ملخص
على الرغم من الضغوط الداخلية لتجنّب المشاركة في الحرب، أعلن ترمب قصف المنشآت النووية الإيرانية الثلاث في فوردو ونطنز وأصفهان، مضيفاً: "الآن وقت السلام". وكشف الصحافي الاستقصائي الأميركي الشهير سيمور هيرش الخميس الماضي، عن تفاصيل خطة أميركية-إسرائيلية لإسقاط نظام المرشد الأعلى وتدمير البرنامج النووي الإيراني.
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم الأحد، إن واشنطن هاجمت منشآت إيران النووية الثلاث في فوردو ونطنز وأصفهان، مضيفاً "الآن وقت السلام". وجاء ذلك، على الرغم من أنه يواجه داخلياً معارضة واسعة في شأن الإقدام على التورط في حرب جديدة داخل الشرق الأوسط.
يقف في الفريق المعارض للحرب كبار الساسة الأميركيين من الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة (الديمقراطي والجمهوري)، بما في ذلك الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، علاوة على تيار "ماجا، أو لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" وهو التيار الرئيس الذي يقف وراء نجاح ترمب في العودة إلى البيت الأبيض، ضمن ولاية ثانية أكثر صخباً من ولايته الأولى بين عامي 2017 و2021.
نتنياهو يؤجج التوترات
أمس الأول الجمعة، وجه كلينتون انتقادات شديدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واتهمه بتأجيج التوترات مع إيران من أجل البقاء السياسي، قائلاً إن "السيد نتنياهو كثيراً ما أراد خوض حرب مع إيران، لأن ذلك يضمن له البقاء في منصبه إلى الأبد. أعني، لقد بقي هناك معظم الـ20 عاماً الماضية". وحث ترمب على تهدئة الصراع بين إسرائيل وإيران، محذراً من أن استمرار العنف قد يؤدي إلى أزمة إقليمية أوسع ويزهق مزيداً من الأرواح البريئة. وأكد كلينتون أهمية حماية الحلفاء، لكنه حذر من الانخراط في "حروب غير معلنة" يكون المدنيون ضحاياها الرئيسين.
ومع ذلك، بدا كلينتون متشككاً في شأن نيات كل من ترمب ونتنياهو في ما يتعلق بإحلال السلام داخل الشرق الأوسط. وقال إن إسرائيل لا تبدي أي اهتمام بإقامة دولة فلسطينية، واتهم دونالد ترمب بتبني نفس الموقف، قائلاً "هم لا يتحدثون عن التفاوض من أجل السلام... فالإسرائيليون في ظل قيادة رئيس الوزراء نتنياهو لا ينوون منح الفلسطينيين دولة، والآن أصبح الفلسطينيون منقسمين ومنهكين للغاية بحيث لا يمكنهم تنظيم صفوفهم لتحقيق ذلك".
معسكر "ماجا"
ولم يخف أقرب حلفاء ترمب رفضهم المشاركة في الحرب، ووجدوا أنفسهم في موقف نادر يتعارض مع رئيس يشاطرهم إلى حد كبير ميوله الانعزالية. والأربعاء الماضي، دعا مستشار ترمب السابق ستيف بانون، وهو أحد الأصوات المؤثرة في ائتلاف "أميركا أولاً" الذي يتزعمه الرئيس الأميركي، إلى توخي الحذر في شأن انضمام الجيش الأميركي إلى إسرائيل في محاولتها لتدمير البرنامج النووي الإيراني، في ظل غياب اتفاق دبلوماسي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال بانون للصحافيين ضمن ندوة نظمتها صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" داخل واشنطن، "لا يمكننا تكرار ذلك مرة أخرى، سنمزق البلاد. لا يمكننا خوض حرب أخرى مثل العراق". واستمر بانون في الدعوة إلى التحلي بالصبر خلال بودكاسته الشهير "غرفة الحرب" أول من أمس الخميس، مؤكداً أن ترمب يتم الإيقاع به ليتحمل مسؤولية إسقاط النظام الإيراني. وانضم إليه جاك بوسوبيك، وهو شخصية بارزة أخرى في حركة"ماجا".
وقال بوسوبيك "الهدف هو جر الولايات المتحدة والإطاحة بالنظام، ولسوء الحظ دفع أميركا لإنهاء شيء لم تبدأه هي". ورد عليه بانون قائلاً "طريقة التغيير الحقيقي للنظام هي أن يأتي من الشارع، من الشعب. إذا جاء من الأعلى، من قوة أجنبية، فلن ينجح أبداً".
ويتابع الجناح المناهض للتدخلات الخارجية في الحزب الجمهوري الوضع بقلق بالغ، إذ انتقل ترمب بسرعة من السعي إلى تسوية دبلوماسية سلمية مع إيران إلى احتمال دعم حملة إسرائيل العسكرية، بما في ذلك استخدام القنبلة الخارقة للتحصينات "بي 2" التي تزن 30 ألف رطل.
ويكشف هذا النقد عن حجم المعارضة التي قد يواجهها ترمب من جناحه اليميني "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" إذا قرر المشاركة في الحرب، وهي خطوة حذرت إيران من أن لها عواقب كبيرة على الأميركيين. وساعد تحالف "ماجا" في وصول ترمب إلى الرئاسة عامي 2016 و2024، ولا يزال يشكل أهمية حاسمة له، إذ قد يؤدي إغضاب هذه القاعدة إلى تآكل شعبية ترمب، وربما يؤثر في فرص الجمهوريين في الاحتفاظ بالسيطرة على الكونغرس خلال انتخابات منتصف المدة عام 2026.
ومن بين الأصوات المؤثرة الأخرى في حركة "ماجا"، التي أعربت عن قلق مماثل، المذيع السابق في قناة "فوكس نيوز" تاكر كارلسون وعضوة الكونغرس الجمهوري عن ولاية جورجيا مارغوري تايلور غرين الحليفة القديمة لترمب. وكتبت غرين في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي "أي شخص يلهث من أجل تدخل كامل للولايات المتحدة في الحرب بين إسرائيل وإيران ليس من ’أميركا أولاً‘/’ماجا‘. سئمنا وتعبنا من الحروب الأجنبية، كلها".
وكان الانقسام بين حلفاء ترمب أكثر وضوحاً عندما اشتبك كارلسون في برنامجه مع السيناتور الجمهوري تيد كروز الثلاثاء الماضي. وأصبح مقطع من مقابلة كارلسون مع كروز منتشراً بصورة واسعة، إذ انتقد كارلسون بشدة السيناتور لدعوته إلى تغيير النظام في إيران، بينما أعرب كروز عن دعمه للرئيس. وقال كارلسون لكروز "أنت لا تعرف شيئاً عن إيران!"
أما جي دي فانس نائب الرئيس ترمب فحاول التهدئة الإثنين الماضي عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، دافع فيه عن الرئيس. وقال "من حق الناس أن يقلقوا في شأن التورط الخارجي بعد 25 عاماً من السياسات الخارجية الغبية، لكنني أعتقد أن الرئيس كسب بعض الثقة في هذه القضية".
دعم جمهوري لإسرائيل
ويبدو أن الناخبين المحافظين مازالوا يفضلون دعم إسرائيل. ففي استطلاع أجرته "رويترز/إبسوس" خلال مارس (آذار) الماضي، أعرب 48 في المئة من الجمهوريين عن موافقتهم على ضرورة أن تستخدم الولايات المتحدة قوتها العسكرية في الدفاع عن إسرائيل إزاء أي تهديد، بغض النظر عن مصدره، مقارنة بـ28 في المئة عارضوا ذلك. وبين الديمقراطيين وافق 25 في المئة فحسب، وعارض 52 في المئة.
وعلى صعيد الكونغرس الأميركي، فإن السيناتور الديمقراطي تيم كين، طرح مشروع قانون لمنع ترمب من استخدام القوة العسكرية ضد إيران دون تفويض من الكونغرس. وخلال الوقت نفسه عبر السيناتور الجمهوري راند بول عن أمله في ألا يستسلم ترمب لضغوط التدخل، وقال في تصريحات لشبكة "أن بي سي" إن "مهمة الولايات المتحدة ليست التورط في هذه الحرب".
وفي حين قال النائب الجمهوري توماس ماسي إن "هذه ليست حربنا، لا ينبغي لنا استخدام جيشنا هنا"، لكن لا تبدو ثمة معارضة واسعة بين نواب الحزب الجمهوري الذي يسيطر على الكونغرس، لقرارات ترمب. وقال الحليف الآخر لترمب، السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، عبر قناة "فوكس نيوز" الثلاثاء الماضي، إنه يأمل في أن يساعد ترمب إسرائيل في "إنهاء المهمة"، لأن إيران تمثل "تهديداً وجودياً لأصدقائنا داخل إسرائيل".
حملة قصف كبرى
ومساء أول من أمس، كشف الصحافي الاستقصائي الأميركي المخضرم سيمور هيرش عن تفاصيل الخطة الأميركية-الإسرائيلية لإسقاط نظام المرشد الأعلى وتدمير البرنامج النووي الإيراني، وفقاً لما وصفه بمصادر إسرائيلية ومسؤولين أميركيين اعتمد عليهم لعدة عقود. ووفق مقال هيرش على منصة "سابستاك" الأميركية، فإنه ثمة حملة قصف أميركية كبرى جارى الإعداد لها، قائلاً "لقد تحققت من هذا التقرير مع مسؤول أميركي مخضرم داخل واشنطن، وأخبرني أن كل شيء سيكون ’تحت السيطرة‘ إذا ’رحل‘ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي".
ووفق الصحافي الأميركي، فإن الأوساط الاستخباراتية داخل الولايات المتحدة وإسرائيل، تأمل أن تؤدي حملة القصف إلى انتفاضة شعبية ضد نظام خامنئي. ورجحت أن ينضم بعض عناصر الحرس الثوري الإيراني إلى ما وصف بأنه "انتفاضة ديمقراطية ضد رجال الدين".
وأفادت شبكة "فوكس نيوز" الأميركية السبت بأن ست قاذفات شبح من طراز "B-2" انطلقت من قاعدة "وايتمان" الجوية داخل "ميسوري" باتجاه قاعدة جوية أميركية في "غوام"، وفقاً لتحليل أجرته الشبكة الإخبارية على بيانات تتبع الرحلات الجوية والاتصالات الصوتية مع مراقبة الحركة الجوية.
وبحسب "فوكس نيوز" يبدو أن القاذفات تزودت بالوقود بعد انطلاقها من "ميسوري"، مما يشير إلى أنها انطلقت دون خزانات وقود ممتلئة بسبب حمولة ثقيلة على متنها، والتي قد تكون قنابل خارقة للتحصينات. وتستطيع القاذفة "B-2" حمل قنبلتين خارقتين للتحصينات وزن كل منهما 15 طناً، وهي حكر على الولايات المتحدة، ويقول الخبراء إن هذه القنابل قد تكون حاسمة في استهداف أكثر المواقع النووية تحصيناً داخل إيران، وهو "فوردو".