ملخص
بدا أن حياة أسامة تجمدت ليل الـ22 من أكتوبر الماضي عندما فرغ القارب من الهواء وسقط جميع الركاب في المياه.
خلف الأعداد المتزايدة للمهاجرين الذين يقضون أثناء عبور القنال الإنجليزي سعياً للوصول إلى بريطانيا، ترتسم قائمة أخرى هي قائمة المفقودين. أمضى السوري الشاب أسامة أسبوعين يبحث عن والده بعدما فقد الاتصال به عند غرق مركبهما.
وقال الناجي البالغ 20 سنة والذي اعتنى به فريق الإنقاذ البحري الفرنسي أثناء أكتوبر (تشرين الأول) الماضي خلال أحد حوادث الغرق المميتة بين فرنسا وإنجلترا، "أعيش على أمل كبير أن أعثر عليه، وسأعثر عليه إن شاء الله".
ضد احتمال الموت
فرت عائلة أسامة من سوريا قبل 13 عاماً للاستقرار في تركيا، وعبر اثنان من أشقائه إلى إنجلترا، وأثناء محاولة اللحاق بهما قبل أسبوعين غرق القارب على مسافة كيلومترين من الساحل الفرنسي، وفقد والده أحمد أحمد الذي كان "محباً للجميع، لم يكن يسيء لأي شخص. كان والدي قدوتي في هذه الحياة".
وروى أسامة من منزل تديره جمعية في كاليه (شمال شرقي فرنسا) رحلة البحث عن والده الذي ما زال غير قادر على تصور احتمال موته.
بدا أن حياة أسامة تجمدت ليل الـ22 من أكتوبر الماضي. وفي تلك الليلة حاول أسامة ووالده للمرة الثالثة الوصول إلى إنجلترا، مثلما فعل أكثر من 30 ألف مهاجر منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.
بعد تلقي إشارة من المهربين اندفعت المجموعة التي كانت تضم نحو 60 شخصاً كانوا مختبئين تحت كثبان رملية نحو زورق طاف، لكنه بالكاد تحرك مسافة كيلومتر قبل أن تبدأ المياه بدخوله.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حاولت المجموعة العودة، لكن المهربين الذين بقوا على الشاطئ أعادوا دفع المهاجرين إلى البحر وفق ما روى أسامة، مشيراً إلى أنهم وُعدوا بالحصول على سترات نجاة، لكن عند مغادرتهم قالوا لهم إنها تعرضت لأضرار.
وفي نهاية المطاف فرغ القارب من الهواء وسقط جميع الركاب في المياه.
خطط الحياة المعلقة
خلال أول نصف ساعة كان أسامة ووالده متعلقين أحدهما بالآخر، لكن عندما غرق القارب وجدا نفسيهما منفصلين في الظلام والذعر.
وتابع الشاب أن عبَّارتين مرتا قربهما قبل وصول المساعدة في النهاية.
عثر على امرأة ورجلين متوفيين لكن الفرق بين عدد الناجين (45) والعدد الأكبر من الركاب الذي تحدث عنه شهود، أثار مخاوف من أن يكون هناك مفقودون.
منذ هذه الحادثة والحوادث المماثلة التي تلتها في القنال الإنجليزي عُثر على تسع جثث في البحر أو على شواطئ با دو كاليه.
أدخل أسامة المستشفى لإصابته بحروق ناجمة عن المياه المالحة والوقود. وعندما استيقظ سأل عن مكان والده ثم بدأ البحث عنه في أقسام الشرطة والمستشفيات والصليب الأحمر، لكن جهوده لم تفلح.
وصف الشاب الملابس التي كان يرتديها والده والخاتم المنقوش عليه اسمه والذي كان يضعه، للشرطة التي أخذت عينة من حمضه النووي.
وفي كل مرة كان يعثر فيها على جثة، كان يستعد لسماع خبر وفاة والده. وفي الأثناء تبقى كل الخطط التي وضعها لحياته معلقة.
وبحسب المؤسسة المشاركة لمؤسسة "لا مارجيل" التي تدير مساكن لإيواء المهاجرين جان بونيه لا يمكن الوصول بسهولة إلى الخدمات التي يمكن أن تساعد في البحث.
وقالت بأسف "لدينا في بعض الأحيان انطباع أننا نحال من خدمة على أخرى"، وكما في حال أسامة "دائماً ما نصبح مسؤولين (الأقارب والجمعيات) عن البحث عن المعلومات".
وأعربت بونيه كذلك عن استيائها من عدم تقديم سكن للشاب الذي أصيب بصدمة نفسية، لدى مغادرته المستشفى. فعاد ليعيش في مخيم قبل أن تعلم الجمعيات بوجوده وتستقبله في "لا مارجيل".
ومنذ الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري وعلى رغم البرد والضباب، وصل نحو 1200 مهاجر إلى السواحل الإنجليزية على متن "قوارب صغيرة" بحسب أرقام بريطانية رسمية.
ولقي 60 شخصاً في الأقل حتفهم بقناة القنال الإنجليزي منذ الأول من يناير الماضي من دون احتساب أحدث الجثث المكتشفة والمفقودين، مما يجعل 2024 العام الأكثر حصداً للأرواح منذ 2018.