ملخص
يرى أستاذ القانون الأوروبي في كلية الدراسات التجارية العليا في باريس ألبرتو أليمانو أن "عدم التوصل إلى اتفاق هو نبأ سار للغاية بالنسبة لأوكرانيا والأوروبيين".
اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الأحد أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين "لا يريد السلام" مع أوكرانيا بل يريد منها "الاستسلام"، وذلك عقب اجتماع عبر الفيديو مع "تحالف الراغبين" الداعم لكييف.
وقال ماكرون "هل أعتقد بأن الرئيس بوتين يريد السلام؟ إذا كنتم تريدون قناعتي الراسخة، فالجواب هو كلا. إنه يريد استسلام أوكرانيا، هذا ما اقترحه"، مؤكداً أنه يريد "سلاماً متيناً ودائماً، أي سلاماً يحترم القانون الدولي، ويحترم سيادة جميع الدول وسلامة أراضيها".
ورأى في المقابل أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يسعى إلى السلام بين روسيا وأوكرانيا.
وأضاف ماكرون، عشية مشاركته مع عدد من القادة الأوروبيين في اجتماع بين ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في واشنطن، إن "رغبتنا هي تشكيل جبهة موحدة بين الأوروبيين والأوكرانيين"، وسؤال الأميركيين "إلى أي مدى" هم مستعدون للإسهام في الضمانات الأمنية لأوكرانيا في اتفاق السلام المحتمل.
وتشكل مسألة الضمانات الأمنية لكييف نقطة محورية في النقاشات حول اتفاق سلام محتمل لأنها تهدف إلى ردع روسيا عن مهاجمة أوكرانيا مجدداً.
وأبدى الرئيس الفرنسي حذره من اقتراح ترمب منح أوكرانيا حماية مشابهة لتلك التي تنص عليها معاهدة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، من دون أن تصبح عضواً في الحلف، وقال "أعتقد بأن الطرح النظري لا يكفي. المسألة هي الجوهر".
وأكد ماكرون أنه "لا يمكن إجراء محادثات في شأن الأراضي الأوكرانية من دون الأوكرانيين، كما لا يمكن إجراء مفاوضات حول أمن الأوروبيين من دونهم"، مطالباً بدعوة الأوروبيين إلى أية قمة مقبلة حول أوكرانيا.
وتابع "سنذهب غداً (إلى واشنطن) ليس فقط لمرافقة الرئيس الأوكراني، بل سنذهب إلى هناك للدفاع عن مصالح الأوروبيين".
وردت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على تعليقات ماكرون حول "استسلام" أوكرانيا، متهمة إياه بالإدلاء بـ"أكاذيب".
وأضافت عبر تطبيق "تيليغرام" أن موسكو عرضت "تسوية سلمية" للنزاع على مدى سبع سنوات بموجب اتفاقات مينسك التي أعقبت ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014 وبداية الحرب في شرق أوكرانيا بين كييف والانفصاليين المدعومين من موسكو.
كما انتقدت زاخاروفا ماكرون لتلويحه باحتمال "النصر في ساحة المعركة، مع علمه التام باستحالة ذلك" وتزويد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة وتقديم "وعود كاذبة للأوكرانيين".
قادة أوروبيون يشاركون في محادثات ترمب-زيلينسكي
وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية اليوم الأحد أنها ستتوجه مع عدد من القادة الأوروبيين إلى واشنطن غداً الإثنين، ليكونوا إلى جانب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وكتبت أورسولا فون دير لاين على منصة "إكس"، "بناء على طلب الرئيس زيلينسكي، سأنضم إلى الاجتماع مع الرئيس ترمب غداً في البيت الأبيض، إضافة إلى قادة أوروبيين آخرين".
وفي هذا السياق، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب أنهم سيكونون حاضرين في واشنطن غداً، ومثلهم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن "رئيس الجمهورية سيتوجه غداً إلى واشنطن إلى جانب الرئيس زيلينسكي وعدد من القادة الأوروبيين بهدف مواصلة العمل التنسيقي بين الأوروبيين والولايات المتحدة، للتوصل إلى سلام عادل ودائم يصون المصالح الحيوية لأوكرانيا وأمن أوروبا".
مؤتمر التحالف
وفي السياق، نظم قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا مؤتمراً عبر الفيديو اليوم الأحد لـ"تحالف الراغبين" لمناقشة سبل المضي قدماً في تسوية الحرب بعدما استبعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس السبت وقفاً فورياً لإطلاق النار، مشيراً إلى أنه دفع مباشرة نحو "اتفاق سلام" غداة القمة التي عقدها مع نظيره الروسي في ألاسكا.
واجتمع "تحالف الراغبين" الذي يضم داعمي كييف وبينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، عبر الفيديو في الساعة 13:00 بتوقيت غرينتش، بحسب صور من مقر إقامة الرئيس الفرنسي الصيفي في قلعة بريغانسون.
وقدمت قمة ألاسكا التي كان يفترض أن تكون حاسمة بالنسبة إلى أوكرانيا وأوروبا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عودة إلى الساحة الدولية بعدما عزل منها عقب حرب أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 من دون أن تؤدي إلى وقف الأعمال العدائية أو فرض عقوبات جديدة تستهدف بلاده، حتى إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أصبح يؤيد اقتراحاً من روسيا بتعزيز وجودها في شرق أوكرانيا، وفق ما أفاد مسؤول مطلع على المحادثات الهاتفية بين ترمب وقادة أوروبيين وكالة الصحافة الفرنسية.
وبحسب المصدر نفسه يطالب الرئيس الروسي "بأن تغادر أوكرانيا دونباس" بالتالي بالتنازل الكامل عن هذه المنطقة التي تشمل منطقتي دونيتسك ولوغانسك في شرق أوكرانيا، كما يقترح تجميد القتال على جبهة منطقتي خيرسون وزابوريجيا (جنوب).
وبعد أشهر قليلة من بدء الحرب الأوكرانية أعلنت روسيا في سبتمبر (أيلول) 2022 ضم هذه المناطق الأوكرانية الأربع، على رغم أن قواتها لا تسيطر بصورة كاملة على أي منها.
ومن المقرر أن يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب غداً الإثنين في البيت الأبيض نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي رفض حتى الآن أي تنازلات إقليمية قائلاً إن يديه مقيدتان بالدستور الأوكراني.
وفي حين أعرب الرئيس الأوكراني عن "امتنانه للدعوة" حذر مساء أمس السبت من أن رفض موسكو لوقف إطلاق النار "يعقد الوضع".
وقبيل رحلة زيلينسكي إلى واشنطن سيعقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس مؤتمراً عبر الفيديو اليوم الأحد مع "تحالف الراغبين" الداعم لكييف، والذي يضم معظم الدول الأوروبية الكبرى والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ودولاً أخرى مثل كندا.
وبحسب دبلوماسيين من المتوقع أن يناقش المشاركون الضمانات الأمنية التي ستمنح لكييف كجزء من اتفاق سلام محتمل.
واقترح ترمب ضمانات أمنية مستوحاة من تلك التي يقدمها حلف شمال الأطلسي، ولكن من دون الانضمام إلى "الناتو" الذي تعده موسكو تهديداً وجودياً يمتد إلى حدودها.
وبعد ثلاث سنوات ونصف سنة من الصراع الأعنف في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، أصبح الجيش الروسي يسيطر على 20 في المئة من الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك منطقة لوغانسك بصورة شبه كاملة وجزء كبير من منطقة دونيتسك، حيث تسارع تقدمه أخيراً، لكن الحال ليست مماثلة في زابوريجيا وخيرسون اللتين ما زالت مراكزهما الحضرية الرئيسة تحت السيطرة الأوكرانية.
ويبدو أن تخلي دونالد ترمب عن سيناريو وقف إطلاق النار يصب في مصلحة فلاديمير بوتين الذي يرغب في التفاوض مباشرة على اتفاق نهائي، لكن في المقابل تعد كييف وحلفاؤها الأوروبيون ذلك وسيلة لكسب روسيا الوقت من أجل مواصلة هجومها وتوسيع نفوذها الإقليمي.
غموض المخرجات
يعطي غموض مخرجات قمة الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا الأوروبيين فرصة لمحاولة التأثير على سير الأحداث في الأيام المقبلة التي تبدو حاسمة لأوكرانيا وأمن القارة.
ولم يسفر اللقاء الذي استمر ثلاث ساعات بين الزعيمين في قاعدة عسكرية في الولاية الأميركية التي كانت تابعة لروسيا، عن أي "صفقة" أو تقدم ملموس.
ورأى أستاذ القانون الأوروبي في كلية الدراسات التجارية العليا في باريس ألبرتو أليمانو أن "عدم التوصل إلى اتفاق هو نبأ سار للغاية بالنسبة لأوكرانيا والأوروبيين".
وأشار أليمانو إلى أن هناك خطراً حقيقياً من رسم "خريطة أمنية جديدة في أوروبا" من وراء ظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وزعماء القارة.
ولا يزال البحث عن حل تفاوضي صعباً للغاية في رأيهم، فقد لخّصت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الوضع قائلة "الحقيقة المحزنة هي أن روسيا لا تنوي إنهاء هذه الحرب في أي وقت قريب".
ماكرون يحذر من "ميل" روسيا إلى "عدم الوفاء بالتزاماتها"
من جانبه، حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من "ميل" روسيا إلى "عدم الوفاء بالتزاماتها".
وعلى رغم عدم دعوة الزعماء الأوروبيين إلى القمة التي تبادل خلالها ترمب وبوتين المصافحات الحارة والمجاملات، فقد حاولوا التأثير على نتائجها من خلال تنظيمهم سلسلة من المكالمات والاجتماعات.
وبدءاً من السبت، حاولوا العودة إلى الصورة باقتراح تسهيل عقد قمة بين ترمب وزيلينسكي وبوتين. ولم تقبل موسكو هذا الاقتراح بعد، في ظل فتور علاقاتها مع أوروبا التي فرضت عليها 18 حزمة من العقوبات منذ بداية الحرب في أوكرانيا مطلع عام 2022.
وفي حديثه للصحافة في أنكوريج، الجمعة، انتقد الرئيس الروسي الزعماء الأوروبيين بشكل مباشر، وحثهم على عدم "وضع العقبات" أمام محاولات إيجاد حل للحرب في أوكرانيا.
بوتين يحاول دفع الأوروبيين جانبا
رأى المحلل المستقل المتخصص في السياسة الخارجية الروسية جيمس نيكسي أنه "من الواضح أن نية فلاديمير بوتين هي دفع الأوروبيين جانباً وإبقاء الأميركيين" في صلب المفاوضات.
صباح السبت، تحدث ترمب عن تفاصيل القمة خلال اتصال استمر ساعة مع زعماء أوروبيين والرئيس الأوكراني. ثم أجرى القادة الأوروبيون محادثة في ما بينهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد الزعماء الأوروبيون في بيان مشترك أنه "يعود لأوكرانيا اتخاذ القرارات المتعلقة بأراضيها"، متعهدين "مواصلة الضغط على موسكو".
وحددوا خطوطهم الحمر من خلال التأكيد أنه لا يمكن منح روسيا "حق النقض" بشأن مسار أوكرانيا نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
وأشار ألبرتو أليمانو إلى أن الأوروبيين يجدون أنفسهم "مضطرين" للتواصل مع بوتين "من دون معرفة الشروط تحديداً"، وذلك بعدما سعوا إلى فرض عزلة دولية عليه خلال الأعوام الماضية.
يزداد الوضع إحراجاً لأن ترمب قال إنه قد يوقف وساطته في النزاع، بعد أن وعد مراراً بحله خلال "24 ساعة".
ويرى كثير من الخبراء أن الأوروبيين لا يملكون الوسائل اللازمة لدعم أوكرانيا لوحدهم، على رغم جهودهم لتعزيز القدرات الدفاعية للقارة.
الحاجة إلى الإسراع أكثر في إعادة التسلح
في هذا السياق، قالت رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن "عندما استيقظت هذا الصباح، كان أول ما خطر ببالي هو أننا بحاجة إلى الإسراع أكثر في إعادة التسلح".
وفي محاولة لإظهار استعدادهم للمساعدة في إنهاء أعنف نزاع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، دعا ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس إلى اجتماع، اليوم الأحد، مع "تحالف الراغبين" للدول الحليفة لكييف.
وستعقد المحادثات قبل ساعات من زيارة زيلينسكي إلى واشنطن للقاء ترمب. وقد يُدعى عدد من القادة الأوروبيين إلى هذا الاجتماع بين الرئيس الأميركي والأوكراني، بحسب ما أفاد مصدر في الاتحاد الأوروبي.