Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الطريق إلى القمة العربية مفروش بـ"أشواك الداخل"

إزالة صور "محور المقاومة" تواجه بانتقادات حادة ومظاهرات محتملة ضد الحضور السوري وسؤال سياسي عن صانع القرار

هذا الحراك الدبلوماسي ترافقت معه تحضيرات لوجيستية وخطط وقرارات لتأمين القمة (مواقع التواصل)

ملخص

أشارت وزارة الداخلية إلى أنها أكملت اللمسات الأخيرة للخطط والإجراءات الأمنية الخاصة بانعقاد مؤتمر القمة العربية، ومن ضمن القرارات الأمنية المرتبطة بالتحضير للقمة منع تنظيم أية تظاهرة مهما كانت الأسباب لعدم شغل القوات الأمنية عن واجباتها خلال هذه الفترة.

حراك دبلوماسي واجتماعات مكثفة تشهدها بغداد مع قرب انعقاد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية الـ34، فضلاً عن اجتماع القمة التنموية بدورتها الخامسة في الـ17 من مايو (أيار) الجاري. ومن المقرر أن تعقد جلستان في ذلك اليوم، الأولى صباحاً على مستوى القمة، والثانية ما بعد الظهر، وستخصص للقمة التنموية الخامسة، ومن المؤمل أن تطرح مبادرات سياسية، منها مبادرة لتأسيس المركز العربي لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، ومركز لمكافحة المخدرات، وإعادة الإعمار.

هذا الحراك الدبلوماسي ترافقت معه تحضيرات لوجيستية وخطط وقرارات أمنية، فقد تقرر منع حركة عجلات الحمل والدراجات فحسب، ابتداء من الـ14 حتى الـ18 من مايو، وقد استثنت مديرية المرور العامة دراجات خدمة التوصيل من القرار، كما أوضح قائد عمليات بغداد الفريق الركن وليد خليفة التميمي.

كما قرر مجلس الوزراء تعطيل الدوام الرسمي في العاصمة بغداد يومي الخميس الـ15 من مايو، والأحد الـ18 من مايو، لكل دوائر الدولة ما عدا وزارة التربية أثناء عطلة يوم الأحد، إذ تجري حالياً الاختبارات النهائية لطلبة المدارس.

لا تظاهرات

وأشارت وزارة الداخلية إلى أنها أكملت اللمسات الأخيرة للخطط والإجراءات الأمنية الخاصة بانعقاد مؤتمر القمة العربية، ومن ضمن القرارات الأمنية المرتبطة بالتحضير للقمة منع تنظيم أية تظاهرة مهما كانت الأسباب لعدم شغل القوات الأمنية عن واجباتها خلال هذه الفترة.

وأكدت الوزارة أن "تعليمات صدرت بإلقاء القبض على كل من يحاول التظاهر اعتباراً من الـ11 من مايو حتى الـ20 من الشهر ذاته، وأن القوات الأمنية ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق أي متظاهر يحاول إشغال القوات الأمنية عن واجباتها المكلفة إياها خلال هذه الفترة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السياق يوضح المتخصص القانوني علي التميمي أن حق التظاهر مكفول بالدستور العراقي في المادة 38 بشرط ألا يتعارض مع الآداب العامة والنظام العام أي القوانين.

وأشار إلى أن قانون حق التجمع أو حرية التجمع رقم 19 لعام 2003 كفل أيضاً حرية التظاهر بشرط الحصول على الموافقات الرسمية وتحديد زمن التظاهرة ومكانها والهدف منها، فمن يرغب في التظاهر عليه أن يقدم طلباً للجهات الأمنية لكي تتكفل بحماية التظاهرة. وعليه فإن أية جهة تقوم بمنع حق منصوص عليه في الدستور تكون قراراتها قابلة للطعن أمام محكمة القضاء الإداري وفق المادة 7 من قانون مجلس الدولة.

التميمي يرى أن مسألة منح الموافقات للتظاهر تبقى مسألة تقديرية تخص الجهات الأمنية، فـ"في الظروف الاستثنائية التي تتعلق بمصلحة البلد الأمنية أو العسكرية قد لا تمنح الجهات الأمنية الموافقة على التظاهر كي لا تربك الوضع الأمني، ومع ذلك يبقى حق الطعن متاحاً قانوناً لمن رفض طلبه في التظاهر".

محور المقاومة

ضمن التحضيرات لقمة بغداد زينت شوارع العاصمة وساحاتها بلافتات للترحيب بضيوف القمة والشعار الرسمي لقمة بغداد، كما رفعت أعلام الدول المشاركة، وقد أثار رفع صور ما يعرف بقادة "محور المقاومة" على طريق مطار بغداد واستبدال أعلام الدول المشاركة بها، اعتراضات وصلت لحد التهديد، إذ استنكرت "لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين" النيابية في بيان لها ما سمته "حملة رفع صور الشهداء"، مؤكدة أنها "إهانة صريحة لرموز الوطن الحقيقيين".

 وطالبت اللجنة الحكومة بالتراجع وإعادة الصور إلى مواقعها السابقة، مضيفة "إننا نحمل الحكومة كامل المسؤولية السياسية والأخلاقية عن هذا التصرف، ونطالبها بالتراجع الفوري عنه، وإعادة الصور إلى مواقعها السابقة من دون تأخير".

أما عضو مجلس النواب يوسف الكلابي، فقد هدد في تصريحات متلفزة بأنه "ستكون هناك رد فعل على الأيادي التي تجرأت ورفعت الصور، والذي يرفع الصور يتحمل وزر عمله".

في السياق يرى الصحافي علي حرير أن قرار رفع الصور ليس نابعاً من رؤية واضحة للدولة، بل يعكس مأزقاً حقيقياً بين الرغبة في الظهور بمظهر الدولة المتزنة، والواقع الذي تتحكم فيه جماعات ولائية لا تعترف إلا بسطوة سلاحها. وأضاف "قيام حكومة السوداني بإزالة صور ما يعرف بـ(محور المقاومة) قبيل القمة العربية يكشف للمتلقي حجم التناقض في بنيتها، فهي إما دولة تسمح من الأساس بوجود هذه الصور تحت ضغط الفصائل المسلحة، أو دولة تزيلها موقتاً لإرضاء الضيوف العرب".

عقدة الشرع

بمجرد البدء في توجيه الدعوة الرسمية للرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية، تعالت الأصوات المعارضة لحضوره، وقد حاول عدد من قادة الإطار التنسيقي الضغط على رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لدفعه إلى عدم توجيه الدعوة، لكن السوداني رفض، بل وذهب إلى اجتماع مع الشرع في العاصمة القطرية الدوحة الشهر الماضي.

مصادر صحافية أشارت إلى أن الشرع أكد للسوادني خلال اتصال هاتفي أنه لا يريد إحراج الحكومة العراقية وشخص رئيس الوزراء بحضوره بسبب وجود مواقف رافضة لمشاركته، لكنه سيوجه وفداً سورياً رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني لحضور القمة.

وعلى رغم هذه التأكيدات، دعا عضو مجلس النواب مصطفى سند إلى تنظيم وقفة في البصرة احتجاجاً على دعوة الشرع إلى بغداد، وفي حال تأكد حضوره ستكون التظاهرة الثانية في بغداد، بحسب ما ذكره.

أما النائب يوسف الكلابي، فقال نصاً في تغريدة له عبر منصة "إكس"، "في حال حضور (الجولاني) لن نتردد أبداً باستخدام كل الطرق السلمية للتعبير عن رفضنا القاطع لوجوده، وأما الحكومة ورئاسة الجمهورية فسيكونون قد خرقوا القانون وسنقاضيهم لحنثهم باليمين".

يشير الصحافي علي حرير إلى أن دعوة الشرع للقمة عكست رغبة واضحة لدى بغداد في الظهور كدولة تمتك قرارها وتتعامل مع الملف السوري وفق رؤيتها الخاصة، لكن عدم حضور الرئيس السوري كشف المأزق السياسي للحكومة أمام الرأي العام، وكذلك هشاشة القرار السيادي، بحسب رأيه. وتابع "ردود الفعل الداخلية الرافضة لحضور الشرع، خصوصاً من الأطراف المقربة من الفصائل المسلحة، أظهرت لنا هشاشة القرار السيادي في البلاد، فاعتذار الشرع لم يكن ضياع مكسب، بل تأكيد على أن بغداد لا تزال أسيرة توازنات داخلية تعوق تحركها كطرف إقليمي مستقل".

صانع القرار

على الصعيد الإقليمي تشير رنا خالد المدير التنفيذي ورئيس الباحثين في "IFPMC-London" إلى أن زيارة ترمب إلى منطقة الخليج العربي عبارة عن قمة متكاملة ودرس في غاية الأهمية لكل شعوب المنطقة، مفاده أنه في قادم الأيام هناك شرق أوسط جديد بخرائط جديدة كلياً، لذلك كل الدول والحكومات والأنظمة التي لا تزال تتمسك بالعلاقات والأدوات القديمة هي في الواقع تجازف بتلاشيها وانحدارها وضياع فرصتها في التقدم والازدهار". وتضيف "العراق أصبح أمام مفترق طرق لإحداث تغيير شامل في سلوكه السياسي وعلاقاته الدولية، ولكن واقعياً لا تزال أدوات صانع القرار العراقي أضعف من الفواعل السياسية السلبية التي تمثلها الأحزاب والقوى والتيارات السياسية ذات الارتباطات الإقليمية والتوجهات الطائفية، والتي تصر على جر العراق إلى الخلف".

وتصف رنا خالد خطوة الحكومة العراقية بعقد محادثات ثلاثية جمعت رئيس الوزراء العراقي مع أمير قطر والرئيس السوري أحمد الشرع في الدوحة، بـ"خطوة مهمة، وكان ينبغي أن يكون لحضور الشرع إلى قمة بغداد ثقل يعيد لبغداد فرصة أداء دور محوري في القضايا الحاسمة بالمنطقة، لكن رفض زيارته من قبل الجماعات التي تتحكم في القرار السياسي العراقي أدى إلى إفراغ خطوة الحكومة العراقية من محتواها، وإعادة العراق إلى نقطة الصفر في ما يخص الملف السوري". وتتابع "لو استطاع العراق النجاح عبر دبلوماسية القفز فوق الحواجز في أن يكون الرئيس السوري ضيف الشرف في قمة بغداد، لتحول موقع البلاد من الطرف المستقطب إلى طرف فاعل ومشارك في رسم خرائط المنطقة الجديدة".

خسارة رمزية

يوضح السياسي العراقي ليث شبر أن "الأصوات التي رفضت حضور الرئيس السوري أحمد الشرع إلى حد التهديد لا تمثل الإجماع العراقي، بل هي تعكس في المقام الأول ديناميكيات الاستقطاب الداخلي في العراق، وهذه الأصوات كانت مدفوعة بتوجهات طائفية وارتباطات إقليمية، لا سيما من أطراف قريبة من إيران، التي رأت في دعوة الشرع تحدياً لنفوذها الإقليمي بعد التغييرات في سوريا". وأضاف "الحكومة العراقية حاولت التعامل مع هذا الملف بحساسية، معتبرة دعوة الشرع جزءاً من البروتوكول العربي، وليست موقفاً سياسياً متعمداً. فالحكومة واجهت تحدياً داخلياً في شأن إدارة هذا الجدل".

يرى شبر أنه لا ينبغي المبالغة في ربط نجاح القمة أو طموح العراق الإقليمي بحضور شخصية واحدة مهما كانت أهميتها، مؤكداً "عدم حضور الشرع قد يكون خسارة رمزية محدودة، لكنه لا ينتقص من قدرة العراق على إثبات حضوره، فالقمة العربية في بغداد تظل حدثاً تاريخياً يعكس عودة العراق إلى دوره المحوري في العمل العربي المشترك".

ويتابع أن "حضور ملوك ورؤساء الدول العربية، ومناقشة قضايا مصيرية مثل القضية الفلسطينية والأزمة في السودان، سيمنحان بغداد زخماً سياسياً كبيراً، وطموح الحكومة العراقية ليس مجرد استضافة قمة شكلية، بل هو بناء دور فاعل للعراق كوسيط وجسر بين الأشقاء العرب".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير