ملخص
من المثير للدهشة أن هناك بالفعل عديداً من نماذج الروبوتات العسكرية التي تُستخدم في سيناريوهات واقعية، ومنها روبوتات إبطال مفعول القنابل، مثل "باكبوت" الشهير الذي تستخدمه القوات الأميركية، والذي يقترب بحذر من العبوات الناسفة، ويفحصها بالكاميرات، ويبطل مفعولها أسرع مما قد تتخيل.
يتطور العالم ويتوسع بصورة كبيرة، حيث تدمج الشركات وحتى الأفراد التكنولوجيا وخصوصاً الآلات والروبوتات في حياتهم لتسهيل أنشطتهم اليومية.
وفي المجال العسكري، تتيح برمجة الروبوتات قواعد توجيهية محددة تمكّن من اتخاذ قرارات سريعة، مما يقلل من الأخطاء الناجمة عن ضعف المهارات البشرية، ويقلل من احتمالية الأضرار الجانبية.
وبذلك، لم تعد الروبوتات العسكرية مقتصرة على أفلام الخيال العلمي، بل إنها تعزز بنشاط الحروب الحديثة وتعيد تعريف كيفية خوضها، من خلال حلول أسرع وأكثر فعالية وأكثر أماناً للجنود.
ما الروبوتات العسكرية؟
الروبوتات العسكرية هي آلات مصممة لمساعدة الجنود من خلال أتمتة مهام خطرة للغاية، أو متكررة، أو حتى مستحيلة على البشر.
ونحن نتحدث هنا عن مهام عدة تشمل استطلاع معسكرات العدو، وتفكيك المتفجرات، أو نقل المعدات الثقيلة عبر التضاريس الوعرة، ويمكن لهذه الروبوتات إنقاذ الأرواح، وللمفارقة، جعل الاشتباكات العسكرية أكثر أماناً.
كيف تُستخدم في الجيوش؟
يمكن استخدام الروبوتات العسكرية في تفكيك القنابل، فمثلاً توجد روبوتات تقترب من القنبلة بملاقط صغيرة، وشكلها أشبه بسرطان البحر، وهي تحمي الجنود كونها تبقيهم بعيدين من الأخطار.
ومن جهة ثانية تستخدمها الجيوش في الاستطلاع، إذ تتسلل الطائرات من دون طيار والروبوتات الأرضية لجمع المعلومات الاستخباراتية فتغني عن الحاجة في بعض الحالات إلى الجواسيس البشر.
وتفيد هذه الروبوتات في اللوجستيات، فهي تحمل الإمدادات والذخيرة وغيرها من المعدات، مما يجنب الجنود حمل حقائب ثقيلة.
أنواعها
من المثير للدهشة أن هناك بالفعل عديداً من نماذج الروبوتات العسكرية التي تُستخدم في سيناريوهات واقعية، ومنها روبوتات إبطال مفعول القنابل، مثل "باكبوت" الشهير الذي تستخدمه القوات الأميركية، والذي يقترب بحذر من العبوات الناسفة، ويفحصها بالكاميرات، ويبطل مفعولها أسرع مما قد تتخيل.
ويوجد ما يسمى بالدبابات الروبوتية، كدبابة "أوران-9" الروسية التي تحمل ترسانة هائلة من الأسلحة، وصواريخ مضادة للدبابات، ومدفعاً رشاشاً، ويتحمل درعها نيران الأسلحة الصغيرة، ويتم التحكم بها عن بعد للحفاظ على سلامة مشغليها، وصحيح أنها واجهت بعض المشكلات خلال عمليات النشر المبكرة (مثل تعطل البرامج في المعركة)، لكنها مهدت الطريق لتطورات جديدة.
وهناك ما يسمى بالبغال الروبوتية، ونذكر منها "كيو-يو جي في وولف"، التي كشف عنها الجيش الصيني، وهو روبوت رباعي الأرجل مصمم لحمل المعدات، ودعم مهام الاستطلاع، وحتى توفير القوة النارية.
يستطيع هذا الروبوت الآلي المتطور التنقل عبر تضاريس بالغة الصعوبة، كالتلال الصخرية والغابات الكثيفة، حاملاً ما يصل إلى 100 كيلوغرام من الإمدادات، كما أنه يستجيب للأوامر الصوتية، وهذا ما يجعله رفيقاً ميدانياً متعدد الاستخدامات، وتشغيله الهادئ بالغ الأهمية لعمليات التخفي.
إضافة إلى ذلك توجد روبوتات الغوص العميق تحت الماء، وأهمها "سي فوكس" المستخدم من قبل قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو روبوت بحري مجرب وفعال، مصمم لاكتشاف الألغام والتخلص منها.
يمكن لهذا الروبوت الغوص تحت الماء إلى أعماق تصل إلى 300 متر، وهو مجهز بجهاز سونار لتحديد مواقع الألغام الكامنة في المياه الغادرة، وبمجرد العثور على لغم، يمكنه إما تحديد موقعه الدقيق أو تفجيره إذا لزم الأمر.
وفي مجال المراقبة يمكن للروبوتات العسكرية جمع المعلومات الاستخباراتية والضرب من السماء، ومن أبرز الأمثلة مسيرة "أم كيو-9 ريبر" الأميركية، والتي توصف بأنها عين الجيش التي ترى كل شيء في السماء، ويمكنها التحليق لمدة 27 ساعة متواصلة لجمع المعلومات الاستخباراتية أو إطلاق قذائف "هيلفاير" الموجهة بالليزر على أهداف العدو.
وحتى الحراسة باتت الروبوتات قادرة على توليها، إذ يُعد روبوت SGR-A1 الكوري الجنوبي حارساً للحدود بتقنيات عالية، وهو مجهز برشاشات وكاميرات وميكروفونات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يستطيع هذا الحارس الآلي اكتشاف الأهداف على بعد يصل إلى ثلاثة كيلومترات، وبينما يعمل بصورة مستقلة، يوجد نظام بشري يتحكم به لمنع أي عمل قاتل غير مصرح، لذا فهو لا يطلق النار تلقائياً.
وربما ستتفاجأون حين تعلمون بأن الروبوتات أصبحت قادرة على القيام بأدوار طبية في ساحة المعركة، إذ تستطيع مركبة "بير" رفع ما يصل إلى 220 كيلوغراماً، وهو ما يكفي لحمل جنديين مجهزين بالكامل في آن واحد ونقلهما إلى بر الأمان، ويتضمن تصميمها مسارات تشبه مسارات الدبابات للتضاريس الوعرة، وأذرعاً قادرة على التحرك بدقة، كما أنها ذكية جداً، وتستخدم نظام تثبيت متطوراً لتجنب سقوط حمولتها الثمينة.
مزايا الروبوتات العسكرية
انطلاقاً مما ذكرناه آنفاً تجنّب الروبوتات العسكرية البشر الأذى، وتؤدي مهاماً محفوفة بالأخطار مثل إبطال القنابل، واستطلاع مواقع العدو، وحتى القتال، مما يقلل من الخطر على حياة الجنود.
وتستطيع الروبوتات العسكرية جمع المعلومات الاستخبارية، ومعالجة البيانات، وأداء واجباتها بسرعة البرق، إضافة إلى ذلك، فهي لا تحتاج إلى إجازة، ولا تصاب بالتوتر أو التعب أو الشرود الذهني في المواقف الشديدة الخطورة.
وبصورة عامة، تخفض الروبوتات عدد القوى العاملة في المهام الشاقة مثل اللوجستيات والمراقبة، وبالتالي تسمح للجنود بإعادة التركيز على المهام القتالية أو مهام الاستخبارات.
ووجدت دراسة للجيش الأميركي أن كلفة تدريب جندي واحد تراوح بين 50 و100 ألف دولار، مع كلفة سنوية لا تقل عن 100 ألف دولار للحفاظ على صحته وتدريبه ومتطلبات أخرى (مثل الراتب والسكن).
في المقابل، تتطلب الروبوتات نفس الكلفة الأولية تقريباً، ولكن أقل بكثير في الصيانة والتخزين، وتالياً يقلل استخدام الروبوتات في الجيش الأميركي من كلفة التجنيد، سواءً من الناحية المادية أو من حيث آثارها على الصحة السلوكية.
روبوتات التدمير الممنهج في غزة
المحزن حقاً أنه يمكن لهذه الروبوتات أن تتحول لأداة إبادية وتهجيرية، وهذا ما يقوم به الجيش الإسرائيلي حالياً باستخدام روبوتات مفخخة مزودة بأطنان من المتفجرات لارتكاب أعمال تدمير وقتل واسعة النطاق، تشمل مجازر وقتل متعمد وتهجيراً قسرياً واسع النطاق في غزة.
وقد تلقت منظمات حقوقية عديد من الشهادات حول استخدام الجيش الإسرائيلي روبوتات مفخخة يتم تفجيرها عن بعد، وتلحق أضراراً جسيمة بالمنازل والمباني المحيطة، وتتسبب في خسائر فادحة في الأرواح.
ويحظر استخدام إسرائيل للروبوتات المفخخة بموجب القانون الدولي، إذ تعتبر هذه الروبوتات أسلحة عشوائية لا يمكن توجيهها أو حصرها في الأهداف العسكرية.
بحكم طبيعتها، تصيب هذه الروبوتات المدنيين مباشرةً، أو تصيب أهدافاً عسكرية أو مدنيين أو ممتلكات مدنية من دون تمييز، وبالتالي فهي أسلحة محظورة بموجب القانون الدولي، واستخدامها في المناطق السكنية يعد جريمة ضد الإنسانية بحد ذاته.