ملخص
هارفي إليوت، الموهبة الإنجليزية الشابة، يلمع في بطولة أوروبا تحت 21 سنة، متألقاً بأداء بطولي على رغم تهميشه في ليفربول، يسعى إلى إثبات نفسه أساسياً في زمن حاسم من مسيرته، وسط منافسة شرسة ومستقبل غير مضمون.
كانت لا تزال هناك عدة دقائق متبقية على نهاية المباراة، وكانت إنجلترا متعادلة مع خصمٍ أوروبي من العيار الثقيل، حين اندفع هارفي إليوت نحو المرمى وصوب الكرة، وببراعة حاسمة تحول إلى بطل اللقاء.
لم يكن ذلك في نصف نهائي بطولة أوروبا تحت 21 سنة وحسب بل بأسلوبه المميز في حسم اللحظات المتأخرة، ألحق إليوت الهزيمة بباريس سان جيرمان الفرنسي، الفائز لاحقاً بدوري أبطال أوروبا، على ملعب "بارك دي برانس".
لعلها كانت رمزية حزينة لموسمه مع ناديه، أن حتى لحظته الأجمل لم تضف له شيئاً، فقد أُقصي ليفربول على يد باريس سان جيرمان في مباراة الإياب، وأصبح إليوت بطلاً للدوري الإنجليزي الممتاز، لكن كلاعب بديل لم يشارك إلا نادراً، وإن كان سيضيف إلى رصيده الميدالية الصحيحة في بطولة أوروبا تحت 21 سنة، ولا يقف بينه وبينها سوى منتخب ألمانيا، فسيكون ذلك بصفته نائب القائد وهداف إنجلترا وربما البطولة بأكملها، وبصفته نجماً متألقاً أطلق له العنان بعدما قضى معظم الأشهر الـ10 الماضية جالساً على مقاعد البدلاء.
وبعد 360 دقيقة فقط لعبها في الدوري الإنجليزي الموسم الماضي، فقد خاض بالفعل 385 دقيقة في هذه البطولة الأوروبية.
يجسد إليوت خصوصيات كرة القدم تحت 21 سنة، فهو لاعب هامشي في "أنفيلد" بسبب المواهب المحيطة به، لكنه يتقدم إلى الواجهة في هذه الفئة العمرية تحديداً لأن أقرانه الذين يلعبون أكثر لأنديتهم يتم اختيارهم من قبل توماس توخيل، ولا يُتاحون لفريق المدرب لي كارسلي.
لاعبون مثل مورغان روجرز وكول بالمر ونوني مادويكي، جميعهم مؤهلون للمشاركة مع منتخب تحت 21 سنة (وحتى جود بيلينغهام كذلك)، وجميعهم يشكلون خيارات محتملة للجناح الأيمن، لكنهم تمت ترقيتهم، أما إليوت فلم يرقَّ بعد،
لذا فهو يُظهر عمق المواهب التي تتمتع بها كل من إنجلترا وليفربول، كما أنه قدم مهارات نادرة، فجاء هدفاه الرائعان ضد هولندا دليلاً على قدرته على إيجاد المساحات بين الخطوط والانطلاق بالكرة وإنهاء الهجمة بقدمه اليمنى أو اليسرى على حد سواء.
وربما دفع ثمن نجاحه، إذ تعرض لإصابة طفيفة في ركبته أثناء انزلاقه احتفالاً بهدفه الأول، وتأمل إنجلترا ألا تؤثر تلك الإصابة في مشاركته في النهائي غداً السبت.
وكذلك كان إليوت لاعباً يبحث عن دور، فقد كان محصوراً في مشاركات قصيرة مع النادي الذي شجعه طوال حياته، وربما بات يواجه نهاية حلمه الشخصي، لم يبدأ سوى مباراتين فقط في الدوري الإنجليزي الموسم الماضي، وكلتاهما بعد حسم اللقب، وكلتاهما انتهت بالهزيمة.
كان من المفترض أن يبدأ ضد ساوثهامبتون بعد ثلاثة أيام فقط من بطولته الفردية في باريس، حين دخل مجدداً وغير مجرى المباراة، وربما تسبب تردد المدرب آرني سلوت في إراحة لاعبيه الأساسيين حينها في إنهاكهم خلال نهائي كأس الرابطة في الأسبوع التالي، حين قدم إليوت تمريرة حاسمة متأخرة في ظهور خاطف آخر.
وكان تفسير سلوت بعد مباراة ساوثهامبتون كاشفاً، وقال "إذا دخل أحدهم لخمس دقائق وسجل هدفاً، وغير ذلك كل أفكارك حول التشكيلة الأساسية، فسيكون ذلك غريباً بعض الشيء".
إذاً كان ترتيب الأولويات محسوماً لديه، أما التفسير الآخر المتكرر من سلوت لغياب إليوت، فكان الإشارة إلى اللاعبين الذين يسبقونه في الترتيب، مثل محمد صلاح في الجناح الأيمن، ودومينيك سوبوسلاي في مركز الرقم "10".
ومنذ ذلك الحين، اشتدت المنافسة أكثر، إذ جدد أفضل لاعب في الدوري عقده مع ليفربول لعامين إضافيين. وأغلى لاعب، في حال تحققت جميع الإضافات، انضم للفريق، ويبدو أن فلوريان فيرتز سيكون الخيار الأساس في مركز صانع الألعاب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان من اللافت أن سلوت نادراً ما اعتبر إليوت خياراً للعب في عمق خط الوسط، بل إن منافسيه في هذا المركز هم موهبة ألمانيا الاستثنائية وأحد أعظم لاعبي ليفربول عبر تاريخه، وقد يبدو الأمر وكأنه في معركة خاسرة.
قد تكون مشكلته في البنية الجسدية أكثر منها في المهارة الفنية، فالهولنديون يشهدون على قدرته على مداعبة الكرة أو تسديدها بقوة، لكنه لا يتمتع بالسرعة الكافية ليكون جناحاً في فريق يورغن كلوب، ولا للركض خلف خطوط الدفاع، وعلى عكس سوبوسلاي، قد لا يكون إليوت بالقوة البدنية المطلوبة ليكون لاعب وسط في منظومة سلوت.
لقد بدا ليفربول أكثر انكشافاً في المباراتين اللتين بدأ فيهما إليوت في الدوري، وإن لم يكن ذلك كله بسبب أدائه وحده.
لذا، فإن تألقه هذا الصيف يبدو في توقيت مثالي، حيث يدرك آرني سلوت أن بعض لاعبي الفريق الذين كانوا على الهامش قد لا يرضون بموسم آخر على هذا النحو.
وقبل انطلاق البطولة، اعترف إليوت بأن مسيرته تمر بمنعطف حاسم، وقال "أنا الآن أبلغ من العمر 22 سنة، وسأبلغ 23 في الموسم المقبل، ولا أريد حقاً أن أضيع سنوات من مسيرتي، فهي قصيرة، ولا أحد يعلم ما قد يحدث".
وأضاف "أحتاج إلى أن أراجع نفسي، وأن أرى ما إذا كنت راضياً عما أفعله".
أما إنجلترا، فيمكنها أن تكون في غاية الرضا عن هذا التألق. فبينما يقترب إليوت من خوض آخر مباراة له في فئة تحت 21 سنة، يبدو وكأنه مرشح لنيل لقب أفضل لاعب في البطولة.
لقد تألق وسجل 15 هدفاً في 147 مباراة مع ليفربول، بينما أحرز 13 هدفاً في 27 مباراة فقط مع منتخب إنجلترا تحت 21 سنة، ولا يتفوق عليه سوى إدي نكيتياه، فيما وضعه هدفاه في مرمى هولندا في مصاف آلان شيرر.
غالباً ما تهيمن على مثل هذه الإحصاءات أسماء بقيت في صفوف الناشئين لأسباب معينة، فباستثناء جيمس ميلنر، صاحب الرقم القياسي في عدد المشاركات، فإن بقية اللاعبين الأكثر تمثيلاً لمنتخب تحت 21 سنة كانت مسيرتهم في صفوف الكبار أقصر بكثير، لكن بالنسبة إلى إليوت الآن، فإن مزايا كونه لاعباً أساسياً ونجماً في آن واحد واضحة تماماً، ويبقى عليه اتخاذ القرار، إذا ما أراد أن يحظى بالمكانة نفسها على مستوى ناديه.
© The Independent