ملخص
على رغم خروج أرسنال من دوري أبطال أوروبا أمام باريس سان جيرمان، أصر ميكيل أرتيتا على أن فريقه كان الأفضل، مثيراً جدلاً واسعاً بتصريحاته. وبين انتقادات واقعية ودفاعات مبنية على الإحصاءات، تتجدد التساؤلات حول قدرات أرسنال، وخيارات مدربه في لحظات الحسم الأوروبية.
في ليلة لم يكن فيها أرسنال على قدر المهمة، ظهر من جديد جانب من ميكيل أرتيتا لا يساعد به نفسه، فبعد أن تفوق باريس سان جيرمان على أرسنال بنتيجة (3 - 1) في مجموع مباراتي الذهاب والإياب، مما عزز الإحساس المتزايد بأن الفريق الفرنسي هو الأكثر إثارة، وربما الأفضل، في أوروبا، خرج أرتيتا بتصريح مفاجئ.
قال المدرب الإسباني "لا أعتقد أن هناك فريقاً كان أفضل منا في البطولة"، مضيفاً أن ذلك كان "خصوصاً على مدار 160 دقيقة" من نصف النهائي. وجاء ذلك بعد تصريحات غريبة قبل المباراة أيضاً، حين زعم أن ليفربول فاز بالدوري الإنجليزي برصيد نقاط أقل مما حققه أرسنال في الموسمين الماضيين، وهو ادعاء تفنده ببساطة نظرة سريعة على سجلات النقاط لكل مباراة.
لم تلق تصريحات أرتيتا صدى جيداً داخل أروقة ليفربول، وهي أحد الأسباب التي جعلته ليس من بين أكثر مدربي الدوري الإنجليزي شعبية، إذ إن بعض العاملين في أندية أخرى لا يخفون عدم إعجابهم به، ولا يمكن تجاهل نوع من الشماتة العلنية التي رافقت إخفاق أرسنال، وهي، في الأقل جزئياً، تعود لشخصية المدرب نفسه.
ومع ذلك لم يكن هذا الشعور مشتركاً على دكة باريس سان جيرمان، إذ أخبر بعض أفراد الجهاز الفني للفريق الفرنسي أرتيتا بأنهم اعتقدوا أن أرسنال كان ممتازاً. وعبرالمدير الفني لسان جيرمان لويس إنريكي عن الرأي نفسه، وإن كان لم يذهب إلى حد القول إن أرسنال كان الفريق الأفضل.
أما أرتيتا، فقد ذهب إلى القول إن حارس مرمى باريس جيانلويجي دوناروما كان "الفارق الحاسم".
"عندما تحلل المباراتين، من كان أفضل لاعب؟ اللاعب نفسه كان نجم المباراتين، الحارس".
وإحدى المشكلات في مثل هذه التصريحات أنها تفقد كثيراً من الصدقية بعد مواجهة خسرها فريقك بفارق هدفين واضحين، وفي ظل موسم في الدوري انخفض فيه متوسط نقاطك من 2.34 إلى 1.9 نقطة في المباراة.
وهناك انطباع بأن الأمر لا يعدو كونه حالة إنكار أو حتى وهم، وهذا الانطباع بالتحديد غذى بعض الآراء السلبية تجاه أرتيتا.
وفي أقل تقدير، بدا باريس سان جيرمان وكأن لديه دائماً مزيداً ليقدمه، وأن مهاجميه قادرون على الوصول إلى مستوى أعلى متى أرادوا.
ومع ذلك فهذا تحديداً ما يجعل الجهاز الفني المعاون لأرتيتا يصر على أن ما قاله المدرب يحمل قدراً من الصدقية بالفعل.
وبينما امتلك باريس سان جيرمان وفرة هائلة من الخيارات جعلته يترك عثمان ديمبيلي، الذي كان في قمة تألقه، على مقاعد البدلاء، كان أرسنال مضطراً إلى الاعتماد على لاعب وسط (مركز ثمانية) كقلب هجوم بديل. وعلى رغم ذلك، تفوق أرسنال بوضوح في الإحصاءات المعقدة: إذ بلغ إجمالي الأهداف المتوقعة (xG) لديهم 3.14 في مقابل 1.74 في مباراة الإياب، و5.11 مقابل 3.08 في مجموع المواجهتين، وهم يرون أنهم خلقوا ما لا يقل عن سبع فرص عالية الجودة. حتى في بعض الفرص الأقل جودة، قدم دوناروما تصديات رائعة.
لقد افتقد أرسنال - كما حدث في أكثر من مناسبة هذا الموسم - تلك الحدة الحاسمة، وقال أرتيتا "لكي تفوز بمسابقة، تحتاج إلى ذلك".
أما الانتقادات الأكثر توازناً، فقد تتعلق بمدى ارتباط هذا الأمر بمشكلات أوسع واجهها الفريق هذا الموسم، مثل الإصابات التي سلبت أرسنال كثيراً من حدة هجومه، لكن هناك نقاشاً مشروعاً حول كيفية استجابة أرتيتا لذلك. فمحاولته التعويض عن تراجع القدرات الهجومية ربما أدت إلى كثير من التحفظ، والاعتماد المفرط على الكرات الثابتة.
وانتشر عدد من التعليقات الساخرة أثناء المباراة في شأن اعتماد أرسنال على الرميات الجانبية الطويلة التي ينفذها توماس بارتي، مثل فريق ستوك سيتي السابق بقيادة توني بوليس الذي بدا مستمتعاً بذلك، كما عبر عن ذلك غلين ويلان في منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويرى كثيرون داخل أرسنال أن ما فعله الفريق كان ضرورياً للتخفيف من آثار الإصابات التي ضربت القائمة، فقد سجل الفريق 89 هدفاً في 38 مباراة الموسم الماضي عبر أسلوب الضغط العالي، لكن محاولة اللعب بالطريقة نفسها من دون العناصر نفسها تعني الانهيار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا يوجد دليل أوضح من مانشستر سيتي في الخريف الماضي، أو ليفربول مع يورغن كلوب خلال موسمي (2020 - 2021) و(2022 - 2023)، فالأخير تراجع من معدل 2.42 نقطة في المباراة إلى 1.76، ولم يتأهل حتى إلى دوري الأبطال.
بعبارة أخرى، لا بد من البحث عن بدائل. والحجة الأقوى أن التحفظ الظاهر لم يكن خياراً بل اضطراراً، فلولا تلك التعديلات، لكانت آثار الإصابات أشد بكثير.
وهنا يكمن السبب أيضاً في بعض تصريحات أرتيتا المثيرة للتساؤل، فهي رسائل موجهة للاعبين من أجل ترسيخ الإيمان بأنفسهم ومنع تسلل الأعذار، فـ"الوهم" بدرجة معينة قد يكون ضرورة.
وقال أرتيتا "ربما في الظروف التي نعيشها، كان من غير المرجح أن يحدث ذلك، لكننا كنا قريبين جداً من تحقيقه مرة أخرى، لذا نحن نبحث عن هذه الأسباب، لا عما نفتقده، بل عما لدينا، وكيف يمكن أن نبني عليه لنقدم مزيداً لمساعدة اللاعبين".
أما بالنسبة إلى أرتيتا، فربما لا يحبه بعضهم في عالم كرة القدم، لكن الغالبية تحترمه بشدة كمدرب، وقد عبر إنريكي عن ذلك بوضوح حين قال "كانت هذه المباراة التي عانينا فيها أكثر من أي وقت مضى، إنهم فريق رائع".
وعلى رغم السخرية التي طاولت كثيراً من تصريحات أرتيتا، فهناك سياق إضافي لا يمكن تجاهله.
لقد أعاد أرتيتا أرسنال لمصاف الفرق الجادة، القادرة على المنافسة في هذا المستوى. وهذا بحد ذاته إنجاز اعتبره كثيرون مستحيلاً، حين تولى المهمة في ناد كان أقرب إلى الانهيار.
ومن الجدير بالذكر أنه أحياناً في كرة القدم تتزايد الانتقادات، كلما اقتربت أكثر من القمة.
صحيح أن بعضاً منهم سيشير إلى الإنفاق الكبير، لكن وفقاً لآخر البيانات المالية المنشورة، كان أرسنال يمتلك خامس أعلى فاتورة أجور في الدوري الإنجليزي، متأخراً بـ80 مليون جنيه استرليني (106.26 مليون دولار) عن مانشستر سيتي و58 مليوناً (77.04 مليون دولار) عن ليفربول.
وقد يسخر بعضهم من مجرد ذكر ذلك، لكن الحقيقة أن هناك علاقة ارتباط تصل إلى 90 في المئة بين فاتورة الأجور ومركز الفريق في جدول الترتيب. فهي المؤشر المالي الأهم، لأنها تعكس قيمة السوق وقدرة النادي على المجاراة.
صحيح أن بعض الفروق المالية تعود لتردد أرتيتا في حسم ملف المهاجم، وهي مشكلة باتت تتكرر لموسمين متتاليين، لكنها تظل مسألة قابلة للتفسير والحل.
من الواضح أن أرسنال بات قريباً، ربما لم يكن بالقدر الذي صوره أرتيتا هنا، لكن هذا لا ينبغي أن يكون محل سخرية.
© The Independent