ملخص
في شمال دارفور يسود هدوء ميداني حذر تحديداً في مدينة الفاشر، نتيجة توقف الهجمات الكبيرة على المدينة، منذ نحو أسبوع على آخر هجوم لقوات "الدعم السريع" عليها. وأكد والي شمال دارفور المكلف حافظ بخيت أن الوضع الإنساني والمعيشي في الفاشر لا يطاق نتيجة تفاقم الأوضاع الإنسانية بأكثر مما يجب، مما يعني أن فك الحصار عن الفاشر بات ضرورة قصوى اليوم قبل الغد. وأقر بخيت بأن ندرة المواد الغذائية والارتفاع الجنوني في الأسعار دفعا الناس فعلاً إلى تناول علف "الأمباز" المخصص للحيوانات، الذي أصبح أيضاً معرضاً للنفاد.
طالبت الحكومة السودانية دول الجوار كافة والمجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية ومختلف الهيئات الحكومية وغيرها من التنظيمات، بإدانة إعلان ما وصفته بـ"الحكومة الوهمية"، وعدم الاعتراف بها أو التعامل معها، في وقت أعلن الجيش رفضه الحكومة الموازية ووصفها بـ"التمثيلية" السمجة.
ونوه بيان لوزارة الخارجية السودانية إلى أن التعامل مع هذا التنظيم غير الشرعي الذي أعلن عنه بأي شكل من الأشكال "يعد تعدياً على حكومة السودان وسيادتها على أراضيها، وانتهاكاً صارخاً لحقوق ومقدرات الشعب السوداني".
وأثار إعلان تحالف "تأسيس" بقيادة قوات "الدعم السريع"، مجلساً سيادياً تأسيسياً وحكومة موازية في مناطق سيطرتها، خصوصاً في دارفور، جدلاً واسعاً وانقسامات حادة داخل السودان وخارجه.
حكومة وهمية
ودانت الخارجية السودانية ما ذهبت إليه "الدعم السريع" بإعلان حكومة "وهمية" تتحدث فيه عن توزيع مناصب حكومية لإدارة السودان "في تغافل واستهتار تامين بمعاناة الشعب السوداني الذي أذاقته أشكال العنف والتنكيل والتعذيب كافة". وأبدت الحكومة قلقها العميق إزاء موافقة جمهورية كينيا وتمكينها "الدعم السريع" من عقد اجتماعاتها التحضيرية لإعلان حكومتها غير الشرعية بنيروبي، مما يعد انتهاكاً واضحاً لسيادة السودان وخرقاً لمبدأ عدم التدخل في الشأن الداخلي.
الجيش يهاجم
كما دان الجيش السوداني تشكيل هذه الحكومة واصفاً إياها بأنها "تمثيلية سمجة لخليط مشوه من الجهلة والعملاء ومجرمي الحرب، ومحاولة بائسة لشرعنة مشروعهم الإجرامي وتمرير أجندة من يدعمونهم من الخارج"، وقال بيان للناطق الرسمي باسم الجيش العميد نبيل عبدالله إن "أحلام وأوهام أولئك، ومن يدعمونهم، ستتبدد بفضل تماسك الشعب السوداني وإرادته الوطنية والتفافه حول قيادته وجيشه، وسيبقى السودان واحداً موحداً مهما اتسعت دائرة التآمر عليه".
الجامعة ترفض
وفى أول ردود الفعل الإقليمية على إعلان حكومة تحالف "تأسيس" الموازية من مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور، أكدت جامعة الدول العربية رفضها القاطع تشكيل أي حكومات أو إدارات موازية من خارج الإطار الدستوري والقانوني للدولة السودانية، محذرة من التمادي في خطط إضعاف مؤسسات الدولة وإحلال الفوضى وقوة السلاح محل القانون، ومحاولة تقسيم السودان وتحويل البلاد إلى كانتونات متناحرة، بما ينذر بعواقب وخيمة على الاستقرار والأمن الإقليميين. ودان بيان الجامعة ما وصفه بمحاولة فرض حكومة غير شرعية في السودان، من قبل ائتلاف بقيادة "الدعم السريع"، بالقوة العسكرية من دون اكتراث بما يمكن أن تؤديه هذه الخطوة من تعقيد لحل سياسي شامل للأزمة السودانية، وذكرت الجامعة ببيان مجلس الأمن الدولي الصادر في الخامس من مارس (آذار) الماضي، الرافض إنشاء سلطة حاكمة موازية في السودان لما سيؤديه من تفاقم للصراع الدائر، وتفتيت البلاد، وتفاقم الوضع الإنساني.
من جهته، لفت رئيس "الحركة الشعبية - التيار الثوري الديمقراطي" ياسر عرمان إلى أنها "المرة الأولى منذ الاستقلال عام 1956، التي يشهد فيها السودان حكومتان تتنافسان على السلطة والموارد والشرعية ويعملان على تعقيد الحل السياسي وإطالة أمد الحرب"، وأشار عرمان، في منشور على منصة "فيسبوك" إلى أن هذا الوضع غير المسبوق يمثل تهديداً مباشراً لوحدة السودان واستقراره، منوهاً بأن الشرعية السياسية يجب أن تكون ملكاً للشعب وقوى الثورة، وليس نتاجاً لفرض الأمر الواقع بالقوة العسكرية أو التحالفات الضيقة. وحذر "من تكرار النموذج الليبي الذي أدى إلى انهيار الدولة هناك"، لافتاً إلى أن أقصر الطرق إلى السلام هو جلوس الأطراف للوصول لوقف إطلاق نار إنساني فوري ينهي الكارثة الإنسانية ويوفر الحماية للمدنيين، ثم إنهاء الحرب وإقامة دولة المواطنة بلا تمييز والديمقراطية والتنمية والعدالة.
هدوء وجوع
ميدانياً، يسود الهدوء الحذر جبهات القتال في إقليمي دارفور وكردفان غرب السودان، في مقابل تفاقم مريع للأوضاع الإنسانية بولايتي شمال دارفور وجنوب كردفان.
في شمال دارفور يسود هدوء ميداني حذر بمدينة الفاشر، نتيجة توقف الهجمات الكبيرة على المدينة، منذ نحو أسبوع على آخر هجوم لقوات "الدعم السريع" عليها. وأكد والي شمال دارفور المكلف حافظ بخيت أن الوضع الإنساني والمعيشي في الفاشر لا يطاق نتيجة تفاقم الأوضاع الإنسانية بأكثر مما يجب، مما يعني أن فك الحصار عن الفاشر بات ضرورة قصوى اليوم قبل الغد. وأقر بخيت بأن ندرة المواد الغذائية والارتفاع الجنوني في الأسعار دفعا الناس بالفعل إلى تناول علف "الأمباز" المخصص للحيوانات، الذي أصبح أيضاً معرضاً للنفاد.
من جانبه نفى المتحدث الرسمي للقوات المشتركة العقيد أحمد حسين مصطفى ما بثته منصات "الدعم السريع" باقتراب قواتها من أسوار الفرقة السادسة مشاة للجيش داخل المدينة، واتهم "الدعم السريع" باللجوء إلى التضليل الإعلامي "عقب تجرعها مئات الهزائم ومقتل معظم قياداتها الميدانية وانكسار شوكتها وقوتها الصلبة على أسوار الفاشر".
وأكد مصطفى هدوء الأوضاع الأمنية في الفاشر وتوقف المعارك والاشتباكات باستثناء عمليات التمشيط التي تقوم بها قوات الجيش والمشتركة في الأحياء الطرفية للمدينة لمنع عمليات التسلل المتكررة من قبل "الدعم السريع" التي كانت قد نشرت على منصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي أن قواتها أحرزت تقدماً ميدانياً كبيراً باتجاه محيط قيادة الفرقة السادسة مشاة للجيش في الفاشر، وأن قيادتها أمهلت مقاتلي الجيش والقوات المشتركة بالفاشر لتسليم أنفسهم أو مواجهة الحسم العسكري.
منطقة كوارث
وأعلنت السلطة المدنية الأراضي المحررة في المناطق التي تسيطر عليها حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور بشمال دارفور، منطقة كوارث إنسانية، مطلقة نداء إنسانياً للمجتمع الدولي ومؤسساته للتدخل الفوري لإنقاذ حياة أكثر من 7 ملايين شخص يعيشون في ظروف إنسانية وصعبة. وشهدت المناطق، حيث تسيطر حركة عبدالواحد، تدفقات هائلة للنازحين من مختلف مدن ومناطق السودان، مما خلف أوضاعاً إنسانية قاسية لصعوبة توفير الخدمات الإنسانية الضرورية لإنقاذ حياتهم، في وقت يتفشى وباء الكوليرا بصورة جنونية في معسكرات النازحين.
سيطرة وحياد
ومنذ سنوات تسيطر حركة عبدالواحد على مناطق طويلة بشمال دارفور والجزء الجنوبي الغربي من جبل مرة (المعقل الرئيس للحركة) وقرى عدة تتبع شمال وجنوب ووسط دارفور، ولا تعد الحركة نفسها جزءاً من الحرب الراهنة مشددة على التزامها بالحياد التام. وأوضح رئيس السلطة المدنية بتلك المناطق مجيب الرحمن محمد الزبير أن الحركة أطلقت عدداً من النداءات المماثلة، لكن لم تتجاوز الاستجابة نسبة 35 في المئة من المساعدات التي يحتاج إليها النازحون.
ومع تنامي بوادر الجوع ونفاد السلع الغذائية والأدوية في جنوب كردفان خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، رفع عشرات الأطفال في مدينة الدلنج، ثاني أكبر مدن الولاية، لافتات تطالب بفتح الممرات الآمنة لإدخال المساعدات الإنسانية. وتقطع قوات الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، المتحالفة مع "الدعم السريع"، الطريق الرابط بين مدينتي كادوقلي والدلنج بولاية شمال كردفان، مما أدى إلى حصار مدينتي الدلنج وكادوقلي وانقطاع وصول القوافل التجارية والمساعدات الإنسانية إليهما منذ فترة طويلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ضحايا وموجة حر
صحياً أعلنت شبكة أطباء السودان تسجيل 41 إصابة في مدينة بورتسودان، بينها حال وفاة واحدة، نتيجة موجة الحر غير المسبوقة التي تضرب حاضرة ولاية البحر الأحمر خلال الأيام الأخيرة. وحذر بيان للشبكة، من خطورة استمرار الظروف الحالية من دون تدخل عاجل، داعياً إلى التحرك الفوري لمعالجة أزمة الكهرباء، لا سيما في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، إلى جانب دعم الكوادر الصحية العاملة في الخطوط الأمامية بتوفير المستلزمات الطبية اللازمة لعلاج حالات ضربات الشمس والجفاف الحاد.
الحكومة الجديدة
واستكمالاً لتشكيل الحكومة الجديدة أصدر رئيس مجلس الوزراء الانتقالي كامل إدريس قراراً بتعيين خمسة وزراء وثلاثة وزراء دولة في الحكومة المرتقبة، ليرتفع عدد وزراء المعينين إلى 16 وزيراً من جملة 22 وزيراً.
وشملت التعيينات الجديدة سيدتين في منصب وزارة شؤون مجلس الوزراء، ووزير دولة بالرعاية الاجتماعية، إلى جانب وزراء لمجلس الوزراء، الشباب والرياضة، التعليم والتربية الوطنية، الطاقة، التحول الرقمي والاتصالات، ووزيري دولة بالمالية والخارجية.
اجتماع الرباعية
دولياً تستضيف العاصمة الأميركية واشنطن، بعد غد الأربعاء، اجتماع المجموعة الرباعية في شأن السودان، بمشاركة وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة، السعودية، مصر والإمارات العربية المتحدة، لبحث وقف الحرب وحلول الأزمة السودانية. وتتضمن أجندة الاجتماع بحسب مصادر دبلوماسية، مناقشة الأوضاع في السودان وبلورة رؤية رباعية لإنهاء الحرب، وإطلاق عملية سياسية تمهيداً لمفاوضات تنهي الحرب المندلعة قبل أكثر من عامين، وتأكيد ضرورة إدخال المساعدات للمناطق المتضررة.
نداء دبلوماسي
في السياق أصدر تجمع الدبلوماسيين السودانيين نداء عاجلاً إلى وزراء خارجية الرباعية لوضع حد للصراع الدامي في السودان. ورحب بيان للتجمع وقعه وزير الخارجية السابق إبراهيم طه أيوب، بانتظام الإدارة الأميركية في الأزمة السودانية، معرباً عن تطلعه أن يقر الاجتماع خطوات فورية وحاسمة لإنهائها. واقترح التجمع خريطة طريق في مقدمها وقف فوري وشامل ومستدام لإطلاق النار تحت آلية رقابة دولية، وإبعاد الجيش وقوات "الدعم السريع" وأي تكوينات عسكرية أخرى نهائياً عن السلطة حاضراً ومستقبلاً. وحذر تجمع الدبلوماسيون من انزلاق الوضع في السودان لمآلات خطرة قد تؤثر في الأمن الإقليمي والدولي، خصوصاً مع سعي الحركات الإرهابية في منطقة الساحل لإيجاد موطئ قدم لها في البلاد.