ملخص
هالات السرية وأجواء الغموض التي جرى العرف أن تحيط بالحديث عن الجاسوسية والإشارة إلى العمالة، تحوّلت في هذه الحرب إلى إشهار وإعلان وإثبات، فإسرائيل تعلن عن نتائج جهودها في تجنيد جواسيس لتمكينها من مفاصل إيران، وطهران تعلن عن نتائج جهودها في تعقب الجواسيس واعتقالهم وإعدامهم.
حرب الجواسيس وجواسيس الحرب والحروب والجواسيس، سمّها ما شئت. يخفت نجم الجواسيس حيناً وتهدأ الحروب حيناً، لكن يظل كلاهما وجهاً من وجوه الآخر. فمنذ بدء حلقة المواجهة بين إيران وإسرائيل، ولا يمر يوم، وأحياناً ساعة، من دون أن تتواتر أخبار الجواسيس. "إيران تعتقل عشرات الجواسيس الذين يعملون لمصلحة ’الموساد‘"، وأحياناً "لمصلحة الاستخبارات الأوكرانية" و"إيران تشن حملة على الجواسيس وتضبط ورشة سرية تصنع المتفجرات لمصلحة ’الموساد‘" و"إيران تكثف جهودها لوقف الاختراقات الأمنية في الداخل" و"إيران تعتقل جواسيس أوكرانيين خططوا للهجوم على منشأة عسكرية حساسة" و"إعدام إيراني قبل أيام بعد إدانته بالتعامل مع ’الموساد‘ عام 2023" و"إيران تنفذ الإعدام في جاسوس إيراني قاد مجموعة إلكترونية لمصلحة ’الموساد‘" و"إيران تعتقل العشرات للاشتباه في أنهم جواسيس" وأخبار الجواسيس تتوالى على وقع المواجهة.
أبدى بعضهم اندهاشاً من ضلوع الجواسيس في مواجهة كهذه، مع وجود صواريخ وقوى نووية وطائرات شبح ومسيّرات بالغة الدقة. وأعرب آخرون عن تعجب لعودة البشر، ولو في صورة جواسيس وعملاء، لواجهة الحروب والصراعات في عصر بالغ الرقمنة، مفرط في الميكنة، تمتلك فيه دول قدرة على استهداف شخصيات في غرف نومهم، لكن المواجهة تؤكد أنه لا غنى عن الجواسيس، ولا استغناء عن العملاء.
ليس هذا فقط، بل إن هالات السرية وأجواء الغموض التي جرى العرف أن تحيط بالحديث عن الجاسوسية والإشارة إلى العمالة، تحوّلت في هذه الحرب إلى إشهار وإعلان وإثبات، فإسرائيل تعلن عن نتائج جهودها في تجنيد جواسيس لتمكينها من مفاصل إيران، وإيران تعلن عن نتائج جهودها في تعقب الجواسيس واعتقالهم وإعدامهم، والعمليات الجاسوسية وعمل العملاء يتصاعد متحدياً إعلان وقف إطلاق نار هنا، أو عودة لطاولة مفاوضات هناك.
الأكثر استخداماً للجواسيس
هذه هي المواجهة الأكثر استخداماً وإشهاراً للاعتماد على الجواسيس في التاريخ المعاصر، أو هكذا تقول الأعداد والمعلومات المعلنة. وهي كذلك التي أعادت للجاسوسية البشرية مكانتها المبعثرة، وللعمالة أهميتها في ترجيح كفة المنتصر ودفع المنهزم نحو الهاوية.
"الصعود إلى الهاوية" عنوان الفيلم المصري الشهير (1978) الذي تطرق إلى قصة شابة مصرية تسافر إلى فرنسا للدراسة، فتجندها الاستخبارات الإسرائيلية، وتتظاهر بالعمل صحافية، وتظل تصعد سلم "مجد الجاسوسية" إلى أن تهوي بعد افتضاح أمرها واعتقالها.
والدراما تجسد قصص الجاسوسية بطريقتها الخاصة، فهذا جاسوس جرى تجنيده من قبل استخبارات العدو فأصبح عدواً لوطنه، وذاك جُنّد من قبل العدو، لكن بمعرفة استخبارات بلده وإعدادها ليكون "جاسوساً وطنياً"، وثالث جنده العدو وعرض خدماته على الوطن من دون أن يخبر كليهما وخدع الجميع، فأصبح عميلاً مزدوجاً.
ومن الدراما إلى أرض الواقع، لا يختلف مبدأ الجاسوسية كثيراً، باستثناء التفاصيل الدقيقة والإضافات التي من شأنها أن تثري العمل الفني، وإن كانت تفاصيل حياة الجاسوس لا تنقصها إثارة درامية أو تحتاج إلى إضافة فنية.
الطريف أن السلطات الإيرانية سارعت في الأيام الأولى من مواجهة الأيام الـ 12 إلى إصدار بيانات "رسمية" موجهة للمواطنين لمعرفة "الإرهابيين" و"الجواسيس". وبحسب بيان رسمي صدر عن الشرطة الإيرانية وتناقلته وسائل إعلام إيرانية وأجنبية، العلامات التالية تدل عليهم، حركة مستمرة في شقة مستأجرة حديثاً لأشخاص ذكور في الغالب وكمية قمامة أكثر من المعتاد والستائر مغلقة بصورة دائمة وحركة مكثفة ليلاً ولو عبر ظلال تتحرك واستخدام كبير للكمامات والنظارات من دون داعٍ والانتقال بسيارات من نوع "نيسان" وشاحنات "هاي لوكس" وأخرى قديمة.
وكثف مسؤولون إيرانيون أيضاً من التصريحات والتحذيرات، ولا سيما طوال أيام المواجهة، حول "العملاء" و"المرتزقة" و"الخونة التابعين للعدو الهادفين إلى القيام بأعمال تخريبية أو اغتيالات أو تهديدات" "في ظل ظروف تجعل هؤلاء يظهرون، وهذا شيء طبيعي في مثل هذه الظروف (الحرب)".
مثل هذه الظروف دفعت حرباً موازية هي حرب الجواسيس، أو حرب التلويح بخطر الجواسيس. والملاحظ أن لا إيران قصرت في تسليط الأضواء على هذه الحرب، أو إسرائيل نفت أو نأت بنفسها أو تجاهلت ضلوعها في الحرب الموازية. وضمن تقرير لوكالة "أسوشييتد برس" (يونيو 2025)، طرحت إجابات عن سؤال حيوي مثير "كيف استخدمت إسرائيل الجواسيس والطائرات من دون طيار المهربة والذكاء الاصطناعي لصعق إيران وإعاقتها؟".
وأشار التقرير إلى أن "رصاصة بداية الحرب الإسرائيلية - الإيرانية (المواجهة) كانت بمثابة تتويج لأعوام من العمل"، وفقاً لمسؤولين استخباراتيين وعسكريين إسرائيليين، وذكر أن إسرائيل "أذهلت" إيران في بداية أيام المواجهة، وصعقتها عندما نفذت عملية استخباراتية وعسكرية استغرقت سنوات في التحضير، فأصابت أهدافاً رفيعة المستوى بدقة.
وأضاف التقرير أنه "بتوجيه من الجواسيس والذكاء الاصطناعي، أطلق الجيش الإسرائيلي وابلاً ليلياً من الطائرات الحربية والطائرات المسيّرة المسلحة المهربة إلى إيران، لتعطيل كثير من دفاعاتها الجوية وأنظمة صواريخها بسرعة. ومع ازدياد حرية التحليق فوق إيران، قصفت إسرائيل مواقع نووية رئيسة وقتلت كبار الجنرالات والعلماء. وبحلول وقت ردّها بعد ساعات، كانت قدرة إيران على الرد التي أضعفتها بالفعل الضربات الإسرائيلية السابقة، تضاءلت بصورة كبيرة".
واللافت أن الوكالة أشارت في نهاية تقريرها أن ما أوردته من معلومات يستند إلى محادثات أجريت مع 10 مسؤولين سابقين واستخباراتيين وعسكريين إسرائيليين حاليين وسابقين، تحدث بعضهم شرط عدم الكشف عن هويته.
جاسوس من دون مواربة
من جهة أخرى، تعدّ حرب الجواسيس الموازية لمواجهة الـ 12 يوماً، من المرات النادرة التي يجري استخدام لفظ "جواسيس" بصورة مباشرة وواضحة وصريحة من طرفي (أو أطراف) المواجهة من دون مواربة أو إنكار أو انتظار لحين تحال أوراق الحرب إلى أرشيف التاريخ.
فخلال الصيف الماضي وعقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية وحارسه الشخصي في دار ضيافة شديد الحراسة شمال طهران تابعة للحرس الثوري الإيراني، تحدث الجميع عن خرق أمني داخلي مع ترجيح شبه مؤكد على وجود "جواسيس" أو "عملاء" في الداخل نجحوا في توصيل قنبلة انفجرت في غرفة إقامة هنية، باستثناء إيران التي نفت الفرضية وأنكرتها واستنكرتها.
وتكشّف تفاصيل الاغتيال وتواتر المعلومات المتوافرة في ذلك الحين لم يعضدا من فرضية الاختراق ووجود عملاء أو جواسيس في الداخل، لكن طرحا أسئلة حول حجم الاختراق. من جهتها عمدت إيران إلى فرض حال من التكتم الشديد لتفسير ما جرى، إضافة إلى الترويج لفكرة أن "صاروخاً" إسرائيلياً، لا قنبلة، هو ما تسبب في الانفجار. بمعنى آخر، ينفي الصاروخ الموجه من خارج الحدود فرضية "الجاسوس" أو الاختراق من الداخل!
لكن هذه المرة الوضع مختلف والجواسيس على الأرض، وإنكار وجودهم أو التقليل من شأنه أو التزام الصمت غير مجدٍ. ففي اليوم التالي لبدء المواجهة بين إيران وإسرائيل، نشر موقع "أكسيوس" الأميركي مقالة تحليلية لا تكهنية عنوانها "كيف نجح الجواسيس والطيارون الإسرائيليون في إحباط هجوم إيراني مضاد؟"، وجاء فيه إنه "بفضل المناورات المعقدة التي خطط لها جواسيس وطيارون إسرائيليون، والصدمة والفوضى على الجانب الإيراني، ساد الصمت عقب الهجوم الإسرائيلي"، وأنه عندما اتضح أن إسرائيل توشك الهجوم، اجتمع قادة سلاح الجو التابع للحرس الثوري الإيراني في مخبأ لتنسيق الرد، "وهو بروتوكول الطورائ "الذي تعرفه إسرائيل جيداً"، وبأمر هذا المخبأ أيضاً، فجرى تدميره، مما أسفر عن مقتل القائد العام ورؤساء قوات الطائرات المسيّرة والدفاع الجوي. ونجم عن ذلك، بحسب "أكسيوس" نقلاً عن مسؤول إسرائيلي، "أن عدم وجود من يُصدر الأمر حال دون رد إيراني فوري".
في هذه الأثناء، والعهدة على "أكسيوس"، وعلى الأرض، كان "الموساد" ينفذ سلسلة من عمليات التخريب السرية في عمق إيران لتدمير الدفاعات الجوية ومنصات إطلاق الصواريخ الباليستية. وشارك في العملية "مئات من عملاء ’الموساد‘ داخل إيران وفي مقارها، بمن فيهم وحدة خاصة من العملاء الإيرانيين العاملين لمصلحة ’الموساد‘"، و"في منطقة أخرى داخل إيران، نشر الجهاز الإسرائيلي أنظمة أسلحة وتقنيات متطورة مخبأة في مركبات. وعندما بدأ الهجوم الإسرائيلي، أطلقت هذه الأسلحة ودمرت أهدافاً للدفاع الجوي الإيراني".
ونقل التقرير عن مسؤول استخباراتي إسرائيلي أنه في الوقت نفسه "كان ’الموساد‘ أنشأ أيضاً قاعدة لطائرات من دون طيار هجومية جرى تهريبها وإعدادها قبل العملية بوقت طويل".
عشرات العملاء
يشار إلى أن التقارير الإعلامية الإيرانية الرسمية تطرقت خلال الأيام الأخيرة، ضمن عشرات الاعتقالات لـ"جواسيس" و"عملاء"، إلى العثور على ورش تصنيع متفجرات وأجزاء مسيّرات وغيرها، وبينها على سبيل المثال ما أعلنه نائب قائد شرطة أصفهان من العثور على ورشة قرب أصفهان تحوي معدات وأجزاء تصنيع مسيّرات.
وبينما يصعب تحديد تاريخ الجاسوسية، ومن كان الجاسوس الأول في التاريخ، وأي الحضارات كانت السباقة في اكتشاف فكرة التجسس، هل هي المصرية القديمة أو الإغريقية أو السومرية أو غيرها، فإن التاريخ المعاصر عامر بالحديث عن أنشطة الجاسوسية وإيران، سواء باعتبارها دولة جاذبة للجواسيس لمن يريد أن يخترقها من الداخل، ولا سيما خلال أعوام الثورة الإسلامية المرتبطة بالانغلاق، وإلى حد ما صانعة لهم للتجسس على الآخرين.
وإسرائيل تعلن بين الحين والآخر عن اكتشاف أو اعتقال جاسوس أو شبكة أو غيرها من أدوات التجسس في الداخل تقول إن أجهزة الاستخبارات الإيرانية جنّدتها، أو حاولت تجنيدها. وأحد هؤلاء كان الإسرائيلي فلاديمير فارخوفسكي (35 سنة) الذي أعلنت السلطات الإسرائيلية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2024 عن توقيفه "بعد ما جندته إيران بغرض اغتيال عالم إسرائيلي".
ويظل الإعلان عن عمليات الجاسوسية واكتشاف أمر الجواسيس واعتقالهم وإعدامهم، والحديث عن النجاح الباهر للأمن الوطني في الكشف عن محاولة اختراق الأعداء، عهدة على الراوي، أي راوي، سواء كانت هذه الدولة أو تلك. ويظل التأكد من الرواية الرسمية، في أية دولة، مسألة بالغة الصعوبة، إن لم تكُن مستحيلة. فكل رواية في عالم الجاسوسية تقابلها رواية أخرى، مساوية لها في القوة ومضادة لها في الاتجاه.
نظرياً، وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن "الجاسوس هو الشخص الذي يحصل، سراً أو بناءً على ذرائع كاذبة، على معلومات عسكرية أو يسعى إلى الحصول عليها في الأراضي الخاضعة لسيطرة العدو. ولا يعاقب الجاسوس الذي يضبط متلبساً من دون محاكمة سابقة. أما الجاسوس الذي يعتقل بعد عودته للجيش الذي ينتمي إليه، فيعامل كأسير حرب، ولا يتحمل أية مسؤولية عن أعمال تجسسه السابقة. ولا يعتبر أي فرد من القوات المسلحة يجمع أو يحاول جمع معلومات في الأراضي الخاضعة لسيطرة العدو متورطاً في أعمال تجسس إذا كان يرتدي زي قواته المسلحة أثناء قيامه بذلك، ويحق له الحصول على وضع أسير الحرب. وتخضع الحالة الخاصة لأفراد القوات المسلحة المقيمين أو غير المقيمين في الأراضي التي يحتلها العدو لقواعد محددة".
كما تشير إلى أن التجسس هو مصطلح يطلق عادة على الجهود التي يبذلها طرف في النزاع في الأراضي الخاضعة لسيطرة العدو لجمع ما يمكن جمعه من معلومات عن العدو والتي قد تكون مفيدة لإدارة الحرب بصورة عامة ولإدارة الأعمال العدائية تحديداً".
والتجسس، بحسب القانون الدولي، هو عمل سريّ يمارس بحجج واهية. وجمع المعلومات من قبل أفراد القوات المسلحة، وهم يرتدون زيهم العسكري، لا يعد تجسساً، بل نشاطاً استخباراتياً.
كما يطلق مسمى "تجسس" على الأنشطة التي تقوم بها الدول في زمن السلم أو الحرب لجمع المعلومات السياسية والعسكرية عن بعضها بعضاً.
يشار إلى أن كلمتي Espionage و Spying كلتاهما تعني تجسس في العربية. بالإنجليزية، كلتاهما تعني جمع معلومات سرية، لكن "إسبيوناج" تعني الممارسة المنظمة والمؤسسية للتجسس من قبل الحكومات والمؤسسات الكبرى، في حين "سبايينغ" مصطلح أوسع، ويضم أنواعاً وأدوات مختلفة لجمع المعلومات السرية، ومن بينها ما يقوم به الأفراد.
أبطال أم أشرار؟
السؤال الفلسفي عادة يتطرق إلى "هل الجواسيس أبطال وطنيون أم أشرار؟"، فمن جهة الجاسوس بطل في الدولة التي يتجسس لمصلحتها، أحياناً، وهو خائن وعميل في الدولة التي يتجسس عليها. من جهة أخرى، هناك فئة من الجواسيس التي تعتبر الجاسوسية وسيلة لكسب كثير من المال أو العلاقات أو كليهما، عبر تقديم خدمة بغض النظر عن المسائل الوطنية والأيديولوجية والفلسفية.
وسواء كان الجاسوس بطلاً أو خائناً أو "يأكل عيشاً"، يغفل كثير من نصوص القوانين الدولية الأنواع الحديثة للجاسوسية والمرتبطة بالعصر الرقمي والذكاء الاصطناعي، وجمع المعلومات عما يبدو أنه تافه كالأكل والملابس والزيجات والخلافات حول الفرق الكروية وأماكن الترفيه وبنود الإنفاق وغيرها، وجميعها يمثل مكونات مهمة في عالم الجاسوسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن جهة أخرى، لا يسلم الجواسيس وعملهم من التسييس ووصف عملهم بالخيانة أو العمالة أو الدناءة إلى آخر مفردات الوضاعة والخسة، من قبل أعداء دولة التجنيد. كما توصف الدول التي تفرط، أو يبدو أنها تبالغ، في الحديث عن تعرضها الدائم لخطر التجسس والاختراق بأنها مصابة بالوسواس القهري، أو التهيؤات، وكذلك الـ"بارانويا" أو ما يسمى "جنون الارتياب".
في وثيقة منشورة على موقع "سي آي أي" (وكالة الاستخبارات المركزية) الأميركية، صادرة بتاريخ 10 مارس (آذار) عام 1987، وجرى الإفراج عنها في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) عام 2011، تطرقت إلى طبيعة المجتمع الإيراني المنغلقة تاريخياً التي زادت على نحو أكبر في أعقاب الثورة الإسلامية، إذ أصبح الإيرانيون أكثر انطوائية (تركيزاً على الداخل) أكثر من أي وقت مضى. وأضافت "يبدو أن كلاً من المؤيدين والمعارضين للنظام الإسلامي مصابون بما يمكن وصفه بـ’بارانويا‘ التجسس"، وأن "معظم مؤيدي النظام يعتقدون بأن كل الأجانب جواسيس".
وعلى هامش المواجهة، وعلى رغم حديث إسرائيل عن تجنيد جواسيس في إيران، وحديث إيران عن أعداد الجواسيس غير المسبوقة، تشير تقارير عدة في وسائل إعلام غربية إلى أن إيران تستغل أجواء الحرب لتصعد من سياساتها القمعية واعتقال مزيد من "الجواسيس". وتشكك هذه التقارير في مسألة التجسس والعمالة، وتطرح تساؤلات حول القاسم المشترك لكل من جرى اعتقالهم في هذا الصدد ألا وهو الصلة بـ"الموساد"، وتصف الأسباب التي يُستند إليها لاعتقالهم بـ"الغامضة"، مثل إشعال حرائق أو تصرفات مريبة قرب قواعد عسكرية.
وعلى رغم أن "التصرفات المريبة قرب قواعد عسكرية" في وقت الحرب مدعاة للشك، من دون شرط إصابة الدولة بـ"بارانويا الجواسيس"، تظل منظومة الجواسيس والجاسوسية والعملاء والعمالة والتجنيد والخيانة تدين لمواجهة الـ12 يوماً بعودتها لصدارة المشهد العالمي.