Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كافأ ترمب الأميركيين العرب بمناصب... فهل يبقي على دعمهم له؟

رشح 4 سفراء في دول عربية وتركيا وعين صهره مستشاراً لشؤون الشرق الأوسط

عامر غالب عمدة هامترامك، السفير الأميركي الجديد لدى الكويت، إلى جانب ترمب في تجمع انتخابي في ميشيغان، في 5 نوفمبر 2024 (أ ف ب)

ملخص

رغم هذه الترشيحات التي أراد ترمب من ورائها إظهار أنه يرد الجميل ويبقي مكاناً في إدارته للأميركيين العرب سواء من ساندوه سياسياً في ميشيغان أو من أصدقائه المقربين الذين يثق بهم، فإن تأخرها وعدم ترشيح أحد للمناصب العليا المؤثرة في الإدارة خلف قدراً من الإحباط منذ نهاية السباق الانتخابي.

انتظر الأميركيون العرب ثماراً سريعة لتأييد نسبة كبيرة منهم الرئيس دونالد ترمب في انتخابات عام 2024 لكنهم لم يروا شيئاً في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حينما بدأ الرئيس الفائز بترشيح موالين لإسرائيل لمناصب وزارية، وفي فبراير (شباط) الماضي أعلن ترمب عن رؤيته للاستحواذ على غزة وترحيل الفلسطينيين من القطاع، ثم هدد بـ"الجحيم" إذا لم توافق "حماس" على تمديد الهدنة مع إسرائيل وساند موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قصف غزة للمرة الأولى في عهده وهو ما جعل الأميركيين العرب في مأزق سياسي، لكن ترمب حاول أخيراً إرضاءهم عبر ترشيح أربعة منهم سفراء للولايات المتحدة في لبنان والكويت وتونس وتركيا، فضلاً عن تعيين صهره مسعد بولس مستشاراً لشؤون الشرق الأوسط، فهل رضي الأميركيون العرب أم لا يزالون قلقين وغاضبين؟


مكافأة متأخرة

بعد طول انتظار وقبل أسبوعين فحسب، حاول ترمب رد جميل العرب الأميركيين الذين ساندوه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة على أمل أن ينجح في وقف القصف الإسرائيلي المستمر على غزة بعدما فشلت جهود إدارة الرئيس السابق جو بايدن الديمقراطية في جهود وقف الحرب لأكثر من عام وربع العام، فرشح اثنين من قيادات الأميركيين العرب في ولاية ميشيغان الحاسمة وهما بيل بزي عمدة مدينة "ديربورن هايتس"، سفيراً للولايات المتحدة لدى تونس، وعامر غالب عمدة هامترامك، سفيراً للولايات المتحدة لدى الكويت، وكلاهما من منطقة ديترويت الكبرى. أيد غالب وهو مهاجر يمني مسلم، ترمب في سبتمبر (أيلول) الماضي، حين سعى المرشح الجمهوري للرئاسة إلى كسب أصوات الأميركيين العرب في ميشيغان المتأرجحة، حينئذ قال غالب الذي شارك خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2024 في حملة ترمب في هامترامك (28 ألف نسمة)، إن هدف المرشح الجمهوري هو إنهاء الفوضى في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، وعندما فاز ترمب بالرئاسة دعاه إلى العاصمة واشنطن لحضور حفل تنصيبه لولايته الثانية في يناير (كانون الثاني) الماضي.

ومثل غالب أيد بيل بزي اللبناني الأصل، المرشح الجمهوري الصيف الماضي، بل وألقى كلمة في تجمع حاشد أقيم في سوبربان شو بليس في نوفي، وأسهم هذا التأييد في فوز ترمب بأصوات الأميركيين العرب في ولاية ميشيغان بنسبة 42 في المئة مقابل 36 في المئة للمرشحة الديمقراطية، نائبة الرئيس بايدن كامالا هاريس.


مجاملة أصدقائه العرب

عادة ما تنقسم التعيينات في مناصب السفراء في الولايات المتحدة إلى فئتين، الدبلوماسيين المحترفين من وزارة الخارجية، أي المعينين المهنيين، أو المعينين السياسيين الذين يكافأون على مساهماتهم المالية أو التنظيمية في حملة سياسية، لكن ترمب رشح أميركيين عرباً من فئة أخرى لا تندرج في الفئتين السابقتين، فقد أعلن عن ترشيح صديقه الشخصي وشريكه في رياضة الغولف، اللبناني الأصل مايكل عيسى سفيراً للولايات المتحدة لدى لبنان، كما رشح صديقه المقرب ورجل الأعمال اللبناني الأصل توم باراك ليكون السفير الأميركي المقبل لدى أنقرة.

وبحسب ما نشره ترمب في منصة "تروث سوشيال" فإن مايكل عيسى المتحدر من بلدة عمشيت اللبنانية (شمال بيروت)، هو رجل أعمال بارز وخبير مالي وقائد يتمتع بمسيرة مهنية حافلة في القطاع المصرفي وريادة الأعمال والتجارة الدولية، لكن أهم مواصفات عيسى الذي ولد في لبنان ودرس الاقتصاد في جامعة باريس، وفقاً لملفه الشخصي على "لينكد إن"، تعود إلى صداقته الشخصية بالرئيس فضلاً عن خبرته المالية والاقتصادية، إذ ليس من الواضح ما إذا كان عيسى قد تبرع لحملة ترمب خلال المعركة الانتخابية العام الماضي، أو إن مواقفه السياسية أسهمت في هذا الاختيار.
وعلى نفس المبدأ، رشح ترمب صديقاً مقرباً آخر من أصل لبناني، سفيراً للولايات المتحدة لدى تركيا وهو توم باراك المقيم في لوس أنجليس، والمعروف بتعاملاته الواسعة في الشرق الأوسط، ويجيد اللغة العربية، وبنى علاقات قوية مع شخصيات بارزة في دول الخليج، وشملت اهتماماته التجارية استثمارات عقارية ومشاريع سياحية وعمليات استحواذ إعلامية.

ورغم أن توم باراك ليس من المؤسسة الدبلوماسية التقليدية، فإنه يمتلك خبرة واسعة في الشرق الأوسط وأسس شبكة علاقاته الواسعة في جميع أنحاء المنطقة، حددت مسيرته المهنية كمستثمر عالمي ووسيط سياسي مؤثر.

كما أن صداقة باراك وعيسى الطويلة مع ترمب، التي تمتد لأعوام عدة، تمنح كل منهما إمكانية الوصول المباشر إلى الرئيس، وتجاوز القنوات البيروقراطية، وقد يكون هذا مفيداً للبنان وتركيا، إذ يضمن هذا نقل الرسائل والمخاوف الدبلوماسية بسرعة إلى ترمب من خلال هذين السفيرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صهر ترمب مستشاراً

يبدو أن الزواج من عائلة ترمب وسيلة جيدة للحصول على منصب سياسي، فبعدما اختار الرئيس الأميركي تشارلز كوشنر، والد زوج ابنته إيفانكا، جاريد كوشنر، سفيراً لدى فرنسا، أعلن ترمب ترشيح مسعد بولس والد زوج ابنة ثانية للرئيس هي تيفاني، مستشاراً له للشؤون العربية والشرق أوسطية على اعتبار أنه محام بارع وقائد يحظى باحترام كبير في عالم الأعمال، ويتمتع بخبرة واسعة على الساحة الدولية، وفق وصف ترمب له.
غير أن بولس، الملياردير الأميركي من أصل لبناني، لعب في الحقيقة دوراً حاسماً في حملة ترمب كممثل غير رسمي للمجتمعات العربية الأميركية والمسلمين الأميركيين، حيث التقاهم في ميشيغان وبنسلفانيا وأماكن أخرى طوال الحملة لحشد الأصوات لترمب، وروج دائماً لفكرة أن ترمب هو الرئيس الوحيد القادر على تحقيق السلام في لبنان وحل دائم للقضية الفلسطينية.
لكن بولس الذي نشأ في لبنان خلال الحرب الأهلية، وقدم إلى الولايات المتحدة لدراسة القانون الدولي في جامعة هيوستن، لم يكتف بدوره في الحملات الانتخابية، بل امتد إلى المساهمة في جهود وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله"، فوفقاً لوكالة "رويترز"، كان بولس على اتصال بـ"حزب الله" وقادة لبنانيين آخرين، بما في ذلك حزب "القوات اللبنانية"، وهو حزب مسيحي معارض لـ"حزب الله".
ومع ذلك يرى الباحث في مؤسسة "سينشري آرون لوند"، أن ماضي بولس السياسي لا يقدم أي مؤشر حقيقي إلى رؤية جيوستراتيجية أو حتى وطنية، لكنه يظهر طموحاً ويوجد داخل مجموعة من الحلفاء السياسيين الذين يبرزون في دائرة ترمب كشخصيات مؤثرة.


إحباط مرير

رغم هذه الترشيحات التي أراد ترمب من ورائها إظهار أنه يرد الجميل ويبقي مكاناً في إدارته للأميركيين العرب سواء من ساندوه سياسياً في ميشيغان أو من أصدقائه المقربين الذين يثق بهم، فإن تأخرها وعدم ترشيح أحد للمناصب العليا المؤثرة في الإدارة خلف قدراً من الإحباط منذ نهاية السباق الانتخابي والإعلان عن فوز ترمب بولاية ميشيغان وجميع الولايات المتأرجحة، فبعد أسبوع واحد فقط من فوزه في عدد من أكبر المدن ذات الغالبية العربية في البلاد، عين الرئيس المنتخب آنذاك في مناصب إدارية عليا مؤيدين أقوياء لإسرائيل، بمن فيهم السفير لدى تل أبيب، وهو حاكم أركنساس السابق مايك هاكابي الذي زعم أنه لا وجود للفلسطينيين، ورفض باستمرار فكرة قيام دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل، ودعم نتنياهو بقوة، وعارض حل الدولتين.
كما كان ماركو روبيو وزير الخارجية الآن، معارضاً لوقف إطلاق النار في الحرب، وصرح بأنه يريد من إسرائيل تدمير كل عنصر من عناصر "حماس" يمكنها الوصول إليه، فيما قادت إليز ستيفانيك، التي اختارها ترمب لمنصب سفيرته لدى الأمم المتحدة، استجواب رؤساء الجامعات في شأن معاداة السامية في الجامعات وعارضت تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تشرف على المساعدات المقدمة إلى غزة، واختار ترمب لوزارة الدفاع بيت هيغسيث، الذي عارض علناً حل الدولتين، ودعا إلى إعادة بناء معبد يهودي توراتي في موقع المسجد الأقصى، الذي يعد أحد أقدس المواقع الإسلامية.


مأزق سياسي

أثارت هذه الاختيارات ردود فعل غاضبة بين الأميركيين العرب والمسلمين وبخاصة في ميشيغان، الذين أيدوا ترمب إلى جانب جميع الولايات الست الأخرى المتأرجحة، إذ أشار البعض إلى دعم ترمب الراسخ لإسرائيل، بينما راهن آخرون ممن أيدوه علناً على أنه سيكون صاحب القرار النهائي في السياسة، ولا يزالون يأملون أن يفي بوعده بإنهاء الصراعات في الشرق الأوسط.
وباستثناء وعده بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، لم يقدم ترمب سوى تفاصيل قليلة ملموسة حول خططه لتحقيق هذا السلام، ورغم نجاحه في ممارسة الضغوط الحاسمة لإجبار نتنياهو على قبول وقف إطلاق النار في غزة في المرحلة الأولى فإنه مع إعلان ترمب رؤيته لتحويل القطاع إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وجد الأميركيون العرب الذين أيدوه أنفسهم في مأزق سياسي.

ومع عودة إسرائيل إلى القصف العنيف في غزة للمرة الأولى منذ وصول الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض وسقوط مئات الضحايا كل يوم نصفهم من النساء والأطفال، يشعر كثير من الأميركيين العرب بالندم ولا يجدون أن ترشيح أربعة سفراء ومستشاراً لشؤون الشرق الأوسط من الأميركيين العرب، حقق أي تأثير في سياسة ترمب بالشرق الأوسط.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات