Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اللاجئون السوريون في لبنان بين خوف البقاء ورعب العودة

بيروت تقيد حركة المنتظم وتطارد المخالفين ومخاوف أممية من إجبارهم على الرحيل لبلدانهم

ملخص

في الآونة الأخيرة تصدر ملف اللاجئين واجهة الأحداث في لبنان تزامناً مع اقتراب موعد مؤتمر بروكسل حول سوريا المقرر في 27 مايو الجاري.

منذ أسابيع يتملك الخوف السورية مريم جنحت، القاطنة منذ 10 سنوات في شمال لبنان، مع تعقيد السلطات إجراءات إقامة اللاجئين وتقييد حركتهم، وسط مطالبة سياسية بترحيلهم إلى بلدهم الذي لم يتعاف بعد من الحرب.

أمام بسطة خضراوات تعتاش منها مع عائلتها على الطريق العام الموازي لقرية منيارة في عكار، تقول جنحت (38 سنة) "أخاف حين يأتي زوجي وأبنائي للعمل في البسطة، أخاف على ابني أن يأخذوه في أية لحظة"، وتضيف "هناك خوف، نخشى أن نسير في الشارع".

ويقول لبنان البالغ عدد سكانه أكثر من 4 ملايين نسمة إنه يستضيف نحو مليوني سوري، أقل من 800 ألف منهم مسجلون لدى الأمم المتحدة، وهو أعلى عدد من اللاجئين في العالم نسبة إلى عدد السكان.

وتقول السلطات إن ملف اللاجئين عبء يتجاوز قدرتها على التعامل معه، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي ينوء تحتها البلد منذ سنوات.

وكثفت السلطات خلال الأسابيع الماضية إغلاق متاجر مخالفة لسوريين وإخلاء منازل وتجمعات لاجئين مقيمين بصورة "غير قانونية"، واستأنف لبنان منتصف مايو (أيار) الجاري بعد توقف لنحو عام ونصف العام إعادة اللاجئين إلى بلادهم في إطار ما يصفه بـ"العودة الطوعية"، لكن منظمات حقوقية والأمم المتحدة تحذر من تعريض اللاجئين للخطر في حال إجبارهم على العودة إلى بلادهم التي تشهد حرباً وأزمة عميقة منذ عام 2011.

وتروي جنحت التي هربت مع عائلتها من مدينة حمص في وسط سوريا أنها تحاول أن تتجاهل تعليقات سلبية تسمعها في الأماكن العامة ضد السوريين، وتطلب من أولادها أن يحذوا حذوها في المدرسة.

وتضيف المرأة وقد ارتسمت على وجهها ملامح القلق "إذا عدنا إلى حمص كيف سيعتاد ابني البالغ من العمر 18 سنة على الوضع هناك، وهو جاء إلى هنا منذ أن كان يبلغ ست سنوات؟"، وتضيف "كيف سيتقبل أولادي الوضع؟ لا بيت، لا عمل، لا أمان".

على بعد أمتار من بسطة زوجها التي تعرض الذرة واللوبياء، يفرش اللبناني السبعيني إبراهيم منصور صناديق خضراوات وفاكهة أمام شاحنته على الطريق العام.

ويقول الرجل الذي يعتبر أن رحيل السوريين هو الحل لأعباء منطقته الاقتصادية "لديهم بسطات في كل مكان، يسابقوننا على أي مصلحة"، قبل أن يضيف "حين يرحلون، سيتحسن الوضع كثيراً".

ويتصاعد الخطاب المعادي للسوريين في لبنان يوماً بعد يوم، لا سيما بعد جرائم سرقة وقتل وجهت الاتهامات فيها إلى سوريين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتحدث الباحثة في شؤون لبنان لدى منظمة العفو الدولية سحر مندور عن "حملات تحريض وكراهية وتضييق قانوني وإجراءات غير مسبوقة لتضييق الحصول على إقامة" مما جعل وجود "معظمهم غير قانوني".

وتضيف "العودة الطوعية غير ممكنة في هذه الظروف، والترحيل مخالف للقانون الدولي، لأنك تعيد عن وعي لاجئين إلى مكان ستكون فيه حياتهم بخطر".

في تقرير لها في الـ25 من أبريل (نيسان) الماضي تحدثت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن "ممارسات تمييزية منذ سنوات" ضد السوريين في لبنان، مشيرة إلى أن مقتل مسؤول حزبي محلي في السابع من أبريل على يد مجموعة من السوريين، بحسب الجيش اللبناني، أسهم "في تأجيج العنف"، واتهم التقرير المسؤولين اللبنانيين باستخدام اللاجئين السوريين "كبش فداء".

في منيارة التي لا يتجاوز عدد سكانها 8 آلاف، يتوزع اللاجئون السوريون البالغ عددهم نحو 4 آلاف، بين مخيمات متواضعة في سهل زراعي واسع ومنازل مستأجرة.

ويقر رئيس بلدية البلدة أنطون عبود بالحاجة إلى اليد العاملة السورية في مهن مثل البناء والزراعة، لكنه يقول إن قريته غير قادرة على استيعاب هذا العدد الكبير وتأمين الخدمات لهم، ويقول "لسنا مع طرد السوري، من لديه أوراق ثبوتية ورسمية ليبق ويعمل"، مضيفاً "نحن لا نقول لهم ارحلوا، نحن نريد فقط تقليص العدد وتنظيم الوجود السوري".

في الآونة الأخيرة تصدر ملف اللاجئين واجهة الأحداث في لبنان تزامناً مع اقتراب موعد مؤتمر بروكسل حول سوريا المقرر في الـ27 من مايو الجاري.

وانتشر الخطاب المناهض للاجئين بصورة كبيرة في الإعلام والأحاديث اليومية، وسط إجماع غير مسبوق من قوى سياسية رئيسة تختلف على كل الملفات، حول ضرورة إيجاد "حل جذري" للوجود السوري.

ودعا الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله إلى فتح البحر أمام اللاجئين من أجل الضغط على المجتمع الدولي لإعادتهم إلى بلدهم.

وكان لبنان قبل ذلك حصل على مساعدة من الاتحاد الأوروبي بقيمة مليار دولار من أجل ضبط حدوده البحرية والبرية، وذلك على وقع تدفق قوارب اللاجئين من لبنان إلى قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي.

في مخيم للاجئين يضم عشرات الخيام البيضاء قرب منيارة ينهمك بائع الماشية هاجم في جز صوف الخرفان، مشيراً إلى أن الإجراءات الأمنية الأخيرة عطلت حركة البيع.

ويقول الرجل (37 سنة) الذي دخل لبنان بصورة غير قانونية بعد فراره من ريف حماه الشرقي على وقع المعارك بين الجيش السوري وتنظيم "داعش" قبل ثماني سنوات "لم يعد السوري قادراً على التحرك، الجميع خائفون".

ويقول إنه يخشى العودة إلى سوريا لأنه مطلوب من السلطات، مضيفاً أنه في لبنان يخاف من "الخروج على الطريق العام".

ويتابع هاجم الذي رفض الإفصاح عن شهرته ورفض التقاط صور له "لا أنام الليل، لأنني لا أعرف متى سيدخل علينا الجيش أو الأمن لترحيلنا".

ويعتري القلق كذلك والده المسن الذي تخطى 70 سنة، والذي يقول "إذا غادرنا سنموت من الجوع، لا معيشة في بلدنا، أن يرمي المرء نفسه في البحر أشرف وأفضل".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات