Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من لاءات الخرطوم إلى بيانات التنديد: هل خدم العرب التوسع؟

ظل التعامل العربي مع القضية الفلسطينية منذ عام 1948 قائماً على لاءات وتنديدات وانقسامات وفرص ضائعة حتى بعد الانتصارات والمكتسبات

على مدى نحو ثمانية عقود كانت القضية الفلسطينية رسمياً هي قضية العرب الأولى والمركزية (اندبندنت عربية)

ملخص

هل الواقعية تملي تصحيح مسمّى الصراع العربي - الإسرائيلي إلى صراع الدول العربية المعنية مع إسرائيل وأميركا وغيرها؟ هل نجاح إسرائيل في جر رجل العرب إلى تحويل الصراع إلى إسلامي يهودي في تدمير القضية؟ هل حان وقت التفرقة بين منطق القوة ومثالية العدل؟ هل ساعدت السياسات والأولويات والمجريات السابقة في مزيد من التوسع الإسرائيلي؟

عنوان ملف الصراع العربي - الإسرائيلي تهيمن عليه كلمتان: الفرص والضائعة، لكنها هيمنة تستند إلى تباين كلي، فبين قائل إن الفرص الضائعة هي فرص عقد سلام دائم بين العرب وإسرائيل، ومؤكد أن الفرص الضائعة هي فرص تخلص العرب من إسرائيل، وملوّح بأن الفرص الضائعة تظل ضائعة لأن إسرائيل لا تهدف إلى سلام أو تعايش بل إلى هيمنة وسيطرة، والفرصة الوحيدة التي تعني إسرائيل هي تحقيق حلم إسرائيل الكبرى.

منذ شاع الحديث عن إسرائيل الكبرى قبل أيام عقب قول رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه يشعر بأنه في مهمة تاريخية وروحية، وأنه متمسك جداً بإسرائيل الكبرى التي تشمل الأراضي الفلسطينية وأجزاء من دول عربية، والتصريحات تشهد صحوة غير مسبوقة، والردود الرسمية على قلب واحد، والمواقف الوطنية كتلة من الحماسة والشجاعة والإقدام ولسان حال كل ما سبق لا لإسرائيل الكبرى.

لا لإسرائيل الكبرى، إسرائيل الكبرى وهم وخيال، رفض عربي وإسلامي لإسرائيل الكبرى، إسرائيل الكبرى وأوهام نتنياهو، 31 دولة تدين مخطط إسرائيل الكبرى، إسرائيل الكبرى سلاح حكومة نتنياهو لتخدير اليهود، إسرائيل الكبرى خيال غرضه الاستفزاز، الحديث عن إسرائيل الكبرى يؤكد أن إسرائيل أصبحت معزولة ومحاصرة، إسرائيل الكبرى دليل إسرائيل المذعورة، وتتوالى العناوين النارية والتصريحات المشتعلة وبيانات التهديد والتقليل من أهمية ما قال نتنياهو.

إعادة طرح القديم

حقيقة الأمر أن حديث نتنياهو لم يأتِ بجديد بل أعاد طرح القديم في توقيت خطر، سواء أكانت أصول فكرة إسرائيل الكبرى دينية في ما يسمى بـ وعد الله لنبيه إبراهيم بالأرض من نهر مصر إلى نهر الفرات، وسواء أكانت رؤية مفبركة تستخدم الدين، أو خطة صهيونية تدغدغ مشاعر اليهود، أو تعود لمؤسس الصهيونية ثيودور هرتزل حتى لو لم يذكر عبارة إسرائيل الكبرى بصورة صريحة، أو كانت مستمدة من وعد بلفور وعهد بريطانيا بتدشين وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، أو كانت فكرة وتجذرت في أعقاب حرب يونيو (حزيران) 1967 من التيارات اليمينية اليهودية، وتحديداً الإسرائيلية، وذلك بفعل زهوة الانتصار، وسواء أكان حديث نتنياهو عن روحانية المهمة أو تاريخية الفكرة غرضه الضغط على الجانب الفلسطيني أو تخويف الأطراف العربية أو كسب أرض المفاوضات أو غيرها، فإن حديث إسرائيل الكبرى يطرح أسئلة عربية شائكة مثل هل ساعد العرب من دون أن يعلموا التوسع الإسرائيلي؟ هل تعامل العرب مع إسرائيل ووجودها وتحركاتها وأطماعها التوسعية بقدر مناسب من الواقعية؟ هل الرفض العربي غير الواقعي على مدى عقود للأمر الواقع عزز حجج إسرائيل التوسعية؟ لماذا، أو ربما هل، يصر العرب على إلقاء الكرة في ملعب إسرائيل دائماً من دون تكبد كاف لصناعة تمريرة أو تسديدة أو حتى مراوغة؟

أسئلة كثيرة تفرضها إعادة طرح فكرة إسرائيل الكبرى، التي أصابت بعضهم بالذعر وكأنها مفاجئة أو مباغتة أو طعنة إسرائيلية في ظهر العرب لم يسمعوا عنها من قبل. البداية والتطورات والتصرفات والإجراءات جميعها تؤدي منطقياً وعقلانياً إلى الوضع الراهن، منطقة على صفيح ساخن، تعامل عربي يتسم في معظم  الأحوال إما بالخيال أو التشبث بالماضي أو التعلق بآمال لا وجود لها إلا في كتب قديمة أو نظريات عتيقة، أو أكف موجهة إلى السماء تتضرع من أجل نصر مأمول ووعد مكتوب، نتائج متكررة معظم ها لا يصبّ في مصلحة القضية الفلسطينية.

المكتوب في مراجع التاريخ عن حرب 1948 ونشأة دولة إسرائيل يختلف باختلاف الكاتب والجمهور المستهدف. في وقت تؤكد كتب التاريخ والتوثيق الغربية، وكذلك المؤسسات الإعلامية الغربية غير الناطقة بالعربية على أن الحرب العربية - الإسرائيلية اندلعت عام 1948 عندما غزت أو هاجمت خمس دول عربية أراض خاضعة للانتداب الفلسطيني السابق مباشرة بعد إعلان استقلال دولة إسرائيل في الـ 14 من مايو (أيار) من العام نفسه، واحتل الأردن القدس الشرقية وما أصبح يعرف بـ الضفة الغربية، واحتلت مصر قطاع غزة وأطلقت إسرائيل على ما جرى اسم حرب الاستقلال.

 

أمّا كتب التاريخ والتقارير والوثائق العربية وما يرد في المؤسسات الإعلامية، وبينها الغربية الناطقة بالعربية، فتشير إلى أن الجيوش العربية سيطرت على المناطق العربية وهاجمت القوات الإسرائيلية وكثير من المستوطنات اليهودية، ودار القتال الذي دام 10 أشهر في معظمه على أراضي الانتداب البريطاني وفي شبه جزيرة سيناء وجنوب لبنان، وتخلله عدد من فترات الهدنة.

احتلت إسرائيل المنطقة التي اقترحتها الأمم المتحدة للدولة اليهودية، إضافة إلى نحو 60 في المئة من المساحة المقترحة للدولة العربية، التي شملت مناطق مثل يافا واللد والرملة والجليل الأعلى وأجزاء من النقب وشريط كبير على طول طريق تل أبيب – القدس، كما سيطرت إسرائيل على القدس الغربية التي كان من المفترض أن تكون جزءاً من المنطقة الدولية للقدس وضواحيها، وسيطر الأردن على القدس الشرقية وما أصبح الضفة الغربية وضمها في العام التالي، وسيطر الجيش المصري على قطاع غزة.

ويبقى قرار الأمم المتحدة رقم (181) الصادر عام 1947 النص الوحيد المكتوب الذي لا مجال لتطويع أو تطوير أو تغيير فيه، وقد أوصى بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، مع اعتبار القدس منطقة ذات نظام دولي خاص، وإنهاء الانتداب البريطاني وإنشاء لجنيتن لتطبيق خطة التقسيم التي نصت على أن تحصل الدولة اليهودية على نحو 56 في المئة من أرض فلسطين، والعربية على 42 في المئة، وتكون القدس منطق دولية.

الحقيقة الأخرى غير القابلة للاجتهاد أو إعادة الصياغة هي أن الدول العربية والقيادة الفلسطينية رفضت القرار، ثم خاضت حرباً خاضتها الجيوش العربية التي أسهمت فيها مصر والأردن بالنصيب الأكبر، إضافة إلى السعودية والعراق ولبنان، وانتهت بالخسارة، فرفض العرب التقسيم ودانوا القرار وقالوا إنه ينتهك ميثاق الأمم المتحدة في ما يتعلق بحق تقرير المصير، ولم تلتفت المنظمة الأممية ودخلوا المعركة وخسروها.

توزيع الاتهامات

جانب كبير من تحليلات الخسارة حتى الوقت الراهن تتمسك بتوزيع معظم  الاتهامات على الآخرين: إسرائيل استحوذت على تأييد دول قوية أبرزها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا، سواء بتدريب على التخطيط والقتال أو إمداد بالأسلحة أو عبر تسهيل هجرة أعداد ضخمة من اليهود إلى فلسطين، ولم يحصل العرب على أي مما سبق.

تعرض العرب لمؤامرات خفية كبرى هدفها إفشال جهود جيوشهم لاسترداد الأرض، ولجأ أنصار إسرائيل لتأسيس جماعات ضغط واستغلال رجال أعمال يهود مؤيدين لإسرائيل للتأثير في الساسة والرأي العام في الغرب، فسيطرت إسرائيل على السرديات والمظلوميات ولم يبق للعرب سوى التعامل مع واقع مؤلم وصعب.

وعلى رغم أن عملية التوزيع مضنية فإنها لا تحل محل الخطوات التي من شأنها أن تغير الواقع، ومن دون التشكيك في عامل المؤامرات يأبى حديثها الانقشاع على مدى عقود، إذ كثيراً ما تجري الإشارة إلى مؤامرات ومكائد عظمى من دون الإشارة إلى هويتها أو تفاصيلها، ولو من باب التعلم مما جرى وتفادي التكرار في المستقبل، أو حتى حياكة مؤامرة شبيهة لكن عربية بغرض استرداد الحقوق.

في المقابل ينتهج محللون وأكاديميون عرب طريقاً آخر أكثر واقعية وعلمية ومنطقية بتفنيد العوامل العربية التي أسهمت في الهزيمة عام 1948، وكيف أن استمرار معظمها على مدى الأعوام يرجح احتمالات تكرار النتائج نفسها بصيغ وأشكال مختلفة.

أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر جمال شقرة ذكر في تصريحات صحافية من قبل عن أسباب هزيمة الجيوش العربية المشاركة في حرب 1948، وعدد جنودها قدر بنحو 14 ألفاً، لم تدرك أنها ستواجه نحو 100 ألف مقاتل من الجانب الإسرائيلي مدربين على القتال في الحرب العالمية الثانية، وحاصلين على خبرات كبيرة ومتقدمة بمقاييس هذا الزمن.

وقال شقرة إن الجيوش العربية لم تكن مستعدة للحرب، ولا سيما أنها حرب مجهولة من دون دراسة العدو، كما أن كثيراً من الدول العربية كان قد خرج لتوه من قبضة الاستعمار البريطاني، ناهيك بـ تآمر الغرب من أجل زرع إسرائيل في قلب فلسطين.

وبعيداً من أن العدو (إسرائيل) أثبت جاهزية لخوض الحرب، وبدا أنه درس الطرف الآخر (العرب)، وتعامل بصورة أفضل مع عنصر المفاجأة لهذه الحرب المباغتة، فإن مراجعات تطرح نفسها بعد مضي 77 عاماً على هذه الحرب التي أدت إلى وجود فعلي وقوي وواقعي للكيان الإسرائيلي، ليس فقط دون تغيرات تذكر على الصعيد العربي أو الفلسطيني، بل مصحوب بمزيد من التمدد والتوسع والمجاهرة بخطة، لا حلم، إسرائيل الكبرى.

 

المراجعة الأكثر جرأة تتمثل في سؤال تخيلي في ضوء معرفة ما جرى على مدى ما يزيد على سبعة عقود: ماذا لو قبل العرب عام 1948 بتسوية ما بدلاً من الإصرار أو التصور على قدرتهم على استعادة فلسطين؟

المثير أن هذا السؤال طرح غير مرة في تحليلات ودراسات غربية وإسرائيلية، وغاب طرحه ولو على سبيل الافتراض على الجانب العربي، "ماذا لو اختارت النخبة العربية الفلسطينية التسوية بدلاً من المقاطعة في مواجهة الصهيونية؟" عنوان فصل كتبه الأكاديمي الأميركي المتخصص في دراسة الصراع العربي - الإسرائيلي كينيث شتاين في كتاب مثير ومهم عنوانه "ماذا لو في تاريخ اليهودية: من إبراهيم إلى الصهيونية" حرره أستاذ التاريخ ورئيس "مركز التاريخ اليهودي" في نيويورك غافريال روزنفلد (2016).

كتب شتاين إن النخبة العربية الفلسطينية اختارت مقاطعة جميع المبادرات البريطانية والأممية تقريباً منذ عام 1920 إلى عام 1948، وكانت العواقب وخيمة.

نبذت النخبة العربية الفلسطينية المسؤولين البريطانيين الذين كانوا من أشد المؤيدين للحقوق العربية، إن لم يكونوا مناهضين للصهيونية علناً، ويرى أن هذا الرفض الحاد من قبل العرب للحلفاء المحتملين لهم أفاد الحركة الصهيونية وصب في مصلحتها تماماً، وأضاف "بوعي وإصرار اختارت النخبة العربية الفلسطينية المقاومة الفعلية والقطيعة والرفض المطلق والتدخل الفوري، وذلك بدلاً من الصبر السياسي والمشاركة والتسوية وبعد النظر".

ويرى الكاتب أن العرب كانوا قد "حسموا أمرهم منذ العشرينيات برفض كل المقترحات المعروضة لضمان دولة فلسطينية ذات غالبية عربية خلال 10 أعوام، وذلك للحد من النمو السكاني والتوسع الديموغرافي لليهود، ورفعوا منذ هذا الوقت راية المقاطعة وعدم المشاركة وعدم التنازل".

ويسهب شتاين في سرد كل الفرص، على حد قوله، التي أهدرها العرب على سبيل التسوية أو التفاوض أو الاحتكام للواقعية لضمان وجود دولة فلسطينية، واستمر النهج العربي في المقاطعة وعدم المشاركة في صنع القرارات الحاسمة المتعلقة بمستقبل فلسطين دون هوادة.

ويختار شتاين أن يطرح سلسلة من الأسئلة الإضافية أكثر جرأة، "ماذا لو لم تتعاون النخبة السياسية العربية الفلسطينية في بيع الأراضي لليهود؟ وماذا لو لم تقاطع بريطانيا والأمم المتحدة؟ ماذا لو لم تكن هذه النخبة أنانية ومجزأة؟ هل كان في إمكان العرب وقتها كبح جماح الدولة اليهودية؟"

لا يجيب شتاين عن أسئلة الافتراضات التي طرحها لكنه يقول إن رفض النخب العربية الفلسطينية المتكرر الانخراط رسمياً في صياغة الانتداب أتاح للصهاينة فرصاً لمواصلة بناء البنية التحتية الأساس لدولة لهم وشراء الأراضي وتيسير هجرة اليهود وحشد الرأي العام اليهودي وغير اليهودي في جميع أنحاء العالم لمصلحتهم.

لا تراجع ولا استسلام

لا تراجع لا استسلام، لا لإسرائيل، لا للاحتلال، لا للتهجير، لا للصهيونية، وأخيراً لا للتجويع لا للإبادة والآن، لا لإسرائيل الكبرى، تتوالى اللاءات العربية، يهتف بها مواطنون داعمون لفلسطين ويكتبها بعضهم على الجدران ويلوح بها آخرون بلافتات ويرددها ساسة ومسؤولون في البيانات والمؤتمرات على مدى ما يزيد على سبعة عقود.

وعلى رغم صعوبة توثيق تاريخ الـ "لاءات"، حيث يتنازع على أصولها كثيرون، فإن "لاءات" الخرطوم تحظى باعتراف تاريخي وتوثيق مرجعي، كما أنها ضمن أبرز المحطات الجديرة بالمراجعة والتقييم، من حيث الإسهام في الدفع بـإسرائيل الكبرى سواء إلى البحر كما راج شعبياً على مدى عقود، أو نحو الخريطة كما يأمل ويخطط نتنياهو وآخرون كثيرون.

يحلو لبعضهم أن يؤرخ لـ "قمة الخرطوم" الشهيرة أو قمة التصدي أو التحدي أو المقاومة، باعتبارها القمة التي أعلنت رفض الاستسلام والإصرار على الصمود والتحدي في مواجهة العدو الإسرائيلي، ويحلو لهم كذلك القول إن هذه القمة التاريخية أنهت الخلافات والخصوم بين العرب على خلفية هزيمة حرب يونيو 1967، ويمضي هؤلاء المؤرخين قدماً في مسيرة الزهو والفخر بخروج القمة باللاءات الثلاث: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه. انتهت القمة ومرّت الأعوام ومضت العقود وبقية لاءات الخرطوم قوية أبية.

عبر تقرير نشر في "اندبندنت عربية" للزميل إسماعيل محمد علي (2020) تحت عنوان "الخرطوم تفقد لقب اللاءات الثلاث"، جاء أن العاصمة السودانية عرفت تاريخياً بعاصمة اللاءات الثلاث، نظراً لاستضافتها عقب نكسة 1967 القمة الخامسة التي تعد من أهم القمم العربية، كونها تبنت قرارات حازمة وحاسمة تجاه الصراع العربي - الإسرائيلي، تمثلت في أنه لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع إسرائيل، واعتبر التقرير أن انضمام السودان إلى ركب السلام كخامس دولة عربية تقدم على هذه الخطوة، بإعلان اتفاق مع إسرائيل بعد مصر 1979، والأردن 1994، والإمارات والبحرين 2020، تكون قد فقدت بريق شعار ظلت تشتهر به 53 عاماً.

ويشير التقرير كذلك إلى أن كثيراً من السودانيين في المقابل يرون أن شعار اللاءات الثلاث كان خصماً للسودان وشعبه، لأنه البلد الوحيد الذي تحمل عبء هذا الموقف المتشدد في العداء ضد إسرائيل لأعوام طويلة، مما أضر به سياسياً واقتصادياً، وبالتالي فإنه ليس من الواقعية أن يتمسك بهذا الشعار العدائي في زمن باتت فيه المصالح هي السائدة في العلاقات بين الدول، فضلاً عن تصدع الموقف العربي واتجاه كثير من الدول العربية إلى إقامة علاقات مباشرة وغير مباشرة مع الجانب الإسرائيلي.

طرفا الرؤية في ما يختص بلاءات الخرطوم عربيان وليسا فقط سودانيين، جماهير غفيرة تتمسك بتلابيب اللاءات وتصرّ على اعتناقها طريقة حياة وأسلوب تفكير، سواء كانت الإمكانات تسمح والقدرات تتيح وتوازنات الواقع وحقائقه ترجح كفة الانتصار وتحقيق الآمال، وجماهير أخرى، ليست غفيرة بالضرورة وليست متضامنة مع إسرائيل وليست مؤمنة بالصهيونية، لكنها تعتنق البراغماتية طريقة حياة والواقعية أسلوب تفكير.

 

الكاتب ووزير الإعلام الكويتي السابق سامي النصف كتب تحت عنوان "لاءات الخرطوم ونعم مصر" (فبراير 2025) "إنه ضمن قراءة متأنية ومعمقة لتاريخ القضية الفلسطينية وقضية العرب الأولى منذ بدئها قبل أكثر من 100 عام، نجد أنها مسيرة امتلأت باللاءات العاطفية الانفعالية كونها الخيار الأسهل من التفاوض المضني وحصد المكاسب والأرباح، ومن ذلك رفض قرار التقسيم للجنة بيل الملكية البريطانية عام 1937 الذي منح الفلسطينيين دولة مستقلة على ما يقارب 90 في المئة من الأرض، ثم رفض قرار التقسيم عام 1947، ورفض مشروع بورقيبة عام 1965 القائم على مبدأ خذ وطالب، ورفض مشروع السلام مقابل الأرض بعد هزيمة 1967".

وتطرق إلى ما عكسته لاءات قمة الخرطوم، وكذلك رفض الانضمام لمعاهدات السلام التي أبرمها الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، واستمرار قطار الرفض دون طرح بدائل إبان الفترة الرئاسية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترمب وما سمي بصفقة القرن ومشروع السلام من أجل الازدهار، ومقترح إعمار الأراضي الفلسطينية التي يقول النصف إنها لم تكن دمرت آنذاك ضمن مشروع دولتين عربية ويهودية.

وأضاف أنه جرى رفض السلام الإبراهيمي عام 2020 الذي قبلت به وطبقته بعض الدول العربية، مشيراً إلى أن الخيار العربي بصورة عامة كان دائماً الرفض من دون بدائل والتحسر اللاحق لعدم القبول بما كان معروضاً.

مفهوم ومنطقي ومقبول مبدأ الإصرار على الرفض، ولا سيما حين يتعلق الأمر بأرض محتلة، وشعب بعضه في الشتات وبعضه الآخر مشرد والباقون ينتظرون مصيرهم، وغير المفهوم هو الإصرار على الرفض، وهو ما يتطلب جهداً وثباتاً وصبراً مع عدم اتخاذ خطوات فعلية أو كافية أو واقعية أو منطقية، أو كل ما سبق، وفي الوقت نفسه توقع حدوث نتيجة مختلفة.

وزير الخارجية المصري السابق نبيل فهمي طرح تساؤلات حول الاختلافات بين العرب وإسرائيل، وهل كانت عصية فعلاً عن التسوية، وذلك في مقالة عنوانها "تأملات حول فشل جهود السلام الفلسطينية - الإسرائيلية" (2024)،  وقبل أن يجيب قال "إن العرب والإسرائيليين كانت لديهم دائماً توجهات وأهداف متباينة في تبنيهم للنهج التدريجي المنظم لتفاعلاتهم وعلاقاتهم، وإن هذا النهج التدريجي تبنته مصر والأردن لاستعادة أراضيهما المحتلة، وحاولت كلتا الدولتين خلق ثقة متبادلة بين الإسرائيليين والفلسطينيين لاتخاذ قرارات صعبة مرتبطة بحل القضية الفلسطينية، وكذلك منظمة التحرير الفلسطينية حين وافقت على تنفيذ 'اتفاق أوسلو' على مدى خمسة أعوام، تاركة القضايا الأكثر حساسية للتفاوض في نهاية تلك الفترة".

ورأى فهمي أن الهدف من اتباع هذا النهج هو الأمل في أن الثقة المتولدة بين الجانبين من شأنها تسهيل حل القضايا الحساسة في النهاية، وأن إسرائيل اتبعت النهج التدريجي هي الأخرى لكن بهدف توظيفه كأداة لتقليل التهديدات الأمنية المحتملة وتعزيز نفوذها في التفاوض، بخاصة من خلال تجزئة الخلافات الكبرى، وأيضاً تأجيل المناورات السياسية الداخلية الصعبة.

وبحسب رؤية فهمي فقد "حقق هذا النهج للأطراف التي اتبعته نجاحات جزئية أهمها استعادة أراض كانت محتلة، لكنه فشل في تحقيق الأهداف النهائية، سواء إنهاء الاحتلال أو الوصول إلى غاية الأمن الدائم"، ويقول إن "المفاوضات المطولة والتوسع في تنفيذ الاتفاقات بين الجانبين عانيا تغيرات المشهد السياسي المستمرة"، مشيراً إلى دأب الجانب الإسرائيلي وغيره تحميل عبء فشل المحاولات على الدوائر الفلسطينية بسبب الخلافات الواقعة في صفوفها.

وأضاف أنه في أعقاب عملية السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، زعمت إسرائيل أن العملية جعلت التوصل إلى حل الدولتين أمراً غير مقبول للغالبية الساحقة من الإسرائيليين، ملمحاً إلى أن عملية السابع من أكتوبر 2023 يمكن فهمها في ضوء فشل جهود السلام واستمرار الصراع.

ويرى فهمي أن الجانب الفلسطيني كان دائم التحرك وبصورة مستمرة من أجل التوصل إلى حل وسط، ويقول "بعد رفض الفلسطينيين في البداية قرار الأمم المتحدة رقم (181) الداعي إلى خطة تقسيم تتألف من دولة عربية وأخرى يهودية، إلا أنهم أصبحوا يوافقون على أقل من 22 في المئة من تلك الأراضي لإقامة وطن لهم، معتبراً أن هذا التحول الكبير نحو موقف وسطي يزداد تدريجياً على رغم الأزمة الإنسانية، دليل ملموس على أن الخلافات الفلسطينية لم تكن أبداً السبب الحقيقي للصراع الدموي المستمر في قطاع غزة والضفة الغربية.

وعكس ما يعتقده بعضهم من أن اللاءات العربية المزمنة والخلافات الفلسطينية - الفلسطينية المستمرة أسهمت في تحجر الموقف ووصول القضية إلى حائط سد لا مفترق طرق، لكن فهمي يرى أن معظم الممثلين السياسيين الإسرائيليين بعيدون كل البعد من التسوية مع الفلسطينيين، فعلى مدى الـ 50 عاماً الماضية تحول السياسيون الإسرائيليون من اليسار إلى الوسط ثم إلى اليمين، وأخيراً إلى أقصى اليمين المتطرف، على رغم أن إسرائيل لم تتعرض لتهديدات وجودية خطرة أو أزمات اقتصادية حادة على مدى القرن الحالي، وهي الظروف التي تساعد في شعبية التيارات اليمينية عادة.

ورأى فهمي أن إسرائيل على مدى أكثر من نصف قرن دأبت على إحباط معظم الجهود والمبادرات الرامية إلى حل الصراع، سوءا بإنكار وجود دولة فلسطينية معتبرة إياها أوهاماً، أو بالاعتماد المتزايد على المخاوف الأمنية كمبرر لمواقفها، وحالياً التشبث بأيديولوجيات متشددة، وهو ما يعرقل الوصول لحلول.

هل حان وقت الواقعية؟

في المقابل هناك من يرى أنه حان وقت التعامل مع المتغيرات بطريقة واقعية والتخلي ولو موقتاً عن منهج اللاءات، فالكاتب الكويتي سامي النصف طرح في مقالة أخرى عنوانها "المقالة الأهم في القضية الفلسطينية" (مارس 2025) فكرة أن "الأمل الوحيد لرفع معاناة الأشقاء الفلسطينيين والوصول لحل الدولتين يمر أولاً بتوحيد القرار الفلسطيني، فلن نخدع العالم أو الطرف الآخر بازدواجية طرف يتحدث عن السلام وطرف آخر يدعو للحرب والتحرير من النهر إلى البحر، ورفض كل مشاريع التسوية وإبقاء قرار الحرب والسلام بيده سواء، شارك بالحكم أو بقي خارجه".

وأشار إلى أن الحل كما هو حادث حالياً يتطلب إشراك دول عربية وحتى إسلامية وازنة مثل السعودية ومصر وقطر والأردن والمغرب في أي محادثات للسلام، وهو ما يقوي الموقف العربي والفلسطيني ويبرر للشعب الإسرائيلي أية تنازلات تقدمها قيادته السياسية المفاوضة، كما سيكون للعرب ما يقدمونه لقاء استرجاع الأراضي الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية عليها من سلام حقيقي دائم لإسرائيل والمكاسب الاقتصادية الضخمة لها وللعرب وللمنطقة جمعاء، من الأخذ بخيار السلام الإستراتيجي بين مكوناتها تماماً كما حدث في أوروبا بعد عام 1945.

وأضاف أنه "في هذه الحال سيبدأ الحديث عن مشروع أوروبا الجديدة في منطقة الشرق الأوسط المؤهلة متى ما تعاون الجميع على نهضتها واستبدلوا الكراهية بالتعاون والحروب بالسلام، لأن تكون إحدى أكثر مناطق العالم ازدهاراً بدلاً من واقع البؤس واليأس والدمار الناتج من الحروب التي لم تتوقف منذ 100 عام".

اختلاف وجهات النظر حول من يتحمل مسؤولية الوضع الحالي للقضية الفلسطينية لا يفسد للقضية شيئاً إضافياً ويكفيها ما هي فيه من خسارات، فاليوم وبينما الجانب الإسرائيلي يدق على أوتار إسرائيل الكبرى والعالم تائه بين شجب توقيت المجاهرة بالفكرة القديمة، ومحاولة التركيز على المأساة في غزة، والعالم العربي مشتت هو الآخر بين من يدعم الحلول ومحاولات إحلال السلام، ومن هو ثابت على مبدأ لا تصالح لا سلام لا تفاوض إلى آخر قائمة الـلاءات، ولا يزال جزء معتبر من الإعلام العربي يخاطب الجماهير بثلاث رسائل لا رابع لها: دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، انتهاكات إسرائيل عزلتها عن العالم والجميع رافض لها ولسلوكها، إضافة إلى الإدانات والاستنكارات التي لا تهدأ أو تفتر، فتسكن الآلام وتهدئ الأوجاع لحين وقوع الانتهاك التالي، فتتبعه إدانات واستنكارات وهلم جرا.

 

ويلوّح خبثاء إلى أن جانباً من التعامل العربي الإعلامي يغلب عليه إما انتظار حدوث تغيير كبير في السياسات الأميركية أو التكتيكات الإسرائيلية أو التحركات الأوروبية أو وقوع مفاجآت صينية أو روسية، أو أن تضغط التظاهرات الغربية الرافضة للتجويع والإبادة والتهجير لأهل غزة على الأنظمة الحاكمة فتضطر إلى إنقاذ المظلومين، أو القول بأن الداخل الإسرائيلي ينهار ويتوقع أن تتفتت الدولة وتشيع الفوضى، أو أن الديمقراطية الإسرائيلية المزعومة تلفظ أنفاسها الأخيرة والشعب الإسرائيلي سيثور في أقرب وقت، وجميع ما سبق من شأنه أن يكتب النصر لفلسطين والنجاة لأهلها والعزة للعرب.

الغريب أن الجهود العربية الحقيقية والخطوات الفعلية التي جرى اتخاذها، ولو من باب إنقاذ ما يمكن إنقاذه، تجد نفسها في منافسة شرسة مع المحتوى الذي يدق بكل قوة على وتر انتظار تفكك إسرائيل وانتشار الفوضى في أميركا، وتحول الرأي العام الغربي الرافض للانتهاكات الواقعة في غزة إلى قنبلة تقلب المعادلة رأساً على عقب، وهو المحتوى الذي تسهم الـ "سوشيال ميديا" فيه بقدر كبير، سواء بالضخ أو بإعادة تدوير هذه النوعية في الإعلام التقليدي.

ويبدو أن البعد عن الواقعية بعض الشيء أو كله أحياناً، والإفراط في العاطفية فترات طويلة، والاعتماد على ما نتمنى أكثر على ما نستطيع أو ما نملك فعلياً، أمور ثقافية أسهمت في إعطاء فسحة زمنية لتكريس وقائع على الأرض، واستيطان منظم مستمر لا يعرقله تهديد أو ينغص عليه وعيد.

الفروق الثقافية والنفسية بين العرب والإسرائيليين على رغم تنوع أعراقهم وأصولهم كثيرة، وهذه الفروق والاختلافات تلقي بظلالها على الحروب والمفاوضات ولغة الإعلام وجهود إحلال السلام، وعلى رغم ذلك قلما تتطرق إليها الدراسات والبحوث، ولا سيما من الجانب العربي.

في المقابل نشر أستاذ علم النفس الإسرائيلي بنيامين هلاهمي ورقة عنوانها "بعض العوامل النفسية والاجتماعية والثقافية في الصراع العربي - الإسرائيلي" (1972)، وأشار فيها إلى ضرورة معرفة المقصود بالشخصية العربية أو الشخصية الوطنية لفهم المقصود حين يقال إنها أثرت في مسار الصراع بينهم وبين إسرائيل، ونبه إلى خطورة التعميم أو الاعتماد على أفكار أو صور نمطية يجري الترويج لها على الجانبين، وكما هو متوقع فإن الشخصية العربية، وصفها أكاديميون ومحللون إسرائيليون قبل عقود بأنها تميل إلى الشك والمحافظة والقدرية، وعرض هلاهمي ما كتب عن العرب من فهلوة أو محاولة تحقيق الأهداف بأقصر الطرق وأسرعها وأسهلها، ومعها الميل إلى التهويل وأحياناً تطويع الحقائق بحسب المطلوب، وغيرها من النعوت والصور النمطية التي يروجها طرف، ربما مستفيداً من غياب المنهج العلمي والبحثي من قبل الطرف الآخر والذي من شأنه أن يرد الحجة بالحجة والبحث بالبحث وربما اللامنطق بمنطق.  

وأشار هلاهمي كذلك إلى أن الدراسات التي جرى إنجازها لفهم الصفات الشخصية والأنماط المميزة للإسرائيليين أكثر ندرة من تلك التي جرى إنجازها لدى العرب، وربما يعود ذلك لتعدد الأعراق وكون إسرائيل بوتقة يختلط فيها الجميع، لكن أشار إلى نعوت مثل الشعور الدائم بالتهديد والشعور بالنقص والشك وعدم الثقة في الآخرين.

تهديد مزمن ومصالح

ومن أكثر النقاط المثيرة التي طرحها ما كتب من قبل عن أن كلاً من العرب والإسرائيليين يتعامل مع التهديد المزمن الذي يتسبب فيه الآخر بصورة تمنع التفتت الداخلي والجمود واللامبالاة، وبالتالي تدري إدارة معدلات القلق صعوداً وهبوطاً بحسب ما تعتبره كل أمة تهديداً لمصالحها الحيوية وأولوياتها.

تطبيق هذه الفكرة على إسرائيل الكبرى المطروحة على الساحة حالياً وهمٌ وخيال وأضغاث أحلام بحسب ردود الفعل العربية القلقة، وحقيقة يراد تحقيقها وحلم مطلوب تفعيله ومشروع قومي يجتمع عليه الشعب، والأهم من ذلك معتقد يقولون إنه ديني لا مجال للتخلي عنه.

وعربياً تبقى قوة الدعاء على الظالم والتضرع إلى السماء للانتقام من المعتدي وملصقات فلسطين ودعماً لغزة على زجاج السيارات مصدر قوة شعبية، ووسيلة ضغط على السماء حال انتهت حلول الأرض، فقد ظل التعامل العربي مع القضية الفلسطينية منذ عام 1948 تعاملاً قائماً على "لاءات" وتنديدات وانقسامات وفرص ضائعة حتى بعد الانتصارات والمكتسبات، وكثير من ماذا لو؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ماذا لو قبل العرب بالمعروض عام 1947؟ والإجابة أنه لربما كانت القضية أفضل حالاً اليوم وربما جرى تحميل من قبل مغبة ضياع جزء من الأرض، وماذا لو لم تخرج قمة الخرطوم بلاءات وخرجت بباب مفتوح أمام التفاوض وحلول الوسط؟ فلربما كانت القضية أفضل حالاً اليوم وربما جرى تحميل المشاركين في المؤتمر مغبة عدم التمسك باللاءات، وماذا لو لم يمانع العرب ويقاطعوا مصر ويعزلوها عن الجسد العربي بعد اتفاقات السلام التي أبرمها السادات؟ فلربما كانت القضية أفضل حالاً وربما جرى تحميل غير الممانعين تهمة ضياع القضية، وماذا لو لم تقم "حماس" بعملية السابع من أكتوبر 2023؟ فلربما كانت القضية أفضل حالاً اليوم وربما طالبها بعضهم بالقيام بعمل مقاومة ضخمة لإيقاظها كما لم تستيقظ من قبل، حتى لو أدى ذلك إلى موتها.

أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دنفر الأميركية أحمد عبدربه أشار في مقالة عنوانها "لماذا يخسر العرب دائماً في القضية الفلسطينية؟" (2020) إلى ما تعلمه من أستاذ القانون الدولي الراحل سمعان بطرس فرج الله من أن القوانين الدولية والمنظمات الدولية لا تغير من موازين القوة للدول المتصارعة، فقط تحكم الدول الضعيفة، أما الدول القوية فلا تخضع لقواعد هذا القانون، ومن هنا فكل دولة عليها البحث عن عناصر قوتها المادية والمعنوية والاستثمار فيها وإلا ستخسر صراعاتها أمام الدول الأخرى الأكثر منها قوة.

وتشير الفكرة إلى أن المنظمات الدولية عادة لا تنتصر للقانون الدولي في أي صراع فيه قوة دول قوية، وليس في مقدورها حسم الصراعات بين دول قوية وأخرى ضعيفة، ويقول عبدربه إن الفكرة بدت غارقة في التشاؤم قبل أعوام لكن الأيام تثبت أن المدرسة الواقعية في فهم العلاقات الدولية هي الأكثر قدرة على تحليل الأحداث الدولية، ولا سيما حين يتعلق الأمر بصراعات غير متكافئة.

أفكار أخيرة بحسب المنهج الواقعي، هل الواقعية تملي تصحيح مسمى الصراع العربي - الإسرائيلي إلى صراع الدول العربية المعنية مع إسرائيل وأميركا وغيرها؟ هل نجاح إسرائيل في جر رجل العرب إلى تحويل الصراع إلى إسلامي يهودي في تدمير القضية؟ هل حان وقت التفرقة بين منطق القوة ومثالية العدل؟ هل ساعدت السياسات والأولويات والمجريات السابقة في مزيد من التوسع الإسرائيلي؟

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير