ملخص
ثمة معركة من وجهة نظر مختلفة. في سرد قصة الأم المتسلطة التي تشك في المرأة من الطبقة الدنيا التي يبدأ ابنها في مواعدتها، يستخدم المسلسل وجهة نظر مزدوجة: واحدة من وجهة نظر الأم لورا (روبن رايت)، والأخرى من وجهة نظر الصديقة شيري (أوليفيا كوك).
كيف ستتصرف حين تعلم أن الفتاة التي تحبها وتريد الزواج منها، لها ماضٍ عنيف ودموي. ماذا ستفعل الأم حين تعرف أن حبيبة ابنها الوحيد، حاولت قتل والدها، وقضت على كل من تنمروا عليها وهي صغيرة؟
يبدأ الخوف والقلق والترقب من اللحظة الأولى لمسلسل "الحبيبة" The Girlfriend التي تبثه منصة أمازون برايم، للمخرجين روبن رايت وأندريا هاركين، وهو مأخوذ عن رواية للروائية الأميركية ميشيل فرانسيس بالعنوان ذاته، بطولة روبن رايت وأوليفيا كوك ولوري ديفيدسون.
يصوّر العمل الممتد على حلقات ست، موضوعات الحب والجشع والسلطة ويصور رد فعل الأم لورا (روبن رايت) على صديقة ابنها دانيال (لوري ديفيدسون) الجديدة شيري (أوليفيا كوك) ودوافعها المتطورة.
وتكمن عقدة المسلسل، في هذه العلاقة المعقدة بين لورا وشيري ودانيال، إلا أنه قائم على الأسرار والتلاعب. لا توجد شخصية صادقة حقاً، وجميعهم يخفون شيئاً ما لمصلحتهم الخاصة.
واللافت طريقة الإخراج المتبعة والتي تشتت المشاهد أحياناً. ثمة معركة من وجهة نظر مختلفة. في سرد قصة الأم المتسلطة التي تشك في المرأة من الطبقة الدنيا التي يبدأ ابنها في مواعدتها، يستخدم المسلسل وجهة نظر مزدوجة: واحدة من وجهة نظر الأم لورا، والأخرى من وجهة نظر الصديقة شيري.
ومن خلال القيام بذلك، يؤكد المسلسل النفسي المثير شيئاً واحداً مؤكداً، أنه لا يمكن تصديق وجهة نظر أي شخص بنسبة 100 في المئة. ولكن في حين أن العديد من الحلقات الأخرى من المسلسل استخدمت بطاقات العنوان لتقسيم السرد إلى وجهتي نظر، فإن الخاتمة تختار سرد القصة بشكل مباشر وتسمح للجمهور بتحديد أي من الشخصيتين هي الأقرب إلى الحقيقة.
القصة
يحضر دانيال ابن لورا شيري إلى المنزل لمقابلة والديه، تشك لورا على الفور في دوافع شيري. فمن ناحية، هم عائلة ثرية- تنحدر شيري من بدايات أكثر تواضعاً- ودانيال الآن طبيب، مما يوفر الاستقرار لـ شيري. كما ترى لورا أيضاً أن العديد من تفاعلات شيري مع عائلتها تتسم بالجنسية المفرطة، مما يدفع لورا إلى الرد. ولكن أكثر من أي شيء آخر، لا تزال لورا تعاني من وفاة ابنتها الصغيرة روز، الأمر الذي أجبرها على تشديد قبضتها حول دانيال، على رغم أنه رجل ناضج.
تتجلى حاجة لورا إلى السيطرة في رغبتها في التفريق بين دانيال وشيري، بل إنها تصل إلى حد الكذب على شيري بشأن مصير دانيال بعد حادث تسلق جبل شديد. ولكن عندما يكتشف الابن أن والدته تدخلت في حياته بإخبار صديقته أنه مات، فإن ذلك يشكل خطوة بعيدة جداً بالنسبة له ويدق فعلياً إسفيناً لا رجعة فيه في علاقتهما. فهو لا يبدأ في مواعدة "شيري" مرة أخرى فحسب، بل يتقدم لخطبتها في النهاية ولا يدعو "لورا" إلى الاحتفالات.
هذا لا يعني أن شيري بريئة تماماً. فهي لديها نزعة انتقامية، وقد رأينا ذلك عندما خربت حفل زفاف صديقها السابق في بداية المسلسل. لكنها بارعة في إخفاء هذا الجزء من نفسها عن دانيال ووالده هوارد. لورا هي الوحيدة التي تلاحظ وجود شيء ما غريب، وإصرارها على فضح شيري هو ما أدى في النهاية إلى سقوطها في نهاية المسلسل.
التفاوت الطبقي
يستخدم المسلسل مناقشات حول التفاوت الطبقي والثروة كوسيلة للتحايل على أي نقد ثقافي أو اجتماعي دقيق. فتعليق العمل على فاحشي الثراء والطريقة التي يمارسون بها سلطتهم هو تعليق سطحي في أحسن الأحوال.
يطرح المسلسل موضوعات عن الحب، السلطة، والطبقية، لكنه يكتفي في معظم الأحيان بالجانب التشويقي السطحي، من دون تعمق في البعد الاجتماعي أو النفسي. في مقارنته بأعمال مشابهة مثل The White Lotus أو You، يبدو "الحبيبة" أقل جرأة من حيث النقد الاجتماعي، وأكثر ميلاً إلى استعراض الصراع على أنه لعبة مرايا بين شخصيتين متناقضتين.
ومع أن هذا ينجح في شدّ المشاهد، فإنه يتركه في النهاية أمام سؤال: ما الذي يريد العمل قوله حقاً؟ والجزء الأكثر إثارة للاهتمام، الطريقة التي يغير بها المسلسل الأحداث بشكل كبير عند التبديل بين وجهتي نظر لورا وشيري. من خلال عيون كل امرأة، تحدث الأحداث بشكل مختلف، مما يجعل الجمهور يتساءل باستمرار عما هو حقيقي، وما هو متخيل، وما هي النسخة الواقعية الأقرب إلى الحقيقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واحدة من أكبر المشكلات في مسلسلات الإثارة اليوم عندما يكون الجميع أشراراً ويُعاقبون بعضهم البعض، يصبح من الصعب بشكل متزايد اكتشاف ما تحاول القصة قوله بالفعل. ومع ذلك، بحلول نهاية الموسم الأول من المسلسل، يبدو أن الخلاصة هي أن السرد ليس له وجهة نظر على الإطلاق. يتم إسقاط محاولات إجراء المزيد من الاستجوابات لمصلحة المشهدية كلما كان ذلك ممكناً.
من أصعب التحديات في أعمال الإثارة النفسية أن تحافظ على التوازن بين الغموض والتفسير، بين الإبهام والتشويق. "الحبيبة" يسير على هذا الخط لكنه يتعثر في أكثر من موضع. وعلى رغم ذلك، يبقى عملاً مشوقاً بفضل أداء رايت وكوك، وبفضل الإخراج الذي يمنح كل حلقة نكهة متوترة.
المسلسل يترك نهايته مفتوحة، وكأنه يراهن على موسم جديد، لكن القصة كما قُدمت حتى الآن ربما لا تحمل ما يكفي من العمق لتبرير العودة إليها، إلا إذا أراد الصناع إعادة صياغة خطوطها لتجاوز الطابع الاستهلاكي الذي يطغى على الموسم الأول.
أداء الممثلين
تؤدي روبن رايت شخصية الأم لورا بكثافة واضحة، فهي تجمع بين الهشاشة الداخلية والسلطوية القاسية، ما يمنح الشخصية بعداً إنسانياً على رغم أخطائها. فيما تنجح أوليفيا كوك في المزج بين البراءة والتهديد، ما يجعل شخصية شيري مقلقة وغير قابلة للتصنيف بسهولة.
أما لوري ديفيدسون، فشخصية دانيال لديه تبقى الأقل بروزاً، إذ يظهر أحياناً كحلقة وصل أكثر من كونه عنصراً مؤثراً بذاته، وهو ما يضعف قليلاً من التوازن الدرامي.
من الناحية البصرية، يوظّف المسلسل الإضاءة الداكنة وزوايا الكاميرا المتقاربة لتعزيز الجو النفسي الخانق، وكأن المشاهد متلصص على تفاصيل العائلة. وتعكس الألوان التفاوت الطبقي بوضوح: البذخ في منزل العائلة مقابل الخلفيات البسيطة لشيري. أما الموسيقى التصويرية، فتأتي منسجمة مع الحالة الشعورية للشخصيات، لتضيف طبقة من التوتر إلى كل مواجهة. واللافت أيضاً أن روبن رايت لا تؤدي دور البطولة فحسب، بل تعمل أيضاً كمنتج منفذ وأخرجت الحلقات الثلاث الأولى.