Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يهود العراق يرممون ذاكرة مرقد حاخام منسي

قبر إسحاق جاؤون كان مزاراً لطالبي الشفاء لكنه بعد عقود من الإهمال والتخريب أصبح مكباً للنفايات

يشكل المرقد تراثاً ليس فقط للطائفة اليهودية بل لكل العراق (أ ف ب)

ملخص

تقول رئيسة الطائفة اليهودية في العراق خالدة إلياهو إن هذا المرقد "كان مكباً للنفايات ولم يكن بإمكاننا إعادة إعماره"، لكن بفضل الضوء الأخضر من السلطات تمكنت من بدء عمليات ترميم المرقد البالغة كلفتها نحو 150 ألف دولار والتي ستغطيها الجالية اليهودية، وتؤكد السيدة الستينية "يشكل هذا المرقد تراثاً ليس فقط لنا كطائفة، بل لكل العراق".

في أحد أحياء بغداد النابضة بالحياة، ينهمك عمال في ترميم مرقد حاخام من القرن السابع، ضمن سعي آخر لأبناء الطائفة اليهودية لإحياء تراثها الذي تلاشى على مر العقود.

ويعمل ممثلون عن الطائفة اليهودية العراقية منذ أسابيع على ترميم مرقد الحاخام إسحاق جاؤون بعد عقود من الإهمال والتخريب، وهجرة اليهود في البلد المتعدد الطوائف.

وكانت الجالية اليهودية في العراق واحدة من أكبر الجاليات اليهودية داخل الشرق الأوسط، غير أن عدد أعضائها تقلص اليوم في البلد البالغ عدد سكانه أكثر من 46 مليون نسمة، إلى العشرات فقط غالبيتهم في إقليم كردستان شمالاً لا يجاهرون بدينهم.

وتقول رئيسة الطائفة اليهودية في العراق خالدة إلياهو التي بقيت داخل البلاد لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذا المرقد "كان مكباً للنفايات، ولم يكن بإمكاننا إعادة إعماره".

لكن بفضل الضوء الأخضر من السلطات تمكنت إلياهو من بدء عمليات ترميم المرقد البالغة كلفتها نحو 150 ألف دولار، والتي ستغطيها الجالية اليهودية.

وتؤكد السيدة الستينية "يشكل هذا المرقد تراثاً ليس فقط لنا كطائفة بل لكل العراق"، وتضيف "كان اليهود وبعض المسلمين حتى يزورون مرقد الحاخام إسحاق جاؤون، إذ كانوا يؤمنون بأن لديه قدرة على شفاء المرضى".

أضيفت قرب بوابة المرقد الجديدة الزرقاء لوحات مرمرية سوداء كتب عليها بالعبرية "تبارك دخولك" و"الله الواحد"، وكذلك أسماء بعض تلامذة الحاخام وأصدقاء الطائفة على قطع خشبية.

 

 

وكان موقع مرقد الحاخام إسحاق جاؤون يضم كنيساً ومدرسة دينية لكن لم يبق اليوم إلا قاعة المرقد، والقبر الذي كتب عليه أنه توفي عام 688.

ويشير الأستاذ في جامعة بنسلفانيا الأميركية سيمشا غروس إلى قلة المعلومات المتاحة حول تاريخ هذا الحاخام وشخصيته، لكنه يقول إن لقب جاؤون يشير إلى أنه كان رئيساً لإحدى الأكاديميات العريقة التي كانت تعلم الحاخامات، وأيضاً ترد على استفسارات المؤمنين حول التوراة.

ويقول إن "حتى أحكامه الدينية لم تصل إلينا، لكن يوجد نص يعود تاريخه إلى القرن الـ10 كتبه حاخام آخر يروي كيف رحب إسحاق جاؤون على رأس 90 ألف يهودي بالإمام علي (بن أبي طالب)، صهر النبي محمد" والخليفة الرابع، بعد فتح مدينة في وسط العراق.

ويؤكد غروس "ليس لدينا أي دليل آخر في شأن هذا الحدث، وهناك أسباب تدعو إلى الشك".

ويشرح المتخصص في التاريخ اليهودي القديم أن هذه "الأسطورة" ظهرت خلال فترة انتشرت فيها الروايات خلال القرنين التاسع والـ10 حول ترحيب الأقليات من مسيحيين وأرمن وزرادشتيين ويهود بفتوحات المسلمين، موضحاً أن ذلك "كان يسمح لهم بالحصول على امتيازات، وخصوصاً في مسائل الضرائب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما وجود الضريح داخل بغداد فيظهر في كتابات تعود إلى القرن الـ19، حسب غروس.

لكن اعتباراً من القرن الـ10 "ظهرت أعداد متزايدة من الأضرحة اليهودية في العراق"، ويبدو أن المجتمع اليهودي في العراق "قلد أو استلهم من الأضرحة الإسلامية التي بنيت خلال الوقت نفسه".

ويقول أحد المهندسين المشرفين على أعمال إعادة إعمار المرقد، طالباً عدم الكشف عن هويته، "كان المرقد في حال مزرية واستغرقت أعمال التنظيف نحو شهرين"، ويضيف "تصل إلينا طلبات من خارج العراق من أشخاص يريدون زيارة" الموقع.

ومن المتوقع أن تنتهي عملية ترميم المرقد خلال شهرين، وكان مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي المسؤول الحكومي الوحيد الذي تفقد حملة إعادة الإعمار في مرقد الحاخام إسحاق جاؤون.

وتعود جذور يهود العراق إلى 2600 عاماً، إلا أن عشرات آلاف منهم تركوا العراق خلال الأعوام التي أعقبت ما عرف بمجزرة "الفرهود" خلال يونيو (حزيران) 1941، وقتل وقتها أكثر من 100 يهودي خلال مهاجمة جموع لمنازلهم ونهبها.

ومع قيام دولة إسرائيل عام 1948، تسارعت هجرة يهود العراق الذين كان عددهم يبلغ حينذاك 135 ألفاً، ولم يبق اليوم داخل العراق سوى نحو 50 معبداً وموقعاً يهودياً تنتشر معظمها في مدينتي بغداد والحلة مركز محافظة بابل، التي اقتيد إليها قسراً عدد كبير من اليهود خلال ما عرف بـ"السبي البابلي" خلال القرن السادس قبل الميلاد.

وتعاني هذه الأماكن إهمالاً كبيراً وفق رئيسة الطائفة، وحُولت إلى مخازن على يد مجموعات مسلحة ومخربين.

 

 

وفي حي البتاوين شرق بغداد، الذي كان يسكنه كثير من اليهود، لا يزال كنيس واحد صامداً، فيما تنتشر داخل المدينة منازل تراثية مهجورة أحياناً تعود إلى أبناء الطائفة الذين غادروا البلاد على مر العقود.

ويقول وزير العدل السابق سالار عبدالستار إن الوزارة "نجحت في استعادة" بعض العقارات التي هجرها اليهود، "ووضع تعليمات وتدابير وأمور ولجان خاصة لمنع استعمال وتداول هذه الأملاك".

وهو يوجه دعوة لليهود العراقيين في الشتات ممن "يمتلكون عقارات أن يعودوا إلى البلد للقيام بالإجراءات اللازمة".

ويذكر موسى حياوي المقيم على مقربة من الموقع منذ ولادته قبل 64 سنة، كيف كانت "نساء يعانين العقم يأتين إلى المرقد ويسبحن في بئر ماء كان هنا، ثم يحدث لديهن حمل".

ويقول الموظف السابق في دائرة الطائفة اليهودية العراقية "كان الناس يزورون المرقد ويشعلون الشموع ويتباركون، ويطلبون الشفاء لمرضاهم أو الارتزاق بطفل أو إطلاق سراح سجنائهم".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير