عفوية أم إثارة؟ نجوم خارج السيطرة بالتصريحات والإيحاءات

بين العفوية والعصبية وتصفية الحسابات وتعمد إثارة الجدل تخرج تصرفات النجوم أحياناً عن السيطرة، وتجنح بعيداً من المألوف في مواقف ومحافل ومهرجانات ومناسبات مهمة وعامة، ويتعرض البعض الآخر لمواقف لا إرادية تربكه، أو تضعه في خانة الاتهام أحياناً، والإحراج أحياناً أخرى.

كم من النجوم أثاروا الجدل، وتصاعدت ضدهم الاتهامات بسبب مواقف استعرضوها أمام الجمهور، فتحولت إلى رأي عام ومادة دسمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والأخبار الفنية. آخرها كانت الفنانة روبي أحدث المنضمين إلى قافلة المشاهير الخارجين عن المألوف في حفلها الأخير بتصريح وصفه بعض المتابعين بـ"الجريء" على رغم ازدواجية ما يعنيه، إذ قالت الفنانة المصرية عن أغنيتها "3 ساعات متواصلة" التي يبدأ مطلعها "تعالى نفصل فصلة، 3 ساعات متواصلة"، إنه لا يوجد ما يسمى فصلة 3 ساعات، وتابعت ضاحكة "آخرنا نص ساعة أنا كنت ست أوفر".

وعلى رغم أن حديث روبي غير مباشر، ويخص الأغنية، فإن بعضهم فسره بصورة أخرى. واصفين إياه بأنه إيحاء غير مقبول ويخدش الحياء، وبناءً عليه تصاعدت ضدها حملات هجوم متوالية طالبت بالتحقيق معها بتهمة الخروج عن الآداب العامة.

مواقف شاهدة

وجاءت دينا الشربيني لتحتل المرتبة الثانية من العاصفة الهجومية، بسبب صعودها على المسرح لتغني مقطعاً مع روبي لأغنية بعنوان "قلبي بلاستيك"، وتردد أن المقصود بها توجيه عبارات كيدية لأحد النجوم الذين ربطت الإشاعات بينه وبين دينا. وعلى رغم تأكيد الشربيني أيضاً أنها لا ترتبط بأي شخص والأغنية شاركت فيها بصورة عفوية فإنها لم تسلم من حملات الهجوم المتواصل، وتصدرت حديث مواقع التواصل الاجتماعي.

أما الفنان محمد رمضان فانفعل في إحدى حفلاته الأخيرة غاضباً عندما أفسدت الأجهزة الموسيقية الصوت وعطلت غناءه، وقال لمهندس الصوت المسؤول موبخاً "إنت غبي وما يحدث مؤامرة لإفساد الحفل وقطع الصوت وده جو (وهذا) بلدي جداً". وتصاعدت ردود الفعل عقب موقف رمضان وخروجه عن اللياقة، إذ هاجمه الناس لإهانته الشخص المسؤول عن الصوت بصورة غير إنسانية، ولا تحمل أية مشاعر احترام، على رغم وضوح أسباب انفعاله بسبب تخريب الحفل.

يتعرض بعض النجوم لمواقف من الجمهور كانت خارجة عن السيطرة (مواقع التواصل)​​​​​​​

وتصدر أحمد الفيشاوي مرات عدة مشاهد الخروج عن المسموح بتصريحات خرجت منه بعفوية في بعض المناسبات العامة، مثل افتتاح مهرجان الجونة السينمائي في أحد الأعوام، إذ قال لفظاً خادشاً على الهواء تسبب في أزمة كبيرة. وظهر الفنان محمود العسيلي في إحدى الحفلات يخاطب واحداً من معجبيه طلب التقاط صورة شخصية معه قائلاً "حضرتك معاك واسطة أو حاجة أو جامد جداً مثلاً"، وفي حفل آخر دفع بمعجب بعيداً منه بصورة عنيفة وغير متوقعة عندما صعد ليلتقط صورة معه متهماً الشاب بأنه صعد ليضربه.

ولا تزال صفعة ويل سميث على وجه زميله كريس روك في حفل "أوسكار" 2022 من أغرب تصرفات النجوم ومثالاً حياً على الخروج عن السيطرة. وكما هو معروف صفع سميث الأخير بعدما لم يتمكن من السيطرة على غضبه إثر العبارة الساخرة التي أطلقها كريس والمتعلقة بزوجة سميث التي كانت مريضة وسخر كريس من صلعها. ولم يعذر أحد سميث حتى الآن على رغم اعتذاره المتكرر، واتهمه الجميع بالتعصب والهمجية، ولا يزال يعاني آثار خروجه عن المألوف بطريقة غير لائقة بأهم حدث فني في العالم.

وعلى رغم تعرض النجوم لمواقف محرجة واتهامات وهجوم بسبب أفعال صدرت مباشرة منهم نتيجة أسباب مختلفة لكن هناك نجوماً آخرين كانوا ضحايا مواقف لا إرادية حرجة، لكنها تسببت في موجات من الجدل بمختلف الاتجاهات والأهواء، فبعض الجمهور هاجم النجوم وبعض آخر تعاطف معهم في تلك المواقف الخارجة عن السيطرة التي تعرضوا لها.

لم يسلم راغب علامة من المشكلات بعد حفله الشهير في الساحل الشمالي، الذي صعدت خلاله سيدات عدة وانهلن عليه بالقبلات، ليحال على التحقيق بنقابة الموسيقيين المصريين، ويتعرض لهجوم كبير بتهمة عدم احترام التقاليد، وسماحه للسيدات بالملامسة.

وتصدر تامر حسني مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من مرة بسبب اقتحام المعجبات المسرح وهو يغني، ومحاولة احتضانه أمام الجمهور بصورة أحدثت ارتباكاً كبيراً له. وتباينت ردود الفعل حول الموقف حيث اتهمه البعض بمحاولة لفت الانتباه بتلك الطريقة في بعض الأحيان بالاتفاق مع المعجبات. ورأى آخرون أن هناك ضعفاً كبيراً في تأمين المسارح التي يغنى عليها المطربون بدليل صعود الفتيات أو الشباب للمطربين ومباغتتهم بطرق تكون مزعجة في معظم الوقت.

نجمات في مرمى الرجال

وتعرضت بعض النجمات لمواقف من الجمهور كانت خارجة عن السيطرة، لكنها محملة بعاطفة كبيرة، وتصدرت هيفاء وهبي القائمة عندما صعد أحد المعجبين في حفل لها وركع على ركبته طالباً يدها للزواج، ولم تستطع التصرف حتى سيطر رجال الأمن على الرجل، وأنهوا الموقف الغريب.

وفي مهرجان جرش بأحد الأعوام شهد حفل الفنانة نجوى كرم موقفاً خطراً، إذ تسلق شاب معجب بها أحد أعمدة المسرح في المدينة الأثرية، وهدد بإلقاء نفسه، مطالباً بالصعود إلى خشبة المسرح لمقابلتها، وحلاً للأزمة سمحت له نجوى بالصعود، وحاولت تهدئة الموقف، واحتواء الشاب، ومزحت معه بجملتها الشهيرة "يخرب بيتك". وفي حفل آخر تسبب معجب في غضبها وخروجها عن لياقتها عندما ألقى المال عليها في أثناء الغناء، فأوقفت الحفل ووبخته بقولها إن المال لا يشتريها، وما فعله عيب كبير.

وغضبت إليسا في حفل لها عندما صعد معجب للمسرح وقرر أن يحتضنها وزاد في الأمر لدرجة لا تحتمل. كما غضب عمرو دياب أكثر من مرة في حفلاته المتكررة، ومن مواقفه الشهيرة التي خرج فيها عن التحكم عندما حاول الجمهور قذفه بالورد كنوع من التحية، لكن مع زيادة إلقاء الورد تعرض للإصابة في عينه، وغضب بشدة، وقال لأحد المعجبين الذين رشقوه بالورد "إنت حد مسلطك عليا"، وأوقف دياب الحفل احتجاجاً على ما تعرض له. وهذا الموقف كان قبل غضبه وصفعه للمعجب الذي جذبه بقوه لالتقاط صورة معه في الواقعة الشهيرة التي حدثت أخيراً.

وتعرضت أم كلثوم لمحاولة مشابهة من معجب في حفلها بباريس في مسرح الأولمبياد، وأثناء غنائها الأطلال صعد شاب على المسرح وحاول تقبيل قدمها فاختل توازنها وسقطت، وتدخل أعضاء فرقتها وحاولوا مساعدتها. وعام 1969 أحيت أم كلثوم حفلاً في ليبيا بمدينة بنغازي، وكانت تشدو بأغنية "بعيد عنك"، وظهر شخص هاجمها بكلمات غير مفهومة بطريقة حادة بدت كأنها سب، فغضبت بشدة وصاحت غاضبة "اخرس يا قليل الأدب".

هل يفتقد النجوم الثبات الانفعالي؟

خروج النجوم عن المألوف بتصريحات أو تصرفات قد تكون انفعالية أو مثيرة للجدل ظاهرة متكررة وتخضع لأسباب كثيرة تحدثت عنها استشارية الطب النفسي داليا مكرم بقولها إن بعض النجوم يتعرضون مثل أي شخص لما يسمى "عدم ثبات انفعالي" تحت ظروف الضغط أو المفاجأة أو الإحراج، ومن الطبيعي أن تتباين ردود الفعل بين العصبية والكلام غير الموزون في بعض الأوقات، لكن الوسائط المتعددة في نقل التصريح أو الموقف تشعل الأمور وتعطيها أكثر من حجمها، كما أن هواة عمل الترند أو تصدر مواقع التواصل الاجتماعي يحاولون استخدام أية جملة للفنان لإثارة الجدل.

وضربت مكرم مثالاً على تصريحات روبي الأخيرة التي أثارت ضجة عن أغنيتها "3 ساعات متواصلة" وكشفت عن أن كلام المطربة لا يعني حتماً إيحاءات خارجة، ويحتمل أكثر من معنى في إطار المزاح، وليس الجدية، لكن البعض يحاول توريط المشاهير في أية جملة تسبب إثارة وبلبلة.

تتباين ردود فعل المشاهير بين العصبية والكلام غير الموزون في بعض الأوقات تجاه الجمهور (مواقع التواصل)​​​​​​​

وترى استشارية الطب النفسي، في حديثها إلى "اندبندنت عربية"، أن مشاعر النجوم وتصريحاتهم وخروجهم عن الأمور التقليدية في المواقف العامة مثل الحفلات "أمور طبيعية، فهم ليسوا محاطين ومحصنين بأسوار من التحكم النفسي طوال الوقت". وعلى رغم وجود تدريبات لكثير منهم على الثبات الانفعالي والضبط النفسي لكن قد يخرجون في بعض الوقت نتيجة مؤثر نفسي وعاطفي قوي، وهذا خارج عن السيطرة والذكاء والحسابات والتدريب المسبق حسب قوة المؤثر والموقف.

أما فنياً فيقول الناقد أحمد سعد إن بعض النجوم يحترفون الإدلاء بتصريحات في المحافل العامة لإحداث جدل وتصدر الحديث، وفي الغالب معظمهم يتعمدون ذلك "ليأخذوا لقطة" مميزة ومؤثرة، وهذا لا يجري إلا بحديث أو تصرف صادم، وخارج عن المألوف على المسرح أو في حفل ضخم.

أما التصرفات العفوية مثل الرد على الجمهور، أو التورط في مزاح يثير أزمة أحياناً، فهذا يحدث دائماً، وغالباً غير مقصود، ويكون نتيجة موقف طارئ وغير مرتب، وهنا لا يمكن أن نلوم الفنان فهو إنسان في النهاية وليس آلة، وطبيعي أن ينطق ببعض الألفاظ أو ينفعل بطريقة غير لائقة أحياناً، فلا يوجد نجم مبرمج طوال الوقت على التحدث والتصرف بطريقة تتجنب الخطأ .

وعن تعرض المشاهير لمعجبين أو مواقف طارئة من أشخاص أثناء غنائهم أو وجودهم قال سعد "الأمر طبيعي، ويحدث منذ بداية الفن وكم من النجوم المشهورين بالثبات الانفعالي، فوجئوا بتصرفات من الجمهور وضعتهم في خانة حرجة في بعض الوقت، واضطروا إلى الرد المباشر بطريقة خرجت عن اللياقة أحياناً، وحتى أم كلثوم نفسها تعرضت لذلك، وفي بعض الوقت تكون المواقف طريفة مثل تعبير المعجبين عن حبهم، لكن تأخذ الأمور منحنى خطراً إذا زاد الأمر على حده واضطر الفنان إلى المقاومة إذا عرضه المعجب للمضايقات".