ملخص
من المحتمل أن تعمل إدارة ترمب على إعادة تمركز استراتيجي للقوات في الولايات المتحدة القارية وعبر المحيط الهادئ، مع مزيد من التمويل والاهتمام بالقيادة الشمالية الأميركية، وتوسيع نطاق مهمتها من القطب الشمالي إلى ما وراء الحدود الجنوبية، مع التركيز على مكافحة عصابات المخدرات، إذ ستلعب التكنولوجيا دوراً رئيساً، وتصبح طائرات الدرون المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والدفاعات الصاروخية، وأجهزة الاستشعار المتقدمة، العمود الفقري لدفاع معزز في نصف الكرة الغربي.
في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترمب تحولت استراتيجيته للأمن القومي للتركيز على تهديدات الصين وروسيا، بعد عقدين من التركيز على مكافحة الإرهاب، لكن على رغم غياب استراتيجية واضحة حتى الآن للأمن القومي الأميركي، يعتقد بعضهم أن مسودة استراتيجية دفاع وطني جديدة لـ"البنتاغون"، ستضع الأمن الداخلي، والدفاع عن الأميركيتين، على رأس أولويات وزارة الدفاع التي غير ترمب اسمها إلى وزارة الحرب. فما أسباب هذا التحول في أولويات إدارة ترمب؟ وهل يؤثر ذلك في دور الولايات المتحدة حول العالم؟
تحول استراتيجي جديد
بحسب ما صرح به المدير الأول لشؤون الأمن السيبراني في مجلس الأمن القومي الأميركي أليكسي بولازيل، يعمل مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض على وضع استراتيجيات جديدة للأمن القومي والدفاع والأمن السيبراني في إطار سعي إدارة ترمب إلى وضع خرائط طريق للسياسات التي يجب على الوزارات والوكالات الحكومية أن تنتهجها، لكن على رغم عدم تقديم المسؤولين الأميركيين إيضاحات محددة حول طبيعة التغير الذي يمكن أن يطرأ على استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة خلال الولاية الثانية للرئيس ترمب، أشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن مسودة استراتيجية دفاع وطني جديدة لـ"البنتاغون"، تضع الأمن الداخلي، والدفاع عن نصف الكرة الغربي، على رأس أولويات وزارة الحرب (الدفاع سابقاً).
ويعني هذا تغيراً ملاحظاً في سياسة الأمن القومي الأميركي عن تلك التي اتبعتها الولايات المتحدة خلال الولاية الأولى للرئيس ترمب، إذ حولت استراتيجيته للأمن القومي تركيز البلاد، بخاصة وزارة الدفاع، نحو التهديدات المتزايدة من الصين وروسيا، بعد عقدين من التركيز الدؤوب على مكافحة الإرهاب.
كان هذا التحول آنذاك بمثابة تغير هائل، وتحول بطيء للمؤسسة الدفاعية الأميركية الضخمة بعيداً من التحديات التي برزت عقب هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول) على نيويورك وواشنطن، إلى سياسة أخرى تركزت بدلاً من ذلك على التنافس الاقتصادي والعسكري والتكنولوجي والدبلوماسي مع بكين، وعلى عدوانية موسكو المتزايدة تجاه أوكرانيا وأوروبا.
المؤثرون الثلاثة
داخل إدارة ترمب الثانية، تتصارع ثلاث مدارس فكرية متنافسة لرسم استراتيجية الأمن القومي الأميركية خلال الأعوام المقبلة، بعدما مر ما يقرب من أربع سنوات منذ إصدار آخر مراجعة أميركية للوضع العالمي في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021 من أجل مواءمة الاستراتيجية الأميركية مع التهديدات المستحدثة بناء على الحقائق الجيوسياسية، إذ تدفع المدرسة الأولى، المستمدة من مؤسسة السياسة الخارجية الجمهورية التقليدية، برؤية متشددة وقوية لدور أميركا العالمي، لكن هذا الفريق أصغر حجماً مما كانت عليه في الإدارات السابقة، ومع ذلك لا يزال يتمتع بنفوذ لدى الرئيس ترمب، كما اتضح من خلال الضربات الأميركية الأخيرة ضد البرنامج النووي الإيراني.
أما الفريق الثاني وهو على الأرجح الأكبر عدداً، فيتألف من الانعزاليين، الذين يطالبون بالانسحاب من الالتزامات الخارجية الأميركية، وخفض الإنفاق الدفاعي، وإعادة القوات الأميركية للوطن، وغالباً ما يؤطر هؤلاء أمن الحدود باعتباره التحدي المركزي للأمن القومي.
في الوقت نفسه، يحاول فريق ثالث من أصحاب الأولوية إبقاء تركيز الولايات المتحدة على التهديد الذي يمثله صعود الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ باعتباره التهديد الأبرز الذي يواجه أميركا، ويجادل هؤلاء بضرورة تركيز كل الأدوات والموارد على هذا التحدي، حتى لو كان ذلك يعني تقليص مسؤوليات ومصالح الولايات المتحدة في أوروبا والشرق الأوسط.
المحدد النهائي
وعلى رغم أن الانعزاليين يبدو أنهم يحددون الإيقاع في ولاية ترمب الثانية على رغم استمرار تأثير أصحاب الأولوية في مواجهة الصين، نظراً إلى وجود عدد أكبر من مؤيديهم في وزارة الحرب (المعروفة سابقاً باسم وزارة الدفاع)، ويسهمون في صياغة مراجعة الموقف واستراتيجيته، إلا أن الرئيس ترمب لا يزال يلعب دوراً محورياً فريداً في صنع قرارات الأمن القومي، ولهذا سيكون من الأفضل لقادة وزارة الحرب إصدار استراتيجية أمن قومي توجه "البنتاغون" إلى كيفية تحقيق رؤية الرئيس، وتقدم للكونغرس لمحة عامة عن الموارد اللازمة لتحقيقها، وتشير إلى الحلفاء والخصوم بالتزام الإدارة بالخطة، لكن كما هي الحال مع كل الاستراتيجيات، فإن التنفيذ هو الأهم، كما يرى مستشار مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون أمن منطقة المحيطين الهندي والهادئ كريس ستيب.
وخلال الأشهر الثمانية الأولى من ولايته الثانية، أمر الرئيس ترمب بشن ضربات أميركية ضد مواقع نووية في إيران، وأجرى محادثات مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سعياً إلى إنهاء حرب موسكو في أوكرانيا، وفرض رسوماً جمركية باهظة على بكين وعشرات الدول الأخرى، وأرسل آلاف الجنود الأميركيين إلى الحدود المكسيكية، ونشر قوات الحرس الوطني لدعم إنفاذ القانون المحلي، وأطلق حملة لخفض التكاليف في مختلف أنحاء الحكومة الأميركية، مما يجعل من السهل الاستنتاج أن هذه الخطوات إلى جانب التصريحات العلنية للرئيس ومسؤولين آخرين قد حددت بالفعل أولويات الإدارة في مجال الأمن القومي، بحسب ما تشير كبيرة الباحثين في برنامج الدفاع والأمن عبر الأطلسي في مركز تحليل السياسات الأوروبية والمساعدة السابقة الخاصة لوزير الدفاع لورين سبيرانزا .
تعزيز القوة في الداخل
خلال الأشهر الأولى من ولاية ترمب الثانية، كان هناك افتراض ضمني بأن أولويات إدارة ترمب الثانية لن تختلف كثيراً عن استراتيجية ولايته الأولى، لكن اتضح أن هذا الاعتقاد كان خاطئاً، ووفقاً للسفير الأميركي السابق لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والباحث في مركز "بيلفر" للعلوم والشؤون الدولية بجامعة "هارفارد" إيفو دالدر، فإن استخدام ترمب القوة مختلف عما كان عليه في ولايته الأولى، لأنه يرى أن التهديد الذي يواجه الوطن من الداخل أكبر من التهديد الذي تشكله الصين، وهو يحب إطلاق النار على أهداف لا تستطيع الرد.
لوحظ ذلك عبر قراره نشر قوات الحرس الوطني في لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا لمواجهة المهاجرين غير الشرعيين عقب اندلاع اضطرابات هناك على رغم رفض حاكم الولاية ذلك، ثم في نشر القوات نفسها في العاصمة واشنطن بدعوى مكافحة الجريمة على رغم البيانات التي أشارت إلى أن الجريمة تراجعت بالفعل خلال العامين الماضيين، وأخيراً استعداده لنشر الحرس الوطني في مدينة ممفيس بولاية تينيسي ومدينة شيكاغو بولاية ألينوي ومدن أخرى أيضاً، وهو ما يعكس تحولاً عن نهجه في استخدام القوة العسكرية، عما كانت عليه الحال خلال ولايته الأولى، عندما استاء ترمب من تقييده في نشر القوات نفسها.
عزز ترمب أيضاً من صراعه مع خصومه في الداخل وبخاصة عقب مقتل الناشط اليميني المتشدد تشارلي كيرك، إذ صنف "أنتيفا" كمنظمة إرهابية محلية، على رغم أنها مصطلح بدأ كاختصار لمناهضي الفاشية، لكنه تطور ليصف سياسات أقصى اليسار، التي غالباً ما تتجاوز الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي، وهي لامركزية لدرجة يصعب معها معرفة كيفية تحديد الحكومة لأعضائها، كما أنه يتجه لاستخدام صلاحيات التحقيق التي تتمتع بها وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالات أخرى لتوريط منظمات غير حكومية وجماعات سياسية لدعمها من يسميهم "راديكاليين يساريين"، واستغلال النتائج لتصنيف بعضهم كإرهابيين محليين.
الاستبداد التنافسي
وبينما قد يظن بعضهم أن الصراعات السياسية الداخلية منفصلة عن استراتيجية الأمن القومي الأميركية، فإن خبراء السياسة الخارجية يستخدمون في العلاقات الدولية وصف "الاستبداد التنافسي" للمساعدة في تفسير أولويات ترمب للأمن القومي في ولايته الثانية، ويجادلون بأن أميركا تنتقل من الديمقراطية الليبرالية إلى الاستبداد التنافسي، وهو نموذج حكومي مستخدم في المجر وتركيا، لتعزيز تصورات الحزب الحاكم في تحقيق استقرار داخلي يساعد في التنافس ضد الخصوم في الخارج.
وتزعم مقالة في صحيفة "نيويورك تايمز" أن الاستبداد التنافسي ينطوي على التخلي عن مبدأ الضوابط والتوازنات الديمقراطية، ومهاجمة وسائل الإعلام والمنظمات الأهلية وشركات المحاماة والمؤسسات الأكاديمية مثلما يفعل ترمب، مما يهدد سلامة المؤسسات الديمقراطية الأميركية ويعيد تشكيل أولويات الأمن القومي بحيث تخدم أجندة المحافظين والانعزاليين.
وعلى رغم هذه التغييرات الجوهرية في سياسات ترمب، إلا أنها لا تشكل مفاجأة، إذ أوصت بها مؤسسة "هيريتدج" في مشروع 2025 ضمن مخطط سياسي شامل من المحافظين، لتوجيه الإدارة الجمهورية في مجالات رئيسة كالسلطة التنفيذية والهجرة والتعليم والحوكمة الفيدرالية، وهو ما تطبقه إدارة ترمب بنشاط من خلال أوامر تنفيذية، بالتعاون مع السلطة التشريعية.
إهمال القوة الناعمة
أظهرت إدارة الرئيس الأميركي نقصاً حاداً في الاهتمام بالقوة الناعمة، من خلال سحب تمويل وكالات الأمن القومي الحيوية، مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية ووزارة شؤون المحاربين القدامى ووكالة حماية البيئة ووكالة الاستخبارات المركزية والوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، مما يعد تحولاً جذرياً مقارنة بولاية ترمب الأولى.
وأثرت هذه التخفيضات الكبيرة بصورة كبيرة في عدد من البرامج الإنسانية حول العالم، في مجالات الصحة العالمية والقطاع الزراعي وحقوق الإنسان والأمن الغذائي وتطوير البنية التحتية والأمن الوظيفي، وغيرها الكثير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أولوية الأميركيتين
ويرى تشيس هاريسون، الباحث في الشؤون الدفاعية، أن السياسة الأمنية المتعلقة بأميركا اللاتينية والأميركيتين بصورة عامة تحتل مكانة بارزة في أجندة إدارة ترمب الثانية، وهو ما يعكسه تعزيز أعداد القوات الأميركية على الحدود مع المكسيك وزيادة الوجود العسكري في جنوب البحر الكاريبي، وتركيز ترمب على هزيمة عصابات المخدرات وغيرها من الجماعات الإجرامية، وهو ما تجسد في إصداره أمراً للجيش الأميركي بمهاجمة زورقين صغيرين في المياه الدولية قرب فنزويلا، وقتل من كانوا على متنهما كنوع من التحذير لتجار المخدرات.
وأعاد البيت الأبيض أيضاً بناء الجدار الحدودي الجنوبي بين الولايات المتحدة والمكسيك، وزاد من أنشطة احتجاز الرهائن، وأدرج مزيداً من المنظمات في أميركا اللاتينية ضمن قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وتبنى الترحيل الجماعي، وعالج قضية عبور الحدود.
في الوقت نفسه، أعرب ترمب عن اهتمامه بالسياسات التوسعية التي تشمل مناطق متعددة، بما في ذلك كندا وقناة بنما وغرينلاند وقطاع غزة، التي تتعارض مع الأعراف الدولية المنبثقة عن ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، إذ يفترض أن تمتنع كل الدول الأعضاء في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة أراضي أية دولة أو استقلالها السياسي، أو بأية طريقة أخرى تتعارض مع مقاصد الأمم المتحدة، ومع ذلك راودت ترمب فكرة استخدام القوة أو الإكراه السياسي للاستيلاء على غرينلاند وجعل كندا الولاية رقم 51 للولايات المتحدة.
من المحتمل أن تعمل إدارة ترمب على إعادة تمركز استراتيجي للقوات في الولايات المتحدة القارية وعبر المحيط الهادئ، مع مزيد من التمويل والاهتمام بالقيادة الشمالية الأميركية، وتوسيع نطاق مهمتها من القطب الشمالي إلى ما وراء الحدود الجنوبية، مع التركيز على مكافحة عصابات المخدرات، إذ ستلعب التكنولوجيا دوراً رئيساً، وتصبح طائرات الدرون المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والدفاعات الصاروخية، وأجهزة الاستشعار المتقدمة، العمود الفقري لدفاع معزز في نصف الكرة الغربي.
مواجهة الصين
على رغم التوقعات التي رافقت عودة الرئيس الأميركي للبيت الأبيض بأنه سيشن حملة أميركية مكثفة لعزل الصين اقتصادياً وتكنولوجياً عبر التعريفات الجمركية وضوابط التصدير والضغوط المالية، مما قد يؤدي إلى قطع سلاسل التوريد في قطاعات حيوية مثل أشباه الموصلات والأدوية والمعادن الأرضية النادرة، إلا أن الصين كانت نداً عنيداً حتى الآن ولم تقدم تنازلات واضحة، مما دفع الإدارة الأميركية إلى التفاوض مع بكين حول خفض التعريفات من الطرفين، مما يعكس صلابة الموقف الصيني.
كما أدت سياسات ترمب بفرض عقوبات على الهند بسبب استيرادها النفط من روسيا إلى احتضان الرئيس الصيني للرئيس الروسي ورئيس وزراء الهند في قمة عقدت بالصين أخيراً، مما يعني أن جهود واشنطن في مواجهة صعود الصين باءت بالفشل حتى الآن، وهو ما قد يدفع إدارة ترمب إلى البحث عن طرق بديلة لمواجهة الصين، خصوصاً بعدما أبدت واشنطن ليونة واضحة لحل أزمة "تيك توك" بالتعاون مع بكين.
الشرق الأوسط
على رغم الضربة الأميركية الناجحة للمنشآت النووية الإيرانية في الصيف الماضي، إلا أن حسم الملف النووي لا يزال يراوح مكانه، مما يستدعي ربما إبقاء القوات الأميركية بحجمها الحالي في منطقة الشرق الأوسط، بدلاً من تقليصها وفقاً للمخططات الاستراتيجية السابقة التي يدفع بها أصحاب أولوية المواجهة مع الصين.
ومع استمرار التوترات في الشرق الأوسط بسبب استمرار الحرب في غزة ودعم ترمب المطلق لإسرائيل وتخليه عن حل الدولتين، قد يسعى إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي عبر ضمان بقاء السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة في المعسكر الأميركي، لكن قد يتعين عليه لجم انتهاكات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المزعزعة للاستقرار.
ويرى لوك كوفي كبير الباحثين بمعهد "هدسون" أن نقل القوات الأميركية من أوروبا أو الشرق الأوسط إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ سيكون أكثر كلفة ومعقداً من الناحية اللوجستية، كما لا يتماشى مع استمرار حرب أوكرانيا وحاجة دول "الناتو"، بخاصة بولندا، إلى مزيد من الحضور العسكري الأميركي، كما لا تزال منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن من نواح عديدة، منها أن مستقبل سوريا لا يزال غامضاً، والعراق لا يزال هشاً، والإرهاب العابر للحدود لم يختف، والحوثيون يواصلون زعزعة استقرار المنطقة، كما لا يزال الشرق الأوسط حيوياً للاقتصاد العالمي، فالطاقة من المنطقة تدعم شركاء الولايات المتحدة في آسيا، وتمر عبر مياهه بعض من أكثر الممرات البحرية ازدحاماً في العالم، ومع قلة القوات المنتشرة حالياً، فإن الانسحاب يمثل أخطاراً أكبر بكثير مما يوفره.
أوروبا أيضاً بالغة الأهمية ولا يمكن تجاهلها، فهي لا تزال أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة وأكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر في الولايات المتحدة، ويعتمد ازدهار الاقتصاد عبر الأطلسي جزئياً على استقرار القارة الأوروبية، وهو استقرار مدعوم بوجود عسكري أميركي موثوق، ولهذا فإن أي إهمال من شأنه أن يقوض ليس فقط أوروبا، بل أيضاً المصالح الاقتصادية الأميركية.