Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ريستارت" تامر حسني يكرر ما عفا عليه الزمن

في محاولة لمواجهة هوس الترند يعيد الفيلم إنتاج أفكار معتادة بمبالغة وعظية وكوميديا قديمة في عمل يتكئ على نيات طيبة لكنه يسقط في فخ التكرار

تامر حسني وهنا الزاهد في فيلم "ريستارت" مواقع التواصل الإجتماعي (ملف الفيلم)

ملخص

حاول تامر حسني في فيلم "ريستارت" مناقشة خطورة قضية مافيا مواقع التواصل الاجتماعي التي بدأت في الظهور أخيراً، لكن لم يكن التناول المباشر في هيئة رسائل شديدة المبالغة هو الطريق الأمثل لتوصيل الفكرة.

النوايا الحسنة لا تدخل الجنة عبارة ستلح عليك بقوة عندما تشاهد فيلم "ريستارت" لتامر حسني وهنا الزاهد وباسم سمرة، الذي يتناول مشكلة أخطار إدمان مواقع التواصل الاجتماعي والهوس بما يسمى المواضيع الرائجة أو "الترند".

تحولات خطرة

لا يمكن إنكار إننا في عصر تسيطر فيه مقاطع الفيديوهات الرائجة والغرائب والعجائب عبر صفحات "تيكتوك" و"فيسبوك" و"يوتيوب" و"إنستغرام" على عقول الجميع، وزاد الخطر مع تحول الأمر من مجرد تسلية وترفيه إلى تجارة مربحة تدر الملايين لأصحاب الحظ السعيد وهم جالسون بمنازلهم من دون مجهود سوى كبسة زر أو لحظات مصورة لا تستغرق أي وقت أو تحضير.

وصارت الأحلام الطبيعية التي تمجد الاجتهاد والعلم نكات تستخدم للسخرية عند بعضهم ما دام "التيكتوكر" أو "المؤثر" أو "البلوجر" يحصد ملايين من الجنيهات أو الدولارات تضاف لحسابه بلا معاناة، فما الداعي للدراسة أو تخريج أطباء ومحامين ومهندسين وغيرهم من فئات وشرائح المجتمع الذين يكافحون من أجل حفنة جنيهات في مقابل مكاسب وشهرة الراكضين خلف الترند.

شركات مافيا

حاول تامر حسني استخدام خطورة قضية مافيا مواقع التواصل الاجتماعي التي بدأت في الظهور أخيراً عن طريق شركات متخصصة تحاول استخدام أشخاص عاديين في تصوير مقاطع ملفتة، أو خلق حالة غير مألوفة طمعاً في المشاهدات التي تحقق ملايين من الأموال.

وقد يكون المقصد الأساس هو العودة للحياة الطبيعية ونبذ تلك المحاولات نحو الترند لما تتسبب فيه من فشل وخطر على المعايير الاجتماعية وبناء الأجيال الجديدة، لكن لم يكن التناول المباشر في هيئة رسائل شديدة المبالغة هو الطريق الأمثل لتوصيل الفكرة.

فكرة مستهلكة

والغريب أن أسرة الفيلم تعاملت مع الفكرة أنها مختلفة ومهمة، في حين أنها قتلت بحثاً، واستهلكت بصورة كبيرة على رغم استمرار المشكلات المترتبة عليها.

ومنذ أعوام تناول عدد من الأعمال الأزمة نفسها بطرق أكثر حرفية وبصورة غير مباشرة، وبعضها كان أكثر تأثيراً مثل فيلم "بيت الروبي" الذي لعب بطولته كريم عبدالعزيز ونور وتارا عماد، وعبر عن تخريب إدمان مواقع التواصل الاجتماعي للخصوصية، وسيطرة هوس الترند على عقول الناس، وتزايد طمع بعضهم في الشهرة والمشاهدات، إضافة إلى تضاؤل تقييم الفئات المهمة من المجتمع مادياً ومعنوياً مقارنة بمشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الذين يجيدون صناعة الترند.

وناقش مسلسل "الأعلى نسبة مشاهدة" القضية نفسها بطريقة أكثر عمقاً في 15 حلقة، إذ وصلت فتاة بسيطة لقمة الشهرة ولهثت وراءها الأموال لمجرد انتشار مقطع واحد عبر موقع "تيكتوك"، وتحقيقه ملايين المشاهدات بالصدفة، وناقشت الأحداث معاناة الفتاة وأسرتها من مافيا تلك التجارة الإلكترونية، وانتهاء المطاف بسجن الفتاة ومعاقبتها وتدمير مستقبلها مثل عشرات من فتيات وشباب "تيكتوك" الذين يسكنون خلف جدران السجون بتهم مختلفة مثل الفجور وازدراء الأديان ونشر الفسق وهدم معايير المجتمع.

المبالغات والخلط

في فيلم "ريستارت" غلبت توليفة تامر حسني المعتادة، وخلط بين الكوميديا والقضايا والأغاني في إطار واحد تطغى عليه المبالغات والإفيهات الخارجة عن السياق اللائق، مع العلم أن أفلامه تصنف رقابياً أنها مناسبة لجميع الأعمار. وجنح تامر أكثر من مرة لإلقاء إفيهات خارجة مثل "يا سهلة يا رخيصة"، التي كررها كثيراً لهنا الزاهد التي تلعب دور عفاف أمامه وهي خطيبته.

وألقى إفيه جريء في مشهده مع إلهام شاهين، إذ عبر أنها كانت تثيره في بداياته كشاب ومراهق لدرجة أنه كان لا يخرج من دورة المياه بعد مشاهدة أفلامها ومشاهدها الساخنة.

حكاية الفيلم أيضاً كانت عادية وتشبه كل الحكايات التي تقدم على الشاشات، فمحمد هو شاب بسيط يسعى إلى الزواج من "عفاف"، حبيبته المهووسة بمواقع التواصل الاجتماعي، ولعدم توفر الإمكانات المادية وصعوبة ظروف الحياة يضعف أمام مواقع التواصل الاجتماعي، ويقع في قبضة "الجوكر" الذي يقوم بدوره باسم سمرة، وهو شخص شرير كما قالت الأوصاف المباشرة والتقليدية في كل الأعمال والروايات، فهو مرفوع الحاجبين ومتسلط ومغرض ومباشر وعنيف.

يقرر الجوكر الاستعانة بمحمد وعفاف والمقربين منهما لصنع محتوى ملفت يحصد مشاهدات، فمرة يطلب منه الالتصاق بأسماء نجوم كبار في صور أو مقاطع فيديو حتى يجذب جمهورهم ويحقق الشهرة، ومرات يطلب أن يخترق التقاليد أو الأعراف حتى يكون مثيراً للجدل، فيرتدي مثلاً ملابس داخلية فوق بنطلون بدلة زفافه.

وتنقلب الأحداث بعد أن يضجر محمد من طلبات الجوكر، ويجد حياته تتعرض للخراب، فيضطر إلى قص كابل الإنترنت الموجود في أحد المسطحات المائية حتى يقطع الإنترنت عن مصر وينهي سطوته وبشاعة نتائجه، لكن يصطدم بما خلفته فعلته من أضرار على المستويات كافة، إذ تعطلت مصالح حكومية وبنوك وجامعات ومدارس بسبب انقطاع الانترنت، وهنا يبرز أن هناك وجهاً آخر جيداً للإنترنت لا غنى عنه.

يعترف محمد في قسم الشرطة بفعلته، ويعلن توبته عن احتراف الإنترنت، ورغبته في البعد عن الجوكر، فيتفاجأ بأن هناك جهات إجرامية وراء ما يحدث والأمر لا يتعلق به.

وينتهي العمل بإبراز التأثيرات الاجتماعية من فقر وأزمات ومشكلات مباشرة لكل من يقترب من الإنترنت، ويحاول حصد مشاهدات لصنع ما يسمى الترند.

الفنان الشامل

فكرة الفنان الشامل ربما هي أهم ما يسيطر على تامر حسني، فهو بالفعل متعدد المواهب، لكن ليست كلها بدرجة التميز نفسها، لذلك فرض نفسه كمطرب ومنتج وممثل ومؤلف ومخرج وكاتب أغنيات، والجمع بين الكوميديا والتراجيديا والرومانسية، ودمج المطربين الشعبيين الرائجين مثل رضا البحراوي في عمله الأخير قد يكون أمراً غير موفق، وكما يقولون في الأمثال الشعبية المصرية "صاحب بالين كذاب"، فلا يمكن إتقان عملين في الوقت نفسها بالجودة نفسها مهما كانت "شطارة" الشخص.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد يكون تامر حسني تعمد الابتعاد في فيلمه الأخير "ريستارت" عن التأليف والإخراج، لكن في أعماله السابقة مثل فيلم "تاج" و"مش أنا" و"بحبك"، لم يخل عمل من وجوده كمخرج ومؤلف ومطرب وممثل رومانسي وكوميدي وتراجيدى، كلها في آن واحد، وعلى رغم محاولات تامر لم يختلف "ريستارت" عما سبق ذكره على رغم خلو خانة المخرج والمؤلف من اسمه، وظهر من دون شك طغيان شخصيته في كل مشهد من الفيلم.

"ريستارت" يحمل اسم المخرجة سارة وفيق التي تعاملت مع تامر في بعض أفلامه الأخيرة، لكن بمشاهدة العمل لن تجد اختلافاً بينه وبين أي عمل أخرجه تامر أو كتبه بنفسه، إذ لا فرق في التكنيك والتناول والأداء والتوليفة والإفيهات، ربما تغيرت أسماء الشخصيات والأبطال، وكذلك الفكرة العامة للعمل لكن يظل الإطار العام والروح والتتابع والتناول الخاص بأعماله واحداً.

ضيوف الشرف

وعلى رغم استعانة فيلم "ريستارت" بعدد من النجوم كضيوف شرف لم ينقذ العمل هذا الحضور، بل تشابه مع كل الأفلام التي تهتم بظهور نجوم بأسمائهم الحقيقية من دون وجود بصمة مختلفة أو سبب لظهور هذا النجم بالذات، وربما إذا ظهر أي نجم آخر مهما كان لن يكون هناك اختلاف في الحدث، فممكن استبدال إلهام شاهين بليلى علوي، أو شيماء سيف بأية ممثلة أخرى، في ظل غياب استخدام تفاصيل خاصة بهذا النجم تحديداً لإحداث تميز لا يمكن استبداله.

ولم يختلف الممثلون الآخرون بالعمل عن أدوارهم السابقة فباسم سمرة هو نفسه ذات الشرير الذي قدمه في أعمال أخرى، ولم يصل حتى إلى الشر اللذيذ المميز الذي قدمه في مسلسل "العتاولة" في دور عيسى الوزان.

وربما كان حضور هنا الزاهد أيضاً صورياً في "ريستارت" فلا توجد ملامح مميزة وخصوصية لدورها وشخصيتها كممثلة، فلم يحتج البطل محمد إلا إلى فتاة تقوم بدور خطيبته التي تورطه في المشكلات، ولم يصنع الدور ليناسب هنا تحديداً ويمكن أن تجسده أية ممثلة أخرى من دون أدنى اختلاف.

حتى محمد ثروت، وهو كوميدي من العيار الثقيل، جاء أداؤه صورة مكررة من أعماله السابقة، وبدا هدفه أنه يريد صنع "إفيهات" لانتزاع الضحك في الوقت الذي لم تعد تلك الكوميديا هي الأهم بل عفا عليها الزمن بالمعني الحرفي، وأصبح الجميع يميل للضحك عبر كوميديا الموقف التي لا تعتمد على مبالغات أو اجتهادات مضنية من الممثلين.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون