ملخص
يرى بنك "غولدمان ساكس" إمكان أن يقفز الذهب إلى 4500 دولار في حال حدوث ما وصفه ببيئة الأخطار القصوى
تماشياً مع التوقعات، يواصل المعدن النفيس تسجيل مستويات تاريخية وقياسية، ومع عدم وجود أي متغير يحقق استقرار الأسواق في ظل توسع حال الضبابية وعدم اليقين الاقتصادي، ربما المحطة المقبلة ستكون عند مستوى 4500 دولار للأونصة وفق ما تشير إليه بنوك الاستثمار والمؤسسات الدولية.
وهناك ستة أسباب رئيسة تدفع الذهب إلى مواصلة الصعود، تتمثل في زيادة التوقعات باتجاه البنك المركزي الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة، واستمرار التوترات الجيوسياسية، وتفاقم حال عدم اليقين الاقتصادي، وبدء ظهور تداعيات الرسوم والتعريفات الجمركية الأميركية، مع استمرار انخفاض الدولار الأميركي، وأخيراً توسع البنوك المركزية في شراء المعدن النفيس، مما يعزز من تصدره قائمة الأصول والملاذات الآمنة.
في التعاملات الأخيرة، انخفضت العقود الآجلة للذهب بعد ارتفاعها نهاية الأسبوع الماضي بدعم من تقرير الوظائف الأميركي الضعيف الذي عزز التوقعات باتجاه "الفيدرالي" نحو خفض الفائدة في الاجتماع الذي سيعقد لاحقاً هذا الشهر.
وتراجعت العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر (كانون الأول) المقبل بنسبة 0.60 في المئة أو 21.8 دولار لتصل إلى 3631.6 دولار للأوقية، بينما ارتفع سعر التسليم الفوري بنسبة 0.2 في المئة أو 7.27 دولار إلى مستوى 3593.96 دولار للأوقية. وانخفضت العقود الآجلة للفضة تسليم ديسمبر، بنسبة 0.22 في المئة عند مستوى 41.46 دولار، بينما ارتفع سعر التسليم الفوري للبلاتين بنسبة 1.04 في المئة عند 1393.68 دولار.
وعلى رغم توقع الأسواق على نطاق واسع اتجاه "الاحتياطي الفيدرالي" نحو خفض الفائدة 25 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر (أيلول) الجاري، فإنها لا تزال تترقب بيانات تضخم أسعار المنتجين والمستهلكين التي ستصدر لاحقاً هذا الأسبوع بحثاً عن مزيد من المؤشرات إلى صحة الاقتصاد. وينتظر المستثمرون صدور حكم المحكمة في شأن ما إذا كان لدى ترمب مبررات مشروعة لإقالة عضوة مجلس محافظي "الاحتياطي الفيدرالي" ليزا كوك.
مخاوف من تآكل الاحتياطات مع خفض الدولار
في تعليقه، قال المصرفي، أحمد آدم، إن هناك كثيراً من الأسباب المنطقية التي تدفع الذهب إلى الصعود، ومن ثم تزيد من رغبة البنوك المركزية في شراء المعدن النفيس، والسبب المباشر لتوسع البنوك المركزية في شراء الذهب يتمثل في الحفاظ على الاحتياطات من التآكل في ظل ما تشهده الأسواق من تغيرات وتحديات كبيرة.
أشار في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أصبحت تستهدف خفض الدولار الأميركي، وهذا سيكون له مردود سلبي على احتياطات البنوك من النقد الأجنبي، بخاصة أن العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" أصبحت على المحك وخصوصاً بعد الانتخابات التشريعية في فرنسا واقتراب الانتخابات الرئاسية هناك والصعود القوى لأحزاب اليمين واليسار وكذلك صعود اليمين المتطرف في ألمانيا، وهذا ما يدفع إلى المطالبة بضرورة التفكير في تحويل غالبية احتياطات البنوك إلى ذهب خصوصاً أن كل المؤشرات تؤكد صعوده خلال الفترة المقبلة.
قال آدم إنه وفقاً لـ"مورغان ستانلي"، فإن هذا الصعود مدفوع بصورة أساسية بتضاعف مشتريات البنوك المركزية خلال الفترة الماضية مقارنة بالاتجاهات السابقة كما ازدادت عمليات الشراء بالتجزئة عام 2024 لا سيما في الصين، حيث الطلب على السبائك والعملات المعدنية قوي للغاية، وعلاوة على ذلك شهدت صناديق الذهب المتداولة في البورصة تدفقات مستمرة من أوروبا بعد خفض سعر الفائدة في يونيو (حزيران) 2024. ويعتقد المتخصصون الاستراتيجيون، أن صناديق المؤشرات المتداولة في الولايات المتحدة من المرجح أن تحذو حذوها مع بدء سريان خفض أسعار الفائدة مما يزيد من دعم أسعار الذهب.
البنوك المركزية تشتري كميات ضخمة من الذهب
ومع تفاقم حال عدم اليقين الاقتصادي، تواصل البنوك المركزية على مستوى العالم تعزيز مشترياتها من الذهب، ووفق بيانات مجلس الذهب العالمي، وخلال الفترة من الربع الثاني من عام 2022 وحتى الربع الثاني من العام الحالي، شهدت مشتريات البنوك المركزية من المعدن النفيس تحركات كبيرة.
وخلال هذه الفترة، سجلت مشتريات البنوك المركزية من الذهب نحو 355.28 طن، مما يشير إلى طلب عالمي واسع على المعدن النفيس. وخلال الربع الثاني من 2022، بلغت مشتريات البنوك المركزية نحو 158.57 طن، ثم قفزت المشتريات إلى 456.91 طن خلال الربع الثالث، لكنها تراجعت لتسجل نحو 382.1 طن بالربع الأخير من 2022.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلال عام 2023 بلغت حصيلة مشتريات البنوك المركزية من الذهب نحو 1050.81 طن، فخلال الربع الأول من العام اشترت البنوك المركزية نحو 290.42 طن، ثم انخفضت المشتريات إلى نحو 176.34 طن خلال الربع الثاني من العام. وخلال الربع الثالث من 2023 بلغت مشتريات البنوك المركزية نحو 367.26 طن، ثم تراجعت لتسجل نحو 216.79 طن بالربع الأخير من عام 2023.
بلغ إجمال مشتريات البنوك المركزية من الذهب نحو 1089.38 طن خلال عام 2024، موزعة على 313.27 طن بالربع الأول من العام، ثم انخفضت المشتريات بالربع الثاني من العام لتسجل نحو 211.52 طن، وواصلت الانخفاض بالربع الثالث من العام لتسجل نحو 199.5 طن، فيما شهد الربع الأخير من العام ارتفاعها بصورة قياسية لتسجل نحو 365.09 طن.
وخلال النصف الأول من العام الحالي، بلغت حصيلة مشتريات البنوك المركزية من الذهب نحو 415.03 طن، موزعة بين 248.57 طن خلال الربع الأول من العام، ثم تراجعت إلى نحو 166.46 طن خلال الربع الثاني من العام الحالي.
وللشهر الـ10 على التوالي، مدد بنك الشعب الصيني سلسلة مشترياته من الذهب خلال أغسطس (آب) الماضي، في خطوة جديدة تهدف إلى تنويع احتياطاته بعيداً من الدولار الأميركي. ووفق بيانات حديثة، فقد ارتفعت حيازات البنك المركزي الصيني من المعدن النفيس بمقدار 0.06 مليون أونصة إلى 74.02 مليون خلال أغسطس.
وكانت الصين استهلت هذه الموجة من المشتريات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وجمعت خلالها 1.22 مليون أونصة.
4500 دولار... الهدف المقبل للذهب
في تقرير حديث، توقعت منصة "إيكونوميك تايمز"، إمكان وصول سعر أونصة الذهب إلى مستوى 4 آلاف دولار بحلول عام 2026، مع استمرار البنوك المركزية في شراء الذهب وتفاقم التوترات الجيوسياسية. وفي استطلاع حديث أجرته وكالة "رويترز" شمل 40 محللاً ومتداولاً، أظهرت النتائج أن هناك إجماعاً متزايداً على استمرار الاتجاه الصعودي للذهب خلال الفترة المقبلة، مدفوعاً بارتفاع الطلب الاستراتيجي عليه كملاذ آمن.
رجح بنك "جيه بي مورغان"، استمرار صعود أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، على رغم وصولها إلى مستويات قياسية هذا الأسبوع، مدفوعة بتزايد التوقعات بخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، إضافة إلى تنامي المخاوف في شأن استقلالية البنك المركزي الأميركي. وقال البنك في مذكرة بحثية حديثة إن أي خفض بأسعار الفائدة يتماشى مع التوقعات أو يتجاوزها سيدعم تدفقات الصناديق المتداولة للذهب، مما قد يدفع أسعار المعدن النفيس إلى مستوى 3675 دولاراً للأوقية بنهاية عام 2025.
ورجح أن يصل الذهب إلى مستوى 4 آلاف دولار في الربع الثاني من 2026، ثم إلى 4250 دولاراً بنهاية العام نفسه، بخاصة إذا مضت الإدارة الأميركية في إقالة عضوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، وهو ما قد تكون له انعكاسات واسعة على هيكل إدارة البنك المركزي. وأشار التقرير إلى أن أي مساس باستقلالية "الفيدرالي" سيترتب عليه تداعيات مهمة وطويلة الأمد على أسواق الذهب.
أما بنك "غولدمان ساكس" فطرح سيناريوهات أكثر تفاؤلاً، إذ أشار إلى إمكان أن يقفز الذهب إلى 4500 دولار في حال حدوث ما وصفه ببيئة الأخطار القصوى، بينما حدد توقعه الأساس لسعر الذهب عند مستوى 3700 دولار للأونصة بنهاية 2025.