ملخص
ينافس الرئيس قيس سعيد مرشحان اثنان فقط كانت الهيئة العليا للانتخابات أعلنت قبول ملفي ترشحهما، وهما الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي والمرشح العياشي زمال.
دخلت تونس مرحلة الصمت الانتخابي قبيل الاستحقاقات الرئاسية التي تجرى غداً الأحد بعد انتهاء التصويت في الخارج عقب حملة انتخابية دامت ثلاثة أسابيع وصفت بالضعيفة وسط تباين الآراء حول شرعية الانتخابات بين من يعدّها الأنقى منذ الثورة لأنها تخلو من المال الأجنبي الفاسد، ومن يراها غير ديمقراطية وغير متكافئة، مما جعل بعضهم يدعو إلى المقاطعة فيما ذهب آخرون إلى كثافة التصويت بهدف إزاحة قيس سعيد أو تثبيته.
وانطلقت عملية التصويت أمس الجمعة للتونسيين المقيمين في الخارج، وينافس الرئيس قيس سعيد مرشحان اثنان فقط كانت الهيئة العليا للانتخابات أعلنت قبول ملفي ترشحهما، وهما الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي والمرشح العياشي زمال المسجون، وقد صدرت بحقه أحكام مختلفة بالسجن تجاوزت 12 عاماً، غالبيتها بسبب تزوير التزكيات للانتخابات.
وبعد انتشار أنباء باكتساح العياشي زمال الانتخابات في الخارج، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مساء أمس أن التدوينات كافة المتعلقة بنتائج التصويت والأرقام ونسب المشاركة في الانتخابات بالخارج المتداولة على بعض منصات التواصل الاجتماعي، خاطئة تماماً ومغلوطة ولا تمتّ للواقع والحقيقة بأي صلة.
ولفتت الهيئة في بيان الانتباه إلى أن هذه الأنباء زائفة والتدوينات غير صادرة عن جهات رسمية أو مؤسسات متخصصة وإنما تدخل ضمن الأساليب غير الأخلاقية والممنوعة قانوناً التي يراد بها مغالطة الناخبين والتأثير في إرادتهم، مضيفة أن الهيئة ستتولى معاينة تلك التدوينات والصفحات وكل من يتولى نشرها وبثها لمقاضاته طبقاً للقانون المعمول به.
وأشار رئيس الهيئة رؤوف بوعسكر خلال ندوة صحافية اليوم السبت إلى وجود بوادر إيجابية لنسب الإقبال على التصويت للانتخابات الرئاسية في الخارج التي انطلقت في 59 دولة، مضيفاً أن عملية التصويت سارت بسلاسة ومن دون تسجيل إشكاليات، كما أن جميع المراكز فتحت في الوقت المحدد على رغم الصعوبات اللوجستية والتنظيمية.
رفض جهات رقابية مشبوهة
إضافة إلى الأجواء المشحونة نسبياً، أثار رفض هيئة الانتخابات اعتماد بعض المنظمات لمراقبة سير الانتخابات جدلاً واسعاً، وعللت الهيئة قرارها بـ"عدم حيادية المنظمات الممنوعة وعدم استقلاليتها وتلقيها تمويلات أجنبية مشبوهة".
وفي هذا الصدد أعربت شبكة "مراقبون" عن "أسفها لعدم تلقي أي رد من قبل هيئة الانتخابات على 1220 مطلب اعتماد قدمتها منذ الـ29 من يوليو (تموز) الماضي على رغم مرور أكثر من شهر"، وأوضحت أنها "قدمت دفعات عدة من المطالب وتواصلت مع الهيئة أربع مرات للاستفسار من دون تلقي أي ردود"، مؤكدة أن "هذا التأخير يعرقل عملها في مراقبة المسار الانتخابي" ومجددة "تمسكها بحق ملاحظة الانتخابات كمكسب مدني لا يمكن التراجع عنه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل استقبل رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر أمس في العاصمة تونس، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسين الهنداوي الذي أشاد بمستوى التعاون القائم بين الجامعة والهيئة في المجال الانتخابي.
وأعرب الهنداوي الذي يترأس وفداً من الملاحظين عن جامعة الدول العربية عن افتخاره بالوجود في تونس لمناسبة تنظيم الانتخابات الرئاسية، متمنياً النجاح لهذه المحطة الانتخابية ومزيد الازدهار والتقدم لتونس، وفق بيان صادر عن هيئة الانتخابات.
وكانت جامعة الدول العربية أعلنت في بلاغ نشرته في الأول من سبتمبر (أيلول) الماضي عن قرارها إرسال بعثة للمشاركة في ملاحظة الانتخابات الرئاسية في تونس، مبينة أن البعثة تتكون من الأمين العام المساعد للجامعة حسين الهنداوي و14 عضواً من مختلف جنسيات الدول الأعضاء.
تباين الآراء
سياسياً، تباينت الآراء حول هذه الانتخابات بين من يساند بشدة استمرار الرئيس الحالي في الحكم حتى يتمكن من تطبيق مشروعه المنشود، ومن يريد المقاطعة ومن يدعو إلى المشاركة بكثافة لقطع الطريق على سعيد.
وفي هذا الصدد، يرى النائب في مجلس نواب الشعب صابر الجلاصي أنه يساند الرئيس قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية الحالية لأن مشروعه ينبثق من قلب الشعب ومن إرادته"، مضيفاً أن "مشروع سعيد المعروف بالبناء القاعدي أساسه سيادة الدولة والتعويل على الإمكانات الذاتية وتثبيت الدور الاجتماعي للدولة ومحاربة الفساد والقطع مع الماضي"، وأكد أنه "يجب تمكين هذا المشروع من فرصة لتجسيد ذلك على أرض الواقع".
في المقابل، يقول القيادي بالتيار الديمقراطي هشام العجبوني، "أحترم كل الآراء المعارضة لبقاء منظومة قيس سعيد الشعبوية والفاشلة، فمن سيشارك له حججه ومن سيقاطع له حججه كذلك، ولا يمكن التشكيك في خلفية كل منهما لأن الهدف واحد في نهاية الأمر وهو القطع مع مرحلة عبثية وشعبوية، فشل مهندسها في كل مقارباته ودمر كل منطق لدولة القانون والمؤسسات ونسف مبدأ الأمان القانوني والقضائي وضرب حقوق التونسيين وحرياتهم".
ويوضح أنه "لذلك لم يدعُ التيار الديمقراطي إلى المقاطعة ولا إلى المشاركة، واتخذنا موقفاً سياسياً موجهاً أساساً للسلطة المشرفة على تنظيم الانتخابات التي تحكمت في كل قواعدها، واعتبرنا أن هذه الانتخابات ليست شرعية، نظراً إلى الإخلالات والجرائم الكثيرة والمتعددة التي علِقت بها، ولن نعترف بشرعية نتائجها".
ويشير السياسي محمد عبو المعارض لمنظومة قيس سعيد من جهته إلى إمكان لجوء هيئة الانتخابات إلى الفصل 143 من القانون الانتخابي الذي تم تعديله عام 2023 والذي يسمح لهيئة الانتخابات إذا قدرت أن مخالفات أثرت في نزاهة العملية الانتخابية ونتائج التصويت أن تلغي نتائج الفائزين وتعيد احتساب النتائج من دون اعتبار الأصوات التي تم إلغاؤها.
ويعتقد عبو بأن "هذا الفصل ستستغله الهيئة التي اعتبر أنها غير مستقلة لإدانة المرشح العياشي زمال باستعمال القضاء وأن هناك إعداداً لسيناريو تطبيق الفصل المذكور ضده"، لافتاً إلى أن "هذا لو حدث فهو مدان بالطبع، ويجب أن يحاسب من ارتكب هذه التجاوزات في حق الرجل وفي حق الشعب"، لكن بحسب عبو "المهم هو سقوط قيس سعيد".
وقال الحزب الدستوري الحر إنه "موعد غير قابل للتصنيف في خانة المواعيد الانتخابية لافتقاره إلى الحد الأدنى من مقومات الانتخابات الشفافة والديمقراطية"، مضيفاً في بيان حول موعد الانتخابات أنه "لا يعدو أن يكون إلا تتويجاً لمسار تنظيمي وتشريعي وسياسي إقصائي يضرب أسس الدولة".