Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يريد المصريون من صحافتهم وإعلامهم؟

يأسف مصريون على أن المواطن لم يعد من حقه أن يشارك برأيه في كثير من القضايا ويأملون أن تُسمع أصواتهم عبر شاشات التلفاز وعناوين الصحف

يتمنّى مصريون أن تتصدر معاناة المواطن المعيشية عناوين الصحف وأحاديث الإعلام (رويترز)

ملخص

يضيف الرجل السبعيني بحسرة، "كنت أتمنى حين أتصفح مانشيتات الصحف أو أطالع ما يستعرضه مقدمو البرامج التلفزيونية أن تتصدر العناوين الرئيسة معاناة المواطن من لهيب الأسعار أو انعكاسات أزمة الدولار على حياته المعيشية، لا العناوين الخاصة بزيارة مسؤول لتفقد مشروع ما أو اجتماع لمناقشة بعض البنود أو قيام مسؤول بجولة ميدانية مفاجئة".

"لم يعد لنا صوت، أصبحت مشكلاتنا، وهمومنا اليومية هوامش في عناوين الصحف وعلى شاشات التلفاز"، بتلك الكلمات لخص المواطن الثمانيني محمد غالي حال الإعلام المصري، مما اضطره إلى تغيير عادته التي داوم عليها طوال سنوات عمله بإحدى الهيئات الحكومية قبل خروجه على المعاش، إذ كان حريصاً على شراء ثلاث صحف بين قومية وحزبية وخاصة، لتصفحها أثناء موعد الإفطار بالعمل، ثم العودة مساء لمشاهدة برامج "التوك شو" الشهيرة، ليقرر الاكتفاء قبل خمس سنوات بمتابعة منصات التواصل الاجتماعي ومطالعة الأحداث الإخبارية على الشاشات العربية والأجنبية.

جالساً على مقعده وخلفه مكتبة تحوي صحفاً قديمة في فترات وعصور زمنية مختلفة، يتذكر غالي، "كانت من أسعد اللحظات حين تجتمع الأسرة لمشاهدة برنامج التوك شو الشهير (البيت بيتك) على شاشة التلفزيون المصري، وجرأة القضايا التي يطرحها واشتباكه مع المسؤولين من أجل قضية تخص المواطن أو النقاش مع أفراد العائلة حول مقال يطرح قضية جدلية لأحد كبار الصحافيين والكتاب، أمثال الأستاذ هيكل أو أحمد رجب أو جلال عامر أو مكرم محمد أحمد أو محمود عوض وغيرهم، لكن للأسف اختفى هذا المشهد حالياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يضيف الثمانيني، "لم تعد هناك صحافة الرأي والرأي الآخر، واختفى صناع المهنة ورموزها، وحل بديلاً عنهم أبواق ضعيفة التأثير وقليلة الخبرة والكفاءة ولا تهوى إلا إرضاء المسؤول، فأصبح المواطن خارج المعادلة نهائياً، ولم يعد من حقه أن يشارك برأيه في كثير من القضايا".

قضايا لكن سطحية

بكلمات لا تخلو من الحسرة، يقول غالي لـ"اندبندنت عربية"، "رأي المسؤول أصبح هو الصوت الأوحد، وباتت قراراته تتصدر عناوين بعض الصحف، فيما توارت أخبار المواطن ومشكلاته، وأصبحت تتذيل الصفحات الأخيرة، وباتت المعلومات عن أي قضية جماهيرية مصرية تنشر في الإعلام الأجنبي قبل أن تذاع أو تنشر في مصر".

يتساءل الرجل الثمانيني، "أين صحافة المعارضة التي كانت تعبر عن قضايا الشارع وهمومه وأحياناً تقيل مسؤولين من مناصبهم؟". مشيراً إلى أن المسؤول في فترات زمنية سابقة كان يخشى في كثير من الأحيان مواجهة الصحافيين أثناء الحديث عن مشكلات تتعلق بالمواطن، وكانت الكلمة لها قوتها وتأثيرها وعنفوانها، بينما تبدلت الحال في الوقت الراهن، وأصبح بعض رؤساء التحرير ومقدمي البرامج هم من يخشون غضبة المسؤول لحماية مناصبهم.

 

يمضي غالي في حديثه، "أصبح البحث عن التريند وجذب المشاهدات واللايكات والاهتمام بالقضايا السطحية، مثل التركيز على (فضائح مشاهير الفن والرياضة واليوتيوبرز والبلوغرز) على سبيل المثال هو الشغل الشاغل لدى المنصات الإعلامية، فيما اختفت القضايا المؤثرة التي تشغل اهتمامات المواطن من صدارة العناوين في كثير من المنصات، مثل جنون الأسعار أو تورط مسؤولين في كارثة ما، أو حدوث فاجعة ما نتيجة خطأ لمسؤول أو وفاة مرضى بمستشفى نتيجة إهمال طبي أو وفاة رضع بالحضانات نتيجة انقطاع الكهرباء وغيرها من القضايا".

وفي شأن ما يتمناه في شأن خريطة الطريق الجديدة للإعلام التي أزاحت الستار عنها أخيراً، أجاب غالي، "أتمنى حين نصرخ أو نستغيث من أزمة أو قضية ما إن نرى وجوهنا ونسمع أصواتنا عبر شاشات التلفاز وعناوين الصحف، وأن تعود صحافة الحقيقة التي تعتمد على المعلومات الصادقة والدقيقة، وأن نكون شركاء في خطة التطوير، وأن يتقبل المسؤول مساحة النقد بسعة صدر".

وفي أغسطس (آب) الجاري، وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال اجتماعه بمسؤولي الإعلام، بوضع خريطة طريق شاملة لتطوير الإعلام المصري بـ"الاستعانة بكل الخبرات والكفاءات المتخصصة وإتاحة البيانات والمعلومات للإعلام، بخاصة في أوقات الأزمات التي تحظى باهتمام الرأي العام، وإعلاء حرية التعبير، واحتضان كل الآراء الوطنية ضمن المنظومة الإعلامية".

زيارة مسؤول أم معاناة المواطن؟

لم يخف الرجل السبعيني إسماعيل منصور، صاحب أحد محال البقالة بمنطقة العجوزة (أحد أحياء محافظة الجيزة)، إحساسه بفقدان الصدقية فيما يذاع أو ينشر عبر كثير من المنابر الإعلامية الحالية. موضحاً أن القضايا الرئيسة التي تمس حياة المواطن "لم تعد في مقدمة الأولويات مثلما كان يحدث في فترات سابقة". موضحاً "غلاء أسعار بعض السلع والمستلزمات أو شكاوى المرضى من نقص الدواء أو عرض رأي يغرد خارج السرب في قضية ما، أصبحت مباحة للنشر في الشاشات العربية والأجنبية ومحظور الحديث عنها داخل المنصات الإعلامية المصرية، حتى تيقنت أنها باتت قضايا مزعجة لكثير من المسؤولين ويصعب طرحها للنقاش".

يقول منصور، لـ"اندبندنت عربية"، "وسائل الإعلام المصرية أصبحت تتغافل عن سرد المعلومات والحقائق الكاملة عن كثير من القضايا الجماهيرية، وفضلت الصمت في وقائع عديدة، كعطل سنترال رمسيس أو حادثة الطريق الإقليمي الدائري بالمنوفية، أو هدم مقابر تراثية من أجل تنفيذ مخططات تطوير طرق وغيرها من القضايا".

 

وأظهر التقرير السنوي لمنظمة "مراسلون بلا حدود" (منظمة دولية غير ربحية وغير حكومية)، حول حرية الصحافة، الصادر في مايو (أيار) من العام الماضي، تراجع مصر أربعة مراكز على مؤشر التصنيف العالمي لحرية الصحافة خلال العام الحالي، لتحتل المركز 170 من أصل 180 دولة شملها التصنيف، مقارنة بالمركز 166 خلال العام الماضي.

يضيف الرجل السبعيني بحسرة، "كنت أتمنى حين أتصفح مانشيتات الصحف أو أطالع ما يستعرضه مقدمو البرامج التلفزيونية أن تتصدر العناوين الرئيسة معاناة المواطن من لهيب الأسعار أو انعكاسات أزمة الدولار على حياته المعيشية، لا العناوين الخاصة بزيارة مسؤول لتفقد مشروع ما أو اجتماع لمناقشة بعض البنود أو قيام مسؤول بجولة ميدانية مفاجئة".

ولم يخف منصور دهشته من العبارة المتكررة على لسان المسؤولين "تمس الأمن القومي"، التي أصبحت تستخدم ذريعة في كثير من القضايا، التي يراد حظر الحديث والتناول الإعلامي لها. مسترجعاً، "كنا نتسابق في الصباح الباكر لشراء الصحف من أكشاك الباعة قبل نفادها لمعرفة ما يدور حولنا من أحداث، كانت الصحف القومية المعبرة عن رؤية الدولة ووجهة نظرها، والحزبية التي لديها توجهاتها الفكرية والأيديولوجية، والمعارضة التي تقدم الرأي الآخر بصورة متوازنة وتواجه المسؤول بأعنف التساؤلات حول أخطر القضايا، لكن حالياً أصبحت كل الصحف تصدر بعناوين واحدة من دون تغيير وتخلو الصفحات من أي قضايا جماهيرية جاذبة".

ووجد منصور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي، باعتبارها "المتنفس الوحيد للتعبير عن آرائه وانطباعاته الشخصية في قضية أو حدث ما"، كما يقول. متمنياً أن تعود الأبواق الإعلامية التي كانت تعبر عن صوت المواطن وتناقش مشكلاته وهمومه وتدخل صراعاً مع المسؤول من أجل حقوقه، كما فعلت صحف المعارضة في فترات سابقة.

وخاضت صحف المعارضة المصرية على مر التاريخ معارك ضارية مع الحكام في فترات زمنية متعاقبة، كان ما بينها ظاهرة الإنذار والضغط باحتجاب الصحف التي تعود لعام 1914، حين احتجبت اعتراضاً على قسوة الرقابة العسكرية عليها، واحتجبت مرة أخرى عام 1951، احتجاجاً على قوانين كانت الحكومة تعتزم فرضها على الصحافة، لتقييد حريتها.

 

وفي عهد الرئيس السابق مبارك، احتجبت الصحف المصرية دون القومية ثلاث مرات، جاءت الأولى عام 1995 اعتراضاً على قانون يغلظ عقوبات الحبس في جرائم النشر، والثانية عام 2006 احتجاجاً على مشروع القانون الذي يسمح باستمرار العمل بعقوبة الحبس في قضايا النشر، فيما كانت المرة الثالثة عام 2007، إذ حجبت 15 صحيفة حزبية ومستقلة احتجاجاً على اعتداء الحكومة على حرية الصحافة بإصدارها أحكاماً على مجموعة من الصحافيين ورؤساء التحرير. وفي عام "الإخوان" احتجبت 11 صحيفة يومية وأسبوعية من الصحف الحزبية والمستقلة، اعتراضاً على الإعلان الدستوري، علاوة على عدم الاستجابة لمطالب الصحافيين في الدستور الجديد.

وفي رأي منصور، فإن تدخل الرئيس السيسي لضبط المسار الإعلامي أخيراً بمثابة "خطوة تصحيحية"، بحسب تعبيره، قائلاً "أتمنى إخراج الإعلام من كبوته، وأن يعود إلى مكانته اللائقة، وأن يستعان بالكفاءات والخبرات المؤهلة للعمل الإعلامي، وأن تعرض الحقائق في مختلف القضايا من دون زيف أو تضليل".

وحرص الدستور المصري الصادر عام 2014 على كفالة حرية الصحافة والإعلام، إذ أقرت مادته رقم 65 أن حرية الفكر والرأي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول والكتابة أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر، ثم جاءت المادة رقم 70 بالنص على كفالة حرية الصحافة والطباعة والنشر. كما حظرت المادة 71 فرض الرقابة المطلقة على الصحف ووسائل الإعلام، إلا في زمن الحرب أو التعبئة العامة، كما قيدت كذلك توقيع عقوبات سالبة للحرية على جرائم النشر، وضمنت المادة 72 استقلال المؤسسات الصحافية ووسائل الإعلام.

عزوف عن الإعلام وأيضاً الصحف

في أحد المقاهي الشعبية بمنطقة وسط البلد، بدا حديث الرجل الثمانيني مصطفى الوكيل أو "عم بندق" كما يلقبه زملاؤه، ويعمل قهوجي (صانع القهوة والشاي) طوال أكثر من 40 عاماً، متحفظاً في البداية لكن مع مرور الوقت استرسل في حديثه، "كنت أداوم على شراء صحيفتي الأهرام القومية والدستور المعارضة لتصفحهما قبل تحضير المشروبات للزبائن، وكانت أسعار الصحف آنذاك زهيدة وفي متناول الأيدي ومليئة بالقضايا المثيرة الأكثر جاذبية، كنت أعرف أحوال البلد منها، لكن حالياً أصبح سعرها باهظاً وأصبحت فارغة المضمون والمحتوى ومتشابهة في ما بينها، فقررت العزوف عن شرائها وتوفير نفقاتها في شراء وجبة إفطار أو مستلزمات منزل".

وفي يونيو (حزيران) من عام 2019، أعلنت الهيئة الوطنية للصحافة الموافقة على زيادة أسعار الصحف القومية بقيمة جنيه واحد لكل من الصحف اليومية والأسبوعية مع تأكيد ضرورة أن يرتبط رفع السعر بالارتقاء الخدمة الصحافية المقدمة.

 

يضيف عم بندق، "كثيراً ما كنت أختلس النظر لمشاهدة كبار مقدمي برامج التوك شو أثناء تحضير المشروبات للزبائن، وكانت تعجبني حوارات الأستاذ هيكل في تحليل الشؤون الخارجية، واستمتع بمواجهات وائل الإبراشي وحمدي قنديل وغيرهما، لكن حالياً أشعر أن غالب مقدمي البرامج أصبحوا يعيشون في جزر منعزلة عن المواطن، لا يتحدثون إلا عن المشروعات والإنشاءات ومخططات التطوير في الطرق والكباري والمدن الساحلية، وتغافلوا أوجاع الناس الحقيقية، فأصبحت لا أرغب في المشاهدة، وأركز على كسب قوت يومي فقط".

بنبرة حزن، يقول الرجل الثمانيني، "سئمت سماع نبأ إغلاق صحيفة وتسريح صحافيين أو احتجاب موقع إلكتروني أو منع مقال من النشر أو إعلامي من الظهور أو حبس صحافي في قضية رأي، أتحسر على غياب كبار الرموز والإعلاميين الذين شاهدتهم على مر السنين، لذلك يجب ألا يلوم البعض المواطن إذا لجأ لإشباع رغبته في الحصول على المعلومات من القنوات الأجنبية، لأنه لم يعد هناك بديل آخر للحصول على المعلومة".

وخلصت دراسة أجرتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير الحقوقية في يونيو من عام 2020 إلى أنه منذ عام 2017 طاول الحجب مئات المواقع الإلكترونية، "وهدفت الحكومة من تنفيذه إلى السيطرة على المحتوى الذي يخرج للجمهور عبر هذه المواقع، بخاصة تلك التي لا تخضع لرقابة الحكومة"، وأضافت الدراسة "ممارسات الحجب استهدفت في بداياتها عدداً من المواقع الصحافية والإعلامية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين أو المجموعات القريبة منها، ثم تطورت لتطاول مواقع صحافية وإعلامية محلية مستقلة، وكذلك التابعة لمؤسسات إعلامية دولية، وأخرى تابعة لمؤسسات حقوقية".

فيما قررت عواطف المهدى، معلمة بإحدى المدارس الخاصة، مقاطعة الصحف وبرامج التوك شو قبل سنوات، متسائلة "هل من المنطقي والمعقول أن يعاني المواطن غلاء الأسعار أو انقطاعات الكهرباء المتكررة أو مصروفات المدارس الباهظة، وتتجاهل الصحف ذلك ونجد مقدمي البرامج يستضيفون المسؤولين عن تلك المشكلات لتقديم النصح والتوجيه؟". مشيرة إلى أن الإعلام صنع خلال السنوات الماضية جداراً عازلاً بين المواطن وصانع القرار، فلم يعد ينقل إلا التصريحات الوردية للمسؤولين وتناسى طبقات الشعب البسيطة.

 

تتوافق رؤية الثلاثيني عماد محمود، مالك أحد المطاعم الشعبية لبيع الفول والطعمية بحي الدقي بمحافظة الجيزة، مع الآراء السابقة، إذ يرى أن الإعلام المصري عمد إلى تبرير وجهات نظر المسؤولين وطرح أفكارهم على حساب المواطن، قائلاً "سعر وجبة الفول والطعمية أصبح جنونياً، ويفوق طاقة كثير من الأسر المصرية، لم تعد وجبة شعبية مثلما كانت في الماضي، ومع ذلك لم أر صحيفة أو قناة تلفزيونية ترصد هذا الأمر وتواجه المسؤول بهذا الغلاء الجنوني في الأسعار". مستطرداً، "الإعلام حالياً في الإنعاش، وانفصل تماماً عما نعانيه".

"الحال نايم"، كلمات مقتضبة عبر من خلالها الرجل الخمسيني محمد كمال، بائع صحف بمنطقة وسط البلد عن واقع ما يعانيه سوق الصحافة حالياً. مشيراً إلى أن الجمهور كان يقبل على شراء الصحف في فترة الثورات والأزمات وما قبلها، كنت أوزع أعداداً كبيرة من النسخ اليومية لمختلف الصحف، لكن حالياً أشعر بأن القارئ لم يعد لديه رغبة في القراءة وفقدت كثير من زبائني.

وبحسب إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (جهة حكومية)، في مايو (أيار) من العام قبل الماضي، فإن عدد الصحف العامة التي صدرت عام 2021 بلغ 61 صحيفة عامة، في مقابل 59 صحيفة عامة عام 2020 بزيادة 3.4 في المئة، وبلغ عدد النسـخ الـموزعة للــصحــف الــعـامــة محلياً وخارجياً 252.1 مليـون نسخة في 2021 في مقابــل 199.1 مليون نسخة عـــام 2020 بزيادة 26.6 في المئة.

عودة الأصوات الغائبة

في المقابل، يبدى محفوظ علام، أستاذ جامعي بإحدى الجامعات الخاصة، تفاؤله في شأن تحركات وتوجيهات الرئيس السيسي الأخيرة لضبط مسار منظومة الإعلام المصري، معتبراً أنها بمثابة "بادرة إيجابية" لتصحيح الأوضاع تصب في مصلحة المتلقي في النهاية.

وطالب علام بضرورة استكمال خطة تطوير ماسبيرو وعودة الأصوات الإعلامية الغائبة التي توارت عن المشهد الإعلامي طوال الأعوام الماضية نتيجة "التغريد خارج السرب" رغم امتلاكها صدقية لدى المواطن وإقصاء بعض الأصوات الحالية، التي تخصم من رصيد الدولة ولا تضيف لها.

كذلك يرى حسين يوسف (70 سنة)، مالك مكتبة تصوير مستندات بمدينة 6 أكتوبر بالجيزة، أن الفترة العصيبة التي تشهدها المنطقة وما يحيط بها من صراعات وأزمات في بلدان مجاورة، تستدعى أن يكون هناك حدود وضوابط على كل ما ينشر ويقال في وسائل الإعلام، خشية من تعريض الأمن القومي للخطر وأعمالاً بمقولة "ليس كل ما يعرف يقال".

ويضيف، "ما يحدث أمر منطقي وبديهي ومألوف في كثير من البلدان التي تحمي نفسها من أعدائها". منوهاً بأن هناك عديداً من القضايا الشديدة الحساسية والخطورة، من الأفضل تجنب الاقتراب منها أو التعامل بحذر معها تفادياً لحدوث أي جوانب سلبية والإضرار بحقوق مصر.

 

وفى اعتقاد يوسف، فإن هناك مؤامرات دولية تحاك ضد مصر من مختلف الجوانب، مستشهداً بواقعتي "حصار السفارات بالخارج" وإشاعات "عرقلة مصر إدخال المساعدات لغزة"، إضافة إلى السموم التي تبث طوال الوقت عبر الفضائيات الأجنبية وقنوات "الإخوان" المعادية للدولة، التي لديها أجندات خاصة وتستهدف الإضرار بسمعة مصر خارجياً وتشويه دورها وإبراز سلبياتها فقط.

ويأمل يوسف خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن يمارس الإعلام دوره التاريخي مجدداً بعد التصدي لممارسات الإخوان خلال فترة حكمهم "السوداء"، وفق تعبيره، وأن يكمل مسيرته ليقف حائط سد منيع أمام "أبواق الشر" التي تحاول النيل من الدولة ومؤسساتها.

وتنوعت رسائل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن الإعلام بين اللوم والعتاب تارة، والإشادة والتوجيه تارة أخرى، ففي أغسطس (آب) من عام 2014 قال السيسي في إحدى المناسبات، "جمال عبدالناصر كان محظوظاً، لأنه كان يتكلم والإعلام كان معاه (يسانده)"، وفي ديسمبر (كانون الأول) من عام 2018 انتقد السيسي الإعلام، قائلاً "لم أجد في الإعلام من يتناول الأمور لتشكيل منطق وموضوعية لدى الناس، لا بد من تشكيل وعي وفهم حقيقي للمواطنين، لتكون أمامهم الصورة كاملة".

وفي العام التالي طالب الرئيس المصري الإعلام بـ"المذاكرة الجيدة" عندما يتحدث في الشأن العام والقتال من أجل مصر، وفي مايو (أيار) الماضي وجه وسائل الإعلام إلى العمل على توضيح كل الحقائق أمام الرأي العام، واستعراض التحديات التي تواجه الدولة في تنفيذ المشاريع القومية الكبرى، والمساهمة في بناء الوعي المجتمعي.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات