ملخص
كشفت قناة (i24) الإسرائيلية عن ترتيبات حالية لعقد لقاء بين نتنياهو والشرع في واشنطن بمشاركة الولايات المتحدة، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل.
تسارعت تطورات الأحداث حول ملف السلام السوري - الإسرائيلي أو ما سماه الإسرائيليون "فرصة توسيع اتفاقات أبراهام عبر دمشق" أمس الثلاثاء، وذلك بعد الكشف عن لقاء بين رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي ورئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع في أبوظبي، وهو لقاء لم ينفه الإسرائيليون، بل نقلت تقديرات بأن تأخير إقلاع طائرة "جناح صهيون" الأحد الماضي إلى واشنطن لثلاث ساعات، والتي سافر على متنها مسؤولون أمنيون إسرائيليون رفقة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مرده اللقاء ووجود هنغبي في أبوظبي، في وقت كشف هنغبي خلال الاجتماع الأخير للجنة الخارجية والأمن عن وجود حوار مباشر بين إسرائيل والسلطات السورية الجديدة يشمل تنسيقاً أمنياً وسياسياً، وأن عقد الجلسات واللقاءات يجري بإشرافه شخصياً ضمن الجهود المبذولة للوصول إلى سلام بين تل أبيب ودمشق، والذي اعتبر أن سوريا ولبنان هما الدولتان الأقرب حالياً إلى السلام مع إسرائيل".
وخلال هذا الاجتماع جرى اقتباس قول هنغبي "لقد نُشر أن الشرع قال خلال لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن هناك حواراً غير مباشر مع إسرائيل، والحقيقة هي أن هناك حواراً مباشراً ويومياً على جميع المستويات، وأنا شخصياً أديره مع جهات سياسية ممثلة عن الحكومة، وهناك كثير من الأمور المشتركة بين إسرائيل وسوريا، ومنها ما يتعلق بإيران"، فيما لم يخرج عن هنغبي أو مقربين منه حتى الساعة أي رد على تقارير لقائه الشرع.
نتنياهو والشرع في واشنطن
ومع النقاش الإسرائيلي الواسع حول جهود هنغبي في الجهود المتعلقة بالملف السوري، نُقل تأكيد مسؤولين حصول هذا اللقاء، بينما ادعى آخرون أن هنغبي لم يلتق الشرع بل مسؤولين أمنيين سوريين كباراً في أبوظبي، في وقت كشفت قناة (i24) الإسرائيلية عن ترتيبات حالية لعقد لقاء بين نتنياهو والشرع في واشنطن بمشاركة الولايات المتحدة، وذلك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل.
ونقلت القناة الإسرائيلية عن مصدر سوري مقرب من الرئيس الشرع أنه خلال هذا الاجتماع الذي سيعقد في البيت الأبيض سيوقع نتنياهو والشرع اتفاقاً أمنياً برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وقالت القناة الاسرائيلية إن "هذا اللقاء سيكون خطوة أولى نحو اتفاق سلام بين البلدين".
ووسط نقاش محتدم حول ما إذا كان هنغبي التقى الشرع أو مسؤولين أمنيين سوريين، رحّب الكنيست الإسرائيلي بالناشط السياسي السوري شادي مرتيني الذي قام بزيارة استثنائية للكنيست لتدشين لوبي جديد لما أُطلق عليه "تسوية أمنية إقليمية"، وفي خضم الحديث عن توقعات بإبرام اتفاق مرتقب قريباً بين سوريا وإسرائيل وأهميته، أشار مرتيني إلى أنه التقى الشرع قبل وصوله إلى إسرائيل، وقال "ناقشنا خلال حديث مطول إمكانات السلام القريب، وقبل إنهاء اللقاء أكد لي الشرع أن هناك فرصة لا تعوض تشهدها منطقة الشرق الأوسط مرة كل 100 عام ويجب استغلالها"، مضيفاً أن الشرع أكد "أهمية اغتنام هذه الفرصة لأن النافذة لن تبقى مفتوحة دائماً".
تقارير متناقضة
وتناقضت التقارير الإسرائيلية حول التقديرات في شأن توقيع اتفاق بين تل أبيب ودمشق، سواء كان اتفاقاً أمنياً أو اتفاق سلام سياسياً من شأنه أن يوسع "اتفاقات أبراهام"، وقد سعت جهات إسرائيلية إلى تخفيف أهمية الموضوع وشرحت أن الاتصالات تمهيداً للسلام بين إسرائيل وسوريا لا تزال بعيدة من تحقيق اختراق، وبحسبها فإن ذلك يعود لأسباب منها أن الشرع غير مستعد لمناقشة بدء عملية السلام مع إسرائيل ولا حتى التعاون الأمني الذي سيترجم عبر اتفاق، طالما أن الجيش الإسرائيلي يرفض الانسحاب من الأراضي التي سيطر عليها في سوريا بعد انهيار نظام بشار الأسد.
وقدم مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى إحاطة إعلامية للمراسلين السياسيين حول إمكان انضمام سوريا إلى "اتفاقيات أبراهام"، معتبراً أنه من الباكر الحديث عن موضوع السلام مع سوريا، وقال إن "هناك كثيراً من التحديات وهذا ليس أمراً بسيطاً"، لكن المسؤول الإسرائيلي شدد على أنه "بعد الهجوم الناجح الذي نفذته إسرائيل والولايات المتحدة على إيران والذي ألحق أضراراً جسيمة ببرنامج طهران النووي وصواريخها الباليستية، نشأت فرصة فريدة لتغيير وجه الشرق الأوسط، بما في ذلك التوصل إلى اتفاقات مع سوريا وأيضاً مع لبنان"، بحسب هذا المسؤول.
4 قنوات اتصال وهنغبي في مركزها
ومنذ اللقاءات التي عقدت قبل أكثر من أسبوع، أكد مسؤولون إسرائيليون أن المفاوضات بين دمشق وتل أبيب تجري يومياً عبر أربع قنوات يشرف عليها تساحي هنغبي ويشارك في إحداها، في حين أن القناة الثانية من المفاوضات يشرف عليها رئيس الـ "موساد" ديفيد برنياع، والقناة الثالثة شارك فيها وزير الخارجية جدعون ساعر الذي سبق وصرح أن "لإسرائيل مصلحة في اتفاق مع سوريا، لكن أي اتفاق سيكون في مركزه اعتراف دمشق بالسيادة الإسرائيلية على الجولان"، أما القناة الرابعة التي شكلت محوراً مركزياً فيشارك فيها ضباط في الجيش الإسرائيلي وجهات أمنية سورية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
القفز عالياً
من جهته دعا السفير الإسرائيلي السابق لدى قبرص ميخائيل هراري، وهو شخصية دبلوماسية بارزة، إلى عدم تفويت الفرصة والتوصل إلى اتفاق مع سوريا، وقال "لقد غير انهيار نظام الأسد صورة الوضع الإقليمية، فمنذ صعود أحمد الشرع إلى الحكم ازدادت التوقعات باختراق دبلوماسي بين سوريا وإسرائيل، والظروف الحالية على الأرض معقدة جداً وتستوجب تفكيراً معمقاً عما يمكن وينبغي تحقيقه، في ظل الامتناع من خطوات متسرعة من شأنها أن تضر بالهدف".
وبينما شدد هراري على ضرورة التوصل إلى اتفاق مع سوريا، فقد حذر من طبيعة النظام الحالي، وبرأيه أن "النظام السوري الجديد لا يسيطر بصورة فاعلة على كل أراضي الدولة، والشرع يبدي براغماتية مبهرة لكن يتعين عليه أن يجسر بين الأيديولوجيا الإسلامية الراديكالية وبين قدرته على تنفيذ المطلوب، وتدخل لاعبين خارجيين مثل تركيا وإسرائيل يشكل تحدياً حقيقياً، كما أن خروج إيران من سوريا في خطوة حظيت بشبه إجماع عالمي، سُجل لمصلحة الشرع".
وفي ظل النقاش الإسرائيلي حول الاتفاق مع سوريا والتحذير من شخص الشرع نظراً إلى انتمائه السابق لـ "هيئة تحرير الشام"، رأى هراري أنه يمكن تحقيق اتفاق سلام مع سوريا، وهناك حاجة إلى استمرار اللقاءات والمحادثات، محذراً من تفويت الفرصة الناشئة، ومعتبراً أن "الأهم ألا نقفز عالياً وبعيداً أكثر مما ينبغي".
وفيما بقيت تساؤلات كثيرة مطروحة في إسرائيل أمام تطور الأحداث واللقاءات تجاه سوريا وما قد ينجز خلال وجود نتنياهو في واشنطن، اعتبر هراري أن بعض هذه الأسئلة ستلقى الرد أثناء زيارة نتنياهو لواشنطن، وقال إن "من المهم أن تقترح إسرائيل منحى مسؤولاً يتضمن بضعة بنود، ومنها تعهد متبادل للعودة لاتفاق عام 1974، بما في ذلك جدول زمني وضمانات ضرورية تتيح انسحاباً إسرائيلياً إلى خط الحدود الملزم، واتفاق على إقامة آلية ثلاثية، إسرائيلية وسورية وأميركية، غايتها الوصول إلى توافقات حول احترام سيادة الدولتين، مع إعلان مشترك في شأن تطلع الدولتين إلى وقف حال الحرب وتبني مسار متفق عليه لعلاقات سلام، إضافة إلى التزام أميركي تجاه سوريا ولبنان لتسوية ترسيم الحدود البرية بينهما بصورة تسمح بحل الخلاف الحدودي الإسرائيلي - اللبناني". وأضاف هراري أنه يجب أن تشمل البنود كذلك اتفاقاً على تشجيع الحوار غير الرسمي بين الجمهور في إسرائيل وفي سوريا، مع الدفع قدماً بخطوات لبناء الثقة على المستويين الإنساني والاقتصادي.