Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المأساة الإنسانية تتفاقم في الفاشر والسكان محاصرون بالجوع والموت

اليونيسيف: عاصمة شمال دارفور أصبحت "بؤرة لمعاناة الأطفال"

سودانيون ينتظرون تلقي وجبات مجانية في الفاشر، في 11 أغسطس (أ ف ب)

ملخص

تحاصر الحرب مئات الآلاف داخل الفاشر، ويقول من حاولوا الفرار إلى المدن المحيطة إن الطريق تملأه الجثث. وبفعل الحصار والهجمات العنيفة، لا تدخل المساعدات إلى المدينة التي لم تشهد حركة تجارية منذ أشهر، بينما انقطعت عنها الاتصالات مما يجعل الحصول على صور عن الحياة اليومية هناك تحدياً كبيراً.

في مدينة الفاشر المحاصرة بإقليم دارفور غرب السودان أخذت الحرب منحى عنيفاً خلال الأسابيع الأخيرة، بينما لا يجد السكان مفراً من الجوع والموت.
منذ أكثر من عام تحاصر قوات "الدعم السريع" الفاشر عاصمة شمال دارفور، وهي العاصمة الوحيدة داخل الإقليم الشاسع والتي لا تزال تحت سيطرة الجيش السوداني، إلا أن شهوداً وطواقم إغاثة يتحدثون خلال الأسابيع الأخيرة عن هجمات لـ"الدعم السريع" هي الأعنف منذ بدء الحرب.
ودخلت الحرب بين الجيش و"الدعم السريع" عامها الثالث، وأودت بعشرات الآلاف وأجبرت الملايين على النزوح، فيما ينتشر الجوع داخل معظم أنحاء البلاد.
وأدت الحرب إلى تقسيم السودان إلى مناطق نفوذ، حيث يسيطر الجيش على شمال وشرق البلاد بينما تسيطر "الدعم السريع" على معظم إقليم دارفور في الغرب وأجزاء من الجنوب.

مأساة الفاشر

وعلى وقع انفجار القذائف المدفعية المستمر يعيش عشرات الآلاف داخل الفاشر بلا مأوى أو طعام كاف، بينما تنتشر عدوى الكوليرا في غياب المياه النظيفة والرعاية الصحية.
فقدت حليمة هاشم، أم لأربعة أطفال وتبلغ 37 سنة، زوجها جراء قصف مدفعي العام الماضي "حين كان يحاول شراء مستلزمات البيت"، بحسب ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وأضافت "بعد مقتل زوجي انتقلنا لمخيم زمزم (للنازحين في ضواحي الفاشر) لكن هاجمته ’الدعم السريع‘ فرجعنا إلى الفاشر"، مضيفة أن "الوضع صعب لكن الخروج (من الفاشر) خطر ومكلف ونحن لا نملك المال".
خلال الأشهر الأخيرة كثفت قوات "الدعم السريع" هجماتها على دارفور وكردفان جنوب البلاد، في محاولة لإيجاد توازن مع الجيش الذي أخرجها من العاصمة الخرطوم ومدن رئيسة أخرى وسط البلاد.
ومنذ ذلك الحين تشهد الفاشر ومخيمات اللجوء المحيطة بها أعمال عنف متواصلة تستهدف أسواقاً وأحياء مدنية.

معاناة الأطفال

خلال أبريل (نيسان) الماضي، أودى قصف مدفعي عنيف على مخيم زمزم، أحد أكبر مخيمات النازحين المحيطة بالفاشر، بالمئات وأدى إلى فرار نحو نصف مليون من سكانه انتهى بهم المطاف في شوارع الفاشر ومدن شمال دارفور.
وتحذر منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" من أن الفاشر أصبحت "بؤرة لمعاناة الأطفال".
ويقول محمد خميس دودة، وهو عامل إغاثة نزح من مخيم زمزم إلى الفاشر خلال أبريل الماضي، إن المدينة تعاني "المجاعة وكوارث أخرى"، موضحاً لوكالة الصحافة الفرنسية أن الأمراض منتشرة فيما لا توجد مياه نظيفة أو أدوية، مما يؤثر خصوصاً على المصابين بالشظايا أو طلقات الرصاص.
وشدد "نحن نرسل صوتنا لكل الجهات للتدخل الفوري لاحتواء أزمة انتهاك حقوق الإنسان بصورة صارخة وإجبار المقاتلين من الطرفين" على وقف الحرب "وإنقاذ من تبقى".

الجثث تملأ الطرق

وبينما تحاصر الحرب مئات الآلاف داخل الفاشر، يقول من حاولوا الفرار إلى المدن المحيطة إن الطريق تملأه الجثث.
وبفعل الحصار والهجمات العنيفة، لا تدخل المساعدات إلى المدينة التي لم تشهد حركة تجارية منذ أشهر، بينما انقطعت عنها الاتصالات مما يجعل الحصول على صور عن الحياة اليومية تحدياً كبيراً.
ويفيد السكان بأن تصوير أماكن معينة قد يعرضهم للهجمات.
وتوضح لقطات نادرة حصلت عليها وكالة الصحافة الفرنسية مجموعات من خمسة أو ستة أشخاص يتشاركون طبقاً واحداً في تكية (مطبخ جماعي) يملأها الدخان، فيما يبدو عليهم الهزال. وقربهم تستخدم نساء عصياً خشبية لتقليب معجون بني ثقيل يغلي في قدور وضعت على مواقد من جذوع الشجر، بينما ينخل الرجال مسحوقاً من دقيق الدخن والذرة إذا توافر، ويستبدلون علفاً حيوانياً به في كثير من الأيام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نقص الغذاء وسوء التغذية

يخيم على المشهد صمت ثقيل لا يقطعه إلا أصوات طلقات الرصاص.
وخلال الآونة الأخيرة باتت تقدم التكايا وجبة مجانية واحدة في اليوم بدلاً من اثنتين، في ظل نقص المواد الغذائية.
وتوفيت أخيراً أم وأطفالها الثلاثة وجدتاهم بعدما تغذوا لأسابيع على العلف الحيواني، بحسب متطوعين إغاثيين.
وحذرت الأمم المتحدة المجاعة داخل مخيمي زمزم وأبو شوك قرب الفاشر من أن 40 في المئة من الأطفال يعانون سوء التغذية الحاد، أو سوء التغذية الحاد الشديد.

وفيات الأطفال

وقال آدم عيسى أحد المتطوعين المحليين إنه خلال أغسطس (آب) الجاري بلغ معدل وفيات الأطفال في مخيم أبو شوك وحده، خمسة أطفال يومياً.
ويأخذ إبراهيم عيسى (47 سنة) وزوجته أطفالهما الستة إلى التكية "حينما تكون الأوضاع هادئة لتناول الوجبة، ثم تعود زوجتي للمنزل مع الأطفال وأذهب أنا لإحضار المياه".
ويقول للصحافة الفرنسية "أما في حال القصف فنظل بالمنزل وندخل الخندق الذي حفرناه قبل تسعة أشهر".
يُذكر أنه خلال 10 أيام فقط خلال أغسطس الجاري قتلت الهجمات العنيفة 89 شخصاً في الأقل داخل الفاشر ومخيم أبو شوك، بحسب الأمم المتحدة.
واستهدفت هجمات "الدعم السريع" كذلك مطار الفاشر وأحياء سكنية ومقراً للشرطة المحلية.

محاولة النجاة ولكن...

وفي محاولة للنجاة، يتجه كثر غرباً إلى مدينة طويلة على بعد نحو 70 كيلومتراً إلا أن بعضهم يفقد حياته من الجوع والعطش على الطريق، وفقاً لمتطوعين محليين.
ويفيد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في طويلة بأن معظم النازحين إليها يعانون الصدمة والإرهاق إضافة إلى إصابة كثر بطلقات الرصاص.
حاول إبراهيم عيسى الفرار من الفاشر مع عائلته خلال مايو (أيار) الماضي، ولكن منعتهم الاشتباكات العنيفة.
أما صالح عيسى (42 سنة) فمشى مع عائلته لثلاثة أيام حتى وصلوا إلى طويلة، قائلاً "كنا نسير في الليل لتفادي نقاط التفتيش ونقضي النهار في ظل شجرة، وبعد ثلاثة أيام بلغنا طويلة. الوضع في طويلة أمان، لا يوجد قصف، ولكن الحصول على الأكل والمياه صعب".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات