Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكايات الرعب... بضاعة درامية لا تبور

مسلسل "وينزداي" نقل بطلته إلى الصفوف الأولى وقصص الخوف تسيطر على أجندة المنصات هذا العام لإشباع فضول الباحثين عن الخطر

لدى النجمة جينا أورتيغا أكثر من تجربة في أعمال الرعب بينها وينزداي (رويترز)

ملخص

تُشبع دراما الرعب فضول الباحثين عن تجربة صادمة تضعهم على حافة الخطر وهم يمكثون على الأريكة المريحة في منازلهم، وبالتزامن مع النجاح الذي يحققه الموسم الثاني من مسلسل "وينزداي"، يتوالى الترويج لعدد من مسلسلات المنصات التي تدور في أجواء مرعبة، باعتبارها من الأنواع الدرامية الأكثر شعبية واستهلاكاً

فيما يؤشّر إلى أن جماهيرية مسلسلات الرعب في ازدياد مستمر ومن مختلف الأعمار، يبدو طبيعياً أن يكون الموسم الجيد من مسلسل الرعب والإثارة "وينزداي" مليئاً بكثير من المغامرات المظلمة في أكاديمية نيفرمور، ملاذ المراهقين المنبوذين، إذ إن النصف الأول من الموسم الذي بدأ عرضه قبل أيام جعل مشاهديه يلهثون خلال أربع حلقات لا تقل تشويقاً عن الموسم الأول، الذي عرض قبل ثلاثة أعوام، وظل عشاقه مشدوهين وينتظرون بشغف الحلقات الجديدة التي تعدى تقييمها الـ80 في المئة على موقع "روتين توميتوز" الشهير، من قبل النقاد المتخصصين.

تعليقات الجماهير على العمل بعد ساعات من بثه أوضحت أنهم متشوقون لتكملة الحكاية في مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل، حيث موعد عرض الجزء الثاني من الموسم، فيما النجاح اللافت جعل من الطبيعي التعاقد على موسم ثالث وفقاً لتصريحات صنّاع العمل، إذ سيكشفون فيه مزيداً من أسرار عائلة آدامز الغريبة الأطوار.

النجمة جينا أورتيغا، التي اشتهرت في الموسم الأول بالرقصة الأيقونية المريبة، التي تقدم شخصية البطلة عدوة المرح عاشقة الظلام والغموض والموت، لها أكثر من تجربة في أعمال الرعب، وهي إحدى نجمات جيل زد البارزات، مما يضمن لأعمالها انتشاراً بين أبناء وبنات هذه الفئة الأكثر عدداً واستهلاكاً للفنون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبصورة عامة يعد عالم الرعب مفضلاً لفئات عدة وأجيال متنوعة من الباحثين عن جرعات زائدة من الأدرينالين الدرامي، إذ إن كل لقطة في مسلسل "وينزداي" الثري بصرياً تفتح الباب لفصل جديد من الألغاز، هذا المسلسل الذي لم تغب عنه لمحات الكوميديا ويخرجه تيم برتون، دشّن نجومية جينا أورتيغا بعد عدد من الأدوار الثانية، إذ مثّلت الدور للمرة الأولى قبل أن تكمل الـ20 من عمرها.

النقلة التي حدثت للبطلة تشير إلى أنه في بعض الأوقات يكون الطريق الأسرع والأكثر مضموناً، لتحقيق الشعبية ربما يأتي من قصص الرعب، هذا العالم الذي يأخذ المشاهدين إلى آفاق بعيدة من الواقع في الغالب، ويذهب بهم إلى قصص الفانتازيا السوداء، وإن كان بعض صناع هذه الدراما يذهبون بعيداً، ويقدمون رعباً غير محتمل، إلا أن صناع "وينزداي" يحاولون الحفاظ على خطوط عدة تجعله ملائماً لكل من أكمل الـ14 وما فوق، ممن يبحثون عن الأخطار وإشباع فضول المغامرة الصادمة وهم جالسون في بيوتهم.

وينزداي... رمز ثقافي

خطة ذكية باستهداف الفئة العمرية الأكثر استخداماً لمنصات "السوشيال ميديا"، إضافة إلى نوع درامي يثبت على الدوام أن مستهلكه حاضر ومستعد لمزيد. وفي حين قدمت السينما أعمال رعب رفيعة المستوى على مدى عقود تقدر بعشرات الآلاف من مختلف ثقافات ودول العالم، لكن بما أن الدراما التلفزيونية هي دفتر الأحوال الجديد بما تشهده من طفرة فنية وتقنية وعلى مستوى السرد القصصي والموضوعات المطروحة، فقد شهدت الأعوام الأخيرة قائمة من المسلسلات التي ترفع الخوف شعاراً لها.

 

يصف الناقد إيهاب التركي شخصية وينزداي على وجه الخصوص بأنها تحولت إلى "رمز ثقافي"، مؤكداً أن العمل جذب ملايين المشاهدين بمزجه بين الرعب الخفيف والغموض والكاريزما الشخصية، فمسلسلات الرعب وفقاً لكثر تتفوق بفضل المنصات على الأفلام، لأنها توفر مساحة أكبر لتطوير الشخصيات ونسج حبكات معقدة تمتد عبر حلقات، مما يخلق ارتباطاً أعمق مع الجمهور، وهو ما يصعب تحقيقه في فيلم مدته ساعتان، لافتاً إلى أن هناك طفرة ملحوظة في الأعوام الأخيرة في دراما الرعب، بخاصة مع صعود منصات المشاهدة الرقمية.

التطور التقني وكذلك سرعة عملية الإنتاج والإقبال على المشاهدة جعلت تجربة الرعب يمكن أن تُعاش بصورة أكثر تكراراً، بسبب تنوع المحتوى الذي توفره المنصات، فالقصص التي تلعب على هذا الجانب متشعبة ومتنوعة، فمسلسل مثل "أشياء غريبة" غارق في الفانتازيا والمغامرات والمعارك الفتاكة، إذ يجري توظيف الخيال العلمي من أجل صنع تجربة متكاملة في عوالم غرائبية شديدة التشويق، وقد عرض المسلسل في موسمه الأول عام 2016، وملايين من مشاهديه يبحثون كل يوم عن أية تفصيلة تدلهم على خطة صناعه في الجزء الخامس والأخير، الذي من المفترض أن ينطلق عرضه هذا العام، على ثلاثة أجزاء على مدى شهر ونصف الشهر تقريباً، إذ قرر صناعه مدّ حبل الإثارة على أشده، وتقطيع حلقاته الثماني لخطف الانتباه أطول فترة ممكنة، وهو العمل الذي بدأ أبطاله تمثيله وهم أطفال صغار، وحافظوا على جودة أدائهم ونجاحهم طوال الأعوام التسعة.

الخوف يصنع المجد

وعلى رأس أبطاله كانت ميلي بوبي براون، التي وصلت إلى المجد والشهرة جراء مغامراتها التي تحبس الأنفاس في هذا المسلسل الذي شوهد موسمه الرابع لمدة 287 مليون ساعة خلال ثلاثة أيام فقط من إطلاقه و335 مليون ساعة خلال أسبوع عرضه الأول، وذلك قبل ثلاثة أعوام، لكن بعد أشهر قليلة من هذا الإنجاز أزاحه الموسم الأول من مسلسل وينزداي، وحطم الرقم القياسي لأعلى عدد مشاهدات لمسلسل تلفزيوني باللغة الإنجليزية على "نتفليكس"، بحصيلة مشاهدات وصلت إلى 341.2 مليون في أسبوع واحد.

يعتقد الناقد أندرو محسن أن أعمال الرعب ضيف دائم على وسائل العرض، سواء أكانت قنوات تلفزيونية أو منصات أو قبل كل شيء دور عرض سينمائية. لافتاً إلى أن حتى الأعمال المنخفضة المستوى التي لا تحظى بشهرة كبيرة فلها جمهورها أيضاً، الذي يبحث عنها. مضيفاً، "كثر يرغبون في الدخول إلى عوالم الرعب والغموض والغرابة، والدراما تحقق لهم هذه التجربة من دون الوقوع في المتاعب فعلاً وعلى أرض الواقع، فحتى لو كانت هناك إنتاجات لا يشعر بها أحد ولا تثير ضجة أو تُصنّف على أنها متفوقة فنياً، لكنها تحقق ربحاً وتجد مشاهدها الباحث عنها أيضاً".

 

من جهتها لم تكتف وينزداي بأن تخطف الأذهان بتفاصيل يومياتها في أكاديمية نيفرمور التي هي مجتمع مراهقين مليء بالتداخلات مع تحكمات وغرابة المعلمين، ولا حتى بنظرة عينيها الغائرتين أو بمظهر ضفيرتيها وبدلتها المخططة وملابسها السوداء، حتى باتت تلك التفاصيل من العلامات البارزة ذات الشعبية وانتشرت على نطاق واسع ليس افتراضياً فقط إنما في الواقع أيضاً، وإنما في الجزء المتبقي من الموسم الثاني سوف تدخل في صراع خاص جداً مع النجمة ليدي غاغا، التي ستظهر بدور المعلمة روزالين روتوود بل وستؤدي أغنية قاتمة بعنوان "Dead Dance".

هذا نموذج للإنتاج الباهظ الذي لا يوفر أي جهد أو فكرة للوصول بجرعة التشويق والرعب والجذب إلى أقصى ما يمكن، لكن في الحقيقة فإن أعمال الرعب سرها دوماً في الحبكة، وفي ترابط اللقطات وعدم ترك المشاهد فريسة للملل، ولو في مشهد واحد، فإذا كان الإبهار هو سمة الأعمال الحديثة والمنافسة على أشدها في هذا الصدد، فإن بعض كلاسيكيات الرعب قدّمت بموازنة مكونة من بضع مئات الآلاف من الدولارات، ففيلم مثل "مشروع الساحرة بلير" الذي عرض عام 1999 بدأ بموازنة تصوير لا تتخطى الـ60 ألفاً، ووصلت إلى أقل من 800 ألف دولار بعد عمليات ما بعد الإنتاج وخطط الدعاية والتسويق، لكن المفاجأة أنه حصد 250 مليون دولار أرباحاً، وأصبح من كلاسيكيات أفلام الرعب، بل وظهرت خطوط درامية واضحة منه في أعمال عدة في ما بعد.

ما بين التسلية السريعة والتأمل الفلسفي

يفسر الناقد أندرو محسن هذا التباين، بوجود فجوة كبيرة بالفعل بين إنتاجات الرعب سواء في المسلسلات أو الأفلام، لأن هناك أعمالاً فاخرة بموازنات قياسية، وأخرى متواضعة الكلفة تماماً، ولكل منها رواد، مشيراً إلى أن ذوق الجمهور في هذه العوالم على وجه التحديد يذهب إلى الأكثر إثارة وقوة، وابتكاراً في فكرته أيضاً، إذ يعود إلى ذكر فيلم "مشروع الساحرة بلير" كعلامة على أن الموازنة لم تكن عائقاً أبداً أمام صنع عمل بات من علامات هذا النوع من القصص، إذ فاق نجاحه توقعات كل العاملين بالمجال.

 

ونظراً إلى شعبية هذا النوع من الحكايات الغرائبية التي تعبث بالمخيلة وبنفوس المشاهدين، أصبحت تجاربها في العالم العربي متعددة أيضاً أخيراً، كذلك فإن منصات المشاهدة جعلت هناك فرصة لتذوق رعب من مختلف البلدان، ولم يعد الرعب الأميركي هو المسيطر منفرداً مثلما كان في السابق، لكن على رغم أن كبار صناع السينما على مدى تاريخها كانت لهم إسهامات قيمة في هذا المجال، فلماذا لا تزال هناك تصورات أن هذا النوع من الإنتاجات هو استهلاكي بالأساس ولا يندرج تحت قائمة الفن الرفيع؟

يعتقد الناقد إيهاب التركي أن هذا الأمر قد يكون صحيحاً في بعض الأحيان، فكثير من أعمال الرعب تعتمد على الصدمات البصرية والقفزات الدرامية المفاجئة لجذب الانتباه، لكنّ مخرجين كباراً مثل ستانلي كوبريك، الذي قدم "The Shining" 1980، أثبتوا أن الرعب يمكن أن يكون عملاً فنياً عميقاً يستكشف الخوف النفسي والصراعات الإنسانية. مضيفاً "هذا التنوع هو سر جاذبية الرعب، من خلال قدرته على الجمع بين الترفيه السريع والتأمل الفلسفي، كذلك تكمن شعبيته في استغلاله للغرائز البدائية مثل الخوف من المجهول والقلق من الخطر والفضول تجاه الممنوع، فكثير من المسلسلات الحديثة تمزج الرعب بالكوميديا والعناصر الشبابية، في حين أن أفلام كوبريك تفكك الروح البشرية، فالرعب مرآة تعكس مخاوفنا وتطلعاتنا، والمنصات أعطت هذا اللون الدرامي دفعة جديدة وانتشاراً، لكن الأفلام الكلاسيكية ستظل أعمق، وفناً يرسم لوحة للنفس البشرية ومخاوفها وتقلباتها".

عام الرعب

تضم قائمة مسلسلات الرعب التي قُدّمت في الأعوام الأخيرة أيضاً أعمالاً مثل "المراقب" 2022، إذ تبدو قصته المستمدة من أحداث حقيقية من النوع المظلم تماماً، فمنذ اللحظة الأولى يبحث المشاهد عن تفسيرات ولا يكتفي من اللهث وراء الدراما، إذ تسكن عائلة أخيراً في منزل فخم يكون مثار إعجاب كل من يمر به، لكن الحياة تتحوّل إلى جحيم ودماء، وحتى نهاية الأحداث لا يعرف المشاهد التفريق بين الوقائع المزيفة والحقيقية، وتتحول لحظة اقتناء منزل الأحلام لأكثر اللحظات المشؤومة في حياة الأسرة التي كانت سعيدة ومثالية، قبل أن تمتلك البيت الفاره، كذلك من المنتظر العمل على موسم ثانٍ من العمل الذي انتهى بتساؤلات لم تلقَ جواباً مقنعاً بالنسبة إلى ملايين المشاهدين.

كذلك ربما يعتبر عام 2025 من أكثر الأعوام رواجاً في ما يتعلق بمسلسلات الرعب، فقد شهد أيضاً عرض موسم ثانٍ من مسلسل "ما تبقى منا"، وهو عمل أُخذ بالأساس من لعبة إلكترونية لها جماهيرية، فيما جرى تقديم المسلسل على "أتش بي أو"، بطريقة تلائم عشاق دراما الخراب، فهو يجمع بين الرعب النفسي والخيال العلمي، حيث يعيش الأبطال ما بعد نهاية العالم إثر عدوى فيروسية حوّلت المصابين إلى كائنات من الموتى الأحياء "زومبي"، والباقون يحاولون النجاة بأنفسهم وقد حولتهم المأساة إلى وحوش من نوع آخر مع كثير من التعقيدات الإنسانية، ومثل براون وأورتيغا صنع العمل نجومية بيلا رامزي، التي شاركت بيدرو باسكال في البطولة، وأصبحت رقماً مهماً في المنافسة بدراما المنصات.

 

ومن ألعاب النجاة القاتلة جاء المسلسل الكوري "لعبة الحبار" أيضاً، حين عرض موسمه الثالث قبل أسابيع قليلة، وعلى رغم أنه يُصنف للوهلة الأولى باعتباره من نوعية الإثارة والغموض، فإن أكثر ما يرعب فيه هو اقترابه من الواقع، حين تغيب عنه العوالم الخرافية، ويسعى لاكتشاف الأسوأ في الإنسان، عن طريق مشاركة مئات الأشخاص ممن يعانون أزمات مالية في منافسات ذات طابع خطر، ففي سبيل الخروج من الضيق يقبلون لعبة الموت وهم يعلمون أن الخسارة ستكلفهم حياتهم، المسلسل تحول إلى هوس بين الجماهير منذ بدء عرضه قبل أربعة أعوام، وجرى استلهامه في أعمال عدة.

من أبرز مسلسلات عام 2025 الحافلة بالرعب أيضاً "كاسندرا"، و"دبابير السترة الصفراء"، في موسمه الثالث، كذلك عرضت "أمازون" برايم مسلسل الرعب الهندي "Khauf"، ولأن دراما الرعب عادة تجد متلقيها فإن المنصات تعد الجمهور هذا العام أيضاً بقائمة أخرى من حكايات الخوف، ولعل أبرزها "Alien: Earth" الذي تدور أحداثه في عالم الفضاء وسط خطر يهدد البشرية، كذلك من أكثر المسلسلات انتظاراً "IT: Welcome to Derry ـ إي تي: مرحبًا بكم في ديري"، إذ الشخصية الشهيرة تعود لتسرد تاريخاً مروعاً من النكبات يتوق كثر لكشف كواليسه، فيما قررت منصة "ديزني بلس" على ما يبدو أن تختم عام الرعب بإنتاج كبير هو "زومبي مارفل"، إذ الوحوش العملاقة تسعى إلى النيل من الجميع، وسط تساؤلات عن مدى تدخل أبطال مارفل الخارقين.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون