بضم رمزي لبعض المناطق في الضفة الغربية، وهو ما يرفضه اليمين الذي يريد ضماً واسعاً لكامل الضفة".

اعتراف بريطانيا وفرنسا خطوة مهمة

أما الباحث السياسي جهاد حرب فيرى أن اعتراف بريطانيا وفرنسا "خطوة مهمة للغاية، لأنهما يشكلان بوابتين رئيستين للعالم الغربي من أجل استكمال الاعترافات بدولة فلسطين"، مضيفاً أن الاعترافات "تشير إلى رغبة دول العالم بالوصول إلى حل الدولتين وحمايته، في ظل سعي تل أبيب إلى منع إقامة دولة فلسطينية".

وأشاد الرئيس الفلسطيني باعتراف الدول الثلاث ووصفه بأنه "يشكل خطوة مهمة وضرورية على طريق تحقيق السلام العادل والدائم، وفق قرارات الشرعية الدولية".

وأشار الرئيس عباس إلى أن تلك "الاعترافات بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ونيل حريته وتجسيد استقلاله ستفتح المجال أمام تنفيذ حل الدولتين، لتعيش دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل بأمن وسلام وحسن جوار".

وجدد الرئيس الفلسطيني تصميمه تنفيذ برنامج الإصلاح الوطني والالتزامات والتعهدات التي قدمتها دولة فلسطين في رسالة وجهت لرئاسة مؤتمر حل الدولتين، والتي تشمل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال عام 2026 بعد إنهاء الحرب، وصياغة دستور فلسطيني موقت خلال ثلاثة أشهر يجري بموجبه تعديل قانون الانتخابات ليتلاءم مع الالتزامات الدولية والمكانة الجديدة لدولة فلسطين، ومبدأ دولة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد".

وتتضمن تلك الالتزامات، بحسب الرئيس عباس، "العمل على تولي دولة فلسطين مسؤوليتها الكاملة في قطاع غزة، وتأكيد ألا دور لحركة 'حماس' وعليها تسليم سلاحها للسلطة، لأننا لا نريد دولة مسلحة".

المزيد من تقارير