Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لغة النار وفرص التفاهم... تصعيد ميداني وحوار سياسي بين دمشق و"قسد"

"قوات سوريا الديمقراطية" لـ"اندبندنت عربية": نرفض التقسيم ونريد دستوراً يحفظ حقوق مختلف المكونات

ترفع وزارة الدفاع السورية من حدة لهجتها ضد "قسد" فتؤكد "ضرورة التزامها بالاتفاقات الموقعة مع الدولة (أ ب)

ملخص

تصعيد ميداني غير مسبوق بين "قسد" والجيش السوري، في كل من دير الزور وحلب، كما أعلنت الدفاع السورية عن مقتل أحد جنودها بهجوم لـ"قسد" في ريف حلب، في المقابل وفد من الإدارة الذاتية موجود في دمشق منذ الإثنين وسيبقى حتى الخميس، ويجري محادثات موسعة مع الحكومة السورية بهدف التهدئة.

في وسط العاصمة السورية دمشق، وفد من الإدارة الذاتية برئاسة المسؤولة البارزة إلهام أحمد، يجري محادثات مع مسؤولين سوريين في مبنى وزارة الخارجية. في اللحظات ذاتها وعلى بعد مئات الأمتار، من وزارة الدفاع، يخرج بيان رسمي يعلن مقتل عنصر من الجيش السوري، إثر هجوم "شنته مجموعتان تابعتان لقوات سوريا الديمقراطية، على نقاط انتشار الجيش في منطقة تل ماعز بريف حلب الشرقي". وأشار البيان إلى أن "وحدات الجيش السوري ردت، ضمن قواعد الاشتباك، على مصادر النيران، وتمكنت من إفشال عملية التسلل وإجبار القوات المهاجمة على الانسحاب إلى مواقعها الأصلية". وتتابع وزارة الدفاع، أن "هذا التصعيد يأتي في وقت تواصل 'قسد' استهداف مواقع الجيش في منطقتي منبج ودير حافر بصورة دائمة، إلى جانب إغلاق بعض طرق مدينة حلب أمام الأهالي بصورة متقطعة وشبه يومية، انطلاقاً من مواقع سيطرتها قرب دوار الليرمون، في تجاهل للتفاهمات والاتفاقات المبرمة مع الحكومة السورية".

تبادل الاتهامات

ترفع وزارة الدفاع من حدة لهجتها ضد "قسد" فتؤكد "ضرورة التزامها بالاتفاقات الموقعة مع الدولة السورية، والتوقف عن عمليات التسلل والقصف والاستفزاز التي تستهدف عناصر الجيش والأهالي في حلب وريفها الشرقي، واستمرار هذه الأفعال سيؤدي إلى عواقب جديدة".
قبل هذه الحادثة بأيام قليلة، شهدت قرية الكيارية في منطقة منبج بريف حلب، مناوشات بين "قسد" والجيش السوري، تم حينها اتهام الجانب الكردي بـ"إطلاق صليات صاروخية استهدفت منازل المدنيين في قرية الكيارية ومحيطها بصورة غير مسؤولة ولأسباب مجهولة، مما أسفر عن إصابة أربعة من عناصر الجيش وثلاثة مدنيين بجروح متفاوتة".
على الضفة الثانية، تتهم "قسد" الفصائل التابعة للحكومة السورية بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، فتنشر بياناً رسمياً تقول فيه، إن "هذه الفصائل تواصل ارتكاب الانتهاكات في مناطق عدة، منها دير الزور ودير حافر وسد تشرين وتل تمر، إضافة إلى تحركات مريبة في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، في مخالفة صريحة للاتفاق الموقع بين إدارة الحيين وإدارة دمشق". وأضاف البيان أن "الفصائل شنت أكثر من 22 هجوماً على مناطق شمال وشرق سوريا، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، إلى جانب هجمات برية ومحاولات عبور نهر الفرات لاستهداف قواعد تابعة لها في دير الزور، مما أدى إلى إصابة أكثر من 11 مدنياً وإلحاق أضرار كبيرة بمناطق سكنية".

حرب باردة

يلخص الصحافي الكردي جوان ريمو آخر التطورات بالقول إن هناك "حرباً باردة غير معلنة بين 'قسد' وحكومة دمشق"، إذ إن "الأنباء الواردة خلال 24 ساعة الأخيرة تفيد بوصول التوتر بين الطرفين إلى ذروته، ويمكن تلخيصه في عدة نقاط، أبرزها أنباء عن وصول تعزيزات عسكرية من مرتبات الفرقتين 60 و76 التابعتين لوزارة الدفاع إلى سد تشرين ودير حافر بريف حلب الشرقي، وتعزيزات أخرى في الطريق إلى منطقة الزملة بريف الرقة الجنوبي، بينما نفت الحكومة السورية وجود تحركات عسكرية باتجاه مناطق سيطرة ’قسد’، وقالت إن المشاهد المصورة هي لتدريبات أجراها الجيش السوري جنوب مدينة حلب".
أما "الشيخ فرج الحمود السلامة، أحد مشايخ قبيلة البوشعبان، الموالي للحكومة، فأعلن النفير العام ضد ’قسد’، وقوى الأمن الداخلي (التابعة لقسد)، التي أعلنت إصابة عنصرين من قواتها في محيط حي الشيخ مقصود بحلب، جراء استهداف مسيرة انتحارية تابعة للحكومة إحدى نقاطها الأمنية". وأعلنت "قسد" عن تحركات استفزازية للقوات الحكومية في محيط بلدة دير حافر وحيي الشيخ مقصود والأشرفية، داعية الحكومة السورية إلى ضبط سلوك تلك العناصر المنفلتة، كي لا تتسبب بانهيار الاتفاقات والتفاهمات الموقعة بينهما"، فيما "أعلنت وزارة الدفاع السورية مقتل أحد عناصرها في اشتباكات عنيفة مع قوات من 'قسد' تسللت إلى منطقة تل ماعز شرقي حلب".

فرص للتهدئة

إلى جانب الميدان الذي يغلي، واليد التي على الزناد، هناك فرص أخرى للوصول إلى تفاهمات تفضي إلى تثبيت اتفاق الـ10 من مارس (آذار) الذي وقع عليه كل من الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد "قوات سوريا الديمقراطية" مظلوم عبدي، ودمج "قسد" في الدولة السورية. وتجلت هذه الفرص بالوفد الذي وصل إلى دمشق، أول من أمس الإثنين، وسيبقى بحسب مصادر "اندبندنت عربية"، حتى يوم غد الخميس، في مفاوضات وصفتها المصادر بـ"الإيجابية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

براغماتية أم لغة جديدة؟

عبدالوهاب خليل، عضو المجلس العام لـ"مجلس سوريا الديمقراطية - مسد"، وهو الجناح السياسي لـ"قسد"، يقول في حديثه إلى  "اندبندنت عربية"، إن "دمشق هي عاصمة الدولة السورية، ونحن نؤكد دوماً على وحدة الأراضي السورية، وفي ما يتعلق بالحديث عن التقسيم أو الفيدرالية، فهي مسائل بعيدة كل البعد طموح الشعب السوري في شمال شرقي البلاد، بمعنى آخر نحن لسنا مع التقسيم، نحن ندعم أن تتخلص جميع فئات الشعب السوري من أي ارتباطات خارجية، والجلوس إلى طاولة الحوار السوري-السوري. نحن الآن في دمشق، لأن دمشق هي عاصمة سوريا الموحدة، ونريد بالحوار إنقاذ الدولة السورية ودعمها والنهوض بها نحو التعافي". ويضيف خليل أن "ما جرى في مدينة الحسكة قبل أيام لم يكن مؤتمراً كما يتم الحديث عنه، بل هو عبارة عن 'كونفرانس' لمكونات شمال شرقي سوريا، ونحن ندعم إقامة 'كونفرانسات' في كافة المحافظات السورية بهدف أن يتعرف السوريون على بعضهم بعضاً بصورة أكبر".
ويوضح المسؤول في "مسد" أن "مسألة اللامركزية وشكلها وكل هذه الأمور تحددها طاولة الحوار، ويحددها ما يقرره السوريون، أما نحن في 'مسد' فمن أهم مطالبنا أن يضمن الدستور السوري حفظ الحقوق الثقافية لجميع مكونات شمال شرقي سوريا، ونؤكد بأنه لا حل بالسلاح، والحل سيكون بالحوار حصراً".
ويؤكد خليل أن "وفداً من دائرة العلاقات الخارجية بالإدارة الذاتية موجود حالياً في دمشق، بهدف إجراء محادثات لتهدئة الأوضاع، والاتفاق على خفض التصعيد، ونبذ خطاب الكراهية، ووقف التحريض الإعلامي، ولتأكيد استمرارية اتفاقية العاشر من مارس بين الرئيس أحمد الشرع وقائد 'قسد' مظلوم عبدي، وهناك جولات أخرى من المحادثات سيتم عقدها قريباً".

الموقف الرسمي: أبواب دمشق مفتوحة للجميع

من جهتها تؤكد الخارجية السورية إجراء محادثات مع "قسد"، وبحسب مصدر من وزارة الخارجية لـ"اندبندنت عربية"، فإن "الشعب الكردي جزء من التنوع السوري، وحقوق الأكراد كحقوق باقي السوريين يكفلها الدستور، لا فرق في الدولة السورية الجديدة بين كردي أو عربي أو درزي أو علوي أو مسيحي، الدولة السورية اليوم تقوم على أساس المواطنة واحترام القانون، واحترام اختلاف الثقافات".
وتوضح الخارجية أن "حل جميع القضايا بالحوار هو السبيل الأول لدينا في حل أي مسألة بما في ذلك قضية السويداء أو قضية شمال شرقي سوريا". أما عن سبب إلغاء جولة المفاوضات التي كانت مقررة في باريس مع "قسد"، يكتفي المصدر السوري بالقول، إن "أبواب دمشق مفتوحة لكل من يريد الحوار".
لغة النار التي يتحدث بها الميدان، يقابلها لغة أخرى رقيقة تتحدث بها الأطراف السياسية للإعلام، وليس من المعروف إذا ما كان حديث الساسة للإعلام يعكس حقيقة ما يجري في الغرف المغلقة، خصوصاً أن الساحة السورية شهدت خلال الأشهر الثمانية الماضية سيلاً من المفاجآت التي لم يكن ليتوقعها أكثر المتشائمين ولا أكثر المتفائلين، بيد أن الثابت الوحيد وجود جهود عربية، وإقليمية، للوقوف في وجه أي مشاريع من شأنها المس بوحدة الأراضي السورية، وهذا ما تجلى واضحاً في البيان المشترك الذي صدر أخيراً عن تركيا و10 دول عربية بينها السعودية ومصر والإمارات وقطر والأردن وغيرها.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات