Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عين روسيا على موانئ غرب أفريقيا الأطلسية

وقعت اتفاق تعاون عسكري مع توغو يسمح لها بالوصول غير المشروط إلى ميناء لومي الاستراتيجي

وقعت روسيا اتفاقية مع توغو تمنحها حرية الوصول إلى ميناء لومي الاستراتيجي (أ ف ب)

ملخص

نجحت روسيا في الأعوام الأخيرة في استغلال حمى الانقلابات التي أطاحت أنظمة عسكرية كانت حليفة للغرب في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، لترسم نفسها لاعباً قوياً من خلال نشر الآلاف من قواتها تحت مسمى "الفيلق الروسي".
وتدعم روسيا الأنظمة الانتقالية في الدول المذكورة، فيما تسود مخاوف غربية من أن يتحول هذا الدعم إلى استنزاف لثروات القارة وتهديد للمصالح الأوروبية والأميركية، وهي قوى تراجع حضورها بصورة لافتة.

بعد أعوام من ترسيخ نفوذها العسكري والأمني عبر شراكات مع دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، انتقلت روسيا إلى مرحلة جديدة من تحقيق طموحاتها في غرب أفريقيا من خلال السعي إلى وضع يدها على موانئ تطل على المحيط الأطلسي، في خطوة تعزز المخاوف المتصاعدة من أنشطة موسكو في القارة السمراء.

أخيراً، وقعت روسيا اتفاق تعاون عسكري مع توغو يسمح لها بالوصول غير المشروط إلى ميناء لومي الاستراتيجي، فيما رجح معهد دراسات الحرب الأميركي أن يتضمن هذا الاتفاق نشر عناصر من الفيلق الأفريقي – الروسي وسط تقارير تتحدث بالفعل عن بدء نشر مستشارين ومدربين عسكريين روس في توغو التي تسعى إلى النسج على منوال بقية دول غرب أفريقيا والنأي بنفسها عن فرنسا.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه منطقة غرب أفريقيا "تمرداً" ضد فرنسا، الحليف والمستعمر السابق، واستبدال روسيا، التي تقدم عروضا أمنية وعسكرية سخية لكنها لم تثبت فاعليتها بعد، به.


طموحات روسية كبيرة

كما أن توغو ليست الوحيدة التي أقدمت على فتح موانئها لموسكو، إذ صادقت حكومة "ساو تومي وبرينسيبي"، وهي دولة جزرية صغيرة تقع على الساحل الغربي الاستوائي من منطقة وسط أفريقيا، على اتفاق يتيح للسفن الروسية حق الرسو في موانئها والتزود بالوقود، فيما تتحدث تقارير روسية وأيضاً غربية عن محادثات بين موسكو وبنين وعواصم أفريقية أخرى.
وفي يونيو (حزيران) الماضي كشف السفير الروسي في بنين عن محادثات بين البلدين من أجل توقيع اتفاق تكتم عن ملامحه وبنوده، وسط تكهنات غربية بأن يكون ذا طابع عسكري.
ومن غير الواضح ما إذا كانت روسيا ستستخدم مثل هذه الموانئ لأغراض عسكرية وأمنية، أم تجارية واقتصادية، إذ تطمح موسكو بالفعل إلى زيادة معدلات تجارتها مع دول القارة، وأيضاً نقل ثروات مهمة مثل اليورانيوم والليثيوم، وهي طموحات كشف عنها مسؤولون روس أخيراً.
وتجاوز حجم التجارة السنوي بين روسيا وأفريقيا حاجز الـ20 مليار دولار في تطورات تترافق مع تعزيز موسكو حضورها العسكري والأمني في القارة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اتفاقات لتعزيز الروسي في أفريقيا

الباحث السياسي السوداني المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، اعتبر أن "الاتفاق الذي تم توقيعه بين جمهورية توغو وروسيا مهم جداً ويعزز النفوذ الروسي في غرب أفريقيا، على اعتبار أن الدول الحليفة في الساحل الأفريقي هي في حاجة إلى مثل هذه الاتفاقات والتعاون، حتى يتسنى لها ولروسيا نقل المعدات العسكرية والأسلحة والذخائر وكذلك كثير من السلع الاستراتيجية من طريق ميناء لومي في توغو".
وتابع تورشين أن "هذا يشكل انتصاراً كبيراً لروسيا على رغم تكهنات سادت في الفترة الماضية في شأن إمكان اتفاق موسكو مع غينيا، لكن الاتفاق تم مع توغو التي يمنح مينائها مسافة أقرب وكلفاً أقل بالنسبة إلى روسيا عند نقل أي مواد، لكن قد يتم أيضاً استئناف المفاوضات مع غينيا من أجل الوصول إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر".
وشدد الباحث السوداني على أن "هذه التطورات ستفتح مساحات جديدة لروسيا في أفريقيا، فتوغو أصبحت في دائرة النفوذ الروسي، وتجني موسكو امتيازات كبيرة جداً، وستفتح لها هذه التطورات أفقاً تجارية واقتصادية واعدة، والأهم من هذا كله هو أن انضمام توغو وساوتومي إلى الحلف الروسي يفتح أمام موسكو مؤشرات إلى انضمام دول أخرى".


مواد أولية وأسلحة

ونجحت روسيا في الأعوام الأخيرة في استغلال حمى الانقلابات التي أطاحت أنظمة عسكرية كانت حليفة للغرب في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، لترسم نفسها لاعباً قوياً من خلال نشر الآلاف من قواتها تحت مسمى "الفيلق الروسي".
وتدعم روسيا الأنظمة الانتقالية في الدول المذكورة، فيما تسود مخاوف غربية من أن يتحول هذا الدعم إلى استنزاف لثروات القارة وتهديد للمصالح الأوروبية والأميركية، وهي قوى تراجع حضورها بصورة لافتة.
الباحث السياسي الروسي، ديمتري بريدجيه، اعتبر أن "هذه التطورات تعكس توجه روسيا لتعزيز نفوذها في أفريقيا، وهو توجه بدأ منذ أن نشر رئيس مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية السابق، يفغيني بريغوجين، قوات له في القارة. وهناك اهتمام خاص بمنطقة غرب أفريقيا مع أفول نجم فرنسا مما جعل روسيا تسعى إلى ملء الفراغ".

وأردف بريدجيه أن "هذه الخطوات ليست بمعزل عن مساعي روسيا لتوسيع حضورها الجيواستراتيجي في العالم والتموقع من جديد وتشكيل التوازن الدولي بما يخدم مصالحها، لا سيما في ظل الصراع مع الغرب بسبب الحرب على أوكرانيا، وحرية وصول سفنها إلى ميناء لومي ما يوفر لها موطئ قدم استراتيجي في منطقة تطل على ممرات بحرية دولية مهمة".
وذكر أنه "من الناحية الاقتصادية، يمثل ميناء لومي موقعاً استراتيجياً لتصدير مواد أولية من أفريقيا نحو آسيا وأيضاً لتوريد الحبوب من روسيا إلى القارة الأفريقية، حتى يتسنى لموسكو تعويض خسائرها بسبب الحرب على أوكرانيا وهذا الدور لعبته أيضاً في سوريا التي توجد بها قواعد بحرية وعسكرية روسية".
واستطرد بريدجيه، "من الناحية العسكرية، بإمكان روسيا استغلال هذه التطورات من خلال إرساء قواعد عسكرية بحرية ستساعدها على توسيع حضورها في مناطق مثل خليج غينيا، ومراقبة التحركات الغربية من هناك، ومن هذا التمركز ترسل روسيا رسالة واضحة أنها باتت لاعب رئيس في أفريقيا لا يمكن تجاهله أو الاستهانة به. ويمنحها ذلك فرصة لبناء شبكة نفوذ قوية ويفتح الباب أمام صفقات تسليح مرتقبة ومحتملة".  

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير