ملخص
منذ قيام دولة إسرائيل حظي دعم واشنطن لها بتأييد واسع من جميع الأطراف على حد سواء في مجلس النواب، وبخاصة من اليمين، ويعزى هذا الموقف جزئياً إلى تأثير بعض الحركات المسيحية الإنجيلية التي ترى في الدولة اليهودية تحقيقاً لنبوءات توراتية.
أصبح دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، الذي يعد أحد ركائز الأيديولوجية الأميركية المحافظة، موضع تساؤل داخل التيار المؤيد لدونالد ترمب، وإن كان يمكن أن يؤثر ذلك في موقفه، فكتبت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين، المحسوبة على اليمين المتطرف عبر منصة "إكس"، إنه "ليس هناك أصدق وأسهل قولاً من أن السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في إسرائيل كان مروعاً، وأنه يجب الإفراج عن جميع الرهائن، ولكن الأمر يسري على الإبادة الجماعية والأزمة الإنسانية والجوع الذي تشهده غزة"، وبذلك تصبح تايلور المؤيدة لترمب أول نائبة جمهورية تستخدم مصطلح "إبادة جماعية" لوصف ما ترتكبه إسرائيل في القطاع الفلسطيني.
أولى علامات الانزعاج
وكثيراً ما تباهت النائبة عن ولاية جورجيا بدفاعها عن سياسة ترمب "أميركا أولاً" التي تؤيد الانعزالية، ففي منتصف يوليو (تموز) الجاري قدمت مشروع قانون يهدف إلى خفض التمويل الأميركي لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي بمقدار 500 مليون دولار، وأشارت حينها إلى أن "إسرائيل دولة تمتلك السلاح النووي وبإمكانها الدفاع عن نفسها بصورة كاملة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومنذ قيام دولة إسرائيل حظي دعم واشنطن لها بتأييد واسع من جميع الأطراف على حد سواء في مجلس النواب، وبخاصة من اليمين، ويعزى هذا الموقف جزئياً إلى تأثير بعض الحركات المسيحية الإنجيلية التي ترى في الدولة اليهودية تحقيقاً لنبوءات توراتية.
وخلال ولايته الأولى قدم ترمب نفسه على أنه مدافع شرس عن العلاقة الخاصة التي تربط الولايات المتحدة بإسرائيل، وتمثل ذلك في قراره نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وهو أمر طالما طالبت به الحكومة الإسرائيلية، وواصل الملياردير الجمهوري سياسته تلك بعد عودته للسلطة في يناير (كانون الثاني) 2025، ويبدو أنه يظهر الآن أولى علامات الانزعاج من الطريقة التي يدير بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحرب على غزة.
صغار يموتون جوعاً
وأعرب ترمب عن قلقه البالغ إزاء وجود مؤشرات على "مجاعة حقيقية" في القطاع الفلسطيني، وفي رده على سؤال حول ما إذا كان يوافق على إنكار نتنياهو وجود أزمة إنسانية في غزة، أجاب الرئيس الأميركي بأنه "مما يعرض على التلفزيون أقول لا، ليس بالضبط، لأن هؤلاء الأطفال يبدون جائعين للغاية"، أما نائبه جاي دي فانس فذهب إلى أبعد من ذلك خلال حدث في ولاية أوهايو في اليوم نفسه، معرباً عن تأثره بصور مؤلمة لأطفال صغار يموتون جوعاً، ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى بذل مزيد من الجهود للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وإضافة إلى كبار المسؤولين في الحكومة فإن شخصيات بارزة من اليمين الأميركي تدعو الآن إلى قطع العلاقات مع إسرائيل، وكذلك فعل مذيع قناة "فوكس نيوز" السابق تاكر كارلسون الذي انتقد بشدة الضربات الإسرائيلية على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، وحث الولايات المتحدة على عدم التدخل.
وفي مارس (آذار) الماضي اعتبر مركز "هيريتدج فاونديشن" المحافظ للدراسات، والذي يتمتع بنفوذ كبير، أن على الولايات المتحدة "تحويل علاقتها مع إسرائيل" نحو "شراكة إستراتيجية متكافئة"، غير أن استطلاع رأي أجرته مؤسسة "غالوب" ونشر أمس الثلاثاء أظهر أن دعم إسرائيل لا يزال سائداً بين أنصار الجمهوريين بصورة عامة، فقد أكد 71 في المئة منهم أنهم يؤيدون العمليات العسكرية الإسرائيلية على غزة في مقابل ثمانية في المئة فقط من "الديموقراطيين".
هل سيتغير موقف الرئيس؟
ومع ذلك أشار استطلاع أجراه مركز "بيو" للأبحاث في نهاية مارس الماضي إلى انقسام بين الأجيال حول هذه القضية، فمن بين مؤيدي "الجمهوريين" الذين شملهم الاستطلاع، عبّر 50 في المئة ممن تتراوح أعمارهم مت بين 18 و49 سنة عن رأي سلبي تجاه إسرائيل، مقارنة بـ 23 في المئة فقط من الذين تبلغ أعمارهم 50 سنة أو أكثر، وقال المفكر اليميني المتطرف ستيف بانون لصحيفة "بوليتيكو" إنه "يبدو أن إسرائيل لا تحظى بأي دعم يذكر تقريباً بين مؤيدي تيار 'ماغا' الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة"، وعبارة "ماغا" هي اختصار لشعار ترمب "لنجعل أميركا عظيمة من جديد".
وكان مستشار ترمب السابق للشؤون الإستراتيجية صرح خلال يونيو الماضي بأن إسرائيل ليست "حليفة للولايات المتحدة"، ليبقى السؤال إن كان موقف الرئيس الأميركي سيتغير فعلاً خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة.