ملخص
برزت توجهات قوية لتشكيل فصيل مسلح جديد تحت مسمى "درع كردفان"، وأطلقت مجموعات من أبناء الإقليم "نداء كردفان" لحشد المقاتلين لإنهاء التمرد وتحرير الإقليم وبسط الأمن في مدنه وقراه، وذلك من خلال حملة واسعة للاستنفار الشعبي يسهم فيها كل أبناء أحزاب وقبائل كردفان.
مع التراجع النسبي لحدة العمليات والمواجهات البرية في إقليمي دارفور وكردفان، صعد الطيران الحربي غاراته الجوية على مواقع وتجمعات قوات "الدعم السريع" بولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال، غرب وجنوب)، بالتركيز على محيط مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، متسببة في خسائر بشرية ومادية كبيرة وسطها.
سلسلة غارات
وأوضحت مصادر عسكرية أن مقاتلات الجيش شنت سلسلة غارات عنيفة استهدفت تجمعات "الدعم السريع" في كل من الفولة والنهود والخوي وأبو زبد بغرب كردفان، والمجلد والدبيبات جنوب الإقليم، وجبرة الشيخ وأم قرفة وبارا شماله، لكبح أي تهديدات على مدينة الأبيض بعد رصد حشد وتحريك مجموعات وآليات قتالية من "الدعم السريع" في إطار استعدادات لمهاجمة المدينة.
من جانبها اتهمت "الدعم السريع" طيران الجيش بقتل أكثر من 10 مدنيين بينهم نساء وأطفال، في غارة جوية على منقطة الغبشان شمال شرقي مدينة بارا.
مشارف بارا
إلى ذلك أعلن قائد قوات "درع السودان" المتحالفة مع الجيش اللواء أبوعاقلة كيكل أن قوات الجيش في محور كردفان باتت الآن على مشارف مدينة بارا، وأن وجهتها التالية هي الالتحام مع القوات الموجودة في مدينة الأبيض عاصمة الولاية، والتوجه نحو دارفور ومدينة الفاشر على وجه الخصوص، في إطار خطة عسكرية متكاملة لتحرير غرب السودان، وأكد كيكل، لدى مخاطبته حشداً ميدانياً من قواته في محور كردفان، أن هذا التقدم يعكس مستوى التنسيق العالي والانضباط القتالي لقوات "درع السودان"، وشدد على أن قواته تضم مقاتلين من كل أنحاء السودان، ولا تمثل جهة أو قبيلة أو منطقة، وتقاتل بروح وطنية من أجل إنهاء حال الفوضى واستعادة هيبة الدولة.
درع كردفان
في هذا الوقت برزت توجهات قوية لتشكيل فصيل مسلح جديد تحت مسمى "درع كردفان"، وأطلقت مجموعات من أبناء الإقليم "نداء كردفان" لحشد المقاتلين لإنهاء التمرد وتحرير الإقليم وبسط الأمن في مدنه وقراه، وذلك من خلال حملة واسعة للاستنفار الشعبي يسهم فيها كل أبناء أحزاب وقبائل كردفان.
في شمال دارفور وعلى رغم الهدوء الحذر، بعد توقف المعارك والاشتباكات المباشرة، ما زال القصف المدفعي متواصلاً على المدينة التي تعرضت أحياؤها، ولا سيما جنوب غربيها وشمالها، ومعسكر أبوشوك للنازحين، لقصف مدفعي كثيف من "الدعم السريع" أدى إلى مقتل أكثر من ثلاثة مدنيين.
في تفاصيل جديدة لعملية التصدي للهجوم العنيف ومحاولة الاختراق البري الأخيرة لـ"الدعم السريع" لمدينة الفاشر من المحور الجنوبي الغربي، كشف الإعلام العسكري للفرقة السادسة - مشاة عن أن القوات المهاجمة تكبدت خسائر بشرية ومادية فادحة، بمقتل قائد الهجوم آدم عيسى الجنيدي.
جوع وأوبئة
في الأثناء، وصفت المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين أن الوضع الإنساني المتدهور في دارفور، لا سيما في المعسكرات، أصبح حرجاً للغاية، إذ يفتك الجوع وسوء التغذية الحاد بحياة الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات بصورة يومية. وقال بيان للمنسقية إن الوضع الصحي في دارفور يشهد تفشياً واسعاً لوباء الكوليرا، لا سيما في معسكر "كلمة" للنازحين بجانب منطقة طويلة، أكبر مركز للنزوح بعد الحرب الراهنة. أضاف البيان أن الوباء بات يشكل تهديداً لمئات الآلاف من النازحين الفارين من العنف في الفاشر ومعسكرات زمزم وأبو شوك وأبوجا، ولفتت المنسقية إلى أن النازحين يواجهون ظروفاً معيشية قاسية ومروعة، إلى جانب ندرة الخدمات الإنسانية، بما في ذلك مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي مما يسهل انتشار المرض.
وتابع بيان المنسقية "على رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها المنظمات الإنسانية الدولية ومنظمات المجتمع المدني وغرف الطوارئ والسلطات المحلية، إلا أن الأزمة تجاوزت قدراتها ولم تعد كافية لتلبية الاحتياجات العاجلة"، وأوضح أن القتال في الفاشر ما زال يجبر مزيداً من السكان على الفرار إلى منطقة طويلة، وحض البيان المجتمع الدولي على تحمل المسؤولية الأخلاقية، وفقاً لمبادئ القانون الدولي ووضع حد لهذه الأزمة المتراكمة.
قسم الوزراء
على خط آخر، أدت الدفعة الثانية من الوزراء المعينين بالحكومة الجديدة، وهم وزراء العدل والمالية والمعادن والشؤون الدينية والأوقاف والثقافة والإعلام والصناعة والتجارة والحكم الاتحادي والموارد البشرية والرعاية الاجتماعية، القسم أمام رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، بحضور رئيس الوزراء كامل إدريس، ورئيس القضاء والأمين العام لمجلس السيادة.
وعقب أداء القسم عقد رئيس مجلس السيادة ورئيس الوزراء اجتماعاً مع الوزراء الجدد تناول أولويات المرحلة المقبلة، وأوضح وزير الموارد البشرية والرعاية الاجتماعية معتصم أحمد صالح، في تصريحات صحافية، أن الاجتماع شدد على أهمية ترسيخ النزعة القومية في العمل والأداء.
وكان رئيس الوزراء أعلن تعيين دفعة جديدة من خمسة وزراء ليبلغ عدد الوزراء المعينين في الحكومة الجديدة حتى الآن 15 وزيراً، من جملة 22 وزيراً، في انتظار إكمال تشكيل الحكومة بتعيين الوزراء السبعة المتبقين خلال الأيام القليلة المقبلة.
نهب حقول النفط
اقتصادياً اتهمت مصادر ولائية "الدعم السريع" بتفكيك أبرز الحقول النفطية في ولاية جنوب كردفان، مما ستكون له تداعياته الكبيرة على مستقبل القطاع النفطي في السودان. وأشارت المصادر ولائية إلى أن هذه القوات فككت صهاريج حقل "نيم" ونقلتها في شاحنات إلى منطقة سوق النعام، وجرى تحميلها من هناك في شاحنات أخرى توجهت نحو حدود السودان مع دولة جنوب السودان.
ويقع هذا الحقل المكتشف في عام 2006، في المربع النفطي رقم 4، وبدأ الإنتاج المبدئي للحقل بنحو 24 ألف برميل خام يومياً، ارتفع بعدها إلى نحو 40 ألفاً. وتخضع معظم ولايات السودان المنتجة للنفط لسيطرة "الدعم السريع" التي تهيمن على مربع 6 النفطي، الذي يضم 23 حقلاً نفطياً.
وطالب ناشطون من جنوب كردفان المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بالتدخل العاجل، والضغط لوقف عمليات النهب والتخريب الممنهج، وإدراج هذه الانتهاكات في إطار جرائم حرب.
مخاوف أممية
وسط هذه الأجواء، أشار مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إلى توالي تقارير مقلقة في شأن حشد "الدعم السريع" لشن هجوم على مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان. وأعرب تورك، في بيان، عن أسفه لمقتل عشرات من المدنيين في ظل استمرار الأعمال العدائية في إقليم كردفان خلال الأسبوع الماضي. وعبر أيضاً عن أسفه لاستمرار الأطراف المتحاربة في السودان في الاستخفاف الصارخ بحياة المدنيين وسلامتهم، بعد أكثر من عامين على اندلاع النزاع، مناشداً جميع من لهم نفوذ على الأطراف التحرك الفوري لوقف هذا التصعيد وضمان امتثال الطرفين لالتزاماتهما بموجب القانون الدولي، بخاصة في ما يتعلق بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تصعيد وانتهاكات
ويشهد إقليم كردفان خلال الفترة الأخيرة تصعيداً في العمليات بين الجيش وحلفائه وبين "الدعم السريع"، مما تسبب في موجات من النزوح الجماعي للسكان وتفاقم الأزمة الإنسانية في مدن وأرياف وقرى تلك المناطق.
وجدد تورك دعوته الأطراف المتحاربة إلى ضمان وصول آمن ومستمر للمساعدات الإنسانية من دون عوائق، واتخاذ ما يلزم من تدابير لمنع ولجم انتهاكات القانون الدولي، وضرورة التحقيق في الانتهاكات بصورة كاملة ومستقلة وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.
ارتفاع الضحايا
في هذا الوقت، كشفت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسف" عن ارتفاع ضحايا الهجمات على قرى محلية بارا بولاية شمال كردفان إلى أكثر من 450 قتيلاً من المدنيين، بينهم 24 فتى في الأقل و11 فتاة واثنتان من النساء الحوامل. واعتبرت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل هذه الهجمات بأنها مشينة وتمثل تصعيداً مرعباً للعنف وتجاهلاً تاماً للنفس البشرية والقانون الإنساني الدولي، مبدية خشيتها من ارتفاع عدد ضحايا الأطفال جراء الهجمات في ظل إصابة عشرات واختفاء كثيرين.
الأطفال في خطر
وكانت قوات "الدعم السريع" هاجمت مجموعة من القرى في ضواحي مدينة بارا مصحوبة بأعمال نهب وتنكيل وإحراق للممتلكات والمنازل واعتقال عشرات الأشخاص، وسط استنكار واسع من المجموعات الحقوقية والقوى السياسية، وتسببت الهجمات في موجات من نزوح آلاف الأسر على رغم بدء موسم زراعة المحاصيل.
ودعا بيان راسل أطراف النزاع إلى وقف العنف والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي ومبادئ التمييز والتناسب والحيطة، مع ضرورة إجراء تحقيق في الانتهاكات بصورة مستقلة ومحاسبة المسؤولين عنها.
مسح الأضرار
على نحو متصل بدأ فريق مشترك من المنظمات الأممية يضم مكتب الأمم المتحدة للتنسيق (أوتشا)، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومنظمة "بلان سودان"، و"اليونيسف"، ومنظمة "سودا"، والفرق الطبية العالمية، ومنظمة الغذاء العالمية، مسحاً ميدانياً للمؤسسات المتضررة بالحرب بولاية النيل الأبيض، تحت إشراف مفوضية العون الإنساني. وشرع الفريق في مسح المؤسسات الخدمية والمنازل التي تأثرت بالحرب، ويشمل المسح الإيواء والحماية والتغذية والصحة والتعليم وإصحاح البيئة والمياه بمحلية أم رمته.
ووقف الفريق ميدانياً على المؤسسات الخدمية والمنازل المتضررة التي تأثرت بالحرب وعدد السكان الذين عادوا لمناطقهم بعد الحرب بمحلية أم رمتة، وقال نائب المدير التنفيذي بالمحلية إن الأوضاع تتطلب تدخلات عاجلة لإعادة تأهيل ما دمرته الحرب وعودة الحياة لطبيعتها.