Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أقدم سجين لبناني في فرنسا على موعد مؤجل مع الحرية

جورج عبدالله مستوف للشروط القانونية للإفراج المشروط منذ عام 1999

سيُعلن عن القرار في شأن الإفراج عن الناشط اللبناني المؤيد لفلسطين جورج عبدالله خلال الـ15 من نوفمبر 2024 بمحكمة تولوز (أ ف ب)

ملخص

تحظى قضية أشهر وأقدم سجين لبناني في فرنسا بدعم منظمات حقوقية تطالب بإطلاق سراحه. ويؤكد المحامي بول مرقص أن ضغوطاً إسرائيلية وأميركية تمارس على القضاء الفرنسي لعدم تنفيذ حكم الإفراج.

"خطر على الشرق الأوسط"، بهذا الوصف تتذرع الدولة الفرنسية حين يتم الحديث عن ملف الإفراج عن اللبناني جورج إبراهيم عبدالله بحسب ما نقله شقيقه روبير لـ"اندبندنت عربية".

يصادف اليوم موعد تنفيذ حكم الإفراج عن عبدالله المعتقل منذ 40 عاماً بقرار اتخذته محكمة فرنسية خلال الـ15 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلا أن الدولة الفرنسية استأنفت القرار لإيقاف تنفيذ الإفراج حكماً.

وتعد عائلة عبدالله أن هذا الملف سياسي بامتياز، متخوفة من إعادة سيناريو عام 2013 عندما عرقل وزير الداخلية الفرنسي آنذاك حكم الإفراج عن جورج بقرار سياسي، على رغم صدور حكم قضائي مشروط بترحيله إلى خارج الأراضي الفرنسية.

عبدالله من بلدة القبيات اللبنانية واعتقلته السلطات الفرنسية عام 1984 بطلب أميركي، يزعم حيازته أوراقاً ثبوتية مزورة على رغم شرعيتها، وقد عثر بحوزته على جوازات سفر عدة.

كان عبدالله مناضلاً مع الحزب الشيوعي اللبناني والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأسس تنظيم "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية".

وبعد اعتقاله حكم عليه بالسجن أربعة أعوام بتهم حيازة أسلحة، ثم بالسجن المؤبد بتهمة اغتيال دبلوماسيين إسرائيلي وأميركي عام 1982 ومحاولة اغتيال قنصل أميركي في باريس، وهي تهم ظل ينفيها حتى الآن.

وتحظى قضية أشهر وأقدم سجين لبناني في فرنسا بدعم منظمات حقوقية تطالب بإطلاق سراحه. ويؤكد المحامي بول مرقص أن ضغوطاً إسرائيلية وأميركية تمارس على القضاء الفرنسي لعدم تنفيذ حكم الإفراج.

قضايا وطنية

في حديث خاص لـ"اندبندنت عربية" أضاء روبير على مسيرة شقيقه الطويلة في النضال ضد الاحتلال، مؤكداً أن "اعتقاله جاء في سياق دفاعه عن قضايا وطنية عادلة تتعلق بالتحرر الفلسطيني ورفض الاحتلال في لبنان".

 

ويصف روبير شقيقه بأنه "دائم التواصل مع قضايا المنطقة، داعياً الناس إلى الصمود والمواجهة في ظل التحديات والخسائر التي تعانيها المنطقة".

ويؤكد أن "حياة الأسير تصبح محوراً يدور حول قضيته، إذ يؤثر الاعتقال طويل الأمد على جميع جوانب حياة العائلة من الأفراح إلى الأحزان، مع تصاعد المأساة مع مرور الزمن، ومع ذلك يبقى الأمل دائماً بالإفراج عنه وتحقيق العدالة".

الإفراج المشروط

أما بالنسبة إلى الشق القانوني والإفراج المشروط، فأوضح روبير أن "جورج مستوف للشروط القانونية للإفراج المشروط منذ عام 1999، حين أنهى المدة الأمنية المفروضة عليه بموجب القضاء الفرنسي. وعلى رغم ذلك لا يزال جورج قيد الاعتقال بسبب استئنافات متكررة من قبل الادعاء الفرنسي".

وأشار إلى أنه "في عام 2003، صدر قرار بالإفراج عنه لكن الاستئناف الحكومي حال دون تنفيذه، وفي الآونة الأخيرة أثار قرار محكمة الشهر الماضي الأمل بالإفراج عنه خلال السادس من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، لكنه أبطل بفعل استئناف جديد".

ولفت عبدالله إلى أن "القانون الفرنسي لم يصنف جورج كمعتقل سياسي بل كمعتقل بالحق العام، وهو تصنيف ينطوي على إنكار لواقع نضاله السياسي"، مضيفاً أن "إدارة السجن الفرنسي تشهد بحسن سلوكه وهو ما يجعله مستوفياً لشروط الإفراج المشروط، إلا أن السلطات الفرنسية ما زالت ترفض الإفراج عنه مبررة ذلك بأسباب واهية".

الضغوط الدولية

وعن دور الدولة اللبنانية في هذا السياق، أشار عبدالله إلى أن "الحكومة اللبنانية تبنت رسمياً قراراً بالإجماع خلال يونيو (تموز) الماضي لمطالبة السلطات الفرنسية بالإفراج عن جورج. وشهدت فرنسا حركة تضامن واسعة من نواب ومناضلين إضافة إلى اعتصامات وفعاليات ضغطت باتجاه الإفراج عنه، مؤكدين أن استمرار احتجازه يمثل انحرافاً عن مبادئ العدالة".

وأضاف أن "عديداً من العوامل أسهمت في الدفع نحو قرار الإفراج، أبرزها الضغط الشعبي والمواقف الرسمية اللبنانية إلى جانب المراجعات المستمرة والاعتصامات التي تشهدها فرنسا وبلدان أخرى. وعلى رغم ذلك يبقى التعنت الفرنسي حاضراً، مدفوعاً بضغوط دولية تسعى إلى إبقاء جورج قيد الاعتقال بهدف تقويض رمزية نضاله".

ويتحدث عبدالله عن "سعي جهات دولية إلى تقويض رمزية جورج عبدالله كنموذج للنضال ضد الاحتلال"، مؤكداً أن "هذه الجهات تسعى إلى إبقائه في السجن لتحويله إلى "درس" لمن يرفعون شعارات تحرير الشعوب"، محذراً من أن "هذا التعنت يسيء لصورة فرنسا كدولة قانون".

العودة إلى الوطن

حول مستقبل جورج حال عودته إلى لبنان، يرى عبدالله أن "الخيارات متروكة له لكنه سيعود إلى عائلته ومحبيه بعد أعوام طويلة من الغياب. وعلى رغم المأساة التي يمر بها لبنان حالياً ستظل لحظة عودته رمزاً للأمل والصمود".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أن "جورج على رغم الظروف الصعبة لا يزال صامداً في مواقفه ومبادئه، لكن الحياة بعد الأسر تُدخل الإنسان مرحلة جديدة من التكيف مع الواقع وهذا ما لا يمكن تنبؤه".

ورداً على الذين يصفون جورج بأنه إرهابي، يرى عبدالله أن "الإرهاب الحقيقي يتمثل في ممارسات قادة الاحتلال الإسرائيلي الذين يقفون وراء آلاف القتلى"، مشدداً على أن "المقاومة هي رد فعل على العدوان والاحتلال، وأن جورج عبدالله كان وسيظل رمزاً للنضال المشروع من أجل الحرية".

دعم واسع النطاق

من لبنان إلى فرنسا ومن تونس إلى الأرجنتين، لم تتوقف حملات التضامن مع جورج عبدالله سواء من الأحزاب الوطنية والتقدمية أو من الحركات الشعبية. ويؤكد روبير أن "قضية جورج تمثل نضالاً إنسانياً يتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية".

وقال إن "القضية أكبر من شخص جورج عبدالله، فهي تطرح تساؤلات حول معنى العدالة والحرية في ظل الأنظمة السياسية الحالية، مما يجعلها قضية كل إنسان يسعى إلى التحرر والكرامة".

عراقيل الإفراج

وعن أسباب تأخر الإفراج، أوضح المحامي الدكتور بول مرقص رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية في بيروت والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ أن تأخر الإفراج عن جورج عبدالله على رغم انتهاء مدة سجنه المشروطة، قد يعود إلى أسباب متعددة.

واختصر مرقص تلك الأسباب في نقطتين، أولاهما قد تكون الضغوط السياسية التي تمارسها إسرائيل والولايات المتحدة، إذ تعدان أن عبدالله مسَّ بمصالحهما الحيوية، وثانيتهما رفض السلطات الفرنسية توقيع قرار الترحيل، مستندة إلى أبعاد قانونية تقنية أشار إليها القضاء الفرنسي، ومنها ما يثار حول عدم تعاون المعتقل بصورة كاملة مع السلطات.

وأشار إلى أن "هذه العوامل مجتمعة مع الضغوط السياسية قد تكون أثرت بصورة مباشرة على مسار القضية القانوني. وتجلى ذلك في الاعتراضات المتكررة من النيابة العامة الفرنسية على قرارات الإفراج، إضافة إلى إجراءات إدارية معقدة تستهدف إطالة أمد تنفيذ القرار".

خيارات متعددة

أما عن الخطوات القانونية المتبقية، لفت مرقص إلى "وجود خيارات متعددة منها تقديم طلب جديد للإفراج المشروط أمام الجهات المعنية مع إثبات استيفاء الشروط القانونية، واللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR) بحجة أن استمرار اعتقال عبدالله يشكل انتهاكاً لحقوقه الأساس، بما في ذلك الحق في الحرية والمحاكمة العادلة"، وأضاف "كذلك يمكن لفريق الدفاع الطعن أمام محكمة النقض الفرنسية في حال رفض طلب الإفراج المشروط".

وفي ما يتعلق بوضعه القانوني بعد عودته إلى لبنان، أكد مرقص أن "عبدالله سيكون حراً بموجب مبدأ القانون الدولي الذي يمنع محاكمة الشخص مرتين على الجريمة ذاتها".

وعلى رغم كل هذه المعوقات يرى مرقص أن الإفراج عن عبدالله لن يترك أثراً سلبياً على العلاقات اللبنانية-الفرنسية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي