ملخص
حظر الهواتف الذكية في المدارس ليس حلاً فعالاً لحماية الأطفال، إذ لا يمنع التنمر أو المحتوى الضار، ولا يحسن الصحة أو الأداء الدراسي، والحل الأجدى هو تعليم الوعي الرقمي وغرس التفكير النقدي ومشاركة الأهل والمعلمين في توجيه استخدام الأطفال للتكنولوجيا.
التخلص من الهواتف الذكية في المدارس يبدو حلاً بديهياً لمشكلات الأطفال مع الإنترنت، فالرفض القاطع لوجود الهواتف أثناء الحصص الدراسية وحتى في ساحات اللعب، مع توفير حقائب حافظة للتلاميذ لقفل هواتفهم، جزء من مخطط حكومي لحظر الهواتف خلال كامل الدوام المدرسي، ولكن ما هي المشكلات التي نحاول إيجاد حل لها تحديداً؟
ما استخلصته من الأبحاث والكتب والدراسات العلمية هو أن حظر الهواتف في المدارس ليس الحل الأمثل لضمان طفولة رقمية أكثر سعادة وصحة، فالأمر أكبر من ذلك بكثير، وأكثر ما يقلقني ونحن نواجه موجة ذعر من التكنولوجيا عندما ترتبط بمرحلة الطفولة، هو أنه ليس هناك مجال للحلول الوسطى في هذا النقاش المُلح والمثير للخوف حول الهواتف الذكية، ولا وقت لنقاش معمق أو بحث حاسم في العلم المعقد والمتناقض لتجربة الأطفال الرقمية المتنامية.
إذا كان منع الأطفال من مشاهدة محتوى ضار على الإنترنت هو الهدف من حظر الهواتف في المدارس، فإن خبراء الصحة النفسية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة يخبرونني بأن الحظر لن يحقق ذلك على الأرجح، إذ إن كثيراً من الأطفال سيظلون يشاهدون (أو يُعرَض لهم) محتوى مُريع على الإنترنت، وأخشى أن هذا أمر واقع الآن، لكن مساعدتهم في تعلم كيفية مواجهة ذلك جزء أساس من تربية الأطفال قبل استخدامهم للهاتف، وأعتقد أنه يجب أن يكون جزءاً من المنهج الدراسي أيضاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هل سيُوقف الحظر التنمر الإلكتروني؟
مجدداً يبلغني الخبراء أن حظر الهواتف في المدارس قد يقلل من وتيرة التنمر الإلكتروني لكنه لن يمنعه، وربما يجب أن نركز على التعامل مع التنمر الإلكتروني باكراً، ومن الواجب إجراء نقاشات أكثر جدية.
هل سيؤدي الحظر القانوني إلى تحسين درجات الطلاب؟
أحدث دراسة استقصائية بريطانية حول هذا الموضوع تشير إلى أن ذلك لن يحدث، هل سيُحسن الصحة النفسية؟ مرة أخرى تشير أبحاث هذا العام إلى عدم حدوث ذلك.
المدارس لديها بالفعل إرشادات لاستخدام الهاتف والسلامة والسلوك الحسن، ويمكنها تطبيقها بطرق تدعم مجتمعها التعليمي الخاص، ويفيد كُثر بأن الحظر الكامل كان مفيداً للغاية، ولكن هذا الأمر لا ينطبق على الجميع.
أتفق على أنه لا ينبغي للأطفال امتلاك الهواتف للاستخدام الشخصي في البيئات التعليمية، لكنني أيضاً أخشى أن يؤدي الحظر القسري إلى ترك الأهل مسؤولية رحلة أطفالهم الرقمية للمعلمين، والتخلي عنها خوفاً من المجهول.
أعتقد أيضاً أنه بإمكاننا تعليم الأطفال كيفية استخدام هواتفهم بصورة جيدة في المدرسة ونحن بحاجة إلى إجراء هذه الحوارات، وبعد أعوام من العمل مع المراهقين وتربيتهم وتعليمهم، أعتقد أن الأهل ومقدمي الرعاية هم الأقدر على دعم الأطفال والمراهقين لاستخدام الهواتف الذكية بطريقة صحية وآمنة، من خلال تعلم وضع حدود مقبولة تتطور مع نمو الأطفال، ويمكننا أيضاً مساعدتهم عبر الإصغاء إليهم عندما يحدثوننا عن عالمهم الرقمي بدلاً من رفض حياتهم الرقمية بسلبية، واستخدام كلمات مثل "إدمان" وانتقادهم بسبب الإفراط في استخدام التكنولوجيا، إذ يبدأ تعليم الأطفال المسؤولية من خلال تحملنا المسؤولية أثناء استخدام هواتفنا.
يخبرني عالم النفس البروفيسور بيتر إيتشلز، مؤلف كتاب "غير مقفل: العلم الحقيقي وراء استخدام الشاشات" Unlocked: The Real Science of Screentime، أن الحظر قد يبدو خياراً واضحاً ولكن قد تكون له عواقب غير مقصودة، ويستشهد بتجربة الحظر في مدارس فلوريدا التي أدت إلى فصل 30 طفلاً في سن المدرسة الابتدائية عن الدراسة لمخالفتهم القواعد، وأعرف من عملي مع المدارس أن بعض الأطفال لديهم هواتف ثانية يخفونها في المدرسة، ويتطلب الحظر القانوني عواقب، إذاً ما هي العواقب التي ستقررها المدارس وكيف سيؤثر ذلك في تعليم الأطفال؟ هل تستطيع المدارس تحمل كلفة حقائب قفل الهاتف؟ أم سيكون من الأفضل إنفاق المال على تطوير المرافق الرياضية؟ لقد ثبت أن الرياضة تحسن الصحة النفسية للتلاميذ.
إن حظر أي شيء يخلق ثقافة من السرية والعار، مما يعني أن طفلك لن يخبرك إذا رأى أو واجه شيئاً مروعاً على هاتفه، وسيكون عليه مواجهته بمفرده، وتقول مؤلفة كتاب "حل الهاتف الذكي" The Smartphone Solution وأخصائية علم النفس وصاحبة خبرة 20 عاماً في المجال الأُسري، الدكتورة مارثا دييروس كولادو، إنه يجب دمج المواطنة الرقمية في جميع أشكال التعليم، في المنزل والمدرسة، ابتداء من سن باكرة، وتستشهد بمثال فتاة تبلغ من العمر 13 سنة عملت معها، فقد كانت الفتاة تتلقى أكثر من 300 رسالة "واتساب" كل صباح، وتشعر بضغط شديد لقراءة كل واحدة منها، وكانت بحاجة أن تتلقى الإرشاد حول كيفية التعامل مع ذلك، وهذه مهارة مفيدة لجميع الأطفال.
نحن بحاجة إلى غرس التفكير النقدي في أطفالنا وأن نصبح نحن أكثر دراية بالتكنولوجيا كمستخدمي هواتف ذكية، فلا يمكنك حماية أطفالك من خلال التجنب، وأعتقد أن الحظر يشبه معاقبة بعض الأطفال على أشياء لم يفعلوها بعد.
لا أحد يرضى باستخدام الهواتف الذكية الشخصية في المدارس، ولا أحد منا سعيد بوصول الأطفال غير المحدود إلى الإنترنت، وجميعنا نريد من شركات التكنولوجيا أن تضع قيوداً للسلامة قبل طرح الهواتف الذكية في الأسواق، فلا يوجد حل سريع للمشكلات الجادة التي نواجهها، ولا توجد بيانات نهائية يمكننا الاعتماد عليها، لذا فإن أفضل ما يمكننا فعله هو مساعدة أطفالنا في تعلم المهارات المناسبة للتعامل مع هذا العالم من خلال الدخول فيه بأنفسنا.
من كتب لورين كاندي "أمي، ما خطبك؟ 101 شيء تعرفها أمهات الفتيات المراهقات فقط".
© The Independent