Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطة لإعادة اللاجئين السوريين في لبنان بصيغة جديدة وغطاء دولي

وزيرة الشؤون الاجتماعية لـ"اندبندنت عربية": يمكن لمس الدعم الواضح من الشركاء الدوليين

تشير التقديرات إلى أن عدد اللاجئين السوريين في لبنان قارب مليوناً ونصف مليون لاجئ (أ ف ب)

ملخص

بعد أكثر من 14 عاما على وجود اللاجئين السوريين في لبنان وما نتج من ذلك من أعباء، وضعت خطة رسمية لإعادتهم لبلادهم مع دعم دولي للمرة الأولى.

ليست هذه المرة الأولى التي يطرح فيها ملف عودة النازحين السوريين ويجري التداول فيه، فخلال الأعوام الأخيرة كثر الحديث عن هذا الملف من دون التوصل إلى حلول جذرية له. أما اليوم، ومع اشتداد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، فثمة اتجاه جدي إلى تفعيل خطة إعادة النازحين لبلادهم، بالتزامن مع إعلان مفوضية اللاجئين في لبنان وقف دعمها كلف الاستشفاء الخاصة باللاجئين بدءاً من نهاية العام الحالي. لكن بعد المبادرات المتكررة التي أطلقت في هذا المجال، يشكك كثيرون في أن تكون هذه الخطوة مختلفة عما سبقها، وإن بدا أنه ثمة جدية في التعامل مع الملف هذه المرة، وهناك إجراءات عدة ترافق الخطة التي وضعت والتي تحدثت عنها تفصيلاً وزيرة الشؤون الاجتماعية المكلفة ملف اللاجئين السوريين في لبنان حنين السيد. فما الجديد في الخطة الحالية؟

ربع سكان لبنان من اللاجئين السوريين

منذ بداية الحرب الأهلية السورية عام 2011 إلى اليوم، انتقل إلى لبنان أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري بصورة تدريجية، وباتوا يشكلون ربع سكان لبنان. وفق أرقام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حصل تدفق هائل للاجئين السوريين إلى لبنان بين عامي 2012 و2014، مع ما نتج من ذلك من تدهور في البنية التحتية والمؤسسات العامة اللبنانية. فكانت لذلك انعكاسات واضحة على المستويات كافة، خصوصاً الاجتماعية والاقتصادية.

تشير الأرقام إلى أنه بين أغسطس (آب) وكانون الأول (ديسمبر) عام 2012، زاد عدد اللاجئين السوريين من 36 ألفاً إلى 150 ألفاً. ثم بحلول مايو (أيار) 2013، ارتفع العدد إلى 463 ألفاً. وبحلول أكتوبر (تشرين الأول) 2014، بلغ عدد اللاجئين السوريين مليون ونصف المليون شخص، بحسب التقديرات. وفي تقرير للبنك الدولي عام 2013، تبين أن تدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان ضاعف معدل البطالة في لبنان على رغم المساعي لحماية قطاع العمل. وبين عامي 2011 و2013، فتح اللاجئون السوريون مشاريع خاصة نافست العمال اللبنانيين المحليين، وأصبحت هناك شركات غير رسمية تبيع منتجات بأسعار منخفضة بالمقارنة مع سعر السوق، بعد تراجع الأجور في قطاعي الخدمات والزراعة بنسبة تفوق الـ50 في المئة وفق تقديرات لجنة الإنقاذ الدولية.

بعد زيادة الأعباء الناتجة من وجود اللاجئين السورييين في لبنان على مختلف المستويات، حاولت الحكومة اللبنانية اتخاذ إجراءات معينة بصورة متكررة، علّها تحد من وجودهم في البلاد، بدءاً من تشجيع عودتهم لسوريا رسمياً من خلال السياسات التي وضعها مجلس الوزراء، وفرض متطلبات التأشيرة للاجئين السوريين الذين يصلون إلى لبنان، إضافة إلى إجراءات جديدة لتجديد تصاريح الإقامة. وعام 2015 علقت الحكومة آليات التسجيل الرسمية لتقليل العدد الرسمي للاجئين في البلاد. وفي العام نفسه، أصدرت الحكومة خطة الاستجابة للأزمة في لبنان بالتنسيق مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وشكلت جزءاً من خطة اللاجئين والصمود التي تستجيب لأزمة تلك الشريحة في لبنان وسوريا وتركيا ومصر والعراق.

على الصعيد الاجتماعي، طوال الأعوام الماضية، سُجّل استياء على نطاق واسع من قبل الرأي العام في لبنان على اللاجئين السوريين ووجودهم في البلاد لأسباب عدة من بينها البطالة وأعمال العنف والجرائم والأعباء الاقتصادية. وفي استطلاع للرأي عام 2013، تبين أن نسبة 52 في المئة من اللبنانيين تعتقد بأن اللاجئين السوريين يهددون الأمن القومي والاستقرار. واليوم ومع ارتفاع معدلات الاستياء من هذا الوجود في لبنان، يعود هذا الملف للواجهة، علماً أنه لا توجد أرقام واضحة تؤكد العدد الفعلي للاجئين السوريين في البلاد، لكن يقدّر عددهم بمليون ونصف المليون لاجئ. انطلاقاً من ذلك، يسلط الضوء حالياً أكثر من أي وقت مضى على هذه القضية مع إطلاق الخطة الحكومية لإعادة النازحين السوريين لبلادهم.


خطة مدعومة دولياً

في حديثها إلى "اندبندنت عربية"، أوضحت وزيرة الشؤون الاجتماعية اللبنانية حنين السيد أن "هذه الخطة تختلف جوهرياً عن المحاولات السابقة في التعاطي مع ملف اللاجئين، إذ تعتبر هذه أول خطة لبنانية رسمية تحظى بدعم دولي واضح، سواء من الأمم المتحدة أو من الدول المانحة، فيما يعلم الكل أن الخطوات السابقة لم تترافق يوماً مع الغطاء الدولي، بل بالعكس. وأقرت الخطة الجديدة في مجلس الوزراء وتمثل اليوم أولوية وطنية، فشكلت لجنة وزارية خاصة مدعومة بلجنة تقنية من أصحاب الاختصاص لمتابعة التنفيذ بكل تفاصيله. كما أن الظروف تغيرت في سوريا والعقوبات بدأت ترفع تدريجاً، مما يفتح نافذة حقيقية للعودة الآمنة".

أما عن تفاصيل الخطة، فأوضحت السيد أنها "عملية ومبنية على أسس واضحة. ووضع الأمن العام تسهيلات ضمن مدة زمنية محددة لتنفيذها، وستتولى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة تسجيل الراغبين في العودة وتأمين النقل. وبدورها ستواكب وزارة الشؤون الاجتماعية هذا المسار لتأمين الوثائق اللازمة مع الشركاء المعنيين". 

إلا أنه ليس من المتوقع أن تنفذ هذه الخطوة من دون عقبات، ومن أبرز التحديات الراهنة المطروحة بحسب السيد، "ملف النازحين غير الشرعيين وضرورة التنسيق لضمان عودة فعلية لا تتيح للمستفيد العودة لاحقاً للاستفادة من خدمات الدعم في لبنان، وهو موقف تتفهمه الدول المانحة حالياً وتدعمه. وفي هذا السياق، سيعتمد مبدأ تنقية قاعدة البيانات. أما على صعيد الحوافز، فسيمنح كل نازح عائد مبلغ 100 دولار في لبنان، على أن يحصل في سوريا على دعم مالي يبلغ 400 دولار لمساعدته في إعادة الاندماج في وطنه، مما يشكل حافزاً جدياً لعودة مستدامة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الوقت نفسه، تشير السيد إلى أنه "لا يمكن التحدث عن عراقيل فعلية قد تواجهها الخطة في التنفيذ، بل على العكس هذه المرة، يمكن التماس الدعم الواضح من الشركاء الدوليين. لكن في الواقع، هناك تشديد من قبلهم دائماً على ضرورة احترام مبادئ القانون الإنساني، وعلى أن تكون العودة آمنة ومتدرجة. ونحن نشاركهم هذا الحرص، لكننا أيضاً نؤكد أن الوقت قد حان لخطوات تنفيذية مدروسة وفاعلة. كذلك، بدأ الجانب السوري باتخاذ إجراءات مماثلة، من بينها تشكيل لجنة وزارية وتقنية لمواكبة هذا المسار بهدف التنسيق مع الدولة اللبنانية".

ومن المتوقع أن يترك تنفيذ هذه الخطة أثراً إيجابياً على الواقع اللبناني، فينعكس إيجاباً على كل المستويات. فبعد أكثر من 14 عاماً من الضغط الهائل على البنى التحتية والخدمات العامة، هناك حاجة ملحّة إلى تخفيف هذا العبء عن الدولة اللبنانية. ومن المتوقع أن تريح هذه الخطة الإدارات العامة والأجهزة الأمنية والخدمات الصحية والتعليمية، كما أنها ستمنح النازحين أنفسهم فرصة للعودة لقراهم ومدنهم وإنهاء معاناتهم وسط ظروف نزوح قاسية وغير إنسانية. كما أن العودة عند تحقيقها ستزيل التصورات الشعبية السلبية بإمكان بقاء النازحين ومخاوف التوطين المزمن وتفتح آفاقاً سليمة بين الشعبين.

وتتوقع السيد أن تكون هناك عوامل مساعدة حالياً لتسريع تنفيذ الخطة. ومما لا شك فيه أنه ثمة إرادة سياسية لبنانية جامعة والتزاماً من الجهات الدولية وتعاوناً من الأمن العام اللبناني الذي حدد آليات واضحة، إضافة إلى دور الجيش اللبناني في ضبط الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية. كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية في جاهزية تامة بالتنسيق مع الجهات الدولية. وقالت "نأمل في أن تستكمل هذه العوامل باستقرار الوضع في سوريا، بخاصة بعد الأحداث الأليمة الأخيرة كمجزرة كنيسة مار إلياس التي نعزي أهلها ونتمنى ألا تتكرر لأن الاستقرار هو الركيزة الأساسية لعودة مستدامة وآمنة. أما بالنسبة إلى التنفيذ فبات قريباً، ونحن على استعداد للبدء بالتنفيذ في الأول من يوليو (تموز) المقبل، ونعوّل على تنسيق لبناني – سوري وعلى دعم دولي متواصل. ويبقى الهدف واحداً، إنهاء هذا الملف المزمن بطريقة تحفظ كرامة النازحين وتحمي مصلحة لبنان".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير