ملخص
رسالة ميلانيا ترمب إلى بوتين عن معاناة أطفال الحرب في أوكرانيا أثارت عاصفة من الجدل، ليس بسبب مضمونها بل بسبب توقيعها الذي بدا نسخة شبه مطابقة لتوقيع الرئيس الأميركي. الجدل امتد من نظريات المؤامرة حول تزوير التوقيع إلى تخمينات حول استعارتها قلم "شاربي" المفضل لترامب أو استخدامها جهاز "الأوتوبن"، بينما يؤكد خبراء الخط أن توقيعها تطور ليعكس "علامة ترمب".
لم تحضر السيدة الأولى ميلانيا ترمب شخصياً اجتماع القمة الذي عقد الأسبوع الماضي وجمع زوجها الرئيس دونالد ترمب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنها حضرت بروحها.
سلم ترمب بوتين رسالة من زوجته، تناشده أن يتذكر براءة الأطفال العالقين وسط القتال بين روسيا وأوكرانيا، وأن يضع حداً للعنف.
وكتبت السيدة الأولى: "في عالم اليوم، يرغم بعض الأطفال على حمل ضحكة صامتة، لم تمسها العتمة من حولهم. هو تحد صامت في وجه القوى التي قد تسلب مستقبلهم. السيد بوتين، يمكنك وحدك أن تعيد لهم ضحكتهم العذبة".
وفي نهاية الرسالة، التي نشرتها المدعية العامة بام بوندي على وسائل التواصل الاجتماعي، ظهر توقيع السيدة الأولى، الذي بدا مألوفاً إلى حد كبير.
وقد أثار ذلك موجة من التكهنات الجامحة على الإنترنت.
ولم يستغرق الأمر طويلاً حتى بدأ الناس يعلقون على الشبه الكبير مع توقيع الرئيس.
كتب أحدهم على منصة "إكس"، وهو ينشر صورتين للتوقيعين جنباً إلى جنب: "توقيعا دونالد ترمب وميلانيا ترمب، غريب جداً، هذا مطابق تماماً لتوقيع ترمب".
وكتب مستخدم على "فيسبوك": "ميلانيا لها نوع التوقيع نفسه مثل ترمب، أمر غريب".
وقال آخر "لماذا توقع باستخدام قلم شاربي كما يفعل ترمب؟"، في إشارة إلى قلم الرئيس المفضل.
وأضاف شخص آخر: "لا يمكن أن يكون هذا توقيعها"، وعلق شخص آخر على "فيسبوك" من دون دليل قائلاً: "هي لم تكتبها، وترمب هو من وقعها".
وتساءل آخرون عن سبب تغير توقيع السيدة الأولى عبر السنوات، إذ سأل أحدهم روبوت الدردشة "غروك" العامل بالذكاء الاصطناعي الذي طوره إيلون ماسك: "لماذا غيرت ميلانيا ترمب توقيعها؟".
فأجاب "غروك": "لقد تطور توقيع ميلانيا ترمب بعد زواجها عام 2005، فانتقل من خط انسيابي متصل (باعتبارها ميلانيا كناوس) إلى خط مدبب ومصمم يشبه خط دونالد. ويقترح المحللون أن السبب إما توحيد العلامة الشخصية، أو السرعة في التوقيع عبر قلم أوتوماتيكي، أو عكس روح الصلابة والخصوصية، ولم يقدم أي سبب رسمي لذلك".
والحقيقة أن إجابة الروبوت تتوافق مع رأي بارت باغيت، خبير الخطوط الذي أدلى بشهادات في قضايا جنائية، وقال إن هذا الأسلوب في الكتابة، "بأحرفه المدببة" و"ضرباته الطويلة" يعكس "ماركة" ترمب.
وقال باغيت: "خطها ذو زوايا، سريع، ويعكس شخصية عقلانية. وقد تبنت هذا الأسلوب منذ زمن طويل، قبل أن تلتقي بدونالد ترمب."
لكن خبير الخطوط لفت إلى أن خط ميلانيا وتوقيعها "تحولا"، ليصبحا أشبه بخط ترمب وتوقيعه خلال السنوات الـ10 الماضية.
وأضاف باغيت "إن خط يدها الحالي أقرب إلى علامة تجارية، أشبه بشعار (لوغو)، وأعتقد أنها عدلته قليلاً ليطابق خط ترمب مع انضمامها إلى الماركة".
وقال الخبير إن التوقيع الذي ذيلت به الرسالة الموجهة إلى بوتين يظهر "عدوانية" تتماشى مع استعراض قاذفة الشبح "بي-2"، التي حلقت في الأجواء أثناء اللقاء الأول بين الزعيمين الأسبوع الماضي.
وأوضح باغيت: "ترمب فعلاً جعل القاذفة تحلق فوق الاجتماع، وفرش السجادة الحمراء، وكانت هناك كثير من مظاهر الأبهة والاحتفالية. لذلك كان الجو العام محملاً بالضغط لإبراز مدى قوتنا كدولة، ولهذا لا يفاجئني أن يكون التوقيع أكثر عدائية".
وأضاف: "لا تريد أن تضع قلوباً وأزهاراً في رسالتك"، في إشارة إلى الملاحظة التي كتبتها ميلانيا بخط يدها عام 2017 لمرضى مستشفى أطفال في إيطاليا.
وباغيت، الذي شدد على أنه لم يفحص الرسالة الموجهة إلى بوتين بنفسه، فند نظرية المؤامرة القائلة إن توقيع السيدة الأولى قد زور بأي شكل من الأشكال.
وقال: "لا أرى أي أمر مريب في رسالتها، أعتقد أن هذه النظريات مجرد محاولات واهية".
ثم تحول النقاش على الإنترنت إلى قلم "شاربي"، القلم المفضل لدى ترمب، الذي تفاخر به مراراً خلال ولايته الأولى، واستخدمه لتوقيع عشرات الأوامر التنفيذية منذ عودته للبيت الأبيض.
ومازح أحدهم على "إكس" قائلاً: "هل استعارت قلم الشاربي الخاص به؟".
وبرأي باغيت، هذا احتمال وارد جداً، إذ قال إن الشاربي ينسجم تماماً مع هوية ترمب.
وقال، في إشارة إلى توقيع رسالة بوتين: "أعتقد أن قلم شاربي استخدم فعلاً، وهذا أمر نموذجي لعلامته. بالنسبة إلى بعض الأشخاص الذين يكتبون بضغط قوي أثناء الكتابة، فالشاربي أداة مناسبة للغاية. والذين يكتبون بهذه الطريقة عادة ما يكونون أكثر شغفاً".
وقد أصبح هذا القلم بالفعل علامة مميزة للرئيس.
وقال ترمب في فيلم وثائقي لشبكة "إتش بي أو" بالشراكة مع "أكسيوس" عام 2018: "كنت أوقع الوثائق بقلم فاخر وباهظ الثمن، لكنه لم يكن يكتب جيداً، كان قلماً رديئاً للغاية على رغم كلفته الباهظة".
وأضاف: "ثم بدأت أستخدم قلم شاربي فقط، وقلت لنفسي: انتظر لحظة، هذا يكتب بصورة أفضل بكثير، ويكاد لا يكلف شيئاً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما أخذ مستخدمو "ريديت" و"إكس" يطلقون تكهنات جامحة حول احتمال أن تكون السيدة الأولى قد استعانت بجهاز 'الأوتوبن'، وهو جهاز للتوقيع الآلي، وهو أحد خطوط الهجوم التي دأب ترمب على استخدامها ضد سلفه جو بايدن. ففي وقت سابق من هذا العام، اتهم ترمب بايدن باستخدام الجهاز لتوقيع وثائق العفو بدلاً من القيام بذلك يدوياً، وزعم، من دون دليل، أن بايدن لم يكن على علم بها ولم يوافق عليها.
وسأل أحد مستخدمي "إكس": "هل استخدمت ميلانيا قلم الأوتوبن الخاص بدونالد؟".
ومازح آخر قائلاً: "الأوتوبن لا يمكنه تخزين أكثر من توقيع واحد".
وتواصلت "اندبندنت" مع البيت الأبيض للاستفسار عما إذا كانت السيدة الأولى استخدمت فعلاً قلم شاربي خاص بترمب، أو جهاز توقيع آلي لإمضاء الرسالة الموجهة إلى الدكتاتور الروسي.
لكن لسوء حظ أنصار نظرية المؤامرة، سيظل الأمر لغزاً ما لم يظهر جواب قاطع.
واختتم باغيت قائلاً: "إذا كانت ميلانيا تملك جهاز توقيع آلي فنحن لا نعلم بذلك"، وأضاف: "لكن توقيعها في هذه الرسالة لا يختلف كثيراً عن خط يدها المعروف. لديها أحرف زاوية، وأسلوب قريب جداً من الطابع 'العدواني' لترمب، ووهو ما أصفه بـ ’المثلثات‘".
© The Independent