Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يمكن لإسبانيا استعادة لحظتها التاريخية بعد فضيحة روبياليس؟

بعد البطولة التي "تغير فيها كل شيء" سواء داخل الملعب أو خارجه يصل بطل العالم إلى "يورو 2025" حاملاً شعوراً بفرصة جديدة

جدارية تظهر الرئيس السابق للاتحاد الإسباني لكرة القدم لويس روبياليس أثناء تقبيل لاعبة الوسط جيني إيرموسو (أ ف ب)

ملخص

بروح جديدة ومكتسبات غير مسبوقة، يستعد المنتخب الإسباني بطل العالم لكرة القدم النسائية عام 2023 لخوض بطولة يورو 2025، وسط جدل استبعاد إيرموسو وتعافي بونماتي.

عندما غادر منتخب إنجلترا أرض الملعب بعد مباراته الأخيرة ضد إسبانيا، التي انتهت بهزيمته بنتيجة (1-2) بعد عودة إسبانية في مباراة دوري الأمم الأوروبية خلال يونيو (حزيران) الماضي، كان هناك شعور طاغ في غرفة الملابس بأنه "من الصعب جداً اللعب ضدهم"، وهكذا عبر أحد اللاعبين المنهكين.

تعد إسبانيا، بفضل فلسفتها الكروية، تحدياً فريداً تقريباً في كرة القدم النسائية، إذ تستمتع لاعبات إنجلترا بهذا التحدي، ويعجبن باللاعبات الإسبانيات كرموز، ويدركن أن أبطال العالم هم الفريق الذي يجب التغلب عليه.

ومع ذلك، رفضت المدربة الإسبانية مونتسي تومي وصف فريقها بالمفضل للفوز، على نحو ما يفعل المدربون عادة لتحفيز فرق النخبة على اللعب وكأنهم يبدأون من الصفر.

لكن في الواقع، كثير من بطلات العالم الإسبانيات يفضلن البدء من الصفر بمعنى مختلف، فهذا الفريق الفريد يسعى إلى انتصار فريد خاص به، ومستقل عن المتاعب السابقة.

وإن بدا من غير المنصف لهذا الجيل التاريخي أن تظل بطولة كأس العالم 2023 ملوثة دائماً بقضية لويس روبياليس، فإن هذا الحديث يعكس في الحقيقة مشاعر اللاعبات أنفسهن، فقد تحدث عدد منهن عن الأمر في فيلم وثائقي جديد رائع من إنتاج "نتفليكس" بعنوان "انتهى: القبلة التي غيرت كرة القدم الإسبانية".

وذهب حاملة الكرة الذهبية لأفضل لاعبة في العالم أيتانا بونماتي، إلى حد القول "انتصارنا في كأس العالم طغت عليه تلك القضية، بل وشوهته".

وتضيف إيفانا أندريس "لقد سرقوه منا"، قبل أن تأتي شهادة لافتة من الأسطورة جيني إيرموسو التي كانت ضحية قبلة روبياليس، إذ تعترف بأنها كانت تمر بلحظات تفكر فيها "يا إلهي، أنا بطلة عالم"، لكنها كانت تسرع بإيقاف نفسها، قائلة "ذلك الإحساس لا يدوم سوى ثانية واحدة، لأنني لا أستطيع أن أعيش تلك اللحظة من جديد".

ولن تتاح لها فرصة عيش أية لحظة انتصار جديدة في سويسرا، إذ استُبعدت من التشكيلة بصورة مثيرة للجدل، بالتالي لن تكون شاهدة على التغييرات الكثيرة التي طرأت أيضاً.

حتى خلال الأسابيع التي سبقت فضيحة روبياليس، وجدت بعض اللاعبات أن الظروف في كأس العالم كانت سيئة إلى درجة أنهن لا يزلن غير قادرات على استيعاب كيف فزن بالبطولة. وتعترف بونماتي بأنهن كن يتساءلن "كيف كان ذلك ممكناً؟".

ويبرز الفيلم الوثائقي التناقض الصارخ مع فريق الرجال، إذ يكشف عن رسائل لافتة من القائد السابق سيرجيو راموس يطلب فيها من روبياليس ساعات "هوبلو" الفاخرة.

في المقابل، كانت اللاعبات يطلبن فقط مواعيد رحلات تتيح لهن قسطاً كافياً من النوم قبل المباريات الكبرى.

ولهذا السبب بالذات، يكثر الحديث الآن عن "روح خاصة" تحيط ببطولة "يورو 2025"، وبخاصة إذا ما قورنت بالأجواء التي سادت البطولة السابقة.

إذ تعد بطولة أوروبا 2022 في إنجلترا لحظة انحدار أخرى، بالنظر إلى أن شكاوى اللاعبات آنذاك أدت في نهاية المطاف إلى لحظة مفصلية عرفت باسم "لاس 15". وهن 15 لاعبة انسحبن من تمثيل المنتخب بعد شهرين، بعدما أبدين قلقهن من ضرورة رفع معايير العمل داخل فريق المدرب خورخي فيلدا بصورة كبيرة، حتى يتمكن من تحقيق إمكاناتهن الكاملة. أما الأجواء القاتمة والفشل في تجاوز الدور ربع النهائي، فقد بدت أكثر حتمية بسبب إصابة أليكسيا بوتياس عشية انطلاق البطولة.

وكان هناك صدى مقلق لتلك الأحداث عشية "يورو 2025"، حين نقلت نجم الفريق أيتانا بونماتي الأسبوع الماضي إلى المستشفى بسبب التهاب السحايا الفيروسي، ولم يستطع بعض من حول الفريق تفادي شعور "وهم سبق الرؤية".

ومع ذلك، قد يكون هذا أيضاً مؤشراً آخر على تغير الأحوال، إذ خرجت أيتانا من المستشفى وعادت إلى الفريق بحلول الثلاثاء، وقالت بونماتي "كل شيء يسير على ما يرام".

الكلمات التي تتردد حالياً في معسكر إسبانيا في لوزان هي "الهدوء" و"الاستقرار".

لقد تغيرت الظروف أيضاً، تماشياً مع حقيقة أن الفريق بات يلعب الآن بثقة نابعة من إنجاز حقيقي. لقد خضن التجربة وحققن النجاح، وفي ظل ظروف بالغة الصعوبة.

أما الآن، فلم تعد المشتتات حاضرة كما كانت من قبل. وتشعر كثير من اللاعبات أخيراً بأن المعايير بدأت ترتقي لتوازي ما هو موجود في الأندية، بل وفي فرق الرجال أيضاً.

وقالت أليكسيا بوتياس لصحيفة "ماركا"، "كل شيء تغير جذرياً من حيث الظروف والسفر والتغذية والتدريبات. أصبح لدينا كل ما نحتاج إليه لنكن الأفضل. لقد وصل الأمر إلى مستوى فرق الرجال الكبرى. إنه أمر مذهل، تطلب كثيراً من الجهد من عدد من الأشخاص".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما لاعبة أرسنال ماريونا كالدينتي فقالت "الأجواء أصبحت أكثر احترافية مع إعداد أفضل، إذ يصغون لنا ويسألوننا عما نحتاج إليه".

ولا تزال رئيسة نقابة "فوتبرو" أماندا غوتيريز، التي وقفت إلى جانب اللاعبات خلال قضية روبياليس، تشير إلى أن التغييرات كانت "تدريجية".

ومن الطبيعي أن تمر صدمة بهذا الحجم من دون أن تخلف وراءها بعض بقايا الماضي، فقد أثار استبعاد إيرموسو بعض القضايا القديمة، إلى جانب تساؤلات جديدة موجهة للمدربة تومي.

تومي كانت المساعدة الأولى لفيلدا خلال كأس العالم 2023، لكنها أصبحت سريعاً خليفته في المنصب بعد التغييرات التي تبعت قضية روبياليس.

هذا القرار لم يقابل بكثير من الثناء، على رغم أن اللاعبات كن يعتبرنها سابقاً مقربة منهن، وبعضهن شعرن بأنها "تغيرت"، وأن تعيينها يمثل استمرارية للنظام القديم.

وعندما ألقى روبياليس خطابه الشهير الذي رفض فيه الاستقالة، ظهرت تومي إلى جانب فيلدا وهي تصفق له. وفي فيلم "انتهى"، وصفت إحدى اللاعبات من "لاس 15" وهي لولا غاياردو، تلك اللحظة بأنها مثال على أن فيلدا وتومي "باعا لاعباتهما مرة أخرى".

ولا يساعد أيضاً أن تومي -مثل فيلدا- لا تعد مدربة ذات جودة فنية كافية، فقد فازت بدوري الأمم الأوروبية للسيدات في نسخته الافتتاحية بعد أشهر من كأس العالم 2023، لكن المركز الرابع في أولمبياد باريس 2024 عُدَّ إخفاقاً، بل إن إيرموسو بدت وكأنها تنتقد قدرات تومي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، قالت فيه "الإدارة؟ هذا ما يجب على الآخرين أن يتعلموه، فهذا الدور أكبر من طاقتهم".

وأضافت إيرموسو أنها "تملك أيضاً ضميراً مرتاحاً جداً"، في إشارة إلى كلمات تومي نفسها عند إعلان استبعادها. وكانت المدربة شددت على أن القرار كان لأسباب كروية بحتة، على رغم أن الشكوك لا تزال قائمة.

ومن جانب تومي، فقد تم بالفعل استدعاء لاعبات أخريات من مجموعة "لاس 15"، كما أن إيرموسو تبلغ الآن من العمر 35 سنة، وهناك حجج منطقية في شأن ما إذا كانت لا تزال تلعب بالمستوى نفسه، وبخاصة في ظل وفرة المواهب المتاحة.

وراقبت تومي 70 لاعبة، جميعهن يجسدن تلك الفلسفة الراسخة. وقالت المدربة لصحيفة "آس" إنها اتخذت ما رأت أنه القرار الأفضل "لصالح الفريق، لا لمصلحة مونتسي".

وأنهت إيرموسو منشورها بجملة لاذعة، قائلة إن على تومي "أن تركز الآن على جعل إسبانيا بطلة لأوروبا، على رغم أنهن كن سيفزن حتى من دونها، بل وربما بصورة أفضل بكثير".

وعلى رغم حدة هذه الكلمات، فإن كثراً يوافقونها الرأي. فهذا ما حدث خلال عام 2023. فإسبانيا تمتلك من الجودة ما يكفي لأن تكتفي بأبسط صور التوجيه الفني.

وتتجلى ديناميكية التغيير في أنه بعد أقل من عامين على كأس العالم، لم يتبق من قائمة الـ23 لاعبة سوى 11 فحسب. وفي المقابل، عادت لاعبتان من مجموعة "لاس 15" هما باتري غيخارو وكلوديا بينيا، وهما مستعدتان لخوض "يورو 2025" بروح جديدة.

إن شعورهما بوجود فرصة جديدة يعزز ذلك الإحساس السائد لدى الفريق بأكمله. ففي فيلم "انتهى"، تتحدث اللاعبات بصراحة عن أن التغييرات التي أحدثها كأس العالم 2023 كانت نصراً أكبر حتى من رفع الكأس نفسها.

أما الآن، فقد منح الفريق لنفسه أرضية لتحقيق نصر رياضي خالص.

وتقول ماريونا إن الأجواء في المعسكر "تتمحور حول كرة القدم، فقط كرة القدم"، فيما وجهت بوتياس رسالة مؤثرة عشية انطلاق البطولة، قائلة "الآن حان وقت الاستمتاع والتنافس ومنح السعادة". ربما ليس للمنافسين.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من رياضة