Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد غزة... شبح التهجير يطارد الفلسطينيين في الضفة الغربية

يشن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية غير مسبوقة تستهدف مخيمات اللاجئين

طرقات جرفها الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين (رويترز)

ملخص

غداة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، أعلنت إسرائيل شن عملية عسكرية في شمال الضفة الغربية تركزت على جنين ومدينة طولكرم، وتسببت بنزوح 40 ألف شخص، في سيناريو يؤجج المخاوف من تكرار مآسي غزة في الضفة وسط مساعي إسرائيلية لضمها، لا سيما بعد إعلان دونالد ترمب رغبته في إخلاء قطاع غزة من سكانه وتحويله إلى مشروع تطوير عقاري أميركي.

هدمت جرافات إسرائيلية مساحات واسعة من مخيم جنين للاجئين الذي أصبح الآن خالياً تقريباً، وتشق في ما يبدو طرقاً واسعة عبر أزقته التي كانت مزدحمة ذات يوم، في محاكاة للتكتيكات التي شهدتها غزة في وقت تستعد القوات الإسرائيلية للبقاء لفترة طويلة.

ونزح 40 ألف فلسطيني في الأقل عن منازلهم في جنين ومدينة طولكرم القريبة في شمال الضفة الغربية منذ بدأت إسرائيل عمليتها بعد يوم واحد فقط من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بعد حرب استمرت 15 شهراً.

وقال المتحدث باسم بلدية جنين بشير مطاحن، "مخيم جنين تكرار لما جرى في جباليا (شمال غزة)، مئات المنازل هدمت وأخرى محروقة، المخيم أصبح غير صالح للسكن مع استمرار الهجمة الإسرائيلية على المخيم".

ومضى يقول، "12 جرافة كانت تعمل على تجريف أحياء كاملة في مخيم جنين". وكان المخيم ذات يوم بلدة مزدحمة بنسل الفلسطينيين الذين فروا من منازلهم أو طردوا في حرب عام 1948 خلال "النكبة" عند قيام دولة إسرائيل.

وقال مطاحن، إن فرق الهندسة التابعة للجيش شوهدت وهي تستعد للإقامة لفترة طويلة بعدما أحضرت خزانات مياه ومولدات كهربائية إلى منطقة تبلغ مساحتها نحو فدان.

ولم يتسن الحصول على تعليق بعد من الجيش الإسرائيلي، لكن وزير الدفاع يسرائيل كاتس أمر القوات، أول من أمس الأحد، بالاستعداد "لإقامة طويلة الأمد"، قائلاً إن المخيمات تم إخلاؤها "لعام قادم" ولن يسمح للسكان بالعودة.

 

عملية إسرائيلية "غير مسبوقة" في الضفة

العملية المستمرة منذ شهر في شمال الضفة الغربية، واحدة من أكبر العمليات التي شهدها الفلسطينيون منذ الانتفاضة الثانية قبل أكثر من 20 عاماً، وتشارك فيها بضعة ألوية من القوات الإسرائيلية مدعومة بطائرات مسيرة وطائرات هليكوبتر، وللمرة الأولى منذ عقود دبابات ثقيلة.

وقال مايكل ميلشتين، وهو مسؤول سابق في الاستخبارات العسكرية ويترأس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان للأبحاث الشرق الأوسطية والأفريقية، "هناك عملية إخلاء واسعة النطاق ومتواصلة للسكان، خصوصاً في مخيمي اللاجئين نور شمس، قرب طولكرم، وجنين".

وأضاف، "لا أعرف ما هي الاستراتيجية العامة لكن لا شك على الإطلاق في أننا لم نشهد مثل هذه الخطوة في الماضي".

وسوغت إسرائيل تنفيذ العملية بأنها تستهدف التصدي للجماعات المسلحة المدعومة من إيران، مثل حركة "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، بعدما ضربت بجذورها في مخيمات اللاجئين منذ عقود، رغم المحاولات الإسرائيلية المتكررة لاستئصالها.

لكن مع مرور أسابيع، قال فلسطينيون إن النية الحقيقية هي على ما يبدو التهجير الدائم واسع النطاق للسكان بتدمير المنازل وجعل بقائهم مستحيلاً.

وقال حسن الخطيب (85 سنة) الذي كان يعيش في مخيم جنين مع 20 من أبنائه وأحفاده قبل أن يهجر منزله وكل ممتلكاته بسبب العملية الإسرائيلية، "إسرائيل تريد أن تمحو المخيمات وذكرى المخيمات معنوياً ومادياً، تريد أن تمحو اسم لجوء من ذاكرة الناس وهذا الشيء لن يحصل، عمري 85 سنة ولم أنس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الحملة الإسرائيلية على اللاجئين

تشن إسرائيل بالفعل حملة لتقويض وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إذ أمرت الوكالة بوقف عملياتها في جنين ومنعت موظفيها من دخول مقرها السابق في القدس الشرقية.

وقالت المتحدثة باسم الـ"أونروا" جولييت توما، "لا نعرف ما هي نيات دولة إسرائيل. نحن نعلم أن هناك نزوحاً كبيراً من المخيمات". وأضافت أن اللاجئين يتمتعون بالوضع ذاته بغض النظر عن موقعهم.

وتمثل المخيمات تذكيراً دائماً بالوضع المعلق للاجئين الفلسطينيين البالغ عددهم 5.9 مليون لاجئ، وهي هدف دائم لإسرائيل التي تقول إن قضية اللاجئين تشكل عقبة أمام أي حل للصراع المستمر منذ عقود.

ومع ذلك لم تقدم إسرائيل على إخلاء تلك المخيمات بصورة دائمة. ونفى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، أمس الإثنين، أن يكون للعملية العسكرية في الضفة الغربية أي غرض آخر غير محاربة الجماعات المسلحة.

وقال للصحافيين في بروكسل حيث التقى مسؤولين من الاتحاد الأوروبي في مجلس الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل، "إنها عمليات عسكرية تجري هناك ضد الإرهابيين، ولا توجد أهداف أخرى غير ذلك".

 

مساعي ضم الضفة الغربية

على رغم النفي الإسرائيلي، يرى عدد كبير من الفلسطينيين بأن ما يجري في الضفة هو صدى دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإخراج سكان غزة لإفساح المجال أمام مشروع تطوير عقاري أميركي، وهي الدعوة التي أيدتها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وقال نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن العملية العسكرية في شمال الضفة الغربية هي تكرار على ما يبدو للأساليب المستخدمة في غزة، حيث شردت القوات الإسرائيلية آلاف الفلسطينيين بشكل ممنهج خلال عملياتها هناك.

وأضاف، "نطالب الإدارة الأميركية بإجبار دولة الاحتلال على وقف العدوان الذي تشنه على مدن الضفة الغربية فوراً وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة إذا ما أرادت تجنيب المنطقة مزيداً من التوتر والتصعيد".

ودعا متشددون إسرائيليون داخل الحكومة وخارجها مراراً إلى ضم الضفة الغربية، وهي منطقة يبلغ طولها نحو 100 كيلومتر ويعدها الفلسطينيون أساساً لدولتهم المستقبلية إلى جانب غزة.

لكن الضغوط تقلصت بسبب المخاوف من أن يؤثر قرار الضم الصريح سلباً على بناء إسرائيل علاقات اقتصادية وأمنية مع الدول العربية، فضلاً عن مواجهة رفض من الولايات المتحدة.

ومع ذلك اكتسب المتشددون الإسرائيليون دعماً بفضل وجود عدد كبير من الشخصيات المؤيدة لإسرائيل بقوة في الإدارة الأميركية الجديدة إلى جانب ترمب نفسه، الذي قال في وقت سابق من هذا الشهر، إنه سيعلن موقفه من الضفة الغربية خلال الأسابيع المقبلة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات