Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتحرر الحكومة البريطانية من عصاب "هجرة القوارب"؟

تحديات قانونية وتقنية تنتظر تطبيق اتفاق إعادة اللاجئين القادمين عبر البحر إلى فرنسا

نحو 20 ألف مهاجر وصلوا بريطانيا عبر القوارب في النصف الأول من 2025 (غيتي) 

ملخص

منذ وصولها إلى السلطة في لندن قبل عام كامل عملت حكومة حزب العمال جاهدة في سبيل الاتفاق مع باريس على وقف تدفق قوارب المهاجرين إلى الشواطئ الإنجليزية، وقد تكللت الجهود باتفاق أعلن أمس خلال قمة فرنسية - بريطانية احتضنتها لندن، لكن تحديات قانونية وتقنية عدة قد تعوق تطبيق الاتفاق أو تبقي فائدته بالحدود الدنيا.

بدا رئيس الحكومة كير ستارمر فرحاً جداً أمس بإعلان الاتفاق مع فرنسا في شأن هجرة القوارب التي أرهقت الحكومات المتعاقبة في لندن منذ خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي عام 2020، ووفق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فإن الصداع الذي يعيشه البريطانيون في هذا الشأن ناتج من "أكاذيب بريكست" التي روجت لطلاق لندن وبروكسل كسبيل لضبط الحدود ووقف تدفق اللاجئين إلى البلاد.

تصافح الزعيمان البريطاني والفرنسي بحرارة أمام الكاميرات أمس احتفالاً بإنجازهما أو بـ"مكرمة الفرنسيين" كما روجت تقارير إعلامية محسوبة على تيارات اليمين في بريطانيا، فرسمت ماكرون ملك البحار الذي ينحني ستارمر أمامه طلباً للنجدة في أزمة تحاصر حزب العمال منذ فوزه في انتخابات 2024.

الضيق الذي يشعر به ستارمر تحت ضغوط اليمين المتشدد في ملف الهجرة ظهر جلياً في مهاجمته زعيم حزب "ريفورم" نايجل فاراج خلال المؤتمر الصحافي مع ماكرون، بخاصة أن فاراج كان حينها يبحر في بحر المانش ليشرح لأنصاره بالصوت والصورة عجز حكومة العمال عن وقف هجرة القوارب.

بعد انتهاء مراسم احتفال ستارمر وماكرون، بدأ الحديث عن إمكان تطبيق اتفاقهما وجدواه الحقيقية، فحذر مسؤولون بريطانيون من تحديات قانونية كبيرة تنتظره، إذ يتطلب تطبيقه الحصول على موافقة المفوضية الأوروبية ودول الاتحاد، وقد اعترض بعضها بالفعل على إعادة فرنسا المهاجرين من المملكة المتحدة.

ستارمر وماكرون يأملان بتطبيق الاتفاق خلال أسابيع لكن وزارة الداخلية البريطانية تتوقع طعونًا قانونية تشبه تلك التي قوضت محاولات "المحافظين" إرسال "لاجئي القوارب" إلى رواندا، إذ منعت أول رحلة لترحيل دفعة منهم إلى الدولة الأفريقية بأمر من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2022.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الطعون الداخلية والخارجية المتوقعة تشمل مطالبات تستند إلى جملة تشريعات حقوق الإنسان واللاجئين الدولية، لكن وزارة الداخلية البريطانية "تثق بقدرتها على إرساء أساس قانوني يُسرّع إجراءات الاستئناف وإفشال معظم الطعون، لأن فرنسا طرف في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وبلد آمن على كل الصعد".

الاتفاق الفرنسي البريطاني يقوم على قاعدة "إعادة مهاجر مقابل قبول آخر"، إذ تقبل لندن بمهاجر تربطه صلة قربى مع عائلة تعيش في بريطانيا أو قدم من بلاد حرب أو أزمة تؤهله لحق اللجوء، وفي المقابل تعيد باريس واحداً ممن لا تنطبق عليهم الشروط وترسله إلى أرض فرنسية بعيدة تماماً من الشاطئ الإنجليزي.

وفق الاتفاق الجديد ستنشئ بريطانيا بوابة إلكترونية في فرنسا لاستقبال طلبات اللاجئين الذين سيتم اختيارهم استناداً إلى ثلاثة عوامل، أولها وجود روابط عائلية لهم في المملكة المتحدة، والثاني الجنسيات الأكثر احتمالاً لمنحهم اللجوء، أما الثالث والأخير فيتعلق بالأشخاص الأكثر عرضة للاستغلال من قبل مهربي البشر.

من المرجح أن يكون معظم الذين تقبلهم بريطانيا هم من إريتريا وإيران وأفغانستان والسودان، لأنهم يشكلون نسبة كبيرة من "مهاجري القوارب"، وبحسب الإحصاءات الرسمية وصل إلى الشواطئ الإنجليزية خلال النصف الأول من 2025 نحو 20 ألف مهاجر، بزيادة نحو 50 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

لم تحدد بريطانيا وفرنسا عدد المهاجرين اللذين تهدفان إلى إبعادهم بموجب الخطة، لكن يمكن أن تشمل الفترة التجريبية للبرنامج 50 عملية تبادل أسبوعياً، وهذا يمثل واحداً من كل 17 مهاجراً يصلون إلى الشواطئ الإنجليزية كل أسبوع، وتقول "الداخلية" إن الأعداد قد تزداد بسرعة بمجرد تبسيط النظام والإجراءات.

 

وزير الداخلية إيفيت كوبر رفضت الإفصاح عن عدد المهاجرين الذين سيتم إعادتهم أو قبولهم بموجب الترتيبات الجديدة مع فرنسا، وقالت إن "البرنامج سيطبق خطوة بخطوة حتى يصل إلى مرحلة مستقرة ويحقق أقصى فائدة مرجوة"، لكن سؤالاً كبيراً يطرح في شأن المبعدين الذين سيكررون محاولة الوصول إلى بريطانيا؟

وفق الاتفاق ستقوم باريس بإرسال المبعدين إلى مناطق فرنسية بعيدة من شواطئ بريطانيا، ولكن ذلك لن يمنعهم من تكرار محاولة الوصول إلى المملكة المتحدة مرة أخرى، لذلك قالت وزيرة الداخلية إن لندن ستلجأ إلى تطبيق التشريع الذي أصدرته حكومة "المحافظين" الأخيرة ويجرم دخول البلاد بشكل غير قانوني.  

وفق ستارمر سيُظهر الاتفاق مع باريس عبث تكرار الرحلة إلى بريطانيا، "والوظائف التي وُعد بها المهاجرون غير الشرعيين في المملكة المتحدة لن ينالوها في ظل حملة غير مسبوقة تنفذها السلطات المختصة على العمالة غير القانونية، وسينتهي الأمر بهم إلى مراكز احتجاز تجمع هؤلاء المقرر إبعادهم من الدولة".

يحتجز المهاجرون المختارون للترحيل عند وصولهم إلى المملكة المتحدة في مراكز تشمل حالياً نحو 2200 مكان بنسبة إشغال وصلت اليوم إلى 70 في المئة، لكن وزارة الداخلية تخطط لفتح مركزين جديدين في منطقتي "أوكسفوردشاير" و"هامبشاير" جنوب إنجلترا بطاقة استيعابية تصل إلى حدود 1000 شخص.

والتعرف إلى هويات اللاجئين الذين يحاولون تكرار الرحلة إلى بريطانيا بعد إبعادهم متاح عبر صورة الوجه وبصمات الأصابع، ولن يُحتسبوا ضمن حصة العودة المتفق عليها وفق الآلية التي ينتظر دعمها نهاية الشهر الجاري بصلاحيات أوسع للشرطة الفرنسية تسمح لها بمنع قوارب المهاجرين من الإبحار أصلاً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير