Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران "الحائرة": إما التحدي والمواجهة أو الرضوخ والمجازفة

مصادر تقول إن القيادة تميل الآن نحو المحادثات لأنها "رأت كلفة الحرب" والحكام معرضون للخطر أكثر من أي وقت مضى

وقف كثير من الإيرانيين حتى المعارضين للحكام الشيعة إلى جانب البلاد خلال حرب يونيو الماضي (أ ف ب)

ملخص

قال دبلوماسي غربي رفيع المستوى إن حكام إيران معرضون للخطر أكثر من أي وقت مضى، وأي تحد هو مقامرة قد تأتي بنتائج عكسية مع تصاعد الاضطرابات الداخلية وضعف قوة الردع وفي ظل تحييد إسرائيل لوكلاء إيران من الفصائل المسلحة خلال الحروب الدائرة في الشرق الأوسط منذ عام 2023.

تقف النخبة الدينية في إيران التي ضعفت بفعل الحرب والجمود الدبلوماسي عند مفترق طرق، إما أن تتحدى الضغوط التي تمارس عليها لوقف النشاط النووي والمخاطرة بمزيد من الهجمات الإسرائيلية والأميركية، أو الرضوخ والمجازفة بحدوث انقسامات في القيادة.

في الوقت الراهن، تركز المؤسسة الحاكمة في إيران على البقاء أكثر من التركيز على استراتيجية سياسية طويلة الأمد.

وأنهى وقف إطلاق نار هش حرباً استمرت 12 يوماً في يونيو (حزيران) الماضي وبدأت بغارات جوية إسرائيلية تلاها قصف أميركي لثلاثة مواقع نووية إيرانية تحت الأرض باستخدام قذائف خارقة للتحصينات.

وأعلن الطرفان الانتصار، لكن الحرب كشفت عن نقاط ضعف عسكرية وهزت صورة الردع التي حافظت عليها إيران التي تعتبر قوة كبرى في الشرق الأوسط وعدو إسرائيل اللدود في المنطقة.

وقالت ثلاثة مصادر إيرانية مطلعة لـ"رويترز" إن المؤسسة السياسية الإيرانية ترى الآن أن المفاوضات مع الولايات المتحدة، بهدف إنهاء خلاف مستمر منذ عقود في شأن طموحات طهران النووية، هي السبيل الوحيد لتجنب مزيد من التصعيد والخطر على وجودها.

وأدى قصف أهداف نووية وعسكرية إيرانية، حصد أرواح عدد من كبار قادة الحرس الثوري وعلماء نوويين، إلى حدوث صدمة في طهران لأنه جاء قبل يوم واحد فقط من جولة سادسة كانت مقررة من المحادثات مع واشنطن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حين اتهمت طهران واشنطن "بخيانة الدبلوماسية"، ألقى بعض المشرعين من غلاة المحافظين وبعض القادة العسكريين باللوم على المسؤولين الذين دافعوا عن الدبلوماسية، معتبرين أن الحوار تبين أنه "فخ استراتيجي" شتت انتباه القوات المسلحة.

ومع ذلك، قال أحد المصادر السياسية المطلعة الذي طلب كغيره عدم الكشف عن هويته نظراً إلى حساسية الأمر، إن القيادة تميل الآن نحو المحادثات لأنها "رأت كلفة المواجهة العسكرية".

وأعلن الرئيس مسعود بزشكيان الأحد الماضي أن استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة "لا يعني أننا ننوي الاستسلام"، مخاطباً بذلك غلاة المحافظين الرافضين لمزيد من الجهد الدبلوماسي في شأن الملف النووي بعد الحرب. وسألهم "لا تريدون إجراء محادثات؟ إذاً ماذا تريدون أن تفعلوا؟ هل تريدون العودة للحرب؟".

وانتقد غلاة المحافظين تصريحاته، ومن بينهم القائد في الحرس الثوري عزيز غضنفري الذي أوضح أن السياسة الخارجية تتطلب التروي وأن التصريحات المتهورة قد تكون لها عواقب وخيمة.

وفي نهاية المطاف، فإن الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي هو صاحب القول الفصل. وذكرت المصادر المطلعة أنه توصل هو وهيكل السلطة الدينية إلى توافق في الآراء على استئناف المفاوضات النووية، معتبراً إياها ضرورية لبقاء إيران.

ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية بعد على طلبات التعليق.

قوى مؤثرة وضغوط خارجية

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنهما لن يترددا في ضرب إيران مرة أخرى إذا استأنفت عمليات تخصيب اليورانيوم التي يمكن استخدامها في تطوير أسلحة نووية.

والأسبوع الماضي، حذر ترمب من أنه إذا استأنفت طهران تخصيب اليورانيوم على رغم القصف الذي استهدف مصانع البلاد الرئيسة في يونيو الماضي "سنعود (للضرب) مرة أخرى"، لتتعهد إيران كذلك بالرد بقوة.

ومع ذلك، تخشى طهران من أن تؤدي أية ضربات في المستقبل إلى شل التنسيق السياسي والعسكري، بالتالي شكلت مجلساً للدفاع لضمان استمرارية القيادة حتى لو اضطر خامنئي البالغ من العمر 87 سنة إلى الانتقال إلى مخبأ بعيد لتجنب الاغتيال.

وقال مدير برنامج إيران لدى معهد الشرق الأوسط في واشنطن أليكس فاتانكا إنه إذا سعت إيران إلى إعادة بناء قدراتها النووية سريعاً من دون الحصول على ضمانات دبلوماسية أو أمنية، "فإن الضربة الأميركية- الإسرائيلية لن تكون ممكنة وحسب، بل ستكون حتمية".

وأضاف أن "العودة للمحادثات يمكن أن توفر لطهران متنفساً ثميناً ومجالاً للتحسن الاقتصادي، لكن إذا لم تحصل على استجابة سريعة من الولايات المتحدة فإنها تخاطر برد فعل متشدد وزيادة الانقسامات بين النخبة واتهامات جديدة بالخضوع".

وتصر طهران على حقها في تخصيب اليورانيوم كجزء مما تؤكد أنه برنامج سلمي للطاقة النووية، بينما تطالب إدارة ترمب بوقفه بالكامل، وهي نقطة الخلاف الرئيسة في الجمود الدبلوماسي الراهن.

وتلوح في الأفق عقوبات جديدة من الأمم المتحدة بموجب ما تسمى آلية "إعادة فرض العقوبات" التي دفعت بها قوى "الترويكا" الأوروبية كتهديد إضافي، إذا رفضت طهران العودة للمفاوضات أو إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق يمكن التحقق منه للحد من نشاطها النووي.

وهددت طهران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، لكن مصادر مطلعة تقول إن هذا أسلوب ضغط وليس خطة واقعية لأن الخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي من شأنه أن ينذر بسباق تسليح إيراني لامتلاك قنابل نووية ويؤدي إلى تدخل أميركي وإسرائيلي.

وقال دبلوماسي غربي رفيع المستوى إن حكام إيران معرضون للخطر أكثر من أي وقت مضى، وأي تحدٍّ هو مقامرة قد تأتي بنتائج عكسية مع تصاعد الاضطرابات الداخلية وضعف قوة الردع وفي ظل تحييد إسرائيل لوكلاء إيران من الفصائل المسلحة خلال الحروب الدائرة في الشرق الأوسط منذ عام 2023.

قلق متزايد

ويسود بين الإيرانيين العاديين شعور بالإرهاق والقلق نتيجة الحرب والعزلة الدولية، ويزداد الأمر تعقيداً بسبب إحساس متنامٍ بفشل الحكومة، فالاقتصاد القائم على النفط، والمتعثر أساساً بسبب العقوبات وسوء إدارة الدولة، يواجه ضغوطاً متزايدة.

ويعاني البلد الذي يبلغ عدد سكانه 87 مليون نسمة انقطاع التيار الكهربائي يومياً في أنحائه كافة، مما يجبر كثيراً من الشركات على تقليص حجم عملياتها. وانحسر منسوب المياه في الخزانات إلى مستويات قياسية منخفضة، مما دفع الحكومة إلى التحذير من "حال طوارئ وطنية للمياه" تلوح في الأفق.

ووقف كثير من الإيرانيين، حتى المعارضين للحكام الشيعة، إلى جانب البلاد خلال حرب يونيو الماضي، لكنهم يواجهون الآن فقدان مصادر دخلهم وقمعاً متزايداً.

وقال علي رضا (43 سنة)، وهو تاجر أثاث في طهران، إنه يفكر في تقليص حجم تجارته ونقل أسرته خارج العاصمة وسط مخاوف من تعرضها لمزيد من الهجمات الجوية.

وأضاف أن "هذا نتيجة 40 عاماً من السياسات الفاشلة"، في إشارة إلى الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 التي أطاحت بالنظام الملكي المدعوم من الغرب.

وتابع "نحن بلد غني بالموارد ومع ذلك يفتقر الناس إلى إمدادات الماء والكهرباء. عملائي لا يملكون المال. عملي ينهار".

وكرر ما لا يقل عن 20 شخصاً في أنحاء إيران أجريت معهم مقابلات عبر الهاتف ما قاله علي رضا، وهو أنهم يفقدون الثقة بقدرة المؤسسة الحاكمة على الحكم الرشيد على رغم أن معظمهم لا يريدون حرباً أخرى.

وعلى رغم حال الاستياء الكبيرة، لم تندلع احتجاجات واسعة النطاق، وبدلاً من ذلك شددت السلطات الإجراءات الأمنية وكثفت الضغط على النشطاء المؤيدين للديمقراطية وسرعت وتيرة عمليات الإعدام وقمعت ما تقول إنها شبكات تجسس مرتبطة بإسرائيل، مما أثار المخاوف من اتساع نطاق المراقبة والقمع.

ومع ذلك، عاد المعتدلون المهمشون للظهور في وسائل الإعلام الحكومية بعد أعوام من الإقصاء. ويرى بعض المحللين أن هذه الخطوة تهدف إلى تهدئة القلق الشعبي وإرسال إشارة بإمكان الإصلاح من الداخل، من دون "تغيير النظام" الذي من شأنه أن يغير السياسات الأساسية.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل