Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من دون حلفاء: هل يواجه "حزب الله" أخطر اختبار لنفوذه في لبنان؟

يرجح مراقبون أن يحافظ الحزب على تحالفاته الانتخابية المعهودة مع التركيز على عدم حدوث خرق شيعي

النائب جبران باسيل مستقبلاً وفداً من "حزب الله" في مقر التيار الوطني الحر، شمال بيروت في 5 أغسطس الحالي (حساب باسيل على فيسبوك)

ملخص

كشفت التحولات الأخيرة عن تصدعات داخل محور "حزب الله" وحلفائه، إذ بات واضحاً أن بعض الحلفاء يتمايزون عن الحزب في ملفات حساسة، وعلى رأسها مسألة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية.

كثيراً ما شكل ما كان يعرف بمحور "8 مارس (آذار)" إطاراً سياسياً يجمع قوى مختلفة حول ملفات استراتيجية في لبنان، أبرزها الموقف من سلاح "حزب الله"، والعلاقة مع سوريا وإيران. لكن التحولات الأخيرة التي تلت "حرب الإسناد" والضربات غير المسبوقة التي تلقاها الحزب، كشفت عن تصدعات في هذا التماسك، إذ بات واضحاً أن كل الحلفاء، ما عدا حركة "أمل"  يتمايزون عنه في ملفات حساسة، وعلى رأسها مسألة حصرية السلاح، وهي قضية كثيراً ما اعتبرها الحزب "خطاً أحمر".
وبرزت في الآونة الأخيرة تحولات لافتة في مواقف بعض القوى التي كانت تصنف تقليدياً ضمن معسكر حلفاء الحزب، وكان أبرزها على المستويين المسيحي والسني من أصدقاء الحزب وحلفائه في الانتخابات النيابية وداعميه في القرارات السياسية منذ عام 2005 حتى اليوم. فمن ضفة مساندة سلاح الحزب والتشكيك على مدى أعوام طويلة بقدرات الجيش اللبناني، إلى تأييد قرار حصر السلاح بيد الدولة وحدها، انتقل كل من رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، والنائب طوني فرنجية، والنائب فيصل كرامي، وجمعية المشاريع الإسلامية (الأحباش).

باسيل في طليعة المتمايزين عن الحزب 

الأكثر تقدماً كان باسيل الذي اعترف بأن هناك متغيرات واقعية حدثت وهي تفرض تغييراً في مقاربة التيار لموضوع السلاح، وذهب بعيداً في القول إن "انتظام السلاح في معادلات إقليمية ودولية أكبر من قدرة لبنان على تحملها، أفقده هويته اللبنانية الصرفة... سقطت وظيفة 'حزب الله' الردعية بفعل نتائج مشاركته الأحادية في حرب الإسناد". وللمفارقة فإن كلام باسيل جاء بعد زيارة وفد نيابي من "حزب الله" مقر "التيار الوطني الحر" ورئيس الجمهورية السابق ميشال عون، في إطار سلسلة زيارات أجراها الحزب للحلفاء بعد الانتقادات العلنية لسلاحه.

فهل انقلب حلفاء الحزب عليه؟ وهل بات من دون حليف باستثناء حركة أمل؟ وما تأثير الاصطفافات الجديدة في الحياة السياسية اللبنانية والاستحقاقات المقبلة بدءاً من الانتخابات النيابية وصولاً إلى كل قرار مستقبلي في الحكومة ومجلس النواب، وهل ولى زمن إمساك "حزب الله" بالقرار اللبناني بواسطة الأكثرية النيابية مع حلفائه.   

أسباب التحول

يربط محللون التغير في موقف حلفاء الحزب من السلاح بعد تأييده لأعوام طويلة بأسباب عدة، من بينها الضغط الشعبي الداخلي إذ بات الرأي العام اللبناني، بمختلف أطيافه، أكثر ميلاً إلى المطالبة بحصرية السلاح بيد الدولة، خصوصاً في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية الحادة.

ومن الأسباب أيضاً الاعتبارات الانتخابية، إذ يسعى الحلفاء التقليديون إلى توسيع قاعدتهم الشعبية، مما يدفعهم إلى تبني مواقف أكثر توافقية مع المزاج العام، ولو على حساب الانسجام التام مع الحزب. ولا يسقط المحللون تأثير التحولات الإقليمية والدولية وفي مقدمها سقوط نظام الأسد في سوريا، في تبدل المواقف.
ويرى الكاتب والباحث السياسي الدكتور ميشال الشماعي أن "حلفاء 'حزب الله' يسعون إلى النفاذ بأنفسهم على قاعدة القفز من سفينته قبل غرقها، بعدما استنزفوا كل قدراته السياسية ووهج سلاحه للسيطرة على مؤسسات الدولة، حتى باتوا هم أنفسهم أدواته في الدولة العميقة". ويتابع أن "هؤلاء أدركوا، وبخاصة التيار الوطني الحر، ألا تراجع عن موضوع حصرية السلاح بيد المؤسسات الشرعية، فتخلوا عن تحالفهم مع الحزب، أو في الأقل كلامياً في هذه الأثناء للحفاظ على ماء الوجه مع العهد (رئاسة الجمهورية) وأمام المجتمع الدولي العازم على تنفيذ قراراته". ويرد الشماعي تبدل موقف باسيل أيضاً إلى "خشيته من سيف العقوبات، وسعيه إلى التخلص منها".

الكاتب السياسي محمد حمية يعتبر من جهته أنه "بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة وبعد سقوط نظام الأسد وبعد حرب غزة، والحرب على إيران، والحرب التي شهدها اليمن والعراق، بات واضحاً أن هناك مرحلة جديدة عنوانها التغير في الجيوبوليتيك في المنطقة مما دفع غالب القوى السياسية اللبنانية إلى تغيير خطابها وتموضعها". "حتى 'حزب الله' نفسه"، يتابع حمية، "فرضت عليه التطورات الأخيرة قراءة جديدة للمتغيرات وصياغة خطاب سياسي جديد واستراتيجية عسكرية وأمنية جديدة، فهو وافق على الانسحاب من جنوب الليطاني، ولم يرد على الاعتداءات الإسرائيلية احتراماً للدولة اللبنانية، كما لم يشارك في الحرب على إيران ولا في الأحداث السورية الأخيرة. وهذا ينطبق على مختلف القوى السياسية المتحالفة معه أو المتعارضة حيث عمدت جميعها إلى إعادة قراءة الواقع الجديد وضبط مواقفها وفق المتغيرات الجديدة".

"حزب الله" يتفهم مواقف الحلفاء

يقرأ حمية في المواقف الجديدة لحلفاء الحزب حسابات سياسية وانتخابية يحترمها الأخير، وربما حسابات مع الخارج لها علاقة بارتباطات استثمارية تخشى القوى أن تتأثر نتيجة تحالفها مع الحزب، وأن تتعرض لعقوبات، لكنه في الوقت نفسه يشرح أن "مواقف كل من باسيل وفرنجية وكرامي الداعية إلى حصرية السلاح بيد الدولة لا تختلف عن موقف 'حزب الله' الذي سبق ووافق على هذا الطرح عندما أيد خطاب القسم والبيان الوزاري، وحتى موقف باسيل الأخير الذي كان الأبرز، فإنه يربط بين حصر السلاح والاستراتيجية الأمنية الدفاعية وتسليح الجيش وحل ملف النازحين السوريين وعدم التفريط بالوحدة الوطنية وعدم الاصطدام مع بيئة المقاومة". ويرى حمية أن "التيار الوطني الحر لم يعلن الحرب السياسية على 'حزب الله' أو تحول إلى خصم كما هي الحال مع حزبي 'القوات اللبنانية' و'الكتائب'"، مستبعداً أن يكون موقف باسيل قد أزعج "حزب الله"، "كون الأخير في طور إعادة قراءة المرحلة السابقة ويتصرف وفق موازين القوى الجديدة وأصبح أكثر براغماتية في التعاطي مع المستجدات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل تتأثر الانتخابات النيابية؟

لا تعني التحولات الأخيرة بالضرورة أن "حزب الله" أصبح بلا حلفاء، لكنه بالتأكيد يواجه تحدياً غير مسبوق في الحفاظ على تماسك جبهته السياسية. وهو يدرك أن التحالفات الانتخابية القائمة على "الحد الأدنى المشترك" قد تصبح أكثر هشاشة، مما يمنح خصومه فرصاً أوسع لتسجيل اختراقات. وما الزيارات المكثفة إلى الحلفاء التقليديين، سوى انعكاس حقيقي لقلق مبكر من تآكل هذا التحالف مع اقتراب الاستحقاقات الكبرى. ويرى كثر أنه إذا لم يتمكن الحزب من إعادة صياغة خطاب مشترك مع شركائه، فقد يجد نفسه أمام مشهد انتخابي أصعب بكثير مما اعتاد عليه في العقود الماضية.

ويرى الكاتب السياسي حمية أن "مواقف حلفاء الحزب لن تؤثر في تحالفهم معاً في الانتخابات النيابية عام 2026 ويتوقع أن يعيد الحزب رسم التحالفات نفسها التي كانت عليها في انتخابات 2022 مع الحلفاء التقليديين أي حركة أمل والتيار الوطني الحر والمردة والحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الديمقراطي، وهو بالتأكيد لن يتحالف مع القوات اللبنانية أو حزب الكتائب، كذلك فإن حلفاء الحزب لن يجدوا بديلاً عنه بسبب عمق الخلافات السياسية مع باقي القوى السياسية".


الأولوية للحفاظ على الـ27 مقعداً

في المقابل، يرى مقربون من "حزب الله" أن مهمة استعادة الأكثرية النيابية مع الحلفاء في الانتخابات المقبلة ستكون مهمة مستحيلة وأن معركة "حزب الله" ستكون محصورة في الحفاظ على النواب الـ27 الشيعة ومنع أي خرق بأي نائب شيعي من المقلب الآخر المعادي للحزب، وذلك لضمان مقعد رئاسة مجلس النواب.

ويستبعد الكاتب السياسي الدكتور الشماعي أن يكون الحليف المسيحي الذي أمن شرعنة السلاح غير الشرعي منذ اتفاق السادس من فبراير (شباط) 2006 وحتى اللحظة، في طور التخلي علناً عن حليفه لأغراض انتخابية بحتة، إذ إن "التيار الوطني الحر"، بحسب رأيه من دون دعم منظمة "حزب الله" انتخابياً "بالكاد يحصل على خمسة نواب". ويرى الشماعي أن "الوزير باسيل يمارس التقية الانتخابية مع المجتمع الدولي، التي اكتسبها من حليفه طوال هذه الأعوام. فالوزير باسيل في العلن هو مع حصرية السلاح، لكنه سيعمل ضمناً قدر استطاعته لعرقلة أو تأخير هذا الموضوع حفاظاً على الحلف الانتخابي المرتقب". ويتابع "أما الباقون، من مثل تيار المردة والقومي والشيوعي والحزب الديمقراطي والبعث وغيرهم من فلول الثامن من آذار، فهؤلاء لا ثقل لهم في التأثير، ولا سيما أن بعضهم تحول إلى مجموعة من الشيع نتيجة الانقسامات في صفوفه الداخلية كالقومي والشيوعي. أما الأهم من هؤلاء كلهم بحسب الشماعي فهو الطرف الثاني من الثنائية الحزبية، أي حركة أمل، التي تقصدت إظهار تمايزها عن الحزب في مسألة أسلوب التعبير عن اعتراضها على موضوع حصر السلاح. وكان رئيس الهيئة التنفيذية في الحركة الدكتور مصطفى فوعاني أصدر في بداية العام الحالي تعميماً لجميع عناصر الحركة، قضى بمنع المشاركة أو القيام بأي تحرك أو نشاط استفزازي يتعارض مع توجيهات قيادة الحركة القاضية باحترام خصوصية اللبنانيين بجميع طوائفهم ومناطقهم وبخاصة مسيرات الدراجات النارية. وأكدت 'أمل' أن مخالفة هذا التعميم تعرض المخالفين له لطائلة المساءلة التنظيمية وصولاً إلى الطرد من صفوف الحركة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير