ملخص
تراجعت أسهم "إنفيديا" التي تقدر قيمتها بنحو 4 تريليونات دولار، بنحو 3.5 في المئة، في حين هبطت أسهم "بالانتير" بنسبة 9 في المئة
تساءلت مجلة "بارونز" في الـ20 من مارس (آذار) 2000، متى ستنفجر فقاعة الإنترنت؟ ورأت أن "صوت الفرقعة المزعج" قد يسمع قبل نهاية العام ذاته، وهو ما تحقق فعلاً حين شهدت إحدى أبرز شركات التكنولوجيا انخفاضاً حاداً بنسبة 60 في المئة في سعر سهمها، أعقبه انهيارات متتالية تبخرت على إثرها تريليونات الدولارات، واليوم، تخشى بعض دوائر "وول ستريت" أن هذه "الفرقعة" قد تقترب مع زخم الذكاء الاصطناعي، إذ شهدت أسهم التكنولوجيا موجة بيع حادة الثلاثاء الماضي، بعدما كشف تقرير باحثين من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (MIT) عن أن غالبية استثمارات الذكاء الاصطناعي التوليدي لا تحقق "عائداً يذكر"، إذ لوحظ أن 95 في المئة من المؤسسات لا تحقق أثراً مالياً يذكر على رغم استثمارها ما بين 30 و40 مليار دولار في المجال.
وتراجعت أسهم "إنفيديا" التي تقدر قيمتها بنحو 4 تريليونات دولار، بنحو 3.5 في المئة، في حين هبطت أسهم "بالانتير" بنسبة 9 في المئة.
وتبدو نتائج تقرير" ماساتشوستس للتكنولوجي" كمسمار قد يخرج فقاعة أسهم التكنولوجيا، التي أضفت تريليونات الدولارات على القيمة السوقية للشركات الأميركية، عن مسارها.
ومنذ إطلاق "تشات جي بي تي" في 2022 تصاعد تفاءل وادي السيليكون بأن الذكاء الاصطناعي سيسهم في تحول اقتصادي حقيقي، فأنفق مسؤولوه التنفيذيون بلايين الدولارات على أدوات آلية وروجوا لوفرات ضخمة في الكلفة، إلا أن التقرير الأخير من "ماساتشوستس للتكنولوجيا "يشير إلى أن الثورة الموعودة توقفت.
ما تأثير الذكاء الاصطناعي في الأرباح؟
وبعد إجراء استطلاع شمل 150 قائد أعمال و350 موظفاً، كشف "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" أن "5 في المئة فقط من برامج الذكاء الاصطناعي المتكاملة تسهم بملايين الدولارات في تعزيز القيمة، في حين تظل الغالبية العظمى من دون أي تأثير يمكن قياسه في الربح والخسارة".
وقال الرئيس السابق لقسم الأبحاث في "جيه بي مورغان" ماركو كولانوفيتش لصحيفة "تليغراف"، "يبدو هذا منطقياً بالنسبة إلى فقاعة".
وأظهر تقرير "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" أنه على رغم الاستثمار الواسع في برمجيات الذكاء الاصطناعي، فإن نصف المشاريع انتهى بالفشل، إذ اكتشفت الدراسة أن 80 في المئة من الشركات استكشفت تقنيات الذكاء الاصطناعي، لكن 40 في المئة فقط منها استخدمتها فعلياً".
وأفاد التقرير أيضاً بأن "أنظمة المؤسسات" نكرت بهدوء من قبل الشركات الكبرى، إذ وصلت 20 في المئة منها فقط إلى مرحلة التجربة، بينما لم تطل مرحلة الإنتاج إلا 5 في المئة من المشاريع.
وأضاف التقرير، الصادر عن مشروع "ناندا للذكاء الاصطناعي" التابع للجامعة الأميركية، أن عديداً من الموظفين يفضلون استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي الاستهلاكية مثل "تشات جي بي تي" على نفقتهم الخاصة بدلاً من الاعتماد على أدوات الشركات المكلفة أو غير العملية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واختتم بأن "الذكاء الاصطناعي يحدث تحولاً في العمل بالفعل، لكن ليس من خلال القنوات الرسمية، إلا أن ما توصل إليه التقرير من أن استثمارات الشركات تقريباً ذهبت سُدى جاء في لحظة حساسة للغاية".
هل تمر أسهم الذكاء الاصطناعي بمرحلة ركود؟
وعلى رغم كونه أحد أبرز المستفيدين من طفرة الذكاء الاصطناعي، إذ تتحدث التقارير عن تقييم محتمل لشركته الناشئة "أوبن أي آي" بقيمة 500 مليار دولار، رفض سام ألتمان في نهاية الأسبوع الماضي استبعاد المخاوف من احتمال مرور أسهم التكنولوجيا بمرحلة ركود. وقال الرئيس التنفيذي لشركة "تشات جي بي تي" للصحافيين خلال حفل عشاء خاص، "هل يبدو أن المستثمرين متحمسون أكثر من اللازم؟ برأيي، نعم"، مشيراً إلى أن البعض قد يخسر "مبالغ طائلة من المال". ويخشى أن يكون "سوفت بنك"، عملاق التكنولوجيا الياباني والمستثمر بمليارات الدولارات في "أوبن أي آي"، من بين الذين سيسجلون خسائر، لا سيما بعدما هبطت أسهمه بنسبة 7 في المئة الثلاثاء.
وقبل أيام، خيب إطلاق "أوبن آي" لنموذج (ChatGPT-5)، الذي تروج له الشركة بصورة واسعة، آمال عديد من المستخدمين، الذين عبروا عن خيبة أملهم وطلبوا العودة إلى استخدام النسخة السابقة، معتبرين أن مكاسب روبوت الدردشة الجديد "تدريجية في أحسن الأحوال".
وفي المقابل، تشير توقعات "مورغان ستانلي" إلى أن استثمارات مراكز البيانات قد تصل إلى ثلاثة تريليونات دولار خلال الأعوام الثلاثة المقبلة - مدعومة بصورة كبيرة بالديون - وأن الذكاء الاصطناعي قد يضيف ما بين 13 و16 تريليون دولار إلى مؤشر (أس أند بي 500) بفضل توفير نحو 40 في المئة من كلفة الرواتب عبر تسريع الكفاءة وتقليص الوظائف، على رغم أن هذه الوفوراًت قد تكون غير واقعية إذا ثبت أن نتائج "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" دقيقة.
وفي إشارة إلى أن حتى المتحمسين للذكاء الاصطناعي باتوا يشكون، كشفت "ميتا" هذا الأسبوع عن إعادة تنظيم شامل لقسمها الخاص بالذكاء الاصطناعي، يتضمن تجزئة العمل إلى أربع فرق متخصصة وربما التسريح أو نقل موظفين، وفقاً لتقرير "نيويورك تايمز"، على رغم أن مؤسسها مارك زوكربيرغ كان من أكبر المنفقين في مجال الذكاء الاصطناعي، بعدما ضخ مئات الملايين من الدولارات لجذب المهندسين والخبراء إلى الشركة.
وعلى رغم التوتر الأخير، لم تتحول موجة البيع المكثفة التي شهدها الأسبوع إلى هبوط حاد، بل شبهها بعض المحللين بعثرة عابرة. وصرح محلل التكنولوجيا في "ويد بوش" للأوراق المالية ماركو كولانوفيتش في مذكرة، "سيثبت خطأ المشككين في انتعاش قطاع التكنولوجيا مرة أخرى".
وتعد نتائج شركة "إنفيديا" - أكبر شركة تكنولوجية من حيث القيمة السوقية - في الأسبوع المقبل من أبرز المؤشرات المنتظرة لحال استثمارات الذكاء الاصطناعي، إذ فاقت أرباحها وإيراداتها توقعات "وول ستريت" تقريباً كل ربع عام خلال العامين الماضيين، ويتوقع أن دورة صعود قطاع التكنولوجيا ستستمر بقوة لعامين أو ثلاثة أعوام أخرى في الأقل، ومع ذلك لا تزال الآذان تترقب سماع صوت "فرقعة" قد ينذر بالسوء.