ملخص
أعلنت غرفة طوارئ معسكر أبو شوك بالفاشر عن تجدد الاشتباكات أمس بين الجيش وقوات "الدعم السريع" من المحور الجنوبي للمدينة وتعرض المعسكر لقصف مدفعي أسفر عن وقوع إصابات بين صفوف المدنيين.
قتل سبعة أشخاص وأصيب 71 أمس السبت خلال ضربة على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان، بحسب ما أفاد مصدر طبي وكالة الصحافة الفرنسية اليوم الأحد، محملاً قوات الدعم السريع المسؤولية عن الهجوم.
وقال المصدر الطبي في مستشفى الفاشر، طالباً عدم الكشف عن هويته، إن من المتوقع أن "يكون عدد الضحايا أكبر بسبب أن بعضهم لم يستطع الوصول إلى المستشفى جراء كثافة القصف".
وتفرض قوات الدعم السريع التي تخوض حرباً مع الجيش منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 حصاراً منذ مايو (أيار) من العام ذاته على الفاشر، المدينة الرئيسة الوحيدة في الإقليم والتي لا تزال تحت سيطرة الجيش، ومذ سيطر الجيش على الخرطوم في مارس (آذار) الماضي صعّدت "الدعم السريع" هجماتها على الفاشر والمخيمات المحيطة بها في محاولة لإحكام قبضتها على غرب السودان.
واستهدف الهجوم الأخير أحياء مكتظة في غرب المدينة وقرب المطار الذي تحاول قوات الدعم السريع السيطرة عليه، وأصبحت الفاشر مهددة بالمجاعة ومعزولة عن العالم وبلا مساعدات إنسانية ومن دون أي مخرج تقريباً.
وخلال الأسابيع الأخيرة أفاد شهود وطواقم إغاثة عن هجمات هي الأعنف لقوات الدعم السريع منذ بدء الحرب، مع استمرار القصف والنهب والهجمات البرية وتزايد انعدام الأمن، وباتت الحرب بين الجيش السوداني و"الدعم السريع" في عامها الثالث وقد أودت بعشرات الآلاف وأجبرت الملايين على النزوح، فيما ينتشر الجوع في معظم أنحاء البلاد.
ويحفر كثير من المواطنين في الفاشر خنادق لحماية أنفسهم من القذائف والرصاص الطائش، ويحاول آخرون الفرار من المدينة فيما تستهدف مخيمات النازحين القريبة، خصوصاً مخيم أبو شوك.
وبينما تحاصر الحرب مئات الآلاف داخل الفاشر يقول من حاولوا الفرار للمدن المحيطة بأن الطريق تملؤها الجثث، وتحذر منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أن الفاشر التي لجأ إليها نحو 300 ألف شخص أصبحت بؤرة لمعاناة الأطفال.
ضربات عنيفة على مواقع "الدعم السريع"
وجهت مسيرات الجيش السوداني أمس السبت ضربات عنيفة على مواقع ومتحركات قوات "الدعم السريع" في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور وأجبرتها على التراجع جنوباً، وذلك رداً على قصف مدفعي مكثف من جانب الأخيرة على المدينة من الناحيتين الجنوبية والشمالية الشرقية.
وفي مواصلة لضغطها العسكري بتكثيف هجماتها المستمرة على المدينة للأسبوع الثاني على التوالي، تابعت قوات "الدعم السريع" أمس قصفها المدفعي مستهدفة فرقة الجيش وأحياء المدينة السكنية ومعسكر أبو شوك للنازحين.
وبحسب مصادر ميدانية ردت مدفعية الجيش بقصف مدفعي عنيف ضد ارتكازات "الدعم السريع" في مناطق نقاط تقدمها في محيط مقر شرطة الاحتياط المركزي وسجن شالا وعمارة علي محمود، كما هاجم الطيران الحربي للجيش أمس تجمعات الميليشيات في محيط مدينة الفاشر.
مواجهات القشلاق
أوضحت مصادر مطلعة أن معارك ومواجهات دارت أمس السبت بين الجانبين في محيط قشلاق (الثكنات) التابعة للفرقة السادسة مشاة للجيش بمدينة الفاشر، مؤكدة إحباط الجيش محاولة تسلل لـ"الدعم السريع" نحو مجمع الوزارات الحكومية.
وأعلنت تنسيقية لجان المقاومة الفاشر أن مسيرات الجيش ومدفعية الفرقة السادسة مشاة أكدت في تصديها ودحرها للميليشيات أمس أنها ركيزة قوية والبطل المجهول في هذه المعركة.
بدورها أعلنت غرفة طوارئ معسكر أبو شوك بالفاشر عن تجدد الاشتباكات أمس بين الجيش وقوات "الدعم السريع" من المحور الجنوبي للمدينة وتعرض المعسكر لقصف مدفعي أسفر عن وقوع إصابات بين صفوف المدنيين.
تدهور سريع
في الأثناء وصف مراقبون من داخل الفاشر الوضع الإنساني بالمدينة بأنه آخذ في التدهور السريع على نحو بالغ السوء يتطلب تدخل سريعاً لا يحتمل أي انتظار.
وكشف المراقبون عن توغل ميداني من جانب "الدعم السريع" في الجزء الجنوبي الغربي بوصولها إلى حي أولاد الريف ضمن توغلاتها الأخيرة التي بدأت بمنطقة سوق المواشي وأحياء الثورة جنوب والرديف والوادي.
من جانبها قالت قوات "الدعم السريع" إن قواتها تواصل التقدم داخل أحياء المدينة وتمكنت أمس من السيطرة على مقر القشلاق (الثكنات) التابعة للفرقة السادسة مشاة للجيش الفاشر.
ويواجه سكان الفاشر العالقين في خضم القتال أوضاعاً إنسانية قاسية وسط الجوع والكوليرا والقصف بسبب نفاد الإمدادات الغذائية والدوائية نتيجة الحصار الطويل والقصف والمواجهات المستمرين، وباتت حياة المدنيين المحاصرين داخل المدينة على المحك، بينما تمنع قوات "الدعم السريع" وصول الإغاثة والسلع بتحكمها في كل طرق الخروج والدخول إلى المدينة.
مؤشر خطر
في السياق قال المحلل الأمني والسياسي اللواء السابق بجهاز الاستخبارات السوداني عبدالهادي عبدالباسط إن توغل الميليشيات في مناطق حي الوادي وتمباسى والسجل المدني بمدينة الفاشر مؤشراً خطراً، منوهاً بأن هذا الوضع كان يتطلب إعلان حالة الطوارئ القصوى وإعلان التعبئة العامة العظمى باستدعاء المعاشيين وقوات الدفاع الشعبي وحشد الجيوش والمقاتلين لفك الحصار عن مدن الأبيض والنهود والفاشر بصورة متزامنة والتوجه نحو معقل الميليشيات في مدينة الضعين بشرق دارفور لإرباك المتمردين.
حذر عبدالباسط في رسالة وجهها إلى رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش الفريق عبدالفتاح البرهان من أن مدينة الفاشر تستغيث الآن بعدما قدمت كل ما في استطاعتها لأكثر من عامين وهي ترزح تحت الحصار والضغط، بينما تقوم خطة المتمردين على الإنهاك عبر الهجمات المستمرة ليلاً ونهاراً حتى الانهيار.
ونوه المحلل الأمني بأن عزيمة وإصرار المتمردين الشديد على إسقاط الفاشر لم تجر مقابلته بمثله بالعمل والبيان، بل وقفنا نتفرج ونصفق لأهل الفاشر وصمودهم وبين الحين والآخر نطلق التصريحات التي لا تسمن ولا تغنى من جوع.
خطر السقوط
تساءل اللواء السابق بجهاز الاستخبارات السوداني عبدالهادي عبدالباسط في رسالته، "من يخبر قيادتنا بأن سقوط الفاشر أكثر خطراً وأعظم هلكة من كل معاركنا السابقة، وأن سقوطها يعني مباشرة سقوط الأبيض وكذلك سقوط الدلنج وكادوقلي بجنوب كردفان، مما يعني بدوره تهديداً كبيراً ومباشراً للولاية الشمالية ونهر النيل والخرطوم مرة أخرى".
ومضى في رسالته، "من يخبر قيادتنا أن فك حصار الفاشر والأبيض أسهل (مليون مرة) وأقل كلفة من استعادتها بعد سقوطها، هذا إن اكتفى المتمردون بها ولم يسعوا لإسقاط كل بلادنا بعدها".
ومنذ أسبوعين تشن قوات "الدعم السريع" هجمات متتالية على الفاشر تقول إنها توغلت خلالها نحو مواقع قريبة من قاعدة ومقار الجيش، وآخرها (قشلاق) الفرقة السادسة للجيش الذي هو موقع سكن الجنود والضباط.
مسيرات وانتهاكات
في ولاية النيل الأبيض أكدت مصادر عسكرية أن الدفاعات الجوية للجيش تصدت لست طائرات مسيرة معادية كانت في طريقها لمهاجمة مواقع الجيش داخل معسكر الطلحة شمال مدينة الدويم وأسقطتها كلها من دون خسائر في الأرواح أو المعدات.
وفي شمال كردفان لقي أكثر من 10 أشخاص حتفهم وأصيب عدد آخر من المدنيين بقرية أولاد الشريف نتيجة مهاجم طائرة مسيرة تتبع لـ"الدعم السريع" القرية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح تعميم لمكتب الناطق الرسمي للجيش أن "ميليشيات آل دقلو تواصل في انتهاكاتها ضد المدنيين وجرائم الحرب باستهداف مسيراتها أمس لقرية أولاد الشريف بمنطقة (أم اندرابة) على طريق الصادرات الغربي، مما أدى إلى مقتل أسرة من خمسة أفراد بينهم طفلتين وجرح ستة آخرين من مواطني القرية".
قصف هجليج
في جنوب كردفان وللمرة الثانية خلال أسبوع استهدفت طائرة مسيرة تتبع لـ"الدعم السريع" أمس مدينة هجليج وقصفت هذه المرة مطار المدينة النفطية مخلفة دماراً كبيراً في مرافقه، وفق مصادر ولائية.
وكانت طائرة مسيرة لـ"الدعم السريع" استهدفت نهاية الأسبوع الماضي مقر جهاز الاستخبارات في المدينة أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة أكثر من ستة آخرين.
استنكار رسمي
بدورها استنكرت الحكومة السودانية الهجوم الغادر الذي نفذته ميليشيات "الدعم السريع" أمس السبت على حقول هجليج النفطية مما تسبب في مقتل وإصابة عدد من المدنيين العاملين في منطقة هجليج.
وأشار بيان للخارجية إلى أن حكومة السودان قد تضطر لدواعٍ أمنية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف العمل في الحقل وإخلاء العاملين في المنطقة حفاظاً على حياتهم.
وأوضحت أن الميليشيات لا تزال تمارس سلوكها الهمجي باستهداف البنية التحتية والمباني الحيوية التي تقدم الخدمات الأساسية للمواطن السوداني، وأن هجماتها تعدت الإضرار بالمصالح الوطنية إلى استهداف مصالح جمهورية جنوب السودان وشركات أجنبية أخرى تستخدم منطقة هجليج لصادر نفط جنوب السودان.
توترات كادوقلي
في الولاية نفسها اندلعت اشتباكات في سوق عاصمتها مدينة كادوقلي أسفرت عن مقتل ثلاثة مواطنين وإصابة آخرين. ومنذ أيام تشهد سوق المدينة توترات أمنية على خلفية خلاف بين جندي وأحد التجار، ومقتل التاجر على يد الجندي سرعان ما تطورت إلى أعمال شغب ونهب في سوق المدينة، وأدت إلى مقتل أربعة تجار وجندي إلى جانب إصابة آخرين.
وبحسب مواطنين محليين جرى إغلاق السوق وقطع شبكات الإنترنت الفضائي (ستارلينك) عقب تدخل قائد الفرقة العسكرية بالمنطقة لاحتواء الأحداث ونشر قوات إضافية لحفظ الأمن داخل السوق.
وتسببت أزمة السيولة النقدية في مدينة كادوقلي أكثر من مرة في اضطرابات أمنية بالفترة الأخيرة نتيجة الفارق الكبير في أسعار السلع عند السداد النقدي وعبر التطبيقات المصرفية الإلكترونية.
قسم "حميدتي"
إلى ذلك أدى الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد "الدعم السريع" اليمين الدستورية رئيساً لما يعرف بـ"المجلس الرئاسي" أمس السبت في مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور، كما أدى رئيس الحركة الشعبية/ شمال عبدالعزيز الحلو القسم نائباً للرئيس، بجانب أداء أعضاء المجلس الرئاسي الذي يضم 15 عضواً، من بينهم حكام الأقاليم القسم أمام رئيس المجلس، توطئة لمباشرة مهامهم الرسمية.
وتقوم رؤية تحالف تأسيس السودان وفق المهام الأساسية لحكومته الانتقالية (الموازية) على إنهاء الحرب وإحلال السلام وتأسيس دولة السودان على أسس جديدة وتطبيق النظام الفيدرالي اللامركزي.
تحركات "صمود"
سياسياً، أعلن التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود" عن عقد اجتماع مع وفد مشترك من الاتحاد الأفريقي والإيغاد والاتحاد الأوروبي.
وأوضح التحالف أن اللقاء في دولة جنوب أفريقيا في إطار جولة تشاورية يقوم بها الاتحاد الأفريقي و(إيغاد) للتفاكر مع الفاعلين السودانيين في إطار التحضير لإطلاق عملية سياسية وحوار سوداني سوداني للوصول إلى رؤية مشتركة لإيقاف الحرب وإحلال السلام المستدام.
وقال بيان لـ"صمود" إن الاجتماع شهد نقاشاً مستفيضاً وشفافاً، عرض فيه التحالف رؤيته لوقف الحرب وأهمية حياد المؤسسات الإقليمية والدولية وعدم انحيازها لأي من الأطراف، مشدداً على ضرورة ملكية وقيادة السودانيين للعملية السياسية مع التيسير والمساندة الدولية لحوار حقيقي وشفاف. وأمن الاجتماع على مواصلة النقاش البناء والتعاون بين التحالف والمنظمتين الإقليميتين بصورة مستمرة وإيجابية.
وأكد ممثلو الاتحاد الأفريقي و"إيغاد" حرصهم على تسريع جهود إحلال السلام في السودان، وعلى مواصلة النقاش البناء والتعاون بين التحالف والمنظمتين الإقليميتين بصورة مستمرة وإيجابية، وفقاً للبيان.
وأكد البيان عزم التحالف مواصلة تحركاته من أجل حشد الجهود داخلياً وإقليمياً ودولياً للتوصل بصورة عاجلة إلى وقف إطلاق نار إنساني للتعجيل بوصول المساعدات الإنسانية للملايين من السودانيين الذين تقطعت بهم السبل جراء الحرب والتوصل إلى سلام شامل ومستدام ينهي الحرب التي طال أمدها.
على نحو متصل أوصت ورشة عمل لتحالف "صمود" حول حقوق الإنسان في السودان عقدت بالعاصمة الأوغندية كمبالا تكوين مرصد مدني لحقوق الإنسان يرصد كافة الانتهاكات لحقوق الإنسان في السودان، خصوصاً أثناء الحروب السودانية التي نتج منها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وللبنية التحتية للبلاد.
أرواح تنتظر
أممياً، طالب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم بضرورة وصول الإمدادات المخزنة مسبقاً في مدينة نيالا بجنوب دارفور نحو (200 كيلومتر) إلى الفاشر فوراً، مشيراً إلى وجود 260 ألف شخص في الفاشر يحتاجون إلى المساعدة الصحية بينهم 130 ألف طفل يعانون سوء التغذية من دون طعام كافٍ، وتعتمد أرواحهم على ذلك.
لفت أدهانوم في منشور على حسابه بمنصة "إكس" إلى أن عديداً من ضحايا العنف الجنسي في المدينة يفتقرون إلى الرعاية الصحية والدعم النفسي، مبيناً أن المدينة المحاصرة منذ أكثر من 500 يوم بها 5 آلاف حالة يشتبه في إصابتها بالكوليرا من بينها قرابة 100 وفاة مرتبطة بالمرض.