ملخص
قام إيال زامير بتعيينات وترقيات واسعة وبارزة في هيئة الأركان ووحدات قتالية رئيسة في الجيش، وفي كلمته أبقى الأجواء الحربية سائدة، تحديداً تجاه غزة، أما في سوريا، التي لم يتطرق إليها مباشرة، فوصلت الرسالة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي اعتبر السيطرة على جبل الشيخ إنجازاً في غاية الأهمية وسانده في ذلك أيضاً يسرائيل كاتس الذي لم ينتظر كثيراً بعد مراسم التعيين، ودعا إلى اجتماع بعد ساعات بحضور زامير.
في أقل من 24 ساعة على مراسم توليه منصب رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي خلفاً لهرتسي هليفي، اتخذ أكثر من قرار، صباح اليوم التالي، أمس الخميس، منطلقاً من إعادة ترتيب البيت الداخلي الذي مزقته الصراعات الداخلية الإسرائيلية منذ اندلاع حرب "طوفان الأقصى"، ليبحث لاحقاً في مختلف الخطط العسكرية التي وضعها الجيش وما تطرحه الحكومة تجاه الجبهات المختلفة.
فقام زامير بتعيينات وترقيات واسعة وبارزة في هيئة الأركان ووحدات قتالية رئيسة في الجيش، تعتبر الأكبر منذ عشرات السنين، بينها تعيين نحو 60 ضابطاً برتب عميد وعقيد بمناصب مختلفة، وقادة ألوية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ورؤساء أقسام في هيئة الأركان العامة، حتى وصلت تعييناته الشرطة العسكرية. بعض هذه التعيينات مجمد منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للأمن بسبب الخلافات بينه وبين رئيس الأركان السابق هليفي حول قرارات متعلقة بالحرب في غزة ولبنان.
إيال زامير، الذي يبني عليه كثيرون في إسرائيل بقدراته على إحداث تغيير جذري داخل الجيش بعد أن أكد أكثر من تقرير حاجة مختلف الوحدات العسكرية إلى خطة تعزيز على مختلف الأصعدة، يقف أمام تحديات على مختلف الجبهات تشكل إيران وغزة وسوريا الأكثر تعقيداً بينها.
في كلمته أبقى الأجواء الحربية سائدة، تحديداً تجاه غزة بعد أن اعتبر أن الحرب لم تنته بعد، أما في سوريا، التي لم يتطرق إليها مباشرة، فوصلت الرسالة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي اعتبر السيطرة على جبل الشيخ إنجازاً في غاية الأهمية وسانده في ذلك أيضاً يسرائيل كاتس الذي لم ينتظر كثيراً بعد مراسم التعيين، ودعا إلى اجتماع بعد ساعات بحضور زامير شدد خلاله على ضرورة ضمان قدرة إسرائيل على "الدفاع عن نفسها بقواتها الخاصة، ضد أي تهديد"، وأبقى كاتس ملف غزة في أولوياته بعد أن هدد بأن إسرائيل لن تقبل، مهما كلف الثمن، بقاء "حماس" في غزة.
تهديدات أعقبتها رسالة من زامير لجنوده، وهي أول رسالة له، جاء عنوانها "وجهتنا واحدة، تحقيق النصر الحاسم في حرب طويلة". وألمح زامير، وقبله نتنياهو وكاتس، أن الحرب على غزة باتت مسألة أيام، معلناً أن الحرب لم تنته في القطاع، "الجيش الإسرائيلي وصل إلى إنجازات كبيرة في ميدان القتال، وانتصرنا في المعارك في غزة ولبنان، وهاجمنا في اليمن وإيران. وعلى رغم أن حماس تلقت ضربة شديدة لكنها لم تهزم بعد، والمهمة لم تستكمل حتى الآن"، قال زامير قارعاً طبول الحرب في غزة.
الأسرى... المعضلة الكبرى
الأجواء التي تسود إسرائيل مع تسلم زامير منصب رئاسة الأركان مشحونة، وزاد تصريحه بالحرب على غزة التوتر والخلافات، خصوصاً لضبابية موقف المستوى السياسي من المرحلة الثانية للصفقة. كما ضاعف القلق على مستقبل من تبقى من الأسرى في القطاع، وعددهم 59 أسيراً، التوقعات أن الأحياء منهم ما بين 22 و24 أسيراً.
وبينما صعد أهالي الأسرى احتجاجاتهم وتظاهراتهم، داعين إلى وقف فوري للحرب وإعادة الأسرى خرجت أصوات عسكرية داعمة لزامير في مواقفه تجاه القطاع.
وفيما أكد تقرير إسرائيلي أن "حماس" استعادت نسبة كبيرة من قدراتها ومسلحيها، تعالت الأصوات مطالبة زامير بعدم إنهاء الحرب قبل ضمان القضاء على الحركة. وحذر عضو "منتدى القادة الأمنيين" عميد احتياط عوديد تيرا من ترك غزة من دون العودة للحرب بقوة والقضاء على "حماس"، لكنه، في الوقت نفسه، أكد ضرورة اتباع تكتيكات تضمن عودة عدد من الأسرى الأحياء، قائلاً "يجب أن تضمن الجهود الحالية إعادة أكبر عدد من الأسرى الأحياء، ثم العودة للحرب ليس فقط للقضاء على حماس، إنما للتخطيط لتحرير من تبقى في الأسر بالقوة".
جبهة غزة أمام خطر
هذا التوجه الذي يدعمه زامير وكان عارضه هليفي، يضع جبهة غزة أمام خطر عودة القتال وبقوة أكبر، وأعلن الجيش أنه استكمل جاهزيته، وبدأ بتجنيد الاحتياط تبعاً للقرار الذي اتخذته الحكومة بتجنيد 400 ألف جندي احتياط في غضون ثلاثة أشهر.
عوديد تيرا الذي توقع أهالي الأسرى أن يساندهم لإعادة أبنائهم طلب من "منتدى العائلات" التوقف عما سماه "التصريحات القاسية" ضد الحكومة لاعتقاده أن هذا الأمر "يعزز عناد حماس لدرجة منع تحرير بعض الأسرى، وبالتالي سعي الحركة إلى تعميق الشرخ في المجتمع الإسرائيلي، ولعلها أيضاً تأمل أن تسقط الحكومة وتقام حكومة تتعامل معهم براحة أكبر". واعترف تيرا بوجود معضلة في ملف غزة اعتبرها "معضلة صعبة جداً"، لكنه أضاف "نحن لا نلعب الشطرنج والوضع اليوم يضعنا أمام معركة متعددة الأبعاد وخطرة سنكون مضطرين لخوضها في فترات زمنية مختلفة".
وعلى وقع هذه التهديدات وتصعيد التوتر الأمني كان هدير طائرات الجيشين الإسرائيلي والأميركي يملأ أجواء الجنوب الإسرائيلي، حيث القواعد العسكرية التي تنطلق منها الطائرات في تدريبات عسكرية مشتركة، فوق البحر المتوسط.
الجيش، وفي بيان له في أول يوم لزامير، نقل عملياً موقف رئيس الأركان الجديد من إيران. فهذه التدريبات، وفق ما أكد أكثر من مسؤول عسكري، رسالة واضحة لإيران. ونقل قول أحدهم "التدريبات العسكرية الجوية تحمل أهمية استراتيجية في ظل التطورات والتهديدات المتغيرة في الشرق الأوسط، وهي بمثابة رسالة إلى إيران". وأوضح الجيش أن التدريبات تهدف إلى تعزيز التعاون المستمر والحفاظ عليه بين سلاحي جو الجيشين، مشيراً إلى أن الطائرات التي شاركت في التدريبات من نوعي "إف-35″ و"إف-15"، والأهم هو التدريب على القاذفات الأميركية من نوع "بي-52".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
منطقة عازلة واسعة من دون تحديد زمن
في الملف الإيراني وعلى رغم تهديدات كاتس ونتنياهو بتنفيذ عملية قريباً، ونشر تقارير عن استعداد، بل جاهزية الجيش لتنفيذها، لم يتضح بعد موقف زامير الذي يدرك تماماً أن التحديات متعاظمة من مختلف الجبهات، كما نقل عن مقربين منه عدم حسمه في الشأن السوري.
ففي سوريا نتنياهو يستكمل خطته للاستيلاء على منطقة عازلة واسعة من دون تحديد زمن للخروج منها إلى جانب سيطرته على جبل الشيخ السوري، وفي هذه الأيام يعمل من أجل تعزيز دعم لإسرائيل من بلدات الجنوب القريبة من الحدود التي يسكنها دروز.
وصادقت الحكومة في غضون أسبوعين على مبالغ مالية داعمة لدروز سوريا: 800 ألف دولار صادق عليها وزير الخارجية جدعون ساعر، تحت عنوان الدعم الإنساني إلى دروز سوريا، و30 في المئة من المساعدات وصلت إلى البلدات الدرزية في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها إسرائيل، و70 في المئة إلى جبل الدروز في منطقة السويداء.
مبلغ آخر، أعلنه نتنياهو بعد المصادقة عليه تحت عنوان: دعم ومساواة دروز إسرائيل، بقيمة مليار و100 ألف دولار. وبحسب ما نقل عن محللين ومسؤولين في وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن هذه أيضاً وسيلة لتقديم الدعم إلى دروز سوريا وتجنيدهم لرفض الحكومة السورية. وخلال إعلانه عن هذا المبلغ تفاخر نتنياهو أنه يضع دروز المنطقة في أولوياته، مؤكداً أنه سيواصل تقديم الدعم لجميع الدروز في مختلف البلدان في المنطقة.
وبينما تواصل إسرائيل قصف مواقع في سوريا بذريعة أنها أسلحة تهدد أمنها، تخوض حملة ضغوط دولية حول فكرة تحويل الدولة الناشئة الجديدة في سوريا إلى نظام فيدرالي من المناطق العرقية المتمتعة بالحكم الذاتي، مع نزع السلاح من المناطق الحدودية الجنوبية لإسرائيل، وفق ما طرح تقرير إسرائيلي تفاصيل خطة إسرائيل في سوريا.
ووفق ما قال أمير أفيفي قائد لواء سابق في الجيش، فإن طموح نتنياهو بخلق عمق استراتيجي لإسرائيل في سوريا "يحتاج إلى جانب ما حققته إسرائيل من سيطرة في العمق السوري، إلى بناء تحالف متين مع الدروز".